دراسات في التشاؤم - عن معاناة العالم - لآرثر شوبنهاور


عباس يونس العنزي
2012 / 8 / 12 - 14:24     

دراسات في التشاؤم
عن معاناة العالم
آرثر شوبنهاور
ما لم تكن المعاناة هي الموضوع الاساسي والفوري للحياة ، فوجودنا يجب أن يسقط كليا دون اهدافه .
إنه سخيف لأن ننظر الى الكمية الهائلة من الألم التي تنتشر في كل مكان من العالم وتتأصل في الحاجات والضرورات اللازمة للحياة نفسها ، كخدمة ولا لغرض على الاطلاق وكنتيجة للحظ المجرد .
كل سوء حظ منفصل كما يحصل يبدو وبلا شك شيء ما استثنائي ، لكن سوء الحظ عموما هو القاعدة .
أنا لا أعرف سخافة أعظم من تلك المقترحة بواسطة معظم النظم الفلسفية في إعلان الشر سالبا في شخوصها ، الشر فقط هو الايجابي ، إنه يجعل من وجوده محسوسا .
ليبتز خصوصا اهتم بالدفاع عن هذه السخافة وهو يبحث عن تدعيم موقعه باستعمال مغالطة واضحة تافهة ، ما هو سلبي هو الجيد ، بكلمات أخرى ، السعادة والرضا دائما يدلان على أن بعض الرغبة قد لبيت ، بعض حالة الألم قد جلبت الى النهاية . ] ملاحظة من المترجم عن الالمانية الى الانجليزية : ليبنتز جادل بأن الشر هو نوع سلبي ، بمعنى غياب ما هو خير وبان نشاطه وما يبدو شخصه الايجابي هو عرض وليس جزء جوهري من طبيعته . هو قال البرودة هي فقط غياب طاقة الحرارة وقوة التوسع في الماء المجمد هي فعلا قوة التنافر بين جزيئاته ، وشوبنهاور تماما على حق لوصف الجدال كله بالمغالطة [ .
هذا يفسر حقيقة إننا عموما نجد السعادة ليست قريبة من الرضا كما توقعناها ، والالم هو اكثر إيلاما جدا ، السعادة ، قد قيل هذا ، ترجح على الألم ، وعلى أي حال فهناك ميزان مستوي بين الاثنين . إذا القاريء تمنى بقرب إن كانت هذه العبارة صحيحة فدعه يقارن بين المشاعر الخاصة لحيوانين أحدهما مشغول بالتهام الثاني .
أفضل تعزية في سوء الحظ أو مأساة من أي نوع ستكون فكرة الناس الآخرين الذين ما زالوا في محنة أسوأ مما أنت فيه ، وهذا نمط للتعزية مفتوح لكل شخص ، ولكنه يعني المصير السيء للإنسانية كلها .
نحن مثل نعاج في حقل ، تمتع أنفسها تحت عين القصاب الذي يختار أولا واحدة وبعد ذلك الأخرى لافتراسها . لذا فنحن في أيامنا الجيدة نكون غير واعين للمصير الشرير الذي يخبأ لنا ، المرض ، الفقر ، التشوه ، فقدان البصر ، أو سبب ما .
لاجزء صغير من عذاب الوجود موجود في هذا ، ذلك الزمن باستمرار يضغط علينا لايدعنا نأخذ نفسا ، فقط يتعقبنا ومثل رئيس متعسف معه سوط ، إذا أوقف يديه فذلك فقط عندما نستسلم الى بؤس الضجر .
لكن سوء الحظ له استعمالاته ، مثل شكل أجسادنا التي تنفجر وتتوزع إذا ما أزيل عنها الضغط الجوي ، لذا إذا حياة الناس خففت عنها احتياجاتها كاافة ، والمشقة والمصيبة ، إذا كل شيء تناولوه بأيديهم كان ناجحا إنهم سيملؤون بالكبر ، يعتقدون أنهم لن ينفجروا ، إنهم سيقدمون مشهد الحماقة الحرة ، بل هم سيجنون . وأنا اقول إضافة ، بأن كمية من العناية والألم أو البلوى هي ضرورية لكل انسان في كل الأوقات .
السفينة من غير ثقل اساس غير مستقرة ولن تذهب للأمام باستقامة ، بالتأكيد فإن ذلك العمل ،القلق ، الجهد ، والمشكلة ، يشكل نصيب تقريبا كل الرجال طيلة حياتهم . لكن إذا كل الأمنيات نفذت فورا كيف سيشغل الرجال حياتهم ؟ ماذا يفعلون بوقتهم ؟ إذا كان العالم فردوسا من الرفاهية والبساطة ، ارض يجري فيها الحليب والعسل حيث كل جاك يحصل على سجنه حالا وبلا أية صعوبة ، الرجال اما ان يموتوا او يشنقوا أنفسهم من السأم أو ستكون هناك حروب ، مذابح ، وجرائم قتل كي في النهابة يصب النوع الانساني معاناة أكبر على نفسه من تلك التي الآن يقبلها من يد الطبيعة .
