الاسلام كمحدد لتدافع المستقبل.!


رداد السلامي
2012 / 9 / 6 - 23:25     

لقد أضحت غاية مابعد الحداثة هي إضفاء قيمة جمالية على الاستهلاك ، وعلى أي نوع من انواع التفكك القيمي والثقافي والفكري.
حيث انهارت "الثقة بتوافق أحكام الدين والعلم والاخلاق ، وانتصر الجمالي على الاخلاقي كمحور أعلى للاهتمام الاجتماعي والفكري ، وطغت الصورة على الوقائع ، وبتت الأولوية للعرضي والمتشضي ، على حساب الحقائق الثابتة واليقينيات الغيبية الراسخة ، والسياسات المتماسكة والناضج في منطلقاتها البنائية"
وفي الوقت الذي تبحث فيه الرأسمالية النيوليبرالية عن أسواق جديدة ، نبحث نحن المسلمون عن عقول جديدة تحمل الهم الحضاري الذي يبني الانسان بتوازن ، ويعيد إليه كرامته ويذكره بحقيقة وجوده في هذه الحياة "أفحسبتم انما خلقناكم عبثا وانكم إلينا لاترجعون " ويفتق لديه الاسئلة الجادة التي تعمل على إعادة تشغيل فطرته الانسانية السوية وعقلها المتعقل حقا.!
لم تصمد النظريات الشيوعية المنبثقة من فكر هيجل وماركس وغيرهم ،فبالرغم من انها تدعي انها تحمل هما انسانيا ، لكنها أثبتت أنها لا تختلف عن نقيضها الايدلوجي المختلفة معه من ناحية الكيفية التي يمكن فيها ايجاد عدالة ما للإنسانية كما تزعم ، فقد شكل خطاب "خرتشوف" السري الذي ألقاه عام 1956م نقطة تحول بارزة خارج الاتحاد السوفياتي ، حيث هاجم "خرتشوف" السياسات "الستالينية " وانتقد احتلال السوفيات لهنغاريا ، في العام نفسه ، ودعا الى تجديد المنطلقات الماركسية للحركة الشيوعية العالمية ، كان وقع الخطاب على حركة اليسار التقليدي مدويا ، صمتت الاحزاب الشيوعية ، في كل من فرنسا ، وبريطانيا ، واميركا ، وظهر جيل جديد ن من المثقفين اليساريين ، يملأ هذا الفراغ ، السياسي والثقافي ، فما يميز اليسار الجديد في اوروبا مثلا وأميركا ، هو تجاوز مقولة "الصراع الطبقي " القائم على أساس طبيعة علاقات الانتاج ، في المجتمع ، وحصر التناقضات الاجتماعية الحادة بالجذر الاقتصادي ، والنظر إلى ما يسمى بالطبقة العمالية كالركيزة الاجتماعية الاساسية للثورة اليسارية.
طرح اليسار الجديد مقولات تتعلق بدور ما يسمى بالفئات المهمشة في المجتمع ، والخاضعة بدورها لهيمنة القوى الرأسمالية العالمية ، في النضال ، مثل فئات العرق ، والجنس ن واللون ، وتوسيع دائرة الصراع لتشمل النقد الجذري للبنى الثقافية ، والفكرية في المجتمع دون الاخذ بالتقسيم التبسيطي الماركسي التقليدي إلى بنية تحتية وبنية فوقية.

لكن اليسار الجديد شهد أفولا كبيرا على الصعيد الاجتماعي ، والسياسي ، وتمركز نشاطه على الصعيد الثقافي والاكاديمي ، لينحصر في دوائره ضيقة لافتقاره الى الاسس الفكرية الحيوية التي تتناغم مع فطرة الانسانية ، ليصبح مجرد نخب مثقفة واساتذة جامعات .
إن الرأسمالية المتأخرة لن تواجه بأفكار اليسار كما يظن الذين لازالت تخدعهم مقولاته ، وشعاراته ، وإن كان يشكل حالة نقدية لها ، لكنه في جذوره الايدلوجية وتصوراته الفكرية يتفق معها ، إن الرأسمالية النيوليبرالية بصيغتها" العولمية " لن يواجهها إلا دين متكامل ، ذو منهجية سوية ، تأخذ بعين الاعتبار البناء الروح كأساس محرك للبناء المادي بتوازن نهضوي فعال ، ويحفظ فطرته وضميره وقيمه وأخلاقه السوية ، التي تصون كرامته ، بحيث يؤدي مهمته الاستخلافية في الارض متطلعا نحو السماء، وراجيا رضا ربه ، وما عنده من نعيم دائم .
إننا كإسلاميون اليوم نقف وبصلابة ضد ثقافة العلامة التجارية والاستهلاك المفرط ، في مجتمع "أصبح كل شيء فيه يمكن تعليبه وتسويقه"
"والله غالب على امره ن ولكن اكثر الناس لايعلمون" صدق الله العظيم