ومضات من ذاكرة الكفاح المسلح


محمد علي محيي الدين
2012 / 7 / 26 - 23:55     

في مستهل العام الحالي 2012 صدر عن دار الفرات في الحلة للمناضل موسى تاج الدين كتاب " ومضات من ذاكرة الكفاح المسلح" استعرض فيه حياته ومسيرته النضالية لأكثر من خمسة عقود، وركز على المحطات النضالية في حياته والأحداث التي شارك أو أسهم بها، وهو كتاب حمل في طياته الكثير من المواقف النضالية لجيل من الشباب الشيوعي الذي أسهم في المسيرة الطويلة للحزب الشيوعي العراقي.
قدم للكتاب الأستاذ الباحث عبد الرضا عوض، وقد استعرض في المقدمة أسرة تاج الدين مبينا تاريخها ذاكرا لأدوارها عبر تاريخ حافل بالعمل الجاد، فقد اغتيل جدهم الأعلى تاج الدين لوقوفه بوجه اليهود في محاولتهم الاستحواذ على مرقد ذي الكفل، وفي عهده مصرت مدينة الكفل وسمي نهرها بنهر التاجية نسبة له، واعترافا بمواقفه فقد تقلد نقابة الأشراف في العهد المغولي واستطاع الحصول على قرار يمنع اليهود من عبور المسجد، مما دفعهم للتنسيق مع الوزير شهاب الدين للخلاص من السيد تاج الدين، فقام بإغراء بعض الأسر العلوية الطامعة بالنقابة للتخلص منه وتم التنسيق مع السيد جلال الدين إبراهيم وتوليه النقابة وإبعاد تاج الدين عنها ونفيه إلى منطقة الحفرية القريبة من ناحية العزيزية، وهاجموه في ذلك المكان وقتلوا ولديه أمامه ثم قتلوه ومثلوا به عام 711هج وعندما اكتشف السلطان المغولي دوافع المؤامرة نكل بالمخططين والمنفذين من علويين ويهود وشيد مرقده بمنارة شاهقة لا زالت ماثلة اليوم، وهذا دليل على المطامع الدنيوية التي عليها السادة، وإنهم يتهالكون على المنافع والمكاسب الشخصية وهو ما ينفي عنهم صفة القداسة التي يحاول البعض إضفائها عليهم فهم حالهم حال الآخرين في التآمر والدسائس ولا ميزة لهم عن غيرهم وان شرف الانتماء للنبي لا يعصم صاحبه عن ارتكاب الجرائم والموبقات.
استعرض المؤلف حياته فقد ولد في الحلة عام 1942 لوالد كادح أثقل كاهله بأسرة كبيرة زادت على (25) فردا ولكنه حرص على تربيتهم وتنشئتهم نشأة صالحة ليكونوا فاعلين في المجتمع وزرع فيهم الروح الوطنية فانحازوا إلى اليسار العراقي وأصبحوا في طليعة المناضلين الذين شهدت لهم سوح النضال بالجرأة والبسالة.
أسهم صاحب المذكرات في النضال الوطني في سن مبكر وشارك في التظاهرات المناهضة للعدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وزاوج بين العمل والدراسة لمساعدة والده في تحمل أعباء الأسرة وعرف معاناة العمال فكان ذلك مدعاة لاندفاعه في العمل ضمن تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي، فانتمى للحزب عام 1959 وعمل في تنظيمات الطلبة وأصبح مسؤولا لإعدادية الحلة في تلك السنة، واسهم في حملة الحزب لإحلال السلم في كردستان والمطالبة بإطلاق سراح السجناء السياسيين، وذكر المؤلف أسماء كثيرة أسهمت بشكل أو آخر في النضال الوطني وقدمت الدعم المادي والمعنوي للحزب رغم عدم انتمائهم إليه إيمانا منهم بدوره الطليعي في عملية البناء، والدفاع عن مصالح الكادحين، وهؤلاء شكلوا عبر المنعطفات الكثيرة لتاريخ الحزب السند المكين لدعم الحزب وحماية أعضائه ومنهم من لا زالوا أحياء يؤدون ذلك الدور في الدعم والمساندة.