في شبابنا المبكر عندما منا نتأمل حياتنا القادمة ، كنا مثل أطفال في مسرح قبل أن ترفع الستارة ، نجلس هناك بروح عالية وبلهفة ننتظر بدء المسرحية ، إنها رحمة اننا لا نعرف حقيقة ما سيحدث ، يمكننا حدسه ، هناك أوقات يبدو فيها الأطفال كالسجناء الأبرياء ، مدانون ، لا للموت بل للحياة ، وللآن الجميع غير واعي لمعنى جملهم وكلامهم ، على الرغم من كل هذا ، كل رجل يرغب للوصول الى الشيخوخة ، بكلمات أخرى ، حالة من الحياة التي عنها يمكن أن يقال " هي سيئة اليوم وستكون أسوأ في الغد ، وهكذا حتى أسوأ الجميع .
إذا حاولت أن تتخيل بأقرب ما تستطيع ، ما كمية البؤس ، العذاب ، والمعاناة لكل نوع تشرق عليه الشمس في دورتها ، أنت ستعترف بأنها ستكون أفضل إذا ، على الأرض كما على القمر ، الشمس كانت قادرة على دعوة تصاعد ظواهر الحياة وإذا ، هنا كما هناك ، السطح كان ما زال في حالة بلورية .
مرة أخرى أنت قد تنظر للحياة كحادث غير مريح ، يمتص الهدوء السعيد للعدم ، وعلى كل حال ، حتى لوفكرت أن أشياء قد سارت معك باحتمال جيد طيلة حياتك ، الواضح أنك ستشعر اجمالا أن الحياة هي إحباط باطل ، احتيال .
إذا رجلان كا نا أصدقاء في شبابهما والتقيا مرة أخرى بعد ما تقدما بالعمر وبعد ما انفصلا لعمر ، الشعور الرئيسي الذي سيمتلكانه عند رؤية أحدهما الآخر سيكون واحدا من احباط كامل في الحياة ككل ، لأن أفكارهما ستحملهما للوراء الى الوقت الأول عندما بدت الحياة رائعة كأنها تمد انتشارا امامهما في الضوء الوردي للفجر ، وعدت بالكثير وحققت القليل . هذا الشعور سيكون هو المهيمن كليا على كل آخر ، الذين سوف لن يعتبرونه ضروريا لأن يمنحوه كلمات . لكن في جانب آخر سيكون افتراض صامت ويشكل أرضية عمل لكل ما هم يتحدثون عنه .
من يعيش ليرى جيلين أو ثلاثة ، يشبه الرجل الذي يجلس لبعض الوقت في حجرة مشعوذ في معرض ، ويشهد الإداء مرتين أو ثلاثة بالتعاقب ، الخدع أعدت لأن تشاهد مرة واحدة فقط ، وعندما لن تعود طريفة ، وتتوقف عن الخداع تأثيرها سيزول .
في الوقت الذي لا رجل يحسد كثيرا لنصيبه ، فإن أعدادا غير محسوبة سيكون مصيرهم مأسوف عليه .الحياة هي واحب لأن يفعل ، هو شيء جيد لأن يقال "defunctus est" ، معناها الرجل الذي نفذ مهمته .
إذا الاطفال جلبوا الى العالم بفعل من سبب أصيل ، فهل العرق الانساني سيستمر في الوجود ؟ ألا يملك الإنسان التعاطف مع الاجيال القادمة ليجنبها السأم من الوجود ؟ أو على كل حال لا يأخذها على نفسه ليفرض ذلك السأم عليها بدم بارد .
سأعلن كما أفترض بأن فلسفتي غير مريحة لأني أقول الحقيقة ، الناس يفضلون أن يطمأنوا بأن كل شيء خلقه الله جيد ، اذهبوا الى الكهنة ثم اتركوا الفلاسفة بسلام ، على كل حال ، لا تسألونا أن نوائم مذاهبنا مع الدروس التي تعلمتموها ، والتي أولئك الاوغاد الفلاسفة المزيفون سيفعلونه لكم ، اسألوهم لأي مذهب تفضلون وستحصلون عليه ، اساتذة جامعاتكم قيدوا ليبشروا بالتفاؤل ، وهي مهمة سهلة وموافقة لتشويش نظرياتهم .
