حول الأزمة السورية


راجي مهدي
2012 / 7 / 22 - 09:17     

يبدو ان ما يحدث في سوريا هو محاولة امبريالية-لن تكون الاخيرة-لضرب آخر جيوب المقاومة في العالم -بوجه عام-وفي الشرق الاوسط بوجه خاص لما يمثله من أهمية خاصة للامبريالية والتي تعتبر سيطرتها علي الشرق الاوسط مسألة حياة أو موت .وتبدو الأزمة معقدة لذرجة خرافية فمن جهة لدينا نظام تمسك بخك مقاومة الصهيونية والهيمنة الامبريالية في تحالف ضم المقاومة اللبنانية والفلسطينية وايران .ومن جهة أخري تجد هذا النظام قد بدأ منذ سنوات في الهرولة نحو اليمين مفسحا مجالا أكبر لالليبراليين مجالا يكاد يفوق نفوذ الشيوعيين في الجبهة الحاكمة التي من المفترض انها جبهة يسار الا ان البعث كحزب البرجوازية الصغيرة مارس لعبة التردد كما مارسها عبد الناصر واختار ان يتأرجح بين اليمين واليسار .وجاءت الليبرالية بكوارثها -في ظل تكبيل متزايد لأيدي الشيوعيين -لتخلق سخطا اجتماعيا ولتقدم لكل القوي المناهضة لمشروع البعث والعميلة للامبريالية مادة دسمة استطاعت من خلالها تعقيد الوضع إلي ما هو عليه الآن .نعم هناك سخطا اجتماعيا نتج عن الإتجاه يمينا سخطا لطالما حذرت منه الأحزاب الشيوعية خارج الجبهة وداخلها وهذا السخط قد أدي الي خروج احتجاجات سلمية لم ترفع أبدا مطلب اسقاط النظام بل كانت تعبيرا عن الحالة الرثة التي يتجه لها الأسد ونظامه اجتماعيا وبدا واضحا أن تلك الاحتجاجات ليس لها اي قيادة فعلية بل هي مجرد احتجاجات عفوية وإمتنعت عن المشاركة فيها أحزاب يسار الجبهة وخارجها وهو خطأ سمح للإخوان المسلمين وعملاء الإمبريالية الممولين من قطر والسعودية وتركيا أن يركبوا موجة الإحتجاجات لتطويرها إلي ما هو أبعد من إصلاح نظام أعتقد أنه قابل للإصلاح .وإصطفت الإمبريالية وأزلامها داعمين كل الفارين أمثال برهان غليون-معارضو الخارج الآكلين علي موائد الإمبريالية -وأصبحت تركيا قاعدة للتدريب والإنطلاق وقطر والسعودية بنوكا تدفع بسخاء .واستدعي العنف عنف مضادا,والعنف هنا كانت له بدايتان .بداية قادها جهاز الأمن البعثي ضد الإحتجاجات السلمية بدلا من إحتواء مطالبها والبداية الثانية كانت علي يد المسلحين الإرهابيين الممولين والذين استخدموا العنف الامني ضد المتظاهرين ذريعة لإستخدام العنف وهم بالطبع كانوا جاهزين ومستعدين للعنف سواء إستخدم الأمن العنف أم لا .ويبدو أن نظام الأسد يحتاج فعلا إلي إصلاحات جذرية أولها إخراج الليبراليين من بنية النظام وإبعادهم تدريجيا عن مراكز التأثير انتهاءا بإستئصالهم تماما فبصمتهم كانت واضحة تماما في الإنتخابات البرلمانية الأخيرة حيث حدث تزوير فاضح ضد مرشحي الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير وهذا ليس له إلا تفسير واحد وهو أن بشار الأسد لا يدرك بالضبط حجم الكارثة التي تعيشها سورية فأي غباء ذلك الذي قاده كي يتحالف مع اعدائه ضد أصدقائه ؟هل ظن أن العمل العسكري هو فقط مفتاح حل الأزمة ؟أم يظن أنه مازال قادرا علي التخلص من أثار المأساة التي تعيشها سورية إعتمادا علي نفس التركيبة المترددة التي ألفها ؟أظن أن كل ما سبق خاطئا فالحل العسكري إن لم يتم بالتوازي مع إجراءات شعبية جذرية يشعر بها الشعب السوري فإن سورية واقعة لا محالة في براثن الإمبريالية .كما أن التصور القائل بأن النظام قادر علي البقاء بنفس تركيبته ليس إلا تصورا إانتهازيا إذ أن القوي الوحيدة القادرة علي حشد الشعب السوري لخوض معركة ممتدة عسكريا واقتصاديا وسياسيا ضد اليمين السوري والامبريالية ,القوي الوحيدة القادرة علي حشد الشعب السوري للدفاع عن إجراءات جذرية حقيقية هي قوي اليسار الراديكالي .