تأميم النقابات وخصخصة الوطن

باسل سليم
2005 / 3 / 13 - 11:21     

يبدو أن حكومتنا الاردنية الرشيدة عازمة في الايام القادمة على انتهاج سياسة اشتراكية صارمة في التعامل مع النقابات !!!
فلم تكتف الحكومات الاردنية المتلاحقة ببيع جميع مؤسسات الدولة العامة الى القطاع الخاص الاجنبي ، ولم تكتف بسن قوانين تضعف أية فرصة لنمو أي رأسمال محلي يستطيع المنافسة في السوق العالمي ، ولم تكتف ببيع شركة الاتصالات التي تحولت في ايدي الرأسمال الاجنبي الى آلة تدر الربح بقدرة قادر ، ولم تكتف ببيع شركة الفوسفات الاردنية الى شركة هندية والفوسفات بالمناسبة عبارة عن رمل نقوم بتصديره ولا يحتاج الى عبقرية كي تدر شركة الفوسفات العامة الربح للدولة ..
ولم تكتف الحكومات ببيع شركة الاسمنت الى شركة فرنسية تنتهك كل المعايير البيئية ، بل ساندتها في كل مشاريعها ...
ولم تكتف الحكومات الاردنية بتطبيق ما ينص عليه صندوق النقد الدولي بالحذافير لضمان رضا المدين الغربي واتمام ما تعتقد أنه البرنامج الاقتصادي الصحيح للبلد ...
ولم تكتف الحكومات الاردنية بتجاهل كل مؤشرات الافقار التي يتعرض لها المواطن ، واشبعتنا كلاما عن نمو الناتج المحلي الذي كان في معظمه من المناطق الاقتصادية الخاصة التي يملكها راسمال اجنبي والتي توظف عمالة اجنبية ...
ولم تكتف بالسيطرة على نقابات العمال كافة واخضاعها لفئة لا تدافع عن أية مصالح للطبقة العاملة ...
ولم تكتف الحكومات المتلاحقة بتدمير البنية الزراعية في البلد لابقاء الاردن معتمدا على القمح الامريكي والمساعدات ....
لم تكتف الحكومات المتلاحقة بكل ذلك ...
بل تريد أكثر من ذلك ، تريد أن تقضي على الطبقة البرجوازية الصغيرة المثقفة في البلد ولذلك اسباب عدة :
اولها أن الطبقة البرجوازية الصغيرة هي الحامل الممكن لأي مشروع تغيير في المستقبل ولانها مؤهلة بحكم ثقافتها وتعلميها على ادامة المطالبات الديمقراطية المتعلقة بقوانين انتخابات عصرية وحرية سياسية وهي الوحيدة القادرة على تشكيل احزاب وطنية تدخل اللعبة السياسية وتشكل صوتا مخالفا للمطبلين والمهللين ...
تحدث وزير الداخلية عن ان النقابات غير ديمقراطية وتناسى تاريخ الحكومات الاردنية الطويل من انتهاك الحريات الديمقراطية بدءا بحرية التعبير ...
كما تحدث الوزير عن أن اموال النقابات لا يتم تصريفها بطريقة رشيدة وضرب مثالا على ذلك أن الاموال المدفوعة في احدى اشهر رمضان على العصائر وحدها يزيد على السبعة آلاف دولار، وتناسى تاريخ الحكومات الطويل من تبديد الاموال على المناسف والعزائم ، كما تناسى تاريخ طويل من التبديد للمال العام ....
فحديث وزير الداخلية عن مالية النقابات وضرورة ضبطها يصب في هدف واحد مبطن ويعرفه الجميع وهو السيطرة على اموال النقابات المهنية وتحويلها الى سلة الحكومة وتصريفها بالطريقة المناسبة ...
يتحدث البعض عن ضرورة التهدئة في الحرب بين النقابات والحكومة ويدعون الى الحوار العقلاني في الحين الذي تستمر فيه الحكومة بالاصرار على تمرير قانون النقابات الجديد ...
اللعبة السياسية دائما ما تتطلب التصعيد ولا معنى لكل مظاهر اظهار الضعف والترجي
على النقابات أن تتحمل الدور الحقيقي الموكل لها وان تقوم بتصعيد مطالباتها السلمية التي يكفلها لها الدستور ، على النقابات أن تصعد العمل العام الذي تخاف منه الحكومة لأنها بالعمل العام وحده تضمن بناء قاعدة عريضة من الجماهير ...
وعلى النقابات أن تتمسك بالعلاقة مع الاحزاب الوطنية وتصعيد المطالبة باقالة الحكومة وتشكيل حكومة وحدة وطنية حان دورها ، حكومة تمثل الشعب وتوقف هرولة حكومات متلاحقة لم تكتف بخصخصة الوطن ، بل للمفارقة المضحكة تريد أن تؤمم النقابات !!!