إجابات لتساؤُلات حول الوضع في تُونس


السموأل راجي
2012 / 11 / 1 - 03:30     

ردًّا على تساؤُلات حول الوضع السّياسِي في تُونس ، ، كانت الإجابات فِي شكل مُلاحظَات مُكثّفة في نقاط كالآتِي :

1 * ضرُورة التّحقِيب ،إذ لا مجال للحدِيث عن إستمرارِيّة وإستقرارِيّة وثبات في النّسق العامّ للأوضَاع على كافّة الـمُستويات السّياسِيّة والإقتِصادِيّة والإجتماعِيّة
2 * إشتِداد الإستِقطاب ودُخُول أطراف جدِيدة على الخطّ السّياسِيّ بعد أن إنزاحت الخارِطة السّياسِيّة الـموجُودة قبل 14 جانفِي 2011 وظُهُور أطراف جدِيدة سُرعان ما تحوّلت إلى هروَلَــة حُـسِـمَت بعد إستِحقاق 23 أكتُوبِر 2011 وبُرُوز ثلاثة أقطاب على الأقلّ حالِيًّا
3 * كُلّ حقبة ذات إستِحقاق ، الأُولى تتميّز بِــتصفِية الـبُنَى السّياسِيّة لِـمرحلة بن عليّ ، الثّانِيَة إستنهاض القُوى الذّاتِيّة للأطراف وإستكمال عمليّات البِناء الحِزبِيّ وتوحُّد ظاهِريّ في مُواجهة التّرُويكا ، كُــلٌّ من موقِعِه
4 * ثُنائِيّة اليَمِين/يمِين كُسِرَت جِديًّا بإنْصهار الـمُكوّنات السّياسِيّة إتّفقَت على الأدنَى السّياسِيّ والإقتصادِيّ والإجتماعِيّ
5 * الفَصْل بين السّياسِيّ والإجتماعِيّ لا يزالُ قائِمًا
6 * الـمهمّات تتحدّد بإرتِباط مع تطوُّر الذّهنِيّة العامّة للجماهِير وإحتداد الصّراع الطّبقِيّ بالتّوازِي مع إشتِداد عُود مُكوّنات الجبهَة
7 * لا بُدّ من إقامَــة الفارِق في الوعي الـجماهِيرِيّ ، بمعنى وُجُود فارِق فعلِيّ بين الوعي الشّعبِيّ وبين مُـجَـمَّـعَات الأفكار البُورجوازِيّة الصّغِيرة
8 * تعدُّد مُستويات النِّضال وكثرة الـمعارك دُون توحِيد الـمحاوِر وتكثِيفها لتَـتحوَّل إلى حملات وطنِيَّة ذات عنوان مُوَحَّــد
9 * الخِطاب اليمِينِيّ سواءً في السُّلطة أو خارِجها لا يزال كما هُو لم يتغيَّر
10 * التّأطِير الإمبريالِيّ يتميّزُ بالإرتِباك
خُلاصَة : مُؤشّرات الثّورة جِــديّة ، الإحتِقان على قدم وساق ، الثّورة مضامِين وليسَت أسماء أو مُسمّيات حِزبِيّة ، مشكال برزت على السّطح بإرتِباط مع إنكِشاف السّاحَة وتطوُّر مُعطَى الإعلام

وفي علاقة بمسألة التّأطِير الإمبريالِيّ لن يتّخِذ شكلاً عسكرِيًّا مُباشِرًا بإعتبار أنّ الـمراكِز الإمبريالِيّة في حدّ ذاتِها تشهد حالة تخبُّط سواءً كان ذلك في فرنسا أو الوِلايات الـمُتّحدة
- التّمطِيط في الـمِيزانِيّة يكُون في شكل تعلِيق موازنات الدّواوِين والشّركات والـمُؤسّسات لِآجال 6 أشهُر عاقِبَة للأجل الـمرصُود ، لأكن الـمُلاحَظ أنّ التّمطِيط أصبَح حالة قارّة بِــما يعكِس عجز الحُكُومة الـمُؤقّتة على الإستجابَة حتّى للأدنى الإدارِيّ العُمُومِيّ وعليه كان بدِيهِيًّا أن تُفلِس شركات وتُغلَق مُؤسّسات وتنهار التّنمِيَة وتبقَى في حُدُود الدّعايَة الإعلامِيَّة
- القُرُوض الـمُتواتِرَة في الإعلام ونشرات الأخبَار والـمُصادَق عليها من الـمجلس الوطنِيّ التّأسِيسِيّ مُوجّهَة للأُجُور وسداد مُتخلِّدات بالذِمَّــة (دين هيكلِيّ وآخر دورِيّ) وعلى الـمُستوَى الوطنِيّ التّدايُن والإقتِراض الدّاخِلِيّ الخاصّ بالإستِهلاك قد يتوقّف في أيّة لَـحْظَة
- الوضع الإستراتِيجِيّ الإقلِيمِيّ والأُمَــمِـيّ مُتميِّز بالتوتُّـر ولكن الرّقم الجديد في الـمُعادلَـة هُو الشُّعُوب
- لا تزال مُؤشّرات الثّورة قائِمَة ، وهِي (أي الثّورة) مضامِين بالأساس.
