وطن ....للبيع


يعقوب يوسف عبدالله
2012 / 7 / 14 - 17:47     


كان مارا بسيارتهِ الفارهة والمصفحة وسط سيارات الحماية التي تحيطُ به بصفارتها التي ترشق ُفي الخوف عيون لدى المارة من بسطاء الناس وكان ينظر من خلالِ زجاج سيارته المظللة التي لا يراها الآخرون ولا ينفذ من خلالها ضوء الشمس كي لا تمس عينيه حقيقةُ الواقع،،وبينما هو في نشوة السلطة استوقفتهُ عبارةٌ معلقة ٌ على أحدى البيوت أو بالأحرى خربة مبنية ( تحت جسر النهضة)من صفائح آيلة للسقوط مع أبسط ريح .. حيث كتب عليها عبارة ( أولاد للبيع ) !!!




نكز سائقهُ بسبابته... أنتظر لحظة يا رائد أتجهْ صوبَ ذلك البيت الذي على يسارك المبني من الصفائح تحت الجسر !!!...




حاضر أستاذ ، وهنا اتصل السائق بالحماية الذين كانوا في المقدمة ليأمرهم بالتوجه وتغيير المسار إلى المكان المقصود ...ترجل السيد المسؤول ليدخل قبله الحماية وكأنها عملية ألقاء قبض.. كانت رائحة المكان تشمئز منها النفوس على بعد عدة أمتار ليجد في باحة الدار طفلين وبنت تكاد الأوساخ تخفي ملامحهم المتعبة ورائحتهم تزكم الأنوف ورجل أنهكته السنون وبانت على ملامحه أثارُ الهموم .... بادر السيد المسؤول والمثقل بالأموال سائلا :




ما أسمك ؟




وما هي قصتك ؟




أسمي راضي وهاهم أولادي ماهر وسالم وابنتي سارة ...سارة كانت ملامح الجمال والبراءة الطفولية مرتسمة على وجهها الذي تشرق ُ فوقه أبتسامة تلين ُ قلوب َ الجبابرة....،، أما قصتي يا سيدي فأنا فقير ولا أملك سقف يغطي هشاشة عظام أولادي.... التحفُ جسرَ النهضة ليكون لي سقفا أستظل به من حرارة الشمس ومطر الشتاء ...




وأما طعامي قبل أن تسألني عنه فأجيبك....مطاعم الشيخ عمر عندما ترمي بفضلاتها في براميل القمامة نلتقط منها ما يسد رمقنا من بين بقايا القمامة !!!




ــ طيب هل عندك أخوة أقارب ؟ قال المسؤول.




ــ أستاذي أنت تسأل وكأنك بعيد عن المجتمع .....الأخ كم يستطيع أن يتحمل أخيه والى متى؟ وخاصة أنا رجل معوق ولي امرأة هربت من قسوة الحياة والتي لا اعرف إلى أين وثلاث أولاد ليس لي حل إلا بيعهم..




أستخف السيد المسؤول بكلام راضي لأنه ليس لديه القناعة بما يقول ( لأن الأيده بالماي مو مثل الأيده بالنار)




شوف راضي أنت شنو إلي تريده ؟




ــ أستاذ صدوك أتريد تنقذني ... طيب أريد منك مكان يؤويني حتى ولو خمسون مترا ..




هنا توقف المسؤول ليكون بمحل الأنانية والبخل الذي يملكه الكثير من الأغنياء غير مكترث بهول ما قد يكون بعدما يخرج راضي خالي الوفاض من ضيافته الفضولية




قال المسؤول : راضي أعطني الأطفال لأضعهم في دار للأيتام وأنت تقدر أن تعيش بأمان واطمئنان عليهم ... وبذلك سترتاح




انتفختْ أوداج راضي وكاد يفعل ما يفعل لولا تذكر أنه أمام رجل مسؤول قال وكيف أعطيك أولادي لتضعهم في دار الأيتام هل جئت إلى هنا لتقول لي هذا ....




جئت َ لتأخذَ مني أولادي وتضعهم في سجن محصن ....




ــ راضي أحسن ما تبيعهم ...




ــ أبيعهم أحسن يا سيدي




أولادي وأنا حر التصرف بهم




ــ لا أنت لست َليس حرأً يا راضي،، هناك قانون يجب أن يطبق ولا يسمح لك بأن ترمي بهم إلى دهاليز التهلكة والضياع ...

ضحك راضي بسخرية ... أستاذ يا قانون هذا إلي يجعل من البعض يسرق أموال الشعب حد التخمة وآخرين لا يجدون من يسد رمقهم... أي قانون الذي يسمح بالعصابات تصول وتجول والفقير لا يستطيع أن يتكلم .... أي قانون يسمح بدخول المفخخات والمخدارت والتجارة بالأعضاء البشرية... نعم لا تستغرب أنا أنتظر جماعة يشترون أولادي بثمن أستطيع أن أعيش بقية حياتي بعيدا عن مزابل التأريخ .. ،

أستاذ (جربت أتشوف جهالك يبجون كدامك من الجوع أو بردانين وما عندك شي أتغطيهم بيه )

ـ بس أكو واحد يبيع أولاده يا راضي

ـ أستاذ الناس باعت أوطانهم...

وأنه أبيع أولادي لكنني لا أقبل أبدا ً أن أبيع وطني

يعقوب يوسف عبدالله