حول اليسار مع الاستاذ رزكار عقراوي والدكتور صادق اطيمش


رعد عباس ديبس
2012 / 7 / 3 - 16:48     

حول اليسار مع الاستاذ رزكار عقراوي والدكتور صادق اطيمش
اطلعت على مقال الاستاذ رزكار عقراوي الموسوم *الشيوعية العمالية, الحكمتية, الى أين؟* وقد تطرق فيه, بالتحليل العلمي وبلغته النقدية العالية التي تعودنا عليها والتي تنتقد الموضوع وليس الاشخاص وكذلك الاعتناء بالنقد لاجل البناء, للسلبيات الفكرية والعملية التي شابت مسيرة حزب العمال الشيوعي بشكل خاص والاحزاب اليسارية بشكل عام. وفي نفس الاطار حضرت محاضرة للدكتور صادق اطيمش, التي اقامها النادي الثقافي العراقي في بودابست, تحت عنوان* دور ومستقبل الخطابين اليميني الديني واليساري العلماني على الساحة السياسية بعد سقوط الدكتاتورية: تجربة العراق* التي عرضها الدكتور باسلوبه الاكاديمي الرصين وتحليلاته الذكية وفيها اشار الى ان مصطلحات اليسار واليمين هي مصطلحات نسبية يحددها الظرف السياسي في فترة معينة, كما اشار الى استغلال الاحزاب اليمينية للدين وتوظيفه لخدمة الاهداف السياسية لهذه الاحزاب مع انها بعيدة كل البعد عن ثوابت الدين, والمشجع لها على ذلك ضعف اليسار وعدم فعاليته بجدية لكسب الجماهير لصفه. وقد خطرت ببالي بعض الملاحظات قد تكون ذكرت في المقال او المحاضرة فمن الجيد التركيز عليها وقد لم تذكر فمن المهم الاشارة اليها.
- الشخصية الحزبية في العراق عاطفية ولا تستطيع الفصل بين العلاقات الاجتماعية والعمل الحزبي ودائما ما تسقط الخلافات في الرأي السياسي على العلاقات الاجتماعية وبذلك تكون في علاقة متوترة مع الجماهير.
- لم تشكل الاحزاب في العراق بقناعات فكرية بحتة وبظروف طبيعية ناضجة لانجاح الحزب وانما كردة فعل على وجود احزاب سابقة مخالفة لها في الفكر أو القومية. وبالتالي فالعضو الحزبي لم يكن مسلح تسليح فكري جيد.
- الخطاب السياسي اليساري لا يبنى على اساس فهم للفكر, بحيث يكون له ستراتيج واضح المعالم وتكتيك لايتناقض معه, وانما هو رد فعل لما يفرزه الواقع وليس انطلاقا من فهم الواقع ومحاولة تغييره وفقا للظروف والامكانيات المتاحة.
- كثير من القادة الحزبيين يكونون بعيدين عن واقع اوطانهم أما منعزلين داخل الوطن أو مقيمين خارجه, وهذا يؤدي الى اتخاذ قرارات معتمدة على الجانب النظري ومثل هكذا قرارات لا تكون دائما صحيحة.
- ادارة الصراع الفكري داخل الاحزاب اليسارية فيه خلل كبير ويسير باتجاه سيطرة مفهوم القيادة للامور, ولذلك لا يعترف بالاجتهاد الفكري ولا التشجيع على الابداع وايجاد الوسائل البديلة.
- كثيرا ما تعصف بالاحزاب اليسارية الانشقاقات, وفي اغلب الاحيان لا تكون على اساس فكري وانما تكون على اساس شخصي اوفئوي ولذلك فهي تسبب القطيعة المطلقة وفي بعض الاحيان العداوة وبهذا تساهم في اضعاف التيار اليساري بشكل عام ولا تضع مجال للاتفاق على قواسم مشتركة فيما بين احزابه.
- منذ مرحلة ستالين لحد الآن ابتلت الاحزاب الشيوعية واليسارية بداء عبادة الشخصية ورجل المرحلة وكأن هذا اصبح قدر عليها, وفي كوريا اصبحت امانة الحزب ورئاسة الجمهورية وراثة, وهناك ايضا داء اخر هو التبعية السياسة للاتحاد السوفيتي سابقا وللاحزاب القوية حاليا دون الاخذ بعين الاعتبار مصلحة جماهير الحزب أو شعورها.
يتمتع العراق الآن بنوع من الديمقراطية, وكذلك هو حال دول الربيع العربي, وهي تعتبر بيئة صالحة لنشر الافكار بما تمثله من احترام للرأي الآخر وعدم وجود القمع السلطوي, فعلى اليسار ان يعيد النظر بالحالة التي هو عليها وان يوحد صفوفه وفقا للمشتركات الموجودة بين احزابه وتياراته وان يتوجه الى اعادة ثقة جماهيره به بواسطة تبني متطلباتها وحقوقها المشروعة, وان يفسح المجال للصراع الفكري البناء داخل احزابه وبين تياراته للوصول الى ارقى انواع الاداء الفكري والعملي.
د. رعد عباس ديبس