لفد نبهت القاريء بأن كل حالة رفاهية ، كل شعور بالقناعة ، هو سلبي بحد ذاته ، بمعنى آخر هو مؤلف في حرية من ألم ، الذي هو العنصر الايجابي في الوجود .
يتبع ذلك لذلك ، أن السعادة لأي حياة معطاة تقاس ليس بتمتعها وسعادتها لكن بمدى الخلو من المعاناة ، من الشر الايجابي . إذا هذه كانت وجهة النظر الحقيقية ، الحيوانات الدنيا تظهر بكونها تتمتع بقدر أسعد من الانسان .
دعونا نختبر الموضوع اقرب قليلا ، مهما اختلفت الاشكال التي تأخذها السعادة والبؤس الانسانيتان ، فهي تقود الانسان للبحث عن واحد وتجنب الاخرى ، القاعدة المادية لها جميعا هي سرور جسماني أو ألم جسماني . هذه القاعدة مقيدة جدا ، هي ببساطة ، صحة ، غذاء ، حماية من الرطوبة والبرد ، اشباع الغريزة الجنسية ، أو عدا ذلك غياب هذه الاشياء جميعها . وبالتالي بقدر أن السرور الفيزياوي هو المنشود فالانسان ليس أفضل من البهيمة إلا بقدر الامكانات العليا لنظامه العصبي الذي يجعله أكثر حساسية لكل نوع من السرور ، لكن كذلك من الالم .
بعد ذلك مقارنة بالبهيمة كم هي اقوى العواطف المثارة فيه ، بحيث اختلاف غير قابل للقياس يوجد في عمق وعنف عواطفه ! , ولحد الآن ، في الحالة الاولى كما في الاخريات ، الجميع يعطي نفس النتيجة في النهاية ، وبالاسم : الصحة ، الطعام ، الملابس وهكذا .
المصدر الرئيسي لتلك العاطفة هي فكرة عما هو غائب والمستقبل ، الذي مع الانسان يمارس مثل هذا التأثير القوي على كل ما يفعل .
إنها الأصل الحقيقي لاهتماماته ، آماله ، مخاوفه العاطفية التي تؤثر فيه بأعمق كثيرا مما تكون الحالة دائما مع من يقدم المتعة والمعاناة لما البهيم مقيد له .
في قدراته على التفكير ، الذاكرة والبصيرة ، الانسان يمتلك اذا جاز التعبير ماكنة لتكثيف وخزن متعه واحزانه . لكن البهيمة لا تمتلك شيئا من هذه الطبيعة ، حيث أنها في الالم ، كما لو أنها تعاني لأول مرة بالرغم أن نفس الشيء قد حدث لها سابقا عدد مرات لا حصر لها .
هي ليس لها القدرة لأن ترتقي بمشاعرها . إذن مزاجها المهمل ، والهاديء كم هو محسود ! لكن في الانسان تأتي الاستجابة للداخل مع كل العواطف التي تعطي رقيا ، وتأخذ للأعلى عناصر السرور والألم المشتركة لديه ولدى البهيمة ، إنها تطور حساسيته للسرور والبؤس الى تلك الدرجة التي ، في لحظة واحدة الانسان يجلب للفور الى حالة البهجة التي تماما قد تكون قاتلة بالتأكيد ، بكلام آخر الى أعماق اليأس والانتحار .
إذا حملنا تحليلنا خطوة أخرى ، ستجد أنه من أجل أن يزيد الانسان من سعادته عمدا أضاف الى عدد وضغط احتياجاته التي في حاتها الطبيعية ليست لأكثر صعوبة للإشباع من تلك التي عند البهيمة ، إذن اللرفاهية في كل أشكالها ، الغذاء الشهي ، استعمال الافيون ، المشروبات الروحية ، الملابس الجيدة والألف والواحد من الاشياء مما يعده ضروري لوجوده ، وفوق ذلك وما بعده هناك مصدر منفصل وخاص من السعادة ، وبالتالي من الالم والتي أسسها الانسان لنفسه كذلك كنتيجة لاستخدام قدراته في التفكير وهي قد شغلته خارج كل تناسب الى قيمتها ، بل غالبا أكثر من كل اهتماماته موضوعة سويا ، أنا أعني الطموح والشعور بالشرف والخجل ، بكلمات واضحة ما هو يعتقده حول رأي الناس الاخرين به . يأخذ آلاف الأشكال الغريبة ، هذا سيكون تقريبا هدف كل الجهود التي يصنعها غير متجذرة فيزياويا في السعادة والألم . إنها حقيقة ، بالإضافة الى مصادر السعادة التي يملكها الإنسان على غرار البهيمة ، الانسان يملك متع العقل ، كذلك هذه تسمح لعدة درجات من العبث الأكثر براءة أو مجرد الكلام الى الانجازات الثقافية العليا ، لكن هناك المراافقة للسأم تعمل ضدهم على جانب المعاناة ، السأم هو شكل للمعاناة غير مفهوم لدى البهيمة ، على أية حال في حالتهم الطبيعية هو فقط الأكثر ذكاءا منهم والذي يعرض آثارا ضعيفة منه عندما تدجن ، بينما في حالة الانسان هي تصبح سوط اكيد .
