دروس عربية لرؤى يسارية


جميل عبدالله
2012 / 8 / 20 - 02:38     

كتب تمراز يقول : في كل يوم وفي كل ساعة تمر البشرية بمراحل انتقالية جديدة وربما هذه المراحل طويلة الامد بفعل التناقض الجديد بين مليارات الاطراف والشعوب , والذي تفاقم بعد تفكك وانهيار التجربه الاشتراكية السوفيتية وبعد الازمة الطاحنة في العولمة الرأسمالية المتوحشة وانهيارات النظام المالي العالمي الجديد , حيث تدخل دوله بلدان المركز الراسمالي في الاقتصادات الصاعدة , وفي الدول الرأسمالية الناشئة في العالم الثالث بما يسمى " التأميم " على حد تعبير الاتحاد الاوربي , " الاستحواذ " و " الشراء " بتعبير الاداره الامريكية والسياسية المحافظة في ما يسمى " اللبراليه الجديدة " للرئيس الاسبق " بوش الابن " لانقاذ الرأسمالية من أزمتها الراهنة , وحتى الان تم صرف أكثر من 6 ترليون دولار يعني ما يعادل " 6الاف مليار دولار " في شهر واحد في اكتوبر من عام 2008 , وتحملت اوروبا وحدها ما يعادل 2600 مليار يورو بالاضافة الى اليابان ...

اقتصاديات الدول الصاعدة " روسيا , الصين , الهند , البرازيل , الارجنتين , المكسيك , جنوب افريقيا ... النمور الاسيوية .." والدول الناشئة في العالم الثالث الثقيل والعبئ المالي الاكبر لاعادة تأسيس وتقنيين النظام الرأسمالي العالمي .. كل ذلك على أكتاف مليارات البشر من الطبقة الوسطى والطبقات والشعوب الفقيرة داخل الضرائب ليزداد الفقير فقرا وحيتان الرأسمالية ثراء ومالا ...

باختصار انها " الاشتراكية للاغنياء والرأسمالية المتوحشة للبقية " , والدليل ما كتبته صحيفة " الاندبنتدت " البريطانية في يوم 26 من شهر 9 لعام 2008 حيث قالت " انهم كانوا يقولون ان توفير تغطية صحية لتسعه ملايين طفل تكلف الكثير الكثير , وربما ستة مليارات دولار سنويا , في المقابل لا يوفرون شيئا من اجل انقاذ هؤلاء القذرين في وول ستريت والدول المانحه لتنفيذ مشاريعها في دول العالم "..

ولو امعنا النظر جيدا فان ازمة النظام المالي الرأسمالي العالمي تتوالى فصولا , في خطاب عام 2009 أكد الرئيس الامريكي " باراك اوباما " أن الرقابة ستكون منظمة ومشددة في المستقبل , فماذا عن الماضي ؟ لم يشهد العالم أي مبادرة أمريكيه نحو المحافظة على حقوق مئات الملايين ممن فقدوا مدخراتهم كاملة , حتى موظفي وكالة الغوث ةتشغيل اللاجئين لم تسلم من هذه الكارثه , كل ذلك بسبب تقاعس سلطات الرقابه عن الرقابه الفاعلة , وبسبب اسراف شركات التصنيف عن اعطاء شهادات من الاداء لمؤسسات ومنظمات أهلية كانت في الواقع على حافة الافلاس ...

ان اكبر خاسر في عهد ادارة بوش الابن " تمثلت في اقصائها عن سدة الاخلاقية في التعامل الدولي , والسياسي والمالي والاقتصادي " بحكم أن الدولار الامريكي عمله العالم الحديث , فهل سيشهد العالم بعد هذه النكسه حلول وقوانيين جديده للنظام المالي والعالمي بديلا عن قانون 1944 الذي لايزال يجرجر كوارثه على شعوب وفقراء العالم .

الان وفي دوامة أزمة النظام الرأسمالي العالمي , يتململ في الفقر والتهميش خمس مليارات عن البشر , في قارات العالم الثالث والجنوب , وبلغت خسائر الاسهم في البورصات في شهر تشرين أول - أكتوبر من عام 2008 مبلغ 2800 مليار دولار 2 ترليون وثمانمئة مليار دولار ..ولاعطاء صورة عن مأساة تحويل العالم سوق مضاربات نقدية ومالية وفق قوانين السياسة الاقتصادية " اللبرالية الجديدة " , بدل ضبط أوضاعه الرقابية لهذا السوق العالمي بشفافية لتطوير الانتاج والخدمات الاساسية لحياة البشر , نشير هنا الى ان سياسة الدول المانحة بداية من عام 2000 أفقدت نحو 100 مليون من سكان القارة الافريقية وجنوب اسيا القدرة على تأمين الغذاء والدخل القومي " المنتج المحلي " حيث قابلها برنامج المساعدات المقدم من مؤسسات دولية وبرنامج الامم المتحدة بقيمة 800 مليون دولار , يذهب نصف هذا المبلغ أو أكثر من النصف بقليل على تكاليف بسيطة مثل النقل والشؤون الادارية والحفلات الخاصة ..!؟

هكذا اذن هو عالم السياسة " اللبرالية الجديدة " في يومنا , 800 مليون دولار تخصص لشعوب جائعة على مساحة دول وقارات أي 8 دولارات سنويا لكل جائع أو فاقد عمل أو عاطل عن العمل أو خريج جامعي , في مقابل 6 الاف مليار دولار تخصص لتصحيح اوضاع سوق العملة الرأسمالية الوحشية النقدية , وتعويض مغامرات ومقامرات حيتان المال المصرفيين وصائدي الاسهم الهابطة " الاسهم المسمومة " في البورصة , المغامرين بأموال مليارات البشر العاملين ودافعي الضرائب الامريكية وبلدان المركز الرأسمالي , وانتقال الاموال بين الدول الفقيرة والاسواق الضعيفة وخاصة سوق الشرق الاوسط بدون ضوابط رقابية , وتحت عنوان " الاسواق تضبط نفسها ..؟! ".

في النهاية : انها الازمة المالية في الرأسمالية , ولا أقول أزمة رأسمالية فالبديل الديمقراطي التقدمي غير جاهز في الميدان , فالرأسمالية المتوحشة المازومة " لا تسقط اذا لم توجد في الميدان القوة الاجتماعية القادرة على اسقاطها " , وكما ذكرنا هذه القزة الاجتماعية ليست موجودة حتى اللحظة في مجتمعاتنا العربية المدنية , ليست جاهزة لتشكيل وتقديم البديل التقدمي الديمقراطي , رغم الاضرابات والمظاهرات المليونيه الصاخبة والتي بدأت في دول ذات اقتصاد قوي مثل " الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة وبلدان المركز الرأسمالي في العالم " ....انتهى .

سلامتكم ...