وبعد انقلاب شباط الأسود عام 1963 القي القبض عليه في كمين واقتيد إلى مقر الحرس القومي حيث هاجمه ضياء الصحاف، وتعرض لأبشع ألوان التعذيب ، ثم أرسل إلى مركز الشرطة ولعدم اتساع المكان لكثرة الموقوفين فقد أرسل إلى سجن الحلة المركزي المزدحم بآلاف الشيوعيين، وذكر استشهاد المناضل شهيد خوجه نعمه الذي احرق شعر جسده حتى الاستشهاد دون أن يدلي باعتراف أو يعلن التخلي عن المبادئ التي أمن بها.
وبعد التحقيق المصحوب بالتعذيب أودع السجن الانفرادي لمدة ستة أشهر، ثم أطلق سراحه بكفالة مع عدد كبير من الموقوفين بعد انقلاب عبد السلام عارف على البعثيين.
ثم أحيل الى محكمة أمن الدولة التي يرأسها عبد الله النعساني في 5-4-1967 وعندما طلبوا منه شتم الاتحاد السوفيتي والبراءة من الحزب رفض وحكمت عليه المحكمة وارسل الى سجن الحلة ، وهناك أضرب السجناء عن الطعام لرفض ادارة السجن اشراك الطلبة في الامتحانات الخارجية، وأصيب حينها بالتهاب الزائدة فارسل الى المستشفى واجريت لع العملية واعيد بعدها الى السجن.
وبعد انتهاء محكوميته ارسل الى مديرية الامن العامة واوده في سجن الفضيلية وعندما زارهم وزير الداخلية اطلعه على حالته الصحية ورفض ادارة السجن تزويده بالعلاج، وقد اوعز الوزير باعطائه العلاج وطلب منه نقله من سجن الفضيلية لان الادارة ستنتقم منه فأوعز باعادته الى امن الحلة حيث أطلق سراحه من هناك.
بعد عملية الهروب من سجن الحلة قرر الانضمام الى حركة الكفاح المسلح حيث التقى بالشاعر مظفر النواب وانتقلوا الى الموفقية، ومنها ذهب الى الكوت بعد ان حددوا له مكان اللقاء وهناك التقى بجماعة الخيون ، وكان يحمل خرجا فيه أوراق الشاعر مظفر النواب وحدثت له الكثير من المفارقات والمشاكل في الطريق حتى وصل الى بيت الرفيق زويد الذي يسكن في منطقة بعيدة عن ايدي السلطة، فكاونوا يتحسبون للخطر فينتقل الرجال ليلا الى امكان بعيدة عن القرية خشية مداهمة السلطة، وقد اخبره زويد بوصول مظفر وجماعته وانهم الان في غرفة الطابعة وهي غرفة اتخذت لطبع المنشورات، سلم الاوراق لمظفر وبعد عدة ايام انتقل الى ناحية الحرية في الصويرة "قرب بدعة (حمد) مع الرفيق أبو محسن وفي بيوت ألرفاق هناك وهي مبنية من الطين والبواري تم استقبالنا وتخصيص غرفة متروكة بعيدة عن سكناهم لأسكن فيها ومن يأتي لزيارتي . وكان الرفاق يرسلون الطعام والشاي كل وقت.
في هذه المنطقة تم تشكيل مفرزة لغرض السيطرة على عدد من جباة الضرائب من الفلاحين وثم تنفذ المهمة والحصول على مبالغ من المال وجرى أعادته إلى الفلاحين مما حدى بحكومة عارف إلى الذعر وجلب فوج شرطة السيارة من بغداد لغرض تمشيط المنطقة وتم اعتقال مجموعة من المارة كان ضمنهم أخ الرفيق الذي نختبئ عنده وتم تعذيبهم بصورة بشعة أملين العثور على أفراد المفرزة ...