فالآن يجب أن ينتقل التحالف الشيوعي - القومي من إطاره الشكلي إلي إطار واقعي ليست أولي خطواته تعيين علي حيدر وقدري جميل في الحكومة فماذا يعني ذلك ان لم تكن لدي الحكومة تكليفات بتنفيذ مشروع تقدمي يعمل علي زيادة دور الدولة في الاقتصاد السوري ,أن يصبح القطاع العام وبحق القطاع الرائد والمسيطر وأن تكون تلك خطوة استراتيجية في انشاء قطاع اقتصادي شعبي -مملوك للعمال والفلاحين - ينمو بإطراد حاشدا القوي القادرة علي حماية سوريا المقاومة وراءه.يجب أن يتم كنس الليبراليين ,التخلص منهم ومصادرة ثرواتهم ,يجب أن تنطلق في خضم تلك المعركة عملية تغيير جذري خطوتها الأولي كنس الليبراليين كما قلت وضرب الرأسمالية الطفيلية الناشئة وتغيير شكل السلطة العائلي الي شكل مؤسسي يعمل فيه الشيوعيون والقوميون وكل القوي الراغبة في انشاء مشروع وطني كتفا بكتف وفي شراكة كاملة(علي القوميون أن يدركوا أن موازين القوي ليست لصالحم وأنهم يجب أن يتنازلوا لصالح حلفائهم)كما يجب الإستعانة بكادر اليسار في كل المؤسسات والمصالح والوزارات والهيئات بالتوازي مع تشديد الضربة العسكرية وتوجيهها بكل عنف تجاه حاملي السلاح من مرتزقة حمد وآل سعود .
ولأن الوضع كما قلت معقدا فذلك سمح لليسار المراهق بتقديم رؤي صبيانية للأزمة مفادها ضرورة دعم التحرك الجماهير لإسقاط نظام البعث ولسنا ندري أي تحرك جماهيري أهو المسلح أم السلمي؟ هل في سوريا تحرك جماهيري أصلا (تحرك جماهيري بالصورة التي رأيناها في الانتفاضة المصرية حيث الحشود الضخمة والمظاهرات المليونية )لا أظن مثل ذلك موجودا.فما جعل الأزمة أزمة هو أن الإمبريالية جيشت كل مواردها الإعلامية والإستخباراتية لتقديم ما يحدث في سوريا علي أنه مجزرة من طرف واحد يقوم بها الجزار الأسد ضد الثوار الأنقياء من طراز "تشي جيفارا" وبرزت الإمبريالية بكل قواديها بدءا بأوباما وانتهاءا بكلابه حمد وعبدالله برزوا وكأنهم حاملي الإنعتاق الثوري .ولن أتردد في أن أقول (تسقط الحرية القادمة علي سناكي الإمبريالية والإخوان المسلمين"وببساطة فإن نظرة موضوعية علي القوي المسلحة في سورية يدحض كل ما يقال عن أن هناك قوي تقدمية وسط هؤلاء القادمون عبر الحدود لا قوة تقدمية ذات وزن وتأثير لها القدرة علي انشاء مشروع أكثر تقدمية من مشروع البعث منخرطة في هذه المؤامرة ..اللهم إلا بعض مغامري اليسار وهؤلاء اذا كانوا يفكرون انهم سوف يعادلون تأثير اليمين ودوره بل ويفوقونه لانشاء مشروع يسار جذري هؤلاء معاتيه اذا كانوا يرون ذلك .أما الباقين فهم الإخوان المسلمون والإرهابيين الوهابيين من القاعدة وغيرها وانتهاءا بمجلس برهان غليون وعبد الباسط سيدا اللاوطني والعصابات المنظمة تحت يافتة ما يسمي"الجيش السوري الحر"ليسوا الا كلابا مستأجرين لدي الإمبريالية للإستيلاء علي السلطة في سوريا والبدء في تصفية الجيش العربي السوري وتصفية الدولة السورية ومن ثم تصفية المقاومة واما لتفتيت سوريا من بوابة الحرب الأهلية مستغلين هشاشة تكوينها الطائفي وفي كلا الحالتين الامبريالية والصهيونية هما أصحاب المصلحة.لذا فإن سقوط نظام البعث سوف يؤدي الي قيام نظام رجعي -أكثر رجعية منه .
نظام البعث له خطايا ولكن فضيلته الكبري أنه لم ينبطح للإمبريالية
نظام مقاوم يمكن إصلاحه لكن بعيدا عن الإمبريالية ليس بأيديها...
المجد لسوريا المقاومة
الموت للخونة
الموت للإمبريالية
E.M.L