- أكثَر الأطراف أهلِيَّةً لإفتِكاك السُّلطة هِي الجبهة سواءً أثناء الثّورة الـمُقبِلة أو حتّى في إنتِخابات تتوفّر فيها حدُود دُنيَا من النّزاهَة بإرتِباط مع حجم القُوى التي تُشكِّلُها ، وتوسِيع التّحالُفات مفرُوضَة لِتقلِيص جبهة الأعداء وتوسِيع مُعسكَر الأصدِقاء
- حال إفتِكاك السُّلطَة ، لن يكُون هُناك فراغ سُلطَة أو أزمَة مُستمَرَّة خاصّة مع قناعَة عامّة لدَى قُوى الجبهَة بتملُّك برامج فورِيّة ثورِيَّـــة وهُو ما يُؤكّد زعامَة وقِيادة حزب العُمّال لإمتِلاكِه برنامج تفصِلِيّ خُصُوصِيّ في كُلّ مدِينَة ورِيف وتحكُمه آلِيّات رقابَة مُحكَمَة داخِلِيَّة وتنظِيمِيًّا هُو الأكثَر هيكلِيَّة لكن الـمُمارسَة الجبهاوِيّة تتطلّب كذلك ذهنِيّة إشتراكِيَّة ، من بين هذه البرامِج التِي تجعل الإحتياطِيّات الـمَالِيّة مُتوفِّرة تِلك ال15 ألف مليار الـمُكوَّنَــة من أداءات وضرائِب لا تزال في جُيُوب رُؤُوس الأموال ومن السّهل جِدًّا جمعها كما أنّ تعلِيق الدُّيُون وتحوِيل البعض منها إلى إستثمارات مُباشرَة بِـشُرُوط وطنِيَّة وخلق مشارِيع إستعجالِيَّة فورِيَّة ضعِيفة التّكالِيف منها تحوِيل مناطِق للفلاحة السّقوِيَّة تُؤهِّل الـمساحات الـمُستغَلَّة إلى أن تكُون نواة فلاحة عصرِيّة متقدّمَة ، إضافة إلى إجراءات تأمِيم تهُمّ المُؤسّسات التي فوّت فِيها بن عليّ بطُرُق مشبُوهَة = الأزمَة تفترضُ عقلاً لِــمُواجهتِها ولرسم سياسات كفيلة بِـإخراج الشّعب مِنها .