حشد التعساء الذين غايتهم في حياتهم ملأ محافظهم لكن لا يضعون أي شيء أبدا في رؤوسهم ، يعرضون حالة استثنائية من عذاب السأم ، ثروتهم تصبح عقوبة بتسليمهم الى بؤس أن ليس لديهم شيء يفعلوه ، لأجل الهرب منه فإنهم سيندفعون في كل الاتجاهات ، يسافرون هنا وهناك وفي كل مكان هم سيصلون الى مكان ليس قريبا من الذي هم متلهفون لأن يعرفوا ما المتع التي تقدم ، فقط كفكرة أنهم كانوا شحاذين يسألون أين هم يستلمون صدقة ، من الحقيقة ، الحاجة ، السأم هما قطبا الحياة الانسانية . أخيرا ، انا قد اشير بالنسبة للعلاقة الجنسية ، الانسان يلتزم بترتيب خاص يوصله بعناد لاختيار شخص واحد ، هذا الشعور ينمي احيانا الآن وفيما بعد في أكثر أو أقل حبا عاطفيا هو مصدر لسعادة قليلة ومعاناة كثيرة .
إنه على أية حال شيء رائع تلك الإضافة المجردة للتفكير ستخدم في رفع مثل هذا التركيب العالي والواسع من السعادة والبؤس الانسانيين ، استنادا أيضا على نفس القاعدة الضيقة للمتعة والحزن حيث يحمل الانسان في مشاركة مع البهيمة و تعرضه الى مثل هذه العواطف العنيفة ، الى عدة عواصف من الحب ، كثير من الشعور المتشنج ، ذلك ما يعانيه : يقف مكتوبا وربما مقروءا في الخطوط التي على وجهه .
ورغم ذلك عندما يعلم الجميع بأنه يناضل في الاساس من أجل نفس الاشياء تماما التي حققتها البهيمة وبما لا يضاهى من قلة الانفاق من العااطفة والألم . لكن كل هذا يساهم في زيادة مقادير المعاناة في الحياة الانسانية خارج تناسبها مع مسراتها ، وآلام الحياة صنعت سوءا كثيرا للإنسان بواسطة حقبقة أن الموت هو شيء حقيقي جدا له .
البهيمة تهرب من الموت غريزيا بدون معرفة حقيقة ما يكون ، ولذلك بدون تأمله في الطريق الطبيعي لشخص هو يملك هذه الفرصة دوما امام عينيه .
لذلك اذا فقط بضعة بهائم ماتت ميتة طبيعية ومعظمها تعيش فقط لمدة كافية لادامة نوعها وبعد ذلك ، إذا لم تصبح مبكرا فريسة لحيوانات اخرى ، بينما الانسان في الحانب الآخر يتمكن من جعل ما سمي بالموت الطبيعي هو القاعدة التي لها على أية حال عدد لابأس به من الاستثناءات , الفائدة الى الجانب الذي فيه البهيمة للسبب المذكور أعلاه .
لكن الحقيقة هي أن الانسان نادرا ما ينجز التغيير الطبيعي لسنين كالبهيمة ، لأن الطريق غير الطبيعي الذي يعيش فيه وإجهاد العمل والعاطفة يقود الى انحطاط الجنس ولذلك فهو غالبا لن يصله . البهيمة راضية بالوجود المجرد أكثر كثيرا من الانسان ، كذلك الكوكب برمته ، والانسان يجد القناعة فقط بما يناسب كونه ممل وبليد . ووفقا لذلك حياة البهيمة تحمل القليل من الحزن ولكن أيضا القليل من المتعة ، عندما تقارن بحياة الانسان ، وبينما هذا قد يقود ، على جانب واحد ، نحو التحرر من العذاب و"الاهتمام" والقلق فهو كذلك بسبب حقيقة أن الأمل في أي إحساس حقيقي غير معروف بالنسبة للبهيمة .
لهذا هو محروم من من أية شراكة تعطينا معظم وأفضل متعنا وسرورنا ، التوقع الفعلي لمستقبل سعيد ، واللعب الملهم للخيال ، كلاهما ، نحن ندين الى قدرتنا على التخيل .
