ماتركس الذئبة المتعددة الشهوات


عماد البابلي
2012 / 7 / 12 - 15:54     

كنت أدري بأنك الموتُ من ألف جرح
والسوء آتٍ .. آه
لو تتمزق شرنقة الأفق
لو تتحرر مني قدماي .. زنزانة في قعر الفرحة
الشهيدة العراقية / أطوار بهجت

ما هو مدى عمق جحر الأرنب ؟؟
رحلة الســـقوط طويلة جدا ، والقاع لا يكاد يبين أبدا ، قوة التعجيل تأخذنا بسرعة ، نتعرى ونتجرد خلال رحلة الحج للأسفل ( ! ) ، نحن سكان العالم الأسفل تخلينا عن جوعنا وتخلينا عن الحرمان وعن كل أحلامنا الغير المتحققة ( الحياة هي حلم غير محقق ) ، حتى حالة الأرق المزمن والذي يمزق الجسد أصبح بعيدا الآن ، نستمر في السقوط ولاشيء سوى ضحكات طفولة نسمعها هنا وهناك في الطوابق السفلية التي نراها الآن .. نحن الحفاة من كل شيء حتى من رحمة ربنا الرحمن الرحيم الذي صفاته قتلت ذاته ( ! ) ، عصبة العهرة المرقطة المتاجرة بنا كسلع غير قابلة للنفاذ ، تتهاوى أيضا ولكن بشكل يختلف عن سقوطنا ، حفنة من الدولارات تخرج في الفضاء المغلق ، اللحم يتقطع ، وجوههم تتغير ، لكن بسماتهم المتكبرة باقية نفسها ، عملية التحول لا تهمهم بشيء ، أحدهم يبصق على الأخر وضحكات تعلو هنا وهناك ، كانوا يرقصون أثناء السقوط ، أرى أحدهم الآن وهو السيد أبي قحافة وكان موظف حسابات في بيت مال أحدى الدوائر وهو يعانق بشكل جنيني موظفة مصرف حكومي كانت تغطي له المبالغ التي يقترضها من خزينة الدائرة لمقاولاته الخاصة وطبعا كما هو الحال في كل مكان من هنا ( هنا / التعيسة ) ، كان يرجعها في شهر أخر ( من أيام أخر !! ) ، عملية العناق المقلوبة بشكل ( 69 ) أثناء السقوط ، ذكرتها تلك الموظفة برقم البوابة التي كانت في المطار الدولي للرحلة التي تذهب لمكة ، حيث القيام بطقوس العمرة حول بيت إبراهيم العتيق ( على المسافرون المتوجهون لمطار جدة الدولي التوجه لبوابة رقم 69 ) ، كانت صدى مكرر في أذنها ، البيت المبارك بأنهار من نفط ومن غاز لا تنضب .. كانت عملية تنويم جماعي رائعة ، التي يعيشها من حولي باقي البشر ، الحفاة لا يفهمون معنى الأحذية لأرجلهم الدامية وهم يحملون الحجر لبناء الهرم الكبير ، الهرم الشهير الذي تتقاسمه السلطة ، بعضهم فوق أكتاف بعض ، أما المتخمون فيزدادون صلاة ويزادون نورا لأوجههم المحترقة من العبادة ومن ( اللغف واللهط واللفط / مصطلحات خاصة لوصف الفساد الإدراي / لهجة عراقية ) ، الوهم الجماعي كانت الثيمة رقم واحد من أنماط يونغ الشهيرة ، نماذج بدائية موروثة ومكررة ، مكررة يجعلها قانون صارم لا يقبل نقاش أبدا ، ومن يعترض ، يصلب على شجرة وســـط سوق المدينة .. مورفيوس يحاول جاهدا إفهامنا عبر حواره الرائع : ( دعني أقل لك لماذا أنت هنا ، لأنك تعرف شيئا وما تعرفه ، لا تستطيع شرحه ، إلا أنك تشعر به ، بل شعرت به طوال حياتك ، هناك شيء خطأ ما في هذا العالم ، لا تعرف ما هو ، إلا أنه موجود كشظية في ذهنك ، تقودك للجنون ) .. غابت ورقة الأصل عنا ، وبقت عملية النسخ والمحاكاة ، كل شيء يشبه الأخر في دورة وحلزون مفزع ( تشابه الأحزاب الدينية رغم طيفها الواسع ) نسخ ومحاكاة لبقايا قريش الخالدة في أحماضنا الوراثية ، قريش تستنسخ نفسها ، وأبي سفيان لم يمت أبدا ، قال لهم أرجعوا فأن القافلة بخير ، لم يسمعوا النصيحة منه وسقطت قريش في مصيدة تكبرها ، جيلها الأول أنسلخ من ذاكرة التاريخ ، تعلم الجيل الثاني الدرس جيدا ، البدو والأعراب وحوش كاسرة لا تفهم التمدن ، تعشق الغزو ( كان العرب يحتقرون من لم يأكل من سيفه !! ) ، لهذا جاء جبريل بالحل لأبو سفيان سريعا ، الفتوحات والخروج من الصحراء حيث المئات من الجواري وتلال الذهب تنتظر من يحصدها .. لافتة جميلة معلقة الآن في أحدى زوايا متحف لجماجم بشرية ، في أحدى زوايا جحر الأرنب ، لافتة مكتوبة بلغة كوفية : ( القاتل يموت واللص يخلد ، الزاني يرجم والكاذب ينجح ) ، قوانين غريبة جدا ، لا أفهمها في هذا الكوكب المقنن ، وهل تستحق حقا أن تفهم ؟؟؟!!!
أبي قحافة يحترق ويتلاشي وهو يضحك ، بينما كانت موظفة المصرف ( الذئبة المتعددة الشهوات ) ، لم تصاب بشيء ، كان عضوها التناسلي مازال يعمل بشكل جيد ، تجلس الآن لأخذ الراحة في عملية السقوط المتعبة ، تجلس وتتصل بأحد ما ، أحد ما سيدخل للمصيدة .. لا تبالي كثيرا بكونها عاهرة أو نصف عاهرة أو ربع عاهرة فالعهر واحد في مقاييس الأخلاق الفاشلة التي وضعها ذات يوم أشد الناس إفلاسا ، الثور الجديد لا يصاب من عملية العهر بسوء ، المجتمع يغطي له جيدا تلك العيوب ( !! ) ... المهم هنا أكتفي ، لأن شعور بالتفاهة يزداد عندي مع كل حرف أكتبه ، لأن من يقرأ الآن هو بالتأكيد أكثر خبرة مني في دراسة الفطريات !
شكرا لكم ..
كتبها كائن بدأ يكتشف تفاهته للتو

الشيء الذي يبدو لا عيوب فيه سيخلق لنفسه بقانون التراكم عيوباً تجعله محكوماً عليه بالتغير و الإعدام ..
القصيمي