بقيت شرطة السيارة أيام عديدة دون جدوى وتم القرار بنقل العمل إلى الفرات الأوسط لحين انسحاب القوة واستقرار الأوضاع في المنطقة ... وفي منطقة الفرات لنا معارف ورفاق عديدين وعيون ساهرة وفي منطقة الخميسية القريبة من ناحية الحمزة تكثر فيها التلال وبساتين النخيل وفي بيت أحد الرفاق التقيت الرفيق البطل جبار معروف وبدأنا نعد مفرزة لغرض احتلال مركز ناحية الحمزة وكان الوضع يساعد على اقتحامه .. لكن خبر هذا المخطط وصل الى السلطة ..
تم نصب كمين لنا واعتقل ثلاثة من رفاقنا كنت أحدهم وكان معي الرفيق صبري وميزر وجاء المعاون أبو وفاء من أمن الحلة ويحيى برتو ضابط المركز وجرى التحقيق معنا بمختلف الأساليب البربرية . وكان يحيى برتو صديق خالي المرحوم أبو أركان وعن طريق وهيب عبد العباس زوج أختي أم عهد وهو من عشيرة المعامرة التي ينتمي لها يحيى برتو ..
بعد مرور أكثر من عشرة أيام تم عرض قضيتنا على حاكم تحقيق الهاشمية في وقتها كان الحاكم من الأخوة الأكراد وأخذ يسأل هل جئتم توزعون السلاح لمناصرة الملا مصطفى البارزاني وتثيرون الفلاحين فأخبرته بأننا كنا في زيارة إلى الحاج عبطان الجاسم حيث كان راقد في مستشفى الحلة وجئنا للاطمئنان على صحته حيث أن ولده حسناوي رافقنا في الدعوة.
وبعد أن أطلق سراحنا بعد أن مرت عشرة أيام في توقيف شرطة الحمزة ذهبنا إلى بيوتنا في الحلة ...وكنت مع الرفيق صبري ميران والرفيق ميزر (من فقراء الفلاحين) وكان نشطا في العمل الكفاحي ... كان رئيس عرفاء المركز قد ثقب أذنه باله جارحة تستعمل في تكسير الثلج ... وكان العريف فيصل يضربنا على جيوبنا بحثا عن الحصو (مبالغ من المال) .. وهو يردد (ماكو صوت ماكو حصو) .. بعد فترة ذهبت إلى المحاويل الخان لزيارة أحد المعارف في قرية الصباغية التي تقع في الشارع الرئيسي حلة ـ بغداد التقيت برزاق وهو رفيق كانت له علاقة بقسم من الجنود في معسكر المحاويل وبعد أن التقينا عده ساعات رجعت إلى قرية الصباغية وأمضيت ليلتي قرب ماكنة الطحين عند أحد الرفاق ..."
وبعد انقلاب 17-7-1968 دوهمت دارهم من قبل الأمن وتمكن من الفرار بمساعدة والدته، واستطاع التخلص حتى عيد الأضحى عام 1968 حيث القي القبض عليه وأودع في السجن وتعرض لتعذيب شديد من قبل حبيب الأسود وغيره من البعثيين ثم نقل إلى سجن المحاويل وهناك زارهم في السجن ناظم كزار وبعدها أعيد إلى سجن امن الحلة وبقي فيه عدة أشهر ثم رحل إلى سجن بغداد وهناك التقى بصدام حسين يقول" وتم ترحيلي إلى بغداد وكان برفقتي ضابط الأمن (أسد اطيمش) وذهبنا بسيارة الأمن إلى القصر الجمهوري أو دائرة المخابرات ، وهناك وجدت صدام حسين مسؤول الأمن القومي .. أجلسوني في مكتبة ،لم يصل في تلك الأيام الى رئاسة الجمهورية ولا حتى نائبا للرئيس وبعد مجيء صدام تم استدعائي مع المعاون (أسد) لم يخبرني احد بمكانة ذلك الشخص المسؤول ولكن من طريقة كلامه عرفت أهميته 00
سألني عن صحتي وراحتي في أثناء التوقيف وقال لي بأنه أيضا عانى من السجن والتعذيب وأريد الحديث معك باعتبارنا مناضلين وبعد أن وعدني بأن الحديث سوف يبقى بيننا وأنه قبل أيام التقى بالسيد (عزيز الحاج) وهو كما تعلم سكرتير القيادة المركزية وتم أرسالة كسفير ضمن بعثتنا في الأمم المتحدة وأنت شاب مناضل ويؤسفني أن يكون موقفك مضاد للحزب (يقصد حزب البعث) وان الثورة التي ناضلتم من أجلها .. والآن لا مبرر لاستمرار جماعة الكادر المتقدم بالعمل والاستمرار وان لدينا محاضر اجتماعات اللجنة المركزية والقيادة المركزية وحتى مجموعة الكادر وأنت باعتبارك أحد المناضلين من أجل غد أفضل استطيع أُؤكد ذلك أننا سوف نعمل على تأميم النفط وإعدام الجواسيس وحل المسألة الكردية ، فأخبرته وأنا ابتسم بأن هذه المطالب هي برنامج الحزب الشيوعي ... وأنتم لا يمكن أن تقوموا بهذه الأمور لوحدكم لان تجربة حكم حزب البعث عام 1963 وأعمال الحرس القومي كانت تجربة لا مقياس لها... وأزيدك علما بأني اكتويت بنار الحرس القومي ...
