محطة جديدة في مسار اليسار الجدري بالمغرب


محمد بودواهي
2012 / 7 / 18 - 19:21     

أقدمت السلطات المخزنية بالعديد من المدن المغربية على منع أعضاء الكتابات المحلية لحزب النهج الديمقراطي اليساري الجدري من تعليق لافتات المؤتمر الوطني الثالث الذي انعقد بقاعة محمد زفزاف بالدار البيضاء يومي 13 و 14 يوليوز الجاري ، كما قامت السلطات بتمزيق الملصق الخاص بالمؤتمر من شوارع المدن ، في الوقت الذي احتلت فيه لافتات وملصقات حزب العدالة والتنمية الإسلاموي الحاكم ، الذي عقد مؤتمره في نفس الوقت ، أغلب شوارع المدن ، إضافة إلى كل أنواع الدعم المالي واللوجيستي الدي حضي به من طرف الدولة المخزنية ...

وبررت السلطات المخزنية تعاملها مع لافتات وملصقات الحزب اليساري ، بأنها تحمل شعار استفزازي للسلطة ويتعلق الأمر بشعار المؤتمر وهو " جبهة موحدة للنضال الشعبي ضد المخزن ولبناء نظام ديمقراطي".

ويشار إلى أن المصالح الأمنية سبق لها أن اعتقلت جمال الجلطي الكاتب المحلي لحزب النهج بمدينة ليل الفرنسية ، الذي يعد من مساعدي عمدة مدينة "ليل" ، أثناء دخوله المغرب للمشاركة في المؤتمر عبر مطار محمد الخامس ، وتم إطلاق سراحه بعد ثلاث ساعات من التحقيق معه ، بعد أن اتصلت "مارتين أوربي" زعيمة الحزب الاشتراكي الفرنسي الحاكم ، بالسفارة المغربية بباريس من أجل حث السلطات المغربية على إطلاق سراحه . وأشارت جريدة المساء في عددها الصادر يوم الخميس 12 يوليوز أن شرطة مطار محمد الخامس أوقفت الجلطي مباشرة بعد مروره أمام شرطة الحدود بسبب مذكرة بحث وطنية صادرة في حقه قبل 17 سنة ، مضيفا أن الشرطة أوقفته لمدة قبل أن تفرج عنه بعد صدور تعليمات من جهات عليا بإخلاء سبيله.

هدا ولقد خصص النهج الديموقراطي لمؤتمره البسيط مبلغ مالي ضئيل لا يتجاوز 15 مليون سنتيم ، وهو الحزب الوحيد الدي لا يستفيد إلى حد الآن من أي دعم مالي عمومي ، وافتتح مؤتمره الثالث في مركب ثقافي ( ولذلك دلالة خاصة ) ، وتمت أشغاله في مدرسة جامعية .... في الوقت الذي خصص فيه حزب العدالة والتنمية ( حزب ذو مرجعية إسلاموية ، يترأس الحكومة الحالية ) لمؤتمره حوالي 500 مليون سنتيم (وللتذكير فانه يستفيد من الدعم المالي العمومي) ، استعمل فنادق 5 نجوم ، أكبر قاعة عمومية ، ولقي كافة التسهيلات من طرف مختلف أجهزة الدولة ، جندت فيه مختلف أجهزة الدولة بما فيها تجنيد مختلف الوسائل السمعية البصرية العمومية ، وسيارات الدولة والحافلات لنقل الأتباع ....ركز في شعاره المركزي ومداخلات قادته على الشراكة مع المخزن المتعفن ، وعبر عن تشبثه ب"ثوابت الأمة" الرجعية ، داعيا مكونات المجتمع إلى الاستسلام للواقع وإلقاء سلاح النضال والمقاومة... .، و نفس تلك الاجهزة عملت كل ما في وسعها لإفشال مؤتمر النهج الديمقراطي ، مؤتمر رمز المقاومة الشعبية ، حيث تم منع - كما أشرنا - تعليق اللافتات وتثبيت الملصقات في الأماكن العمومية ، كما تم اختطاف أحد ضيوف النهج الديمقراطي ، واعتقال أحد المؤتمرين ، مرورا بالتشويش عبر الصحافة المأجورة...

ورغم كل ذلك، فإن لا أحد يمكنه اليوم أن يشك في نجاح المؤتمر الوطني الثالث للنهج الديمقراطي، سواء من حيث التهيئ القبلي (مشاريع المقررات ، انجاز التقريرين السياسي والمالي ، برنامج المؤتمر والوسائل البشرية والمادية لتطبيقه...) ، أو من حيث الانجاز ( النقاش المعمق ، الديمقراطي والهادئ...) ، أو من حيث النتائج ( فرز ديمقراطيا أجهزة تعبر عن التغيير في إطار الاستمرارية...) . و ما يؤكد هذا النجاح هو العرس النضالي الذي عرفته المدرسة العليا للتكنولوجيا يوم الأحد 15 يوليوز 2012 ، بعد انتهاء أشغال المؤتمر والذي عبر من خلاله مناضلات ومناضلي النهج ، وضيوفهم الشيوعيين والثوريين ، عن فرحتهم وابتهاجهم لنتائج المؤتمر.

وللإشارة فقد انتخبت اللجنة الوطنية المشكلة من 81 عضوا أعضاء الكتابة الوطنية للنهج والمكونة من 17 عضوا ، بينهم 12 عضوا سبق لهم أن كانوا أعضاء في الكتابة الوطنية السابقة . وتمكن عبد الحميد أمين وخديجة الرياضي ورفاقهما في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من إكتساح اللجنة الوطنية ، بعد حصول أغلب أعضاء المكتب المركزي للجمعية المنتمون لصفوف النهج على مقاعد لهم باللجنة الوطنية ، لما ثبت عنهم من كفاحية عالية وأخلاق نبيلة وتفان في العمل الميداني المستمر ....