إذا البهيم حر من الاهتمام فهو كذلك بهذا المعنى بلا أمل في حالة اخرى ، لأن وعيه محدد باللحظة الراهنة ، الى ما يستطيع بالفعل رؤيته أمامه ، البهيم هو تجسيد للإندفاع الحاضر ولذلك فعناصر الخوف والأمل الموجودة في طبيعته (وهي لا تذهب بعيدا ) تظهر فقط في علاقة مع الاشياء المطروحة أمامه دوم الوصول لتلك الاندفاعات ، في حين مدى رؤية الانسان كامل حياته ، وتتوسع نحو الماضي والمستقبل .
متابعة لذلك ، فهناك ناحية واحدة يبدي البهيم فيها حكمة حقيقية معنا ، أعني هدوءه ، متعته الرائعة في لحظته الحاضرة . سكون العقل الذي يبدو يمنح له يضعنا غالبا لأن نخجل لعدد المرات التي نسمح فيها لأفكارنا واهتماماتنا لأن تجعلنا قلقين وساخطين .
وفي الحقيقة ، متعة الأمل والتوقع والتي أشير اليها لا تحصل للاشيء ، البهجة التي يمتلكها الانسان في التأمل والتطلع أماما لبعض القناعات الخاصة هي قسم من سرور حقيقي بارتباط الى متعة متصاعدة . هذا يخصم بعد ذلك ، وللأكثر نحن ننظر الى الأمام لأي شيء ، الرضى الأقل نجده فيها عندما تأتي ، لكن متعة البهيم ليست متوقعة ، لذلك يعاني من عدم الخصم ، لذلك السعادة الأكيدة للحظة تأتي إليه كاملة وسالمة . في ذات الطريق أيضا ، الشر يضغط على البهيم في وزنه الحقيقي ، بينما معنا ، الخوف من قدومه (الشر) يجعل من عبئه أشد عشر مرات.
إنه فقط ذلك الطريق المميز الذي فيه البهيم يمنح نفسه كليا للحظة الحاضرة مما يساهم كثيرا في البهجة التي نحصل عليها من حيواناتنا المنزلية . إنهم مجسدوا اللحظة الحاضرة ، وفي بعض النواحي يجعلونا نحس قيمة كل ساعة متحررة من المشاكل والازعاج ، والتي بتفكيرنا وانشغالاتنا في الغالب نهملها .
الانسان ذلك المخلوق الاناني والقاسي يسيء استعمال هذه النوعية من البهائم كي يكون اكثر رضا من كونه مع الوجود المجرد ، وغالبا يوظفها الى ذاك المدى الذي يكون فيه البهيم مجرد حياة عارية ، الطير الذي صنع من اجل أن يتجول نصف العالم يسجن في فضاء من قدم مكعب ، كي يموت موتا بطيئا في اندفاع وتوسل للحرية ، لأجل أنه في الزنزانة لايغني لبهجتها ، وعندما انا ارى كم يسيء الانسان للكلب ، صديقة الافضل ، كيف يربط هذا الحيوان الذكي بسلسلة أحس بالتعاطف الاكثر عمقا مع البهيم وأشعل الامتعاض ضد سيده .
نحن سنرى لاحقا بواسطة أخذ وجهة نظر سامية أنه محتمل تبرير معاناة النوع الانساني ، لكن هذا التبرير لا يمكن استخدامة للحيوانات التي معاناتها بينما الى حد كبير جلبت بواسطة الانسان ، غالبا ما تعتبر أيضا جزءا من مسؤوليته . ولذلك نحن نجبر للسؤال : لماذا ولأي غرض كل هذا العذاب والمعاتاة وجدتا ؟ لا شيء هنا يمنح موقفا جيدا ، هي ليست حرة لتحرم نفسها و لذا ستحصل على الفداء .
هناك فقط اعتبار واحد قد يفيد لتفسير معاناة الحيوانات هو هذا : إن ارادة الحياة والتي تختفي تحت عالم الظواهر يجب في حالتهم أن ترضي نهمها بواسطة اطعام نفسها . هذا لأنها تعمل بواسطة تدريج للظواهر ، كل واحدة توجد على حساب الأخرى .
أنا بينت على كل حال بأن سعة المعاناة هي أقل في الحيوانات منها عند البشر ، أي تفسير آخر قد يعطى عن مصيرها سيكون في طبيعة الفرضية ، إن لم يكن بالضبط منسجم مع نفسه ، وأنا اترك القراء للتخمين عن المسألة لأنفسهم .
