ازمة النضال الفلسطيني بين تنسيق السلطة الامني وتنسيق حماس السياسي مع الكيان الصهيوني :


خالد عبد القادر احمد
2012 / 11 / 6 - 12:37     


لا تزال تترى ردود الفعل على تصريحات الرئيس محمود عباس للقناة الثانية للتلفزيون الصهيوني, يوازيها طبعا رد فعل مضاد من قبل حركة فتح ومنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية, وكل ردود الافعال هذه تصب في مجالين اثنين الاول تبادل الاتهامات بالتفريط بالحقوق الوطنية الفلسطيني والثاني رصف المزيد من المعيقات على مسار تحقيق مصالحة سياسية بين الطرفين, فردا على انتقادات حركة حماس لهذه التصريحات والفعاليات التي دفعت اليها نطاقها الشعبي في القطاع, لم تتردد كثيرا حركة فتح, في ان تكيل الصاع بصاعين لحركة حماس, وكشفت عن التواصل السياسي بين حماس والكيان الصهيوني للتفاهم و التفاوض حول موضوع الدولة المؤقتة, وما يتطلبه ذلك من شروط في مقدمتها منع منظمة التحرير من التوجه للجمعية العامة للامم المتحدة لطلب اعترافها بفلسطين دولة غير عضو على حدود عام 1967م, حيث من الواضح ان اعتراف الجمعية العامة بفلسطين سيقلص من حجم الدور السياسي لحركة حماس في عملية التسوية وسيقضي على مشروع الدولة المؤقتة, ويهبط بمستوى تشددها في المصالحة وشروطها فيها, وربما يشكل امتلاك المنظمة والسلطة هذه المعلومات عن التواصل السياسي بين حركة حماس والكيان الصهيوني هو احد الاسباب الذي يجعلها على هذه الدرجة من الاصرار على التوجه للجمعية العامة رغم الضغوط الهائلة الممارسة ضدها,
لا يهمنا هنا ( طوشة الحمايل/ الفصائل الفلسطينية ) هذه, فالاخطر منها هذا المدى الكبير من استخفاف كلا الطرفين بالمصير الفلسطيني, الى درجة حصاره بين فكي التنسيق الامني من قبل المنظمة والسلطة والتنسيق السياسي من قبل حركة حماس مع الكيان الصهيوني, والهاء كل منهما لشعبنا بخواء مقولة المقاومة السلمية الشعبية في الضفة الغربية, وخواء مقولة المقاومة المسلحة غير الموجودة فعليا في قطاع غزة, وتوكيل امر لجم ارادة شعبنا في اطلاق مقاومة وطنية حقيقة كاملة, الى قمع قوات الاحتلال واجهزة الامن الفلسطينية في كلا النطاقين,
اننا لسنا شعبا يعيش حالة مقاومة اذن بل شعبا تعتقله مقولة مقاومة, هنا سلمية وهناك عنفية, ولم تعد سلطة المنظمة في الضفة الغربية ولا سلطة حماس في قطاع غزة, اكثر من وكلاء فلسطينيين عن الاحتلال الصهيوني يعتقلون شعبنا في سجني الضفة الغربية وقطاع غزة, على الرغم ان هذا التوظيف الصهيوني لموضوعية الطرفين الفلسطينيين في هذا النطاق الوظيفي, فان علينا قراءة المدى الذي خرج به كلاهما عن نطاق تمثيل الارادة الوطنية الحقيقية للشعب الفلسطيني, وهي ارادة اطلاق مقاومة وطنية فلسطينية متكاملة لتحرر وطني فلسطيني كامل, حيث من الواضح ان كلا حركتي فتح وحماس لم تعودا تشغلان هذا الموقع في الرؤية السياسية الشعبية الفلسطينية, وان كانتا لا تزالان تشغلان موقع المطالبة بالحفاظ على الاستقلال السياسي ( الموضوعي ) للشخصية الفلسطينية في نطاق الصراع العالمي, ويحاول كل منهما تبعا لمنظوره الخاص تجسيد استقلال الشخصية السياسية الفلسطينية ( ماديا ) في صورة دولة فلسطينية ذات استقلال سياسي سيادي, ترى حركة فتح ان الوصول اليه يتم من خلال مسار مقولة حل الدولتين, في حين ترى حركة حماس ان الوصول اليه يكون على مسار الدولة ذات الحدود المؤقتة, ولذلك نجد ان كل منهما يقرأ قراءة كمية حسابات كلا الحلين, ويتمسك كل منهما بالحل الذي يوافق بقائهما في السلطة لا الذي يحقق القراءة الايديولوجية السليمة لحق تقرير المصير الفلسطيني وما يرتبه من حقوق على الاحتلال الصهيوني حدها الادنى شطب والغاء هذا الاحتلال كاملا من كل نطاق الوطن ومن ثم مطالبة المتسببين فيه واللذين اقتسما ادوار تنفيذ مخططه بالتعويضات المناسبة,
