الهروب من بيت الأسد

باسل سليم
2005 / 3 / 9 - 11:48     

حسنا فعل حزب الله البناني الذي اعلن أمس رفضه القاء السلاح وبالترافق مع اعلان الرئيس الاسد الانسحاب المخطط من لبنان .
حزب الله اللبناني لم يكن في يوم من الايام حزب تقوم استراتيجيته على اللعبة السياسية اللبناننية الداخلية وكان كل همه المقاومة والمقاومة فقط .
فهو الحزب الذي وضع على الرف مشروع الدولة الاسلامية وعرف بذكاء فذ أن المرحلة ولبنان لا يتطلبان مثيل تلك الدعوات .
كما أنه لم ينشغل باللعبة السياسية وإن لم يخل الامر من مشاركته في انتخابات هنا وهناك ..
كما انه من الاحزاب الذي عرف كيف يلعب على التحالفات فعرف أن البقاء في الصراع مع اسرائيل لا بد له من قاعدة قوية بناها في سورية وايران .
وهو الحزب الذي عرف ايضا كيف يفاوض وكيف ينتزع اللقمة من فم العدو واثبت طول نفسه التفاوضي مع اتكاءه المستمر على استراتيجية تحرير لا تلين وعلى فكرة جذرية بأن اسرائيل كبيرة في عقولنا فقط ...
والآن يأتي اعلان الحزب للتظاهرة الكبيرة للقوى المؤيدة لسوريا في وقته الصحيح ايضا ، فقد ترك سوريا تقرر ما تريد ولم يدعها للبقاء لانه من المعروف أن خروجها تحصيل حاصل ، وهو دعا لهذه المسيرة تقديرا لسوريا ودورها في دعم الشعب اللبناني وهو الحزب الذي ميز مثله مثل الكثير من القوى بين الاحتلال الاجنبي والتواجد العسكري السوري المحكوم باتفاق عربي ...
كما أن المظاهرة المدعو لها تأتي لتأكيد فكرة اساسية وهي الرفض القاطع لأي تدخل اجنبي ولتوصيل رسالة واضحة للعالم أن حزب الله يستطيع الثبات في المعركة مع
أية قوى تفكر في التدخل المباشر ...
كما ان الدعوة للمظاهرة جاءت لتأكيد الرفض القاطع للمحاولات الاميركية الاسرائيلية بفرض التوطين على اللاجئين الفلسطينيين الموجودين في لبنان
لم يتجاوز حزب الله خطوط العمل الداخلي ولم يسمح لقوته العسكرية بالسطو على الآخرين ، فقد اعلن المظاهرة سلمية وبالاعلام اللبنانية فقط تأكيدا على أن لبنان ليس وطنا فقط للذين يسمون انفسهم معارضة واكثرهم باحث عن مصالحه الخاصة ، كما ان الحزب ميز بين من كان من هذه المعارضة في حضن الصهيونية والامبريالية الامريكية والفرنسية ومن قاموا بالاتصال باصدقائهم القدامى في اسرائيل طالبين منهم تكثيف الضغط على امريكا لمواصلة ضغطها على سوريا ، وبين المنتمين لهذه المعارضة لأسباب يرون انها مقنعة وسياسية وقد تكون صحيحة ايضا إلا انهم لم يقعوا في حضن احد وعرفوا كيف يتعاملوا مع الاعلان السوري ....
حزب الله اللبناني يعرف أنه عليه في هذه المرحلة أن يواجه الاخوة والاعداء معا ، وهي مواجهة تتطلب الكثير من الحذر والتأني السياسي والتمسك بالثوابت الوطنية الصحيحة دون التخلي عن البندقية ...
الايام القادمة حرجة في عمر لبنان ، فالهروب من بيت الاسد لا يعني بالضرورة الحرية والقدرة على تجنب كلاب مسعورة تنتظر الفرصة للانقضاض على لبنان ....
نتمنى للبنان الحرية والديمقراطية كما يريد اللبنانيون ، في ظل لبنان محرر بكامل اراضيه...