براهما يقول ، انتج العالم بواسطة نوع من سقوط ، أو خطأ ، ومن أجل أن يكفر عن حماقته هو حتما سيبقى في ذاته الى أن يصنع تكفيره . كحساب لأصل الاشياء ذلك جدير بالاعجاب وطبقا لمذهب البوذية ، العالم جاء كنتيجة لبعض الاضطراب غير قابل للتوضيح في الهدوء السماوي الثقيل (النيرفانا) ، هذا بارك حاله بالتكفير ، والذي تحمل لزمن طويل التغيرات التي تصنع بواسطة نوع من القضاء والقدر .
هذا التفسير يجب أن يفهم كامتلاك في القعر لبعض صلة اخلاقية ، على الرغم من أنه موضح بنظرية موازية في مجال الفيزياء التي تضع أصل الشمس في شريط بدائي من السحب ، شكلت واحدة لا يعرف كيف . بعد ذلك بسلسلة من الاخطاء الاخلاقية ، العالم أصبح تدريجيا أسوأ فأسوأ - هذا صحيح للأنظمة الطبيعية - حتى افترض هيأته الكئيبة التي يلبسها لليوم . ممتاز ! اليونانيون نظروا للعالم والآلهة كصنع لضرورة غامضة . تفسير سالك قد نكون راضين به حتى نحصل على ما هو أفضل . مرة أخرى أرموزد واهرمان سلطات متنافسة بحالة حرب ، ذلك ليس سيئا ، لكن إله مثل يهوه خلق هذا العالم من بؤس وكآبة ، خارج النزوة الصافية ، ولأنه تمتع بعمله ، صفق بيديه في مدح عمله الخاص ، وأكد ان كل شيء سيكون جيدا جدا ، ذلك الذي لن يحصل تماما ! وفي تفسيره لأصل العالم اليهودية أدنى من أي شكل آخر للمذاهب الدينية ، اعتنق من قبل امة متحضرة وأنها تماما بتوافق مع كونه الوحيد الذي لايقدم أي أثر عن الاعتقاد بخلود الروح . حتى برغم فكرة ليبنتز بأن هذا العالم هو الأفضل من كل احتمالات العوالم كانت صحيحة فهي لن تبرر لله في خلقه . بسبب أنه الخالق ليس للعالم فقط ولكن احتمالا لنفسه ، ولذلك هو يجب أن يملك احتمالية منظمة للغاية تجيب أنها شيء ما أفضل .
هناك سببان يجعلان من المستحيل التصديق بأن هذا العالم هو العمل الناجح للحكمة الكاملة ، الجودة الكاملة ، وبذات الوقت وجود القوة الكاملة ، الأول هو البؤس الذي يكثر في كل شيء والثاني النقص الواضح لمنتجه الأعلى الانسان الذي هو سخرية لما سيكون .
هذه الأشياء لا يمكن أن تتصالح مع أي اعتقاد مثل هذا . على العكس هي فقط الحقائق التي تدعم ما اقول : هي سلطتنا لعرض العالم كناتج لآثامنا الخاصة ، ولذلك مثل شيء ما كان أحسن أن لا يكون ، بينما تحت الفرضية السابقة هم يقدمون اتهاما مرا ضد الخالق ويجهزون المواد للتهكم ، وفي الاخير هم يشكلون لائحة اتهام ضد طبيعتنا ، ارادتنا الخاصة ، ويلقوننا درسا بالتواضع . هم يقودوننا لرؤية ما يلي : مثل طفل الخطيئة نحن جئنا للعالم مع عبء الخطيئة علنا وذلك فقط خلال ممارسة تكفير دائم عن هذه الخطيئة وبأن وجودنا جدا تعيس ونهايته الموت .
لايوجد شيء مؤكد أكثر من الحقيقة العامة التي هي الخطيئة الوضيعة للعالم التي سببت المعاناة الوخيمة له ، أنا لا أشير هنا الربط الطبيعي بين هذين الشيئين الكامنان في عالم التجربة ، ما اعنيه هو ميتافييزيقيا .
وفقا لذلك الشيء الوحيد الذي يصالحني مع العهد القديم هو قصة السقوط ، بنظري هي الحقيقة الميتافيزيقية الوحيدة في ذلك الكتاب بالرغم من انها تظهر بشكل حكاية ، هناك يبدو لي تفسير أفضل عن وجودنا من أنه ناتج عن خطوة خاطئة ، إثم ما نحن ندفع عنه العقوبة ، أنا لااستطيع الامتناع عن توصية القاريء الشعبي طيب القلب ، لكن في نفس الوقت معالجة عميقة عن هذا الموضوع كتبها كلوريوس الخامس التي عرضت الروح المتشائمة جوهريا للمسيحية ، هو معنون : ملعونة الارض لأجل ملكك ( THY SAKE).
