لماذا رضي المسلمون بأشعال الفتنة ؟


حسب الله يحيى
2012 / 9 / 27 - 22:46     


(13) دقيقة .. سينما، أشعلت النيران في العالم الاسلامي كله ..
فلم سينمائي - أمريكي، عرض على موقع اليوتيوب بشكل موجز كدعاية اولية للفلم، حقق ما كان يراد منه .
والعنصر الخفي لهذه الرسالة الاسرائيلية أدى مهمته بنجاح ساحق، بدليل أن الفضول والدعاية الباذخة التي حققها المسلمون للفلم وان كانت على الضد منه فاقت كل أساليب الدعاية التي كانت تعمل عليها شركة أنتاج الفلم.. وجعلت من (13) دقيقة؛ سبيلاً لفتنة أرادها منتجو الفلم وقد حققوها فعلاً وذلك من خلال زرع الفتنة بين المسلمين والمسيحيين وكل الفئات التي تتعايش مع المسلمين ..
ومثل هذا التوجه الصهيوني سبق وأن ظهر في محاولة أحد المعتوهين الأمريكان (جونز) احراق القرآن الكريم وفي رسوم كاريكاتيرية لرسام دانيماركي فاشل وبمناسبة الضجة حول هذا الفلم السيئ اعيد نشر هذه الرسوم الكاريكاترية في مجلة فرنسية مؤخراً مع اضافة رسوم جديدة .. امعاناً في الاساءة الى الى العرب والمسلمين او في رواية فجة وبذيئة لسلمان رشدي (آيات شيطانية) وفي حديث لبوش في دعوته لحروب صليبية ..
حصل كل هذا وربما قد يحدث ما يماثله مستقبلاً والمسلمون في أنحاء الدنيا، لايواجهون هذه الأساليب الخبيثة والدنيئة والمثيرة للفتنة وتمزيق المجتمع؛ إلا باللجوء الى أساليب العنف التي يهتم بها المسلمون في كل مكان حتى غدت هويتهم المتداولة والمعروفة لدى الغرب ..
وكان الوعي المتحضر والأسلوب الأمثل مواجهة تلك الخطابات السيئة بطريقة عقلانية فاعلة ومجدية ومؤثرة وذلك عن طريق ردود ومناقشات علمية وموضوعية دقيقة تدحظ وتدين وتكشف الحقيقة التي تنطوي عليها تلك الأساليب، كما ان المقاطعة الاقتصادية للدول التي توافق على انتاج مثل تلك الافلام والروايات والرسوم، من شأنها أن تلحق أفدح الخسائر لتلك البلدان.. وجعلها لاتقف موقف المتفرج تحت مسوغ حرية الرأي أمام انتاج مثل هذه الاعمال الفنية، وإنما أن تعمل للحيلولة دون انتاجها بوصفها اعمالاً تسعى للنيل من قيم وعادات وتقاليد واعراف وشخصيات لها حضورها الأثير والمقدس لدى شعوب أخرى لايراد الأساءة اليها بأي شكل من الاشكال، وإنما أن ينظر اليها بأحترام متبادل وانسجام طيب ضمن عالم متعدد الرؤى، لايراد له أن تتحول الصراعات فيه الى أعمال عنف وتدمير ..
كما ان ردود الافعال في قتل السفير الامريكي وثلاث من موظفي السفارة الامريكية في بنغازي واعمال العنف ضد السفارتين في مصر وتونس والتظاهرات الصاخبة في العراق وبلدان عربية اخرى كلها تنم عن غضب عارم يحمل معه ردود افعال صاخبة وعنيفة.. تمتلك معها الحق في شجب ذاك الفلم الرويء ..
إلا أن التعبير عن هذا الرفض والاستنكار على وفق هذه الاساليب الصاخبة، تعطي انطباعاً لدى الغرب الذي تربطنا به روابط عصرية لايمكن قطعها كلياً.. بوصف الامور الراهنة لاقدرة لها على عزل حالها عن عالم حي متحرك، وإنما يمكن للعقل العربي الأسلامي أن يوجه ذاك الامتداد العدواني السيء عن قيم المسلمين، بطرق حضارية جديدة ومقارعة الحجة بالحجة والبرهان وبالدليل القاطع والوعي المضيء.. الى جانب المقاطعة الاقتصادية التي تعد واحدة من الأساليب المهمة في مواجهة الدول المناوئة والمسيئة للأسلام والمسلمين.. صحيح أن حرية التعبير التي يفخر بها الغرب ويعدها السمة المعبرة عنه بدليل ان فلم ورواية دان براون (شفرة دافنشي) فيهما اساءة واضحة الى السيد المسيح.. الا ان كل الضجة التي دارت بشأنهما لم تحل دون ظهور الفلم وصدور الرواية بترجمات عدة وطبعات متكررة لكن ما يقبله الغرب لا يمكن لنا قبوله ، ذلك ان المقدسات في كل مجتمع لا بد ان تحترم بذاتها، حرية الانسان في اختيار معتقداته التي يحسن بنا التعامل معها باحترام وإجلال للأديان والمعتقدات الاخرى
نعم .. الغضب حق من حقوق الشعوب، لكن الغضب لايمكن أن يكون رد فعل عاطفية عاجلة، وإنما غضب العقل الذي يملك الحجة والمواجهة ومقارعة كل الاساليب الدنيئة، وذلك عن طريق نشر الحقيقة والرؤى المتحضرة التي تحقق فعلها الايجابي السليم.