مايحدث في سوريا هل هو حلم الشعب؟


زيد ميشو
2012 / 7 / 26 - 08:24     

قبل أن تبدأ أحداث سوريا كنت أقول ، أتمنى أن لايحدث في سوريا ماحدث في العراق أولاً ومن ثم تونس واليمن ومصر وليبيا ، وكنت أُلام لأجل ذلك، إلا أنني أبرر هذا التمني الذي خاب فيما بعد للأسف الشديد بقولي : سوريا هي أكثر بلاد الشرق الأوسط أمنا للفئات الدينية والقوميات المختلفة والتي تشكّل نسبة قليلة بالمقارنة مع المسلمين السنة ومن بعدهم الشيعة .
عندما كنت في لبنان تزامنت إقامتي هناك مع الفترة التي توفي فيها الرئيس السوري السابق، وفي الوقت الذي كنت تحت تأثير المخدّر الإعلامي العراقي، في كرهنا لمجرد السماع باسم حافظ الأسد وبيت الأسد والغابة التي فيها أسد.. كنت متصوراً بأن السوريين سيهللون فرحاً لهذا النبأ، كما كان العراقيون حينذاك يتمنون لصدام والبعث، إنما المفاجأة كانت بكاء الكثيرين بكاءً مراً. ولدى استفساري عن سبب حزنهم، أكدوا لي بأنه لولا حكم الأسد لما عرفت الطوائف والقوميات الصغيرة الأمان، وهذا ما لا أنساه ما حييت.
بالتأكيد لست مع نظام البعث السوري ولا مع أي حكم في الشرق، لكنني متأكد من شيء واحد وهو أن تغيير النظام السوري ليس مطلب كل السوريين، ومثلما يوجد معارضة هناك موالاة وبنسبة كبيرة لا تقل عن الأولى، ومعهم كل الحق كونهم يعرفون الخطر الذي ينتظرهم، إنما من هي المعارضة ؟
في العراق وللأسف الشديد حدث تغيير كنّا نرجوه ، إلا أننا وكما يقول المثل لم " نرض بجزة رضينا بجزة وخروف " فما هي إلا أشهر حتى بدأ العراقيون دفع الثمن مجدداً وكأنها سلسلة من الضرائب بدأت مع نهاية العهد الملكي، إلا أن الثمن أصبح باهظاً جداً، وقبل شروعي بكتابة المقال بيومين حصد العراق في يوم دامٍ ما يقارب المئة شهيد من شعبه إثر انفجارات متفرقة، وأثناء الكتابة قرأت خبراً آخر عن إستشهاد وجرح 33 شخصاً في غرب بعقوبة إثر انفجار عبوة ناسفة ، ولم أفهم لغاية الآن وقاحة وسائل الإعلام في وصف من تسفك دماؤهم غدراً في العراق بأنهم قتلى ولا يقولون بأنهم شهداء!! في الوقت الذي يعتبرون القاتل الشاذ الذي يفجّر نفسه أو يقتل عراقياً بريئاً شهيداً !. فمن وراء هذه الجريمة؟ إنهم باتأكيد من يسمّون أنفسهم بالمقاومة! وهم ليسوا بأكثر من مقاومة ضد الخير وضد ابتسامة طفل وطموح شاب واطمئنان كهل. والنتيجة كانت أن خرج لنا من يترحّم على حكم الطاغية الذي كان بالمقارنة مع حكم الميليشيات والتبعية الإيرانية والمقاومة ومن يقف خلفها من دول كالسعودية وقطر! .
في مصر بدأت أروع تظاهرات وأجمل اعتصامات أثبت من قام بها وليس من سرقها بأنهم شعب يستحق التغيير – التغيير نحو الأفضل، فماذا حدث ؟ استلم الحكم من لهم هدف ديني وليس وطنياً وسيأتي من يترحّم على مبارك وآل مبارك، ولا نعرف بعد إن كانت المراحم ستشمل القذافي والصالح وغيرهم .
أما عن سوريا، فأنا مع التغيير بشرط الضمان أيضاً، فالتغيير يجب أن يكون نحو رفاه الشعب السوري وليس لإرجاعه قرون إلى الوراء، فهل سينال الشعب ذلك؟
المتشائم أو من يقرأ الأمور على طريقتي شبه متأكد بأن أرض سوريا ستكون مسرحاً للدماء حتى بعد سقوط الحكم، وستتعرض إلى شتى أنواع الدمار ليفوق بكثير ما حصل ويحصل في العراق من خراب، وسنسمع عن مجازر واضطهادات وتكفير وتهجير و..و...و ... و. أما المتفائل من المثقفين والعلمانيين فيقول بأن هناك أمل تغيير في المستقبل ( أمل فقط ) والمهم لديهم سقوط الحكم والسنون القادمة قد يحدث فيها تغيير نحو الأفضل ( قد !) وكأنهم يحفرون البير بإبرة، والواقع يقول إن غالبية من يقاوم فلغاية دينية لا وطنية ، وجولة على اليوتيوب وحول المواقع سندرك من خلالها بأن معظم فصائل المقاومة يعتبر المقاومة فرضاً دينياً !.
أين الوطن وأين الوطنية؟ سؤال يحتاج إلى براهين دامغة ، وإلى أن تأتي الأدلة سيكون لديّ عنوان واحد لما يحدث في سوريا ... سوريا تهرول نحو الهاوية منذ أن بدأت شرارة التغيير!
فهل أنا مع الحكم؟ جوابي هو النفي ولا أملك غيره ... هل أنا مع التغيير؟ لا وألف لا ... حتى يثبت بأن من يستلم زمام الأمور هدفه وطني فقط وعندها لن تذهب هباءً دماء الأبرياء.
ختاماً ... بعد أن عرفت بأن العراقيين الذي هربوا بسبب الطاغية ومن تلاه وعاشوا في سوريا لفترة من الوقت، حفظت كرامتهم رغم وضعهم الصعب، وأحبهم الشعب السوري وأحبّوه، ولم تهِنهم السلطات السورية كما حدث في دول أخرى نقول عنها شقيقة! وهم في الحقيقة مسبّبو مرض الشقيقة )الصداع النصفي)، أقول لهذا الشعب الطيب قلبي وقلب الكثير من العراقيين معكم، ونتمنّى لكم ما نتمنّاه لشعبنا العراقي الجريح .