حمة الهمامى يفرش البساط الأحمر أمام الاستبداد الديني في تونس .


كمال الأحمر
2012 / 9 / 18 - 20:46     

اصدر حزب العمال التونسي الذي تخلى قبل مدة وجيزة عن صفة الشيوعي بيانا حول اقتحام السفارة الأمريكية في تونس تحدث فيه عن " الشريط العنصري الاستفزازي" و " الإساءة التي لحقت الإسلام و المسلمين " كما عزف الحزب على وتر الهوية مناديا بـ " المحافظة على الخصوصية الثقافية والحضارية للشعب التونسي " ، و هو نفس ما ردده زعيم الحزب حمة الهمامى في حوار تلفزيوني ، بثته القناة الوطنية التونسية يوم 17 سبتمبر 2012 ، عندما تحدث عن " الإساءة لديننا و هويتنا " .
و بالاصداع بهذه المواقف الشعوبية يحاول الحزب المذكور مجاراة اليمين الديني بل المزايدة عليه في الدفاع عن المقدسات الإسلامية و المسلمين ، حتى أنه اعتبر في وقت سابق حركة طالبان الأفغانية حركة وطنية معادية للامبريالية ، و قد دعا في الآونة الأخيرة إلى وقفة احتجاجية ضد اضطهاد المسلمين في بورما قابلها الإسلاميون بالتجاهل و التهكم .
و قد وفر الحزب بمواقفه حول الشريط الأمريكي فرصة ذهبية لحركة النهضة التي سرعان ما قال أحد نوابها في المجلس التأسيسي : " الرسول صلى الله عليه و سلم هو من قدر على توحيد الأمة ، و هو اليوم يوحد المجلس الوطني التأسيسي ، إن من فعل هذا إنما استغل فراغا للتستر بحرية التعبير ، و لا بد من تضافر الجهود من أجل قانون دولي يجرم المساس بالمقدسات ، أبشر أيها الشعب ، كل الكتل اليوم تساند تجريم المساس المقدسات ، لذلك ندعو المجلس إلى أن يسرع في إحالة هذه القانون على الجلسة العامة حتى يصدر قانونا نحمي به مقدساتنا و نعطي به مثالا لغيرنا " .
و تحمل مواقف حزب العمال التونسي إشارات خطيرة باعتبارها تفرش البساط أمام الظلامية الدينية الحاكمة في تونس لتجريم الفكر و التضييق على الحريات الأساسية و تركيز سلطة استبدادية دينية ، و قد كان حمة الهمامى حليفا وثيقا طيلة سنوات لراشد الغنوشى ، و ساهم بقسط كبير في إضفاء الشرعية على حكم حركة النهضة و حلفائها بدعوى أن الشعب إذا ما انتخب هذه الحركة يجب القبول بشرعيتها ، إذ لا يمكن أن نضع شعبا آخر مكان الشعب التونسي ، و قد صرح في مناسبات مختلفة أنه ضد إسقاط هذه الحكومة .
و تتضاعف هذه الخطورة عندما نرى هذا الحزب و هو يجر وراءه مجموعة من الأحزاب و الحركات السياسية نحو تشكيل ما سمى بالجبهة الشعبية ، التي يروج أنها ستتسلم الحكم قريبا ، دون أدني استفادة من درس الانتخابات الفارطة ، التي خرج منها صفر اليدين ، بعد أن قدر أنه سيفوز فيها بعشرة في المائة من مجموع الأصوات ، متغافلا عن إفساد الامبريالية و الرجعية العربية للعملية الانتخابية ، فهو عوض العمل على مواصلة المسار الثوري حتى يحقق هدفه الاستراتيجي و هو إسقاط النظام ، يروج أن الثورة انتصرت بسقوط بن على ، و أن هناك فقط بعض الاستحقاقات التي لا تزال دون تنفيذ ، لذلك يخاطب بانتهازية عواطف الشعب الدينية و يشكل الجبهات الانتخابية جريا وراء السراب .