نفاق صحابة بنكيران.... صهيوني في مؤتمر حزب رئيس الحكومة الاسلامية


حميد هيمة
2012 / 7 / 21 - 20:02     

لــــــــــــم تجد قيادة العدالة و التنمية حرجا في إصباغ حادث حضور صهيوني إلى مؤتمر الحزب المذكور بأكثر من لون، بيد أن كل هذه الألوان تتأرجح بين الكذب و الصمت المتواطئ و اعتماد نظرية التآمر للتغطية على انقلاب موقف صحابة بنكيران، في الحزب و دراعه الفقهية حركة التوحيد، إزاء قضية التطبيع مع الكيان الصهيوني.

حاولت قيادة المصباح، في البداية، رسم استنكار المغاربة، بكل مشاربهم و اتجاهاتهم الفكرية و السياسية، لهذا السلوك التطبيعي و كأنه هجوم على صحابة بنكيران في إطار الصراع حول الريع السياسي المخزني. بيد أن القيادة تنبهت، لاحقا، إلى أن اعتماد تكنيك التآمر غير مجدي في هذه الحالة حتى لو تم التمويه بأن الموقف هو تقويض للحركات الاسلامية و هدم لدعائم الاسلام، كما تم القيام به في المناسبات السابقة؛ و بخاصة في الصراع حول مدونة الأسرة.
ففي الوقت الذي تصدى فيه زعماء المصباح لتكذيب الخبر- الفاجعة بالتمويه إلى أن الصهيوني المعني بالأمر، عُوفِير بْرَانْشْتَايْنْ، هو داعية للسلام و منحاز لخيار إقامة الدولة الفلسطينية. غير أن سيولة تدفق المعلومة في عالم النيت أظهرت كذب صحابة بنكيران، و عرت عن حقيقة حزب العدالة و التنمية كقماش من حرير يغطي اليد الحديدية للمخزن.

الصهيوني الحاضر في مؤتمر العدالة هو مستشار لرئيس الكيان الصهيوني المغتال، إسحاق رابين، في الترتيبات السياسية لمسلسل التسوية بمنطق الاستسلام. الصهيوني الذي شرفته العدالة و التنمية بتدنيس أرض محمد بن عبد الكريم الخطابي، بصفته المسئولة في الكيان الصهيوني، يتحمل مسئوليات، على الأقل، معنوية في قتل و تجويع و ترويع الفلسطينين و الفلسطينيات.

للأسف، فاجتهاد صحابة بنكيران في العدالة و التنمية لإظهار حسن النية و سلامة السلوك في الاختبارات المخزنية جعلت الحزب يتنكر حتى لمواقفه الخطابية إزاء قضايا كان يوهم أعضاءه أنها قضايا مبدئية.
في كل الاستحقاقات السياسية السابقة، خصوصا ذات الاستثمار السياسي المباشر، يدفع الحزب بدراعه الفقهية، حركة التوحيد و الاصلاح، لصناعة مواقف و فتاوي فقهية على مقاس الموقف السياسي الذي يعبر عنه الحزب المذكورة في عملية تكاملية يتنتاغم فيها الموقف الحزبي المصالحي مع الموقف الفقهاوي المنافق و الانتهازي.

ففي كل المناسبات المماثلة، كان صوت صحابة بنكيران في حركة التوحيد و الاصلاح يملء العالم ضجيجا و إزعاجا بالتنبيه إلى مخاطر تسرب الصهيونية إلى أرض المغرب المقدسة بكفاح أبنائه في الحرية، غير أن هذا الصوت سيتخذ وضعية "صامت" في الحالة التي تشرف الحزب باستدعاء و استقبال صهيوني في مؤتمر سياسي لحزب المصباح.

وجه النفاق، هنا، ليس فقط هو الصمت الجماعي لأعضاء الحزب و الحركة، بل تعداه إلى تجريم كل من سولت له نفسه إدانة هذا الفعل المخزي. وجه النفاق، أيضا، هو احتضان صهيوني في المؤتمر و تمريره بشكل ناعم بحضور القيادي في حركة حماس، خالد مشعل.

بهذا الموقف، الذي أقل ما يوصف به أنه مخزي، هيأ حزب المصباح الأرضية المناساسبة لجناح التطبيع لتقوية مبادراته الرامية إلى تجيير واجهة الكيان الصهيوني بدماء الأطفال و النساء و الشيوخ.

نعم من حق ما يسمى معهد "اماديوس"، اليوم، تعزيز مبادراته، التي سبق ان احتضن فيها برانشتاين و تسيبي ليفني، لأن صحابة بنكيران انقلبوا على وجوههم السابقة. فبالأمس، كان برنشتاين صهيونيا عندما استقبله المعهد المذكور. و اليوم، في مؤتمر المصباح، تحول إلى داعية سلام.


حاولت قيادة المصباح رسم استنكار المغاربة، بكل مشاربهم و اتجاهاتهم الفكرية و السياسية، لهذا السلوك التطبيعي و كأنه هجوم على صحابة بنكيران، في الحزب و الحركة، في إطار الصراع حول الريع السياسي. بيد أن القيادة تنبهت، لاحقا، إلى أن اعتماد تكنيك التآمر غير مجدي حتى لو تم التمويه بأن الموقف هو تقويض للحركات الاسلامية و هدم لدعائم الاسلام، كما تم القيام به في المناسبات السابقة؛ و بخاصة في الصراع حول مدونة الأسرة.

لكن أغرب ما أفرزه هذا الحادث هو تصريح ذ بنخلدون، الذي يقر فيه صراحةأن اختيار ضيوف المؤتمر مرّ عبر الاقتراح أولا ثم الدراسة ثانيا والمصادقة من طرف اللجنة التحضيرية للمؤتمر...مبينا أن "الإسرائلي" عوفير برانشاين حضر المؤتمر ... كشخصية فرنسية وليست اسرائيلية.

من المهم إثارة الانتباه إلى مسألتين: أولا، إقرار صريح للمسئول الأول عن العلاقات الخارجية في حزب العدالة و التنمية بان دعوة الصهيوني مرت بالدراسة و المصادقة، و هو ما يجعل الحزب متورطا، عن سبق إصرار و ترصد، في عملية التطبيع مع الكيان الصهيوني. المسألة الثانية، فالصهيوني عوفير لم يشارك كإسرائيلي في المؤتمر، و إنما حضر كفرنسي داعية للسلام.

حضر الشيطان، لكن ليس بصفته كإبليس.