حملة زي زيك في الأردن ... جمل قصيرة لمعانٍ عميقة


زيد ميشو
2012 / 7 / 2 - 09:59     

هناك بعض الدول أو المدن عرفت بصفات شعوبها ، وقد تكون هذه الصفات مُبالغاً فيها لكنها لا تخلو من الحقيقة ، كون غالب الناس عكسوا تلك الصفة ليحمل الكل وزرها . ولو قلنا ما هي الدولة التي عُرف شعبها بالتكشيرة أو الوجه العابس سيكون الجواب بدون شك الأردن ، وعذراً لأخواتي وإخوتي الأردنيين ، فهذا الكلام منهم قبل أن يكون إسقاطاً من الآخرين عليهم . وطالما ملأت صفحات المجلات والجرائد الأردنية التعليقات الساخرة والرسوم الكاريكاتورية حول هذه الصفة عن الأردنيين أنفسهم .
ومن خلال فترة بقائي في الأردن من 94-97 تطبعت بتلك الطباع وبتّ قليل الإبتسامة ، مع اضطراري للخضوع إلى قانون المحرم ، ليس بقرار مني وإنما بقرار نساء العائلة الشخصي ، إذ لم يكن مسموحاً لهن بالخروج لوحدهن ، كذلك بعد أن لمسْن إنعدام حقوق المرأة ، وتعرضها الدائم للتحرش والنقد .
قبل أيام عرفت ومن خلال الإيميل ، بتظاهرة أردنية شبابية تستحق الفخر والاحترام ومن قبل الشباب الواعي ـ المثقف والمؤمن بحرية الفرد ـ يطالبون بضمان الحقوق ومساواة كلا الجنسين ودون ضغوط لا مبرر لها سوى التخلّف . بحثت عبر ( بابا كوكول ) وشاهدت فيديو ــ يصوّر المعتصمين ، ولم أقرأ سوى بعض التغطية الخجولة لهذا المطلب النبيل للأسف الشديد ، وكأن تظاهرة مثل هذه لا تعني أحداً.
رأيت شباباً سيعيدون ثقة كل من أطلق حكماً سلبياً أو تبناه على الشعب الأردني ، فاليوم عندما يقول أحدهم بأن الشعب الأردني يميل إلى العبوس والتجهم على الدوام سنقول نعم هم كذلك ، لكن هناك من يحاول أن يعيد الابتسامة لهم ، وهم شابات وشباب زيّي زيّك .
هؤلاء خرجوا إلى الشارع يحملون لافتات تطالب باحترام الكيان الجميل الذي هو المرأة ، وتلخصت لافتاتهم بشعارات ضد العرف السائد باحتقار المرأة ورفض للتقاليد الجائرة لها ، ونقد لاذع للقانون المخجل بحقها . لافتات فيها من السخرية مايكفي لإهانة كل من يسعى ليجعل النساء دون منزلة ـ الرجال . أنتقي لكم مما شاهدته :
ضد العرف السائد والتقاليد الجائرة - أنا ملكة نفسي ، صوت المرأة ثورة ، ضلعك أعوج مشكلتك ، ماتسقطش كَبتَك الجنسي عليّ ، أعطيني إيدك مش كفك ، وشاب يحمل لافتة : مش شطارة تخوفها ، وأخرى من فتاة تقول مش شطارة تخوّفني ، دائماً بقدر أحكي رأيي ، ذبحتوني بشرفكم ، ورجل يحمل لافتة تقول : ليش تستحي من إسم أمك ، زيي زيّك أركب عجل ، أريد أمشي بأمان ، زيي زيك بأختار شريك حياتي ، ومع إبتسامة رائعة لافتة تحملها بنت جميلة ( حياتي أهم من شرف العيلة ) حصلت بسببها على الرقم القياسي من الشتائم من قبل غربان الفيس بوك هم أولى بها ، وللأسف لا أستطيع حصر الكل بمقال صغير علماً بأن كل لافتة تستحق الوقوف أمامها .
أما نقد القانون فقد كان هناك مطاليب جريئة فعلاً منها : -
أنا متزوج من غير أردنية - حقها تتزوج من غير أردني ، ومرتي ولدت من حقي إجازة أبوة ،زيي زيك بدي أعطي لأولادي الجنسية ، مش شطارة تسكتي عالتحرش الجنسي ، صار الإغتصاب واجب وطني ، أول الإصلاح المساواة ، القانون حرمني من أولادي ، عفواً أيها القانون .. أنت للحماية مش للسترة .
وأبلغ اللافتات كان ضد القانون 308 ... قانون 308 إغتصب وتزوج ببلاش ، وهو قانون مهين فعلاً بحق المرأة ، ويذكر بأن الشارع الأردني إهتز بجريمة بشعة وقعت فيها فتاة أردنية فريسة للاغتصاب 3 أيام متوالية وبهمجية مفزعة ثم تم تزويجها من مغتصبها ليسقط عنه الذنب ، وهو الأمر الذي أثار غضب الأردنيين على أعتبار أن حكم القانون يحمي المغتصب في حال زواجه من الضحية . والقانون نفسه يسمح للمغتصب تطليق الضحية بعد خمس سنوات ، أي بعد أن تكون قد أدمنت على الإغتصاب والاحتقار والإهانة .
فكم نتمنى أن تستعيد المرأة كرامتها وحقها في الحياة إسوة بالرجل في الأردن وكل دول الشرق الأوسط ، ومن زيي زيك في الأردن نأمل أن نسمع عن حقّي حقك في السعودية ، مثلي مثلك في مصر وحالي حالك في الكويت وشأني شأنك في العراق ، وهكذا دواليك .
والحق يقال ، يمر الشرق الأوسط بحملة خانقة من الرجعية الدينية والأردن كذلك ، مما يجعلنا نتشاءم من مستقبل بلداننا ونقلق على شعوبنا ، إنما ، مع مثل هؤلاء الرائعين والرائعات في حملة زيي زيك يستعيد الأمل نبضه بعض الشيء .