هدا وقد وصف النهج مؤتمره بالناجح و قال في موقعه الإلكتروني أنه "رغم المنع والتضييق والقرصنة الذي تعرض له النهج الديموقراطي وموقعه الإلكتروني من طرف النظام المخزني المستبد والجبان وأذنابه الرجعيين والمرتدين السماسرة ، ناهيك عن التعتيم الإعلامي الممارس ضدنا ، اختتم بالدار البيضاء اليوم الاحد 15 يوليوز 2012، المؤتمر الوطني الثالث لللنهج الديمقراطي اشغاله بنجاح باهر".

إن المؤتمر الوطني الثالث للنهج الديموقراطي عبارة عن محطة تنظيمية وسياسية فكرية تراءى للكثير من الملاحظين أن معالمها البارزة ( بالإضافة إلى الدعوة إلى جبهة موحدة للنضال الشعبي ضد المخزن ولبناء نظام ديموقراطي التي ليست بالجديدة على أهميتها ، إد أن النهج الديموقراطي كان دائما يراهن ويدعو إلى وحدة القوى اليسارية والديموقراطية في جبهة لإنجاز مهمة الديموقراطية ، على قاعدة سيرورات العمل الميداني والنضال الملتصق بالشعب وقضاياه ) تركزت على عناوين كبرى تجلى أولها في إعلان مطلب العلمانية بوصفه فصل للسلطة السياسية عن الدين ، إد أن العلمانية تحيل إلى تصور واضح يقول [ان لا سلطة يمكن أن تعلو عن المسؤولية وعلى التاريخ حتى لو زعمت وقدمت نفسها كذلك ، وإد أن كل سلطة تدعي استنادها إلى الدين كمشروعية أو كممارسة هي سلطة تنزع نحو الاستبداد بإضفاء القداسة عنها وعن سلطتها .. وهو الموقف الدي لا ينظر إلى الدين بدلك المنظور السلبي البيروقراطي الدي نظرت إليه العديد من الأحزاب الشيوعية في العالم ، إد " إن النهج الديموقراطي يؤمن بحرية العقيدة وبالحق في ممارسة الشعائر الدينية للجماهير (...) ويجب أن تضمن( الدولة الديموقراطية أو الاشتراكية) الحقوق (الدينية ) للجميع". حسب ما جاء في وثيقة "أرضية حول الدين والعلمانية والإسلام السياسي" إحدى وثائق المؤتمر، وقد اعتبرت الوثيقة في نقد لبعض التجارب الاشتراكية التي وصفتها بالبيروقراطية أن "محاولات استئصال الدين وترسيم الإلحاد ودسترته (...) كان خطأ فادحا.... كما تجلى ثانيها في النجاح في التمرين الديموقراطي على إيقاع ظاهرة التشبيب البادية ملامحها في المؤتمرين ، حيث حرية النقاش والنقد كما شهده المؤتمر، وحيث تم تشكيل اللجنة الوطنية عبر الديموقراطية على قاعدة الترشح العلني والتصويت السري.....

فبدل الشراكة مع المخزن ، والركوع لرموزه ، كم فعل ادعياء النضال الكادب من إسلامويي العدالة والتنمية ، لخص النهج الديمقراطي أهدافه المرحلية في شعار المؤتمر: "جبهة موحدة للنضال الشعبي ضد المخزن ولبناء نظام ديمقراطي"، فبدل الاستسلام للاستبداد المخزني، دعى النهج الديمقراطي إلى الصمود والتحدي والمقاومة من أجل إسقاط المخزن وبناء نظام ديمقراطي...

فليطمئن شهداؤنا لأن تضحياتهم لم تذهب هباءً، فالمؤتمر الوطني الثالث للنهج الديمقراطي قدم إشارات واضحة على الاستمرار في خطه الكفاحي المناهض للاستبداد المخزني ، و على تشبثه بالقيم والأهداف الثورية ، وما الحضور المكثف لشباب 20 فبراير ، ولرموز الكفاح النقابي الديمقراطي ، وللنساء ... إلا تأكيد على ذلك.

إن مناضلي ومناضلات النهج الديمقراطي لن يخونوا العهد ، فعبد اللطيف زروال ، وسعيدة المنبهي ، وأمين التهاني... سيبقون رموز المقاومة ، رموز الثورة ، والشيوعية.

وللإشارة فقد عرف مؤتمر النهج الديموقراطي حضور دولي واسع عبر وفود تمثل القوى المناضلة من أجل عالم إنساني متحرر من الاستبداد والاستغلال ، حضر الحزب الجزائري من اجل الديمقراطية والاشتراكية ، حضرت فلسطين المقاومة بتمثيل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، حضرت تونس الثورية ، حضر الحزب الشيوعي الجنوب افريقي ، حضرت أوروبا التقدمية والشيوعية في شخص الأحزاب الشيوعية كالحزب الشيوعي اليوناني، و الحزب الشيوعي الايطالي، و حزب اعادة البناء الشيوعي الايطالي، و الحزب الشيوعي النرويجي، و الحزب الشيوعي الجديد الهولندي ، الحزب التقدمي للعمال القبرصي ، و الحزب الشيوعي الدانماركي ، و الحزب الشيوعي الفرنسي ، و الحزب الشيوعي الالماني ، و حزب العمل البلجيكي ، وحضر من أمريكا اللاتينية أحزاب شيوعية قوية ولها تاريخ عريق في النضال الشعبي مثل الحزب الشيوعي الشيلي ، و الحزب الشيوعي البوليفي ، و الحزب الشيوعي الكولومبي ، و الحزب الشيوعي الكوبي .