ما المقصود بمحاربة الفكرة بالفكرة ؟


فلاح أمين الرهيمي
2012 / 12 / 5 - 19:04     

ما المقصود بمحاربة الفكرة بالفكرة ؟
لقد ذكرنا من خلال مواضيع أن مؤسسة العولمة المتوحشة وبإشراف وتوجيه مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية قد أصدرت بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وانهيار نظامه الاشتراكي كتابين، الأول (نهاية التاريخ والإنسان الأخير) لفوكوياما الذي كان يهلل ويبشر به بأن العالم سوف يكون ليبرالياً وحتى نهاية الإنسان في الوجود بعد انتهاء الحرب الباردة وسقوط جدار برلين / 1989 وانهيار النظام الاشتراكي، والكتاب الثاني والذي نشير إليه هو (صدام الحضارات) بقلم الكاتب هنغتون الذي يعتبر أن الصراع الأيديولوجي بين النظام الرأسمالي والنظام الاشتراكي قد انتهى بانهيار وانتهاء النظام الاشتراكي وإن الصدام والصراع سوف يكون بين القوميات والأديان، وفي هذا الصدام والصراع الذي سوف تقوده الولايات المتحدة الأمريكية من أجل استكمال سيطرتها واستحواذها وسطوتها على العالم ليس باستخدام الجيوش الجرارة وحاملات الطائرات والصواريخ العابرة للقارات وإنما من خلال، الإعلام النفسي والكلمة المؤثرة والفاعلة والوسائل الأخرى المرئية التي اخترعتها الثورة المعلوماتية في وسائل الإعلام والاتصالات التي استطاعت أن تخترق ليس جدران بيوتنا فقط وإنما حتى عقولنا الخاوية.
إن محاربة (الفكرة بالفكرة) تقوم وتنشط من خلال الإعلام السيكولوجي المنظور والمسموع والمقروء بواسطة مؤسسات تديرها وترعاها عقول كبيرة مختصة بالعلوم والتحليل النفسي المؤثر والجذاب عن طريق الدعم المكثف والتمويل الكبير وبث الدعايات والأقاويل بما ينسجم وطبيعة الغاية والهدف من ذلك العمل وبشكل خاص إذا كانت الغاية والهدف التشويه والتدمير فإن ذلك يأتي من خلال بعض الأخطاء والتصرفات وتضخيمها وتشويهها بالشكل الذي تجد لها القبول والرضا والقناعة في المجتمع، وهنالك عوامل أخرى مساعدة عن طريق الطابور الخامس الذي تغذيه وتدعمه المؤسسات المخابراتية الأمريكية الذي يساعد ويسهل اختراق تلك الأفكار المضادة وتشويه وتدمير الفكرة المقصودة، ومثال ذلك ما حدث في الحادي عشر من أيلول في تدمير برج التجارة العالمي الذي اعتبر عملاً إرهابياً قام به أسامة بن لادن في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي وضع نقاطاً سوداً وعلامات استفهام ضد العرب والمسلمين الأخلاقية ومبادئهم الإنسانية مما أدى إلى حدوث ردود أفعال عنيفة ومتطرفة لدى شعوب الولايات المتحدة الأمريكية ومجتمعات الدول الغربية مساوياً لضخامة الحدث وأكثر منه.
إن الهدف الأساسي من محاربة (الفكر ة بالفكرة) هو تشويه وتدمير الفكرة المضادة، وهو الذي كان يقصده ويهدف إليه كتاب صدام الحضارات لمؤلفه هنغتون من أجل الوصول إلى ما يشوه الدين الإسلامي والتشكيك به وعدم مصداقيته، مما يؤدي إلى الغاية والهدف وهو خلق روح العداء والبغضاء والغضب وعدم الرضا ليس فقط في المجتمعات الأمريكية والأوربية وإنما حتى في المجتمعات العربية والإسلامية عن طريق بذر الشكوك وعدم المصداقية بين المنطوق والفعل ثم يتم فبركة تلك الأفكار في مؤسسات العولمة الكبيرة والضخمة واستغلالها في الأغراض السياسية، ثم تجري محاولات توسيع دائرة انتشارها من خلال توظيف وسائل الإعلام المختلفة مع تضخيم تلك الأفكار وتهويلها من خلال الصور والكتابات المشحونة بالتشويه والكذب، وتلعب نشر الصور المشوهة والمثيرة للسخرية دوراً كبيراً ومؤثراً على الأفكار الأخرى التي تكون معبأة ومشحونة ومهيأة لقبول مثل تلك الصور كما لاحظنا ذلك في نشر صور ضد الرسول الكريم النبي محمد (ص) في الصحف الأوربية، كما تنشر صور تخوض في المجال الإنساني وبشكل خاص المتعلقة بحقوق المرأة والأطفال، كصور النساء وملابسهن والبرقع الذي يوضع على الوجه وغيرها، كما يصور الأطفال المتسولين والمشردين بملابسهم الرثة في البلدان العربية والإسلامية.
إن محاربة الأفكار المراد تشويهها، لأنه يلعب دور فعال ومؤثر على الوعي المجتمعي مما يجعل المجتمع رافضاً للمفاهيم المطروحة في تلك الأفكار على الساحة السياسية في البلدان العربية والإسلامية.