اسلمة المجتمع او مکافحة البغاء!


رعد سليم
2012 / 9 / 12 - 12:18     

منذ الرابع من الشهر الحالي، قامت مليشيات تابعة لحکومة المالکي بحملة وحشية واسعة وبمهاجمة النوادی الليلية، المطاعم ومحلات بيع المشروبات الروحية في مدينة بغداد وضواحيها، وصاحب ذلك اعتداء شرس ووحشي علی اصحابها واعتقال مرتاديها وتحطيم زجاج وواجهات بعض المحال التجارية واطلاق العيارات النارية وسط الاسواق وضرب وإهانة مرتادي هذه النوادي. وافادت مصادر في مدينة بغداد بان الحملة الايمانية للمالکي لن تقتصر علی النوادي الليلية ومحلات بيع المشروبات، وتجاوز الحملة بهجوم سافر علی المراکز الثقافية بما فيها الاتحاد العام للادباء، والمرکز الثقافي للسينمائيين ونادي الصيد ونوادي العلوية والشرق والهندية وغيرها.
وحسب المصادر الامنية والحکومية من بغداد ان الحملة قد جاءت بناءاً على طلب اهالي المحافظة لمنع انتشار النوادي الليلية واحتساء الخمور ومكافحة البغاء. ولکن، وحسب قول اهالي بعض مناطق بغداد، فان اللجنة الامنية في مجلس المحافظة، ومنذ اسابيع، دعت فيها اهالي المحافظة إلى البدء بحملة جمع تواقيع لإغلاق الملاهي الليلية والاماكن الاخری الموجودة في بعض المناطق. واعلنت اللجنة الامنية في مجلس محافظة بغداد عن غلق قاعات المناسبات ادعت ان المطاعم تحولت إلى ملاهٍ ليليةٍ مشبوهة يمارس فيها البغاء. ومن جهة اخری، وحسب تقارير اخبارية متنوعة، كشف مصدر سياسي مطلع طلب عدم ذكر اسمه لحساسية المعلومات، عن أن رئيس الحكومة نوري المالكي التقى علماء دين بارزين في ايران على هامش قمة عدم الانحياز يتقدمهم المرجع محمود شاهرودي، حيث ابدوا امتعاضهم من انتشار النوادي الليلة في بغداد ومدن اخرى.
ان هذه الحملة ايمانية لحکومة المالکي، وليس لها علاقة بظاهرة منع البغاء، وانما تطبيق توصية الجمهورية الاسلامية الايرانية باسلمة او افغنة المجتمع قسراً. انها حملة منظمة. فطبقاً لادعاء مسؤولي حكومة المالكي، انها حملى ضد المتاجرين باجساد النساء، ولكنهن لن يخرجن منها في المطاف الاخير دون حساب، بل هن ضحايا هذه الحملة. لانه طبقا للمصادر في بغداد، ان لمعظم هؤلاء التجار صلة ودعم كبير من قبل مسؤولي الاحزاب الحاكمة. لن ياخذ احد كلام مسؤولي حكومة المالكي فيما يخص القضاء على بيع الجنس على محمل الجد. انهم لايسمحون للمراة في الكاظمية ان تدخل دون حجاب، ولكنهم يشيعون في الوقت ذاته زواج المتعة في المدينة ويفتحون مراكز لذلك. ان مااريد قوله انه ليس المالكي من يريد القضاء على ظاهرة بيع الجنس، بل ان حكومته سبب هذه الظاهرة في المجتمع العراقي هو الجوع والفقر الذي تعاني منه النساء في المجتمع.
في الوقت الذي ينصح شاهرودی وخامنئي المالکي للحد من هذه الظاهرة، يوجد في ايران، تحت رحمة النظام الاسلامي، الاف اماکن لبيع جسد الفتيات المحرومات تحت اسم "زواج المتعة"، الذي بامکان الرجال ان يشتروا الجنس من الفتيات لساعات او ايام او اشهر. ان هذه هجمة وحملة، نتيجتها و ضحيتها في الاخير تکون الرجم لمئات الضحايا من النساء المحرومات. ان الظاهرة البغاء هي ثمرة الانظمة الاستغلالية ومنها النظام الراسمالي، وان حلها ليس عن طريق الرجم او السجن او قتل الابرياء ، انما حلها او النضال ضد هذه الظاهرة ينبغي عن طريق القضاء علی الاسس الاقتصادية، الاجتماعية و الثقافية لها و المواجهة الصارمة لشبکات تنظيم البغاء و السماسرة المنتفعين منها ماديا. ويجب علی الحکومة، ببرامج توعية، والترغيب وابداء المساعدات العملية للاشخاص الذين يقومون ببيع اجسادهم بهدف ترك هذا العمل واکتساب المهارات والتعليم اللازم للعمل في ميادين الاخری في المجتمع.
واود ان اقول بان هذه الحملة الشرسة من قبل القوات الحکومية ومليشيات تابعة للاحزاب الاسلامية ليس لها اي صلة بمنع الظاهرة البغاء، و انما حملة من اجل تقليص الحريات العامة للمواطنين، عبر اسلمة المجتمع قسراً، هذا من ناحية ، ومن ناحية اخری بسط سلطة المالکي علی الحکم عن طريق هجومهم علی الحريات والحقوق الفردية ومدينة المجتمع . و ان هذه خطوة اولی او تجربة اولی للمالکي لبسط سلطته الرجعية والمتخلفة علی الشعب العراقي الذي يعاني من الکثير من المشاکل اليومية من الفقر و الجوع و انعدام الامن و الخدمات تحت سلطة حکومة السيد المالکي.
السٶال الاخير هو: هل يقبل المجتمع بهذه الهجمة؟ هل تقبل القوی المدنية والتحررية واليسارية في المجتمع بهذه الهجمة الايمانية الاسلامية للمالکي؟! هل يقبل الشعراء و الفنانين و الادباء و الصحفيين و المثقفين العراقين بهذه السياسة العنصرية للحکومة الطائفية؟ هل يقبل دعاة التحرر والمساواة ذلك؟ هل يقبل عمال ونساء وشباب العراق بذلك؟! ينبغي التصدي لهذه الهجمة التي تقتضيها المصلحة السياسية لسلطة المالكي المليشياتية.
.