المشكلة هنا, والتي تطيل عمر حالة الانشقاق والانقسام الفلسطينية, ان كلا من الطرفين على مقدار من السذاجة الايديولوجية السياسية التي منعت تعايشهما الديموقراطي المشترك في السلطة فاوصلتهما الى وضع الانقسام وها هي تستمر في منع تحقيق المصالحة بين رؤيتيهما المتعارضتين شكلا المتوافقتين موضوعا, فها هي حركة فتح ومنظمة التحرير والسلطة لا تخفي مطلبها من الديبلوماسية العالمية العمل على الابقاء على العزل السياسي لحركة حماس فاعلا, في الحين الذي تقدم حركة حماس نفسها فيه للدبلوماسية العالمية ممثلا للشرعية الفلسطينية بديلا لمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية, وفي هذه الهوامش تجد الاجندات الاجنبية لنفسها مجالا للعب على تناقضاتها وابنزاز كلا الطرفين لصالح التطلعات الاقليمية والصهيونية والعالمية في المنطقة,
ونظرا لخلل البناء الفكري للتوجه الايديولوجي لكلا الفصيلين وهوامش التناقض بينها, فانها تفقد ادراك ان الاجندة الاجنبية هي الاجندة الاجنبية اقليمية كانت او عالمية, وان تناقضاتها ثانوية في الموقف من الصراع الفلسطيني الصهيوني فلا فرق في التطلعات العالمية بين اجندة الاتحاد السوفياتي الاشتراكي الشيوعي و روسيا الاتحادية القومية الراسمالية, وان لها قاسما مشتركا رئيسيا مع اجندة مراكز القوة الراسمالية الغربية التقليدية, فالحد الادنى لها جميعا ضمان امن وبقاء وتفوق الكيان الصهيوني ومعارضة توسعيته.
وتاريخيا كانت الاجندات الاجنبية دائما تسجل تعويضات صراعاتها على حساب فاتورة الحقوق الفلسطينية, فتحل سيطرة اجندة اجنبية على فلسطين محل سيطرة الاجندة الاجنبية التي سبقتها, الى ان وجدت بريطانيا حلا لالية الصراع هذه وتكلفتها على الاجندة الاجنبية في اصدار وعد بلفور واقامة الكيان الصهيوني, فبات هذا الكيان يحمل تكلفة الدم في حين توفر له الاجندة العالمية شروط البقاء والاستمرار والتفوق في مقابل خدماته اللوجستية الجيوسياسية الجليلة, ولكن الطرف الحقيقي الذي يدفع تكلفته هي الحقوق القومية الفلسطينية,
ان الشعب الفلسطيني لم يعد يهتم حقيقة بمصير الفصائل الفلسطينية, الا مضطرا, لعدم وجود بديل وطني لها يتولى مهمة ادارة شأن نضال تحرره, ولان المجتمع الدولي سيعمل على الزام المجتمع الفلسطيني بما تعقده هذه الفصائل من اتفاقات وتلزم شعبنا به من تعهدات من موقعها الراهن كعنوان سياسي للقومية الفلسطينية, ولان من اهداف الحصار الاقتصادي المفروض, على الشعب, لا على الفصائل, ان يبقى الشعب طوع هذه الفصائل التي اغتربت عنه اغترابا يكاد يكون كاملا, مما يجبر الشعب على تحمل تبعات هذه الفصائلية الى حين توفر هذا البديل الوطني والذي يجب ان يكون في الاطار الايديولوجي لمقولة القومية الفلسطينية المستقلة
اننا مضطرون اذن لتاييد توجه منظمة التحرير للجمعية العامة للامم المتحدة, رغم انه يوثق بصورة رسمية التنازلات التي قدمت عن الحقوق الفلسطينية, ان في مجال علاقة الصراع مع الكيان الصهيوني او غيره, لان الخيار الاخر هو الغاء وجود طرفا يمثل الاستقلال السياسي الفلسطيني من الخارطة السياسية العالمية ويستبدله بتمثيل اقليمي برنامجه الغاء الشخصية الفلسطينية,
ان التوجه للامم المتحدة ونيل الاعتراف بفلسطين دولة غير عضو يوجه ضربة حادة لحالة الانقسام وهو جوهر مناورة حركة فتح ومنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية في تاجيل التصالح مع حركة حماس في حين شكل العمل على ضرب الحصار السياسي جوهرمناورة حركة حماس بهدف نيل اعتراف عالمي عملي بشرعيتها السياسية الفلسطينية وهو ما حملنه زيارة امير قطر للقطاع الى مساعدتها عليه وها هو وزير خارجية روسيا الاتحادية يعمقه في تصريحه الاخير بعد لقاءه ابو مرزوق,
ان من الواجب الفلسطيني ان يؤيد اذن التوجه للامم المتحدة لنيل الاعتراف كمانع دبلوماسي عالمي امام توسيع الاعتراف بتعدد شرعيات التمثيل الفلسطيني, رغم ان ذلك لن يمنع توالي المحاولات العالمية العملية لترسيخ الاعتراف بتعدد هذه الشرعيات, وموقفنا هذا لا يستعيد المبدئية الايديولوجية السياسية لموقفنا من النضال الفلسطيني لكنه يعطي هذا النضال المزيد من الوقت لعل وعسى ان تكون هناك مبادرة فلسطينية تطيح بكل هذا الخلل الذي يعتري وضعنا