- من الصّعب القول أنّ برنامج الجبهة وحتّى البرنامج لِــحزب العُمّال يحتوِي على التطرُّف أو الـمُبالغة وهُو قولٌ فيه من التجنِّي الشّيء الكثِير ، ومعلُوم أنّ مُجْمَل ما طُرِح هُو من صمِيم الإقتِصاد الرّأسمالِيّ لم يبلُغ حتّى الأدنَى الإشتراكِيّ ولكنّهُ خليط بين التدخُّل الـمُباشِر من الدّولَــة من ناحِيَة مع الرّقابَة على حركة الرّسامِيل ووُجُود هياكِل تخطِيط وتوجِيه مركزِيَّة للقطع مع الطّابِع الإعتِباطِيّ للإقتصاد الرّأسمالِيّ وإنهاء حالة التبعِيَّة لدوائِر الإحتكار الـمافياوِيّة العالـمِيَّة بشُرُوط وزوايَا نظَر وطنِيّة وشعبِيّة
- من نافِل القول أنّ الوضع الأمنِيّ على غير ما يُــرَام مع إنتِشار الإنفلات وتسيُّب الـتَـسَـلُّح ووُجُود بُـؤر حقِيقِيَّة لعصابات مُنظَّـمَـة عُنفِيَّة مع شُيُوع الإجرام وقطع الطُّرُقات وغيرها من الظّواهِر الـمُرتبِطة بجُملة من الـمُعطيات أهمّها :
• إستفحال البِطالة والتّفقِير وتحوُّل شرائِح هامَّــةُ العدد إلى أفواج العاطِلِين والـمُهمّشِين بِــما يُسَهِّل عليهُم الإنخِراط في سِلك الإنحِراف
• شلل الحُكُومة الـمُؤقَّـتة وعجزها القَصْدِيّ أحيانًا عن مُعالجة ملفّات تورُّط قِيادات أمنِيّة في أعمال تعذِيب وتعدِّي على الحُرُمات الجسدِيّة والتّعامُل بالرّشوَة مِــمَّا كَوَّن داخِل وزارة الدّاخِلِيّة جُيُوب رِدَّة وغُرَف عمليّات مُوازِيَة من مصلحتِها إسـتِمرارِيّة العُنف والإجرام لِتحوِيل الأنظار عن واقِع الفسَاد وتحوَّلَت إلى مراكِز قُوّة ونُفُوذ أحيانًا كثِيرة تقُوم بتنظِيم عمليّات إنفِلات أو تغْيِيب للوحدات الأمنِيّة قصد تكرِيس مُقايَضَة الأمن مُقابِل الصّمت وهِي ما قام الباجِي بتوظِيفِها ومن بعدِه إلى حدٍّ ما سُلطة التّرُويكا الـمُؤقّـتَـة
• مجمُوعات عددِيًّا هامّة سُرِّحَت من السُّجُون إبَّــان العفو الرِّئاسِيّ تتميَّز بخُطُورتها من ناحِيَة وبِــإرتِباط ذهنِيَّتِها العامّة بظاهِرة العودة أي صُعُوبَة تخلِّيها عن ماضِيها الإجرامِيّ ، وبإعتِبار أنّ الوضع مُتاحٌ لإستكمال أنشِطتها تحوَّلَت فِرقٌ منها إلى التنظُّم في شكل عصابات عُنف وقطع طرِيق وسرقات ومنها ما بحثَ بعد تنظُّــمِه عن كفِيل من فُلُول بن عليّ التجمُّعِيَّة وأُخرى تحوَّلَت إلى الـمُعاضدة الأمنِيَّة مُقابِل السّماح بتعاطِي الأنشطة الإجرامِيّة وشِقٌّ آخر تحوّل للسُّلطَة الـمُؤقَّــتَــة عبر تشكِيل ما أصبح يُعرَف بِــ:"رابِطات حِماية الثّورة"
كُلّ ما سَبَق لا يجِب أن يُؤدِّي إلى نوعِيّة من الفهم التّكنُوقراطِيّ للـمسألة الأمنِيَّة بِــرُمّتِها أو تضخِيم ظاهِرة وُجُود وشُيُوع السّلاح في أيادِي مجمُوعات تكفِيرِيَّــة إذ من الضّرُورِيّ التَّنْسِيب ووضع الأُمُور في نِصَابِــها فحالة التسيُّب لَـها مُسبِّباتُها وللقطع معها يكفِي إعادة هيكلَة وزارة الدّاخِلِيَّة وفتح الـملفّات بهُدُوء وعدالَة وشفافِيّة مع فتح آفاق التّشغِيل وبعث إشارات طَمْأَنَــة للـمُواطِن بِـما يُحوّل الشّعب ذاتِـه إلى حامِي وحارِس لِـذاتِه دُون التّعوِيل الـمُفرط على القُوى الأمنِيَّة ودُون تشفِّي مِــمَّــن تورّط سابِقًا ، أمّا الـمُسَلَّحِين فوضعِيّتهُم بين الجيش والإستخبارات وموازِين القُوى الإقلِيمِيّة وبالأساس الجزائِر وليبيَا وحالِيًّا باتَ من الواضِح إقتِراب نِهايتِـهِـم بعد أن إنتهَت مهامّـهم كعناصِر تروِيع وإنكِشاف قِياداتهِم ورفع اليدِ عنهم من قِــبَــلِ الدّوائِر الخارجِيَّة.