بين أخلاق اليونان وأخلاق الهندوس مغايرة ساطعة ، في الحالة الاولى ( باستثناء يجب أن يقر به عن افلاطون ) موضوع الاخلاق هو إعداد الانسان ليعيش حياة سعيدة ، بكلمات أخرى ، هي تحرير وتعويض من جملة الحياة كما ذكرت مباشرة في الكلمات الأولى لسانخيا كاريكا .
يجمع الى هذا المقارنة بين اليونان و رأي المسيحية عن الموت ، إنها تقدم على نحو مدهش شكلا منظورا على قبر أثري رفيع في فلونسا ، الذي يعرض على نقش بارز السلسلة الكاملة للمراسيم التي ترافق زواجا في الازمنة القديمة من العرض الرسمي الى المساء عندما يضيء غشاء البكارة بيت الزوجية السعيد ، مقارنة بذلك التابوت المسيحي الملفوف بالأسود الحزين والمتوج بصورة المسيح المصلوب ، كم هي الاهمبة هناك في هذين الطريقين لإيجاد الراحة بالموت . هما يعارضان بعضهما البعض لكن كل واحد منهما على حق ، النقاط الاولى ، التاكيد بأن ارادة الحياة تبقى اكيدة عن الحياة لكل الاوقات ، على أية حال الاشكال تتغير بسرعة .
الأخرى في رمز المعاناة والموت ، نقاط لنكران إرادة الحياة ، للتعويض من هذا العالم ، مجال الموت والشيطان .
وفي السؤال بين التأكيد والنكران لارادة الحياة المسيحية في حق الملجأ الأخير . المقارنة التي يقدمها العهد الجديد عندما تقارن بالقديم ، طبقا لوجهة النظر الاكليروسية للمسألة ما هو فقط ذلك التواجد بين نظامي الاخلاقي والفلسفة الاخلاقية لأوربا . العهد القديم يقدم الانسان كانه تحت سيادة القانةن ، التي فيها على كل حال لا يوجد فداء.
العهد الجديد يعلن قانونا لامتلاك الفشل ، يحرر الانسان من سلطانه ، وفي فائدته يوصي مملكة النعمة لأن تربح بواسطة الاخلاص ،حب الجار ، والتضحية الكاملة بالنفس ، هذا طريق الفداء من العالم .
وفي العهد الجديد بلا شك زهد ، على أية حال البروتتستانت والراشيونالست قد يجلانه ليلائم اغراضهم ، الزهد هو نكران لارادة الحياة ، والانتقال من العهد القديم الى العهد الجديد ، من هيمنة القانون الى ذلك الايمان من التبرير بواسطة الاعمال الى الفداء من خلال وسيط ، من مجال الخطيئة والموت الى الحياة الابدية في المسيح ، وسائل عندما تؤخذ في احساسها الحقيقي ، الانتقال من الفضائل الاخلاقية المجردة الى نكران ارادة الحياة .
فلسفتي تظهر المؤسسة الميتافيزيقية للعدالة وحب الانسانية ، وتشير الى الهدف الذي إليه تقود تلك الفضائل حتما ، إذا ما مورست بكمال ، في ذات الوقت هي صريحة في الاعتراف بأن الانسان يجب أن يدير ظهره للعالم ، وذلك الانكار لإرادة الحياة هو طريق الفداء ، لذا فهي حقيقة اولا بروح العهد الجديد ، بينما كل الانظمة الاخرى موجودة بروح العهد القديم ، بمعنى آخر . نظريا وعمليا ، نتيجتهم اليهودية : مجرد الايمان بأله واحد مستبد . في الحس ، مذهبي يجب أن يسمى فقط الفلسفة المسيحية الحقة ، على أية حال العبارة المتناقضة هذه قد تظهر للناس الذين يأخذون بالنظرة السطحية بدلا من اختراق الموضوع الى عمقه .
إذا كنت تريد بوصلة أمينة لتوجيهك خلال حياتك ، ولإبعاد كل شك للطريق الصحيح للنظر إليها ، لا تستطيع أن تفعل أكثر من تعويد نفسك نفسك لاعتبار هذا العالم سجن تأديب ، نوع من مستعمرة جزائية ، كما أسماها الفلاسفة الأولون .
من بين الآباء المسيحيين ، المتحلين بالشجاعة الجديرة بالثناء ، أخذوا وجهة النظر هذه التي بررت أيضا بواسطة نظريات معينة عن الحياة .
