ما زلنا على الدرب


خالد عبد القادر احمد
2012 / 11 / 30 - 15:57     



اولا لا بد ان نبارك لشعبنا هذا الانتصار السياسي الذي تحقق في الجمعية العامة للامم المتحدة, فنحن لم نعد في نظر الشرعية الدولية, كيانا او منظمة, بل دولة تعمل على استكمال عضويتها فيها, وهو انتصار لم يكن ليتحقق لولا تراكم تاريخي اذا كان وجها له الالام الانسانية التي تحملها شعبنا ودفع فيها شهداءه وجرحاه ومعاناته اليومية, فان وجهه الاخر هو تحول الصمود الى مقاومة وتحول المقاومة الى انجازات وطنية تالف صغيرها مع كبيرها لبناء الانجاز الراهن ولا زلنا على الدرب
اننا نهدي هذا الانجاز للشهيد الذي ارتقى, والجريح الذي يتشافى والاسير الذي يتوق للحرية, وللشتات في وطنه وخارج وطنه الصابر الذي لم يفقد هويته الوطنية, اننا نهدي هذا الانجاز للوطن ارضا اسيرة طهور فنعدها ان نكسر قيد حريتها, فلا زلنا على الدرب, ونهدي هذا الانجاز لمقاتل البندقية ومقاتل المعاناة ومقاتل الكلمة ومقاتل مظاهرة الاحتجاج ومقاتل الاداء الوظيفي النزيه الشفاف ومقاتل اللياقة الدبلوماسية ونبارك لنا جميعا هذا الانجازو ولا زلنا على الدرب
اننا نهدي هذا الانجاز الى المحبطون, طابور الصهيونية, فينا حتى يستعيدوا ثقتهم بذاتهم وشعبهم, وحتى يتحرروا من احباطهم وافلاسهم الوطني, وحتى يحررونا من مقولات الاستسلام التي يروجون لها, ومقولات التشكيك التي يحاولون بها حصار مقولة النضال والتحرر الفلسطيني من اجل الاستقلال والسيادة, فتستعيد الوطنية حياتها في موتهم فتحرره بعثا جديدا, فقد اثبت الشعب الفلسطيني انه حي وانه مؤمن ان فلسطين تستحق الحياة,
نعم نحن شعب تحت طائلة المجازر الوحشية, من قبل الصهيونية, وعنف القمع البوليسي من الاشقاء, غيب عن قضيته, وغيبت قضيته عنه, منذ عام 1948م, وحتى عام 1965, وحين اطلقت رصاصة الثورة الاولى, انتفضت قضيته فيه وانتفض هو لقضيته فاجهض مؤامرة التغييب, واستعاد الشعب والقضية لحمة الذات الواحدة غير القابلة للتفكيك, وبدأ مسار اعادة رسم خريطة المنطقة واستعادة مركزية موقع فلسطين فيها, ومنذ ذلك الوقت تتقاطع عنده كل المناورات وهو ناظم حركتها فهو الذي يسمح لها بالمرور اذا اراد وهو الذي يمنع,
ونعم, تنامت فينا خبرة الادارة السياسية تراكميا, فارتكبنا الاخطاء, لكننا لم نرتكب الخيانة, وكما قال شاعرنا محمود درويش رحمه الله, لا راية بيضاء في بيروت, ونعم دفعنا ثمن اخطائنا, حيث تاخر توقيت تحصيل الانجاز, ونعم غرربنا التداخل بين ايدولوجية وطنية لم نتعرف بعد على ناظمها الفكري فينا, وايديولوجيات غريبة تغترب بقضيتنا عنا وتغترب بمنهجية نضالنا عن مسار التحرر الصحيح, لكن اصالة القضية واصالة الشعب تعيد فرض التلاقي على طرفي وطنيتنا, احاسيس الشعب ونضج القيادة, فتطرح القضية مطالبها وتعمل القيادة على الاستجابة,
لقد كانت الثقة بمقولة المرحلية الجغرافية , الذي طرحته الجبهة الديموقراطية, اكبر خطأ ارتكبناه, وهو ما سعت وتسعى مقولة المرحلية السياسية الى اصلاح نتائجه, وفي هذا السياق ياتي انجاز رفع مستوى التمثيل السياسي الفلسطيني في الجمعية العامة للامم المتحدة الى رتبة الدولة المراقب, فمناورة المرحلية لا يمكن ان تكون غريبة على مبدئية الوطنية, ولعل لحمة المطلب والمبدأ الذي حمله الانجاز الراهن, هو الذي حسم امر الخلاف بيننا على الخطوة السياسية لصالح الالتفاف العام عليها فشكلت خطوة على طريق استعادة المصالحة الفلسطينية وعلى درب وحدة توجهنا القومي, فشعبنا وان لم يدرك تماما القيمة السياسية لهذا الانجاز الا انه احس باهميته وضرورته,
لقد لعب المحبطون طابور الصهيونية على عدم تمييز شعبنا السياسي بين قرار من الشرعية الدولية يتعلق تنفيذه بارادة الولايات المتحدة والكيان الصهيوني, ومعادلة قوتنا معهم, وقرار يتعلق تنفيذه باستقلال ارادة وحيادية المؤسسة الدولية ذاتها واستقلال مهمة تمثيل ذاتها للارادة الانسانية, والموكول اليها وحدها تنفيذه, فحاول المحبطون تشكيك شعبنا بجدوى التوجه الفلسطيني للجمعية العامة على اعتبار ان الولايات المتحدة الامريكية والكيان الصهيوني يعيقا تنفيذ القرارات الدولية ولا يمتثلان لها, وهو ما حاولاه فعلا وهزما في معركته امام استقلالية الارادة الفلسطينية فيه,
لقد ركز الاعلام الفلسطيني على سؤال, ماذا بعد نيل الاعتراف بفلسطين دولة غير عضو في مؤسسة الشرعية الدولية, غير انه للاسف لم يستطع الكثير اعطاء الاجابات الصحيحة على السؤال, علما ان الاجابة تتعلق ب
1- مراجعة تاريخ المناورة السياسية الفلسطينية وتمييز اخطائها والتخلص من منهجياتها ونتائجها المدمرة, مثال ذلك خطأ التخلي الفلسطيني عن مسار تدويل الصراع مع الكيان الصهيوني, واعتقال الذات السياسية الفلسطينية في سجن الاستفراد الصهيوني الامريكي بها
2- الحرص الفلسطيني على الوحدة السياسية من خلال عدم تقديم مطلب الصراع الداخلي الثانوي الايديولوجي الديموقراطي ( ماهية الدولة الفلسطينية ), على مطلب الصراع مع العدو الخارجي الوطني المتعلق بالتحرر الوطني والاستقلال والسيادة
3- توفير مقدرات تقنية تعطي اشكال واساليب المقاومة المتنوعة, القدرة على الارتقاء بها من حالة الصمود والتحمل الى مستوى التحرير, تحت مظلة مضامين سياسية تعتمد استقلالية القرار الفلسطيني واولوية شرعيته
4- التوافق على كيفية اصلاح الاخطاء السياسية ووحدة التوجه في معالجتها
ان تجسيد ما سبق في وقائع سياسية محددة ( كموضوع المصالحة السياسية مثلا ) يصبح مسالة فنية تكنوقراطية, لا يستدعي منا اللجوء الى منطق الانقلاب والانقسام والانشقاق, الا اذا اخترقه قناعة بوجود مسلك خياني يجهض الثقة بين الاطراف الفلسطينية, وهو الهامش الذي يلعب عليه المحبطون طابور الصهيونية فينا,