الكاربون المصاب بالضجر


عماد البابلي
2012 / 11 / 3 - 21:35     


نشوان طلال / رواية ذاكرة الرحيل

الحياة مهمة قسرية يجب إنجازها بسرعة ، لا شيء سوى شظايا الزجاج الحاد في كل مكان ، عليك أن تعبر تلك الطرق البشعة دون أن تقف ، الوقوف هنا معناه النزف الداخلي ، نزف دون رحمة ، نزف حتى تتحول مثلهم لا تميز بين مذاق الحجارة ومذاق الخبز .. الكاربون يخطف السيادة من باقي العناصر ، يؤسس أعقد أشكال المركبات ، مركبات تعطيه الشكر والعبادة كل يوم وهذا اليوم كأنه خمسين عاما مما نعد ، يؤمن الكاربون كثيرا بالبيروقراطية في مملكته التي لا حدود لها ، الذي لا يحترم القانون ، ينقرض حيث سلة المهملات في باطن الأرض ، تفكك وتحلل حتى يكون الجسد جزء من سائل زيتي ، هكذا الدورة المقدسة للموت والميلاد ، رغبة ونشوة وهياج في كهرباء الجسد ، حبل مدنس بالفوضى ، تكاثر وانشطار ، ثم تحلل عضوي نحو الحالة اللاعضوية ( ديدان القبور تستغرب من طقوس الدفن عند البشر ) الحياة تستمر والكاربون يعلن الديمومة الأبدية ، العجلة تدور ونفس القصص تحدث في كل شهر تقريبا ، منذ تنافس الأخوين على رتبة من هو الأصلح ، الصراع لم ينتهي بين ما هو أصلح وما غير أصلح ، الأصلح سرق خزينة الدولة وحرم الأخر حتى من لقمة العيش وما زال لم يثبت لنفسه بأنه الأصلح فعلا ، أعلن عسكرة الدولة وأنه لا ينطق عن الهوى والوحي يحيط به من كل جانب ، ومازال الإثبات ناقصا لحد الآن .. البشر تشغله جدا مسألة الأدلة ، رغم أنه يتحدث كثيرا لكن تؤرقه تلك المسألة ( أولم تؤمن ، قال : بلى لكن ليطمئن قلبي ) ، لا أحد يثق بأحد ، الأخر لم تثبت تفاهته الأكيدة لحد الآن ، التفاهة هي قدرنا الأرضي ، لم نكن تافهين حين كنا نسكن أعالي الشجر ذات يوم ، كنا لا نفكر كثيرا كنا نردد كثيرا فيروزيات جميلة ولكن حين بدأنا بالتفكير أكثر من مساحتنا البايو- سايكولجية كرهتنا حتى صخور الأرض ، الكل تبصق علينا ولا نبالي ، أصبحنا ورم خبيث ينخر جسد هذا الكوكب ، الكاربون ما زال متأملا صامتا ، لديه مواعيد محددة في الحتمية ، يصرخ كابريال المصنوع من السليكون ( يستحقون فرصة أخرى ) ومازال مسلسل الفرص طويل جدا ولا ينتهي أبدا ... أناقش نفسي كثيرا حول مسألة التمايز والتخصص في المجتمعات البشرية ، الفروق شاسعة أصبحت بين ذكر ورجل أو أنثى وامرأة كما الفرق كبير بين طفل وبالغ ، ماذا لو استحدثنا قائمة جديدة من الاختبارات حتى نصل لتشخيص أوضح لتلك التمايزات التي فرضتها علينا الطبيعة .. مثلا : اختبار رقم واحد ينص على أن الطفل لا يصل لمرحلة البلوغ ( الرجولة ) إلا بمروره بسلسلة من الاختبارات معينة وإن لم يجتازاها يبقى طفلا ويعامل كطفل !! ، ليس خشونة الصوت أو خشونة الشعر هي من تحكم عليه رجلا ، المسألة أعقد من تلك المظاهر السطحية ، الرجولة ليست إلا صفة وليس جوهر وهنا يكمن بداية ونهاية وملتقى كل التناقضات الشرقية المخزية .. اختبار رقم 2 ، تكوين عائلة ليست سهلة كوضع البيض عند الطيور وحضانة فقط ، أب وأم يعني عطاء ومسؤولية كبيرة وجادة في تكوين أفراد ناجحين ، الاثنين بحاجة لاختبار أيضا وإن فشلوا لا يصلحوا لتكوين عائلة .. اختبار رقم 3 ، أي أثنين يدخلان علاقة هناك شروط معينة ، العلاقة بين اثنين تحمل شروطا وواجبات ، هي ليست نزوة وتراكمات لذاكرة خجولة ، العلاقة تعني امتداد وتعريف كلاحقة للشخص ( أخبرني من أصدقائك أخبرك من أنت ) ... هناك اختبارات شتى حتى نققل من ضغط الحياة ، الحياة التي كانت من المفروض أن تكون جميلة ، لكن حفنة من الجرذان لم تقبل بهذا ، جرذان لا تملك من التفوق إلا في نقطة واحدة ، سريعة الحركة وتجيد العيش في باطن الأرض حيث الظلمة ، الكاربون تبدأ رائحته العفنة بالتطاير بين كواكب المجرة ، التعالي المضيء والتعالي المتكبر ( الله يأمرنا .. يأمرنا فقط ) تحول الآن لمزبلة يسكنها مجانين وإنصاف مجانين ..
اترك القلم الآن واشكر لكم الاهتمام بمدونتي المتواضعة ..

اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

الإهداء : إلى روح الفنان عمر خورشيد

http://www.youtube.com/watch?v=MFrh1Ii5wKU&playnext=1&list=PLDF2B30D05F8DB7D5&feature=results_main