أنا لا اشير الى فلسفتي الشخصية لوحدها ، لكن الى حكمة كل الاجيال كما تمثلت قي البراهمية ، والبوذية ، وفي أقوال الفلاسفة اليونانيين ، مثل امبيدوكليس وفيثاغورس ، كما كذلك في ساييرو ، في ملاحظته بأن الانسان الحكيم من القدامى يستخدم لتعليم يأننا جئنا الى العالم لدفع عقوبة جريمة ارتكبت في حالة أخرى من الوجود ، المذهب الذي شكل جزء من الاساسيات في الغموض .
وفانيني الذي احرق معاصروه واجدين ذلك أسهل من دحضه ، وضع الاشياء ذاتها وعلى نحو قوي في الطريق .
الانسان ، هو يقول ، مليء بأنواع البؤس ، التي ليست مكروهة بالنسبة للديانة المسيحية ، انا يجب ان اخاطر لاؤكد بأن اذا روح الشر موجودة بالعالم فقد تجسدت في شكل بشري والان يكفرون عن جرائمهم ، والمسيحية الحقة تستخدم الكلمة في معناها الصحيح أيضا باعتبار وجودنا كنتيجة للذنب والخطيئة .
إذا عودت نفسك على وجهة النظر هذه في الحياة ، فأنت ستنظم توقعاتك وفقا لذلك وننوقف عن النظر الى كل حوادثه المرفوضة ، الصصغيرة والكبيرة ، معاناتها ، قلقها ، بؤسها ، كأي شيء غير اعتيادي هو شاذ ، بل ، انت ستجد بأن كل شيء كما كان في عالم حيث كل يدفع عقوبة الوجود بطريقته الخاصة ، بين شرور المستعمرة العقابية هناك مجتمع الذين يشكلونها وإذا القاريء جدير بشراكة أفضل فهو لايحتاج كلمات مني لتذكيره بما يجب أن يتحمل في الوقت الحاضر .
إذا كانت له روح ارقى من المعروف وإذا هو عبقري فسوف يشعر من حين لآخر مثل سجين نبيل رسمي ، مدان بالعمل مع في السفن مع المجرمين العاديين ، وسوف يتبع مثاله ، ويحاول عزل نفسه .
عموما ، على أية حال ، يجب أن يقال بأن وجهة النظر عن الحياة تلك ستمكنا من تأمل ما يسمى نقائص الغالبية العظمى من الرجال ، اخلاقهم ، نقصهم الثقافي ، نوع قاعدة الانتاج للسيماء ، بدون أية دهشة ، لأن لا نقول شيئا من السخط ، لاجل أننا لن نتوقف لنتأمل أين نحن ، وأولئك الرجال الذين حولنا ولدوا في الخطيئة ويعيشون للتكفير عنها . ذلك ما تعنيه المسيحية في الكلام عن الطبيعة الشريرة للإنسان .
العفو ، الكلمة للجميع ، مهما يتورط الرجال الحمقى فهم سيكونون عيوبهم ونقائصهم ، دعونا نتحلى بالصبر ، متذكرين بأن تلك الحماقات واحدة أو الكل نحن مشتركون بها ، نعم حين تلك الحماقات الشديدة التي فيها نحن نزداد سخطا ، بتجرد لأنها للآن لم تظهر في أنفسنا ، إنها عيوب لا تظهر على السطح ، لكنها موجودة في العمق من طبيعتنا ، وسوف يستدعيها أي شيء للصعود ، سوف تأتي وتعلن نفسها ، فقط عندما نراها عند الاخرين .
رجل واحد ، إنها الحقيقة ، قد يملك عيوب هي غائبة في زميله ، وإنه غير ممكن الانكار بأن المجموع الكلي للنوعيات السيئة هو في بعض الحالات كبير جدا ، ولاختلاف الشخصية بين رجل وآخر تجتاز كل المقياس .
الحقيقة أن القناعة كون العالم والانسان هما شيئ كان بالامكان ان يكون احسن مما هو حاصل ، هي من نوع لملئنا بالتسامح احدنا تجاه الاخر ، بل من وجهة النظر هذه ربما سنعتبر الصيغة الاصح للباقة أن تكون : مونسيور، سير ، منيهر ، لكن معاناة زميلي (سوشي مالورم ) _ compagnon de miseros .
هذا طبعا ربما صوت غريب لكن بتوافق مع الحقائق ، إنه لا يضع الاخرين في انارة صحيحة ، ويذكرنا بذلك الذي بعد كل الضروريات في الحياة . التحمل ، الصبر، الاقدام ، وحب الجار ، الذي كل شخص هو في حاجة له والذي لذلك كل رجل يدين لصاحبه .