قال صدام أني أعرف عنك كل شيء وذهب إلى باب خلف مكتبه وأخرج حزمة من الأوراق هي محاضر الاجتماع الأخير للجنة المركزية للحزب الشيوعي ... وألتفت لي قائلا : نحن جئنا الى السلطة متمثلين بحزب البعث العربي الاشتراكي لنحكم العراق على اقل تقدير خمسمائة عام (500) سنة ، وسوف نطبق الاشتراكية بطريقتنا فأخبرته بأني قضيت نصف عمري من أجل هذه الأمور حيث أني عامل وأبن عامل فأخبرني بأني سوف أعيدك إلى التوقيف وأريد أن تطلعني على رأيك بعد أن نقوم بإعدام الجواسيس وسوف ترى بأننا لسنا ظاهرة من ظواهر الاستعمار الجديد كما تثقفون الفلاحين والعمال وأننا لسنا بعثيون 1963 وسوف ترى وسوف نلتقي مرة أخرى ...
كان صدام في ذلك الوقت يدير الحزب من هذا المكان حيث أتصل به شخص وأخبره بأن المطلوب دخل السفارة ولا يمكن اقتحامها فأخبره صدام بأنه سوف يتصل بوزير الخارجية وسوف يرى الموقف وبعد ذلك أعلن عن أسفه حيث أنهم يطاردون رجل فلسطيني أتضح أنه جاسوس وبعد أن أتصل بالخارجية طلب منه مخابرة السفارة من قبل زوجته أو أحد أفراد عائلته لغرض أخراجه إلى خارج السفارة واعتقاله .. وأخذ معلقا وهو يصدر الأوامر بأننا نحترق من أجل فلسطين وهذا يتجسس ...
هذا الأمر زادني قناعة بأن هذا الرجل يدير عمل الحزب وهو شاب يافع وله عزم وقوه وضغط على زر كان أمامه وطلب إحضار المعاون (أسد اطيمش) وعندما دخل طلب منه الذهاب بي إلى الأمن ... وهكذا رجعت إلى الأمن وأنا مستغرب ... استمرت المقابلة في تلك الأيام أكثر من ساعتين ....
كان صدام متكلم وله ثقافة واسعة واطلاع على أمور سياسية عديدة (هذا لا يعني إنني موافق على سياسته) وفي قرارة نفسي تيقنت بأنه سوف يكون شخصية هامة ... وهذا ماحقته الأيام من صدور قرارات الإعدام للجواسيس بعد محاكمتهم وأصبح هذا الرجل نائبا لرئيس الجمهورية أحمد حسن بكر . وجرت الأمور بسرعة وأنا موقوف في شرطة حي بابل في نفس الغرفة التي ولجتها سابقا بعد ذلك صدر عفوا عن السجناء السياسيين وأطلق سراحهم لاسيما الحزب الشيوعي وإعلان الجبهة الوطنية بين حزب البعث واللجنة المركزية للحزب الشيوعي وشملني هذا العفو ... أطلق سراحي ورحتُ أكسب عيشي بالعمل في الشركة العامة للنسيج الناعم".
وبعد أكثر من سنة أعيد اعتقاله وعثر في بيته على كتب شيوعية وتعرض لأبشع أنواع التعذيب وبعد فترة رحل الى مديرية الأمن العامة وهناك التقى بناظم كزار ايضا يقول" وبعد حلول المساء حضر ناظم كزار وحسن المطيري وكان يشرفان على التحقيق في هذا المكان ... تم إدخالي مكتوف اليدين في غرفة خاصة بالتحقيق وكان ناظم وحسن يجلسون خلف ميز طويل وكانا يأكلان تكة لحم وهذه عادت ناظم عند التحقيق .. يوجد عديد من الأفراد جالسون في غرفة التحقيق ..
ثم سألني ناظم باستهزاء:
- أبو رياض كيف حالك ؟...
وفي داخلي شعرت بأن شيئا حدث لأن أسمي الحركي هذا لا يعرفه غير أشخاص معينين حيث كنت في الريف (أبو حمزة) وفي ريف الكوت أسم أخر .. دارت أفكار عديدة في رأسي وبسرعة عجيبة حاولت تماسك أعصابي حيث سبق أن حقق معي هذا الجلاد في معسكر المحاويل وأخبرني هو بذلك بأنك تخدعنا .. فأجبته وكان كلامي موجها لحسن المطيري (كان حسن طالب معي في إعدادية الحلة) ،وتربطني علاقة عائلية ، حيث أن عمه علي المطيري كان زوج أختي أم عباس رحمها الله .. وكنا نجلس في مقهى أبو ثامر مقابل الإعدادية من هذا المنطلق قلت : (أبو فلاح) أني عند كلامي ولا أمارس أي عمل سياسي ..
في هذه اللحظة قام أحد الحاضرين وضربني على رأسي ضربه قوية وقال لا تقل أبو فلاح .. أنه الزعيم فيصل .. وكانوا يسمونه هكذا في قصر النهاية .. كانت الضربة من القوه أفقدتني كل مشاعري وأحسست أن الدنيا تهتز تحت أقدامي.
وهنا سألني ناظم كزار عن معسكر تدريبي في منطقة (عوفي) قرب قرية الطهمازية في الحلة .. ولما نفيت ذلك .قال : وما علاقتك بالسفارة الصينية في بغداد ؟ وكم مرة التقيت مع السفير الصيني؟ وماهي الأعداد التي أرسلتها إلى الجبهة الشعبية (جورج حيش) ؟
وعندما أخبرته بأني أسمع هذه الأمور لأول مرة طلب تعليقي بكلاب (الزنجيل) في معصمي وطلب إحضار الموقوفين لسماع أقوالهم وجاء شخصان من المفروض أنهم سافروا إلى لبنان وفوجئت عندما رأيتهم .. كان أحدهم مفتوح من وسط جبهته والدماء تغطي وجهه ، والأخر كذلك وطلب منهم ناظم أن يتعرفوا علي .. فكان جوابهما واحد (هذا موسى الملقب أبو رياض) وهو يعمل في نسج الحلة ...
وهنا قال ناظم وأنا معلق في سقف الغرفة، أن جهاز الأمن يبحث عنك في كل مكان وأنت تعمل في دائرة حكومية .. ثم راحوا يضربونني بصورة وحشية حتى فقدتُ صوابي وأغمى عليَّ ، واستمر هذا المشهد لعدة ساعات .."
وقد استطاع تفنيد جميع التهم الموجه له وتعرض لتعذيب شديد وشرح لنا معاناة السجناء من رجال الحكم العارفي وسجناء خان النص وغيرهم والمجازر التي تجري في قصر النهاية وانواع التعذيب وطرقه، وتطرق الى عمله في معمل النسيج وذكر أسماء الشيوعيين الذين عمل معهم، واشار الى محطات نضالية مختلفة اسهم فيها خلال سنوات الحكم الصدامي ولا زال على ما آمن به من مباديء وقيم، يعمل بصمت ودأب من أجل وطن حر وشعب سعيد.