وزارة حقوق الانسان، ام وزارة الدفاع عن الاجرام بحقوق الانسان في العراق؟


رعد سليم
2012 / 6 / 30 - 21:25     

في الكثير من البلدان المتمدنة في العالم ، لايوجد اسم مٶسسة حکومية او وزراة باسم وزراة حقوق الانسان ، بل توجد منظمات مستقلة تعنى بمسالة الانتهاکات بحقوق الانسان او المراة او الاطفال و غيرها . و في هذه البلدان مسالة حقوق الانسان و قوانينها ثبتت في دستورهم ، و حکومات تلك البلدان ملتزمة بتطبيق الدستور و دور الجهات غير الحکومية هو مراقبة اية انتهاکات بحقوق المواطنين في المجتمع و ابلاغ الحکومة بتلك الانتهاكات من اجل عدم حدوثها.
الا ان دول في الشرق الاوسط، بما فيها العراق، بدات بانشاء منظمات حکومية او وزارات باسم وزارة حقوق الانسان ، يتمحور عمل تلك المنظمات او الوزرات لا على الدفاع عن حقوق الانسان، بل علی الدفاع عن جرائم الحکومة و انتهاكاتها لحق المواطنين، ساعية الى اخفاء الانتهاکات و الجرائم المنظمة اليومية التي ترتكبها بحق المواطنين في العراقي.
ان العراقيين يعرفون جيدا بان مسالة اوضاع الحقوق الانسان في بلدهم لازالت هشة و هي معرضة للانتهاك باي لحظة، وان ليس هنالك في الافق ما يشير الى تحسنها. يقول مصدر من وزارة العدل في العراق ان ٦٧٢٠ شخصا حکموا بالاعدام منذ اعادة العمل بالعقوبة و حتی بداية الشهر الخامس لعام 2012. لکن الامم المتحدة تتحدث عن قرابة اثني عشر الفا. و کذلك يقول مصدر من نفس الوزارة بان عدد المحکومين بالاعدام بلغ في الاشهر الماضية ١١٤٥ شخصا ، من بينها ٣٩ امراة.
وجهت، في الاونة الاخيرة، العديد من المنظمات العالمية المعنية بحقوق الانسان نداء الى حکومة المالکي لايقاف حملة الاعدامات الواسعة في العراق، الا ان، الناطق الرسمي للحکومة و بدلا من الرد على تلك المنظمات، طلب من وزارة حقوق الانسان بالدفاع عن سياسة الحکومة و بتمسکها بعقوبة الاعدام بالشنق حتی الموت . وقال ناطق باسم هذه الوزارة بتمسك الحكومة بهذه العقوبة طالما ان " المحاکمات عادلة و منصفة للمتهمين" .
قالت منظمة هيومن رايتس ووتش ، ان الحكومة العراقية تنفذ اعتقالات جماعية وتحتجز أشخاصاً بطريقة غير قانونية في منشأة سجن معسكر الشرف أو كامب أونور سيئ الصيت في المنطقة الخضراء في بغداد، بعد أن كانت قد زعمت قبل عام أنها أغلقت السجن، مشيرة الى توثيق أعمال تعذيب تجري فيه. وقالت المنظمة في تقرير سابق كشفت فيه عن السجن السري انه يدار من قبل قوات تابعة لنوري المالكي بصفته القائد العام للقوات المسلحة. بعدها قالت وزارتا العدل وحقوق الانسان ان لا علم لهما بهذا السجن مما اجبر المالكي على الاقرار بوجود السجن وتم على عجل نقل السجناء فيه الى معتقلات أخرى بعد ان تم توثيق التعذيب الذي تعرضوا اليه داخل السجن والعزل عن العالم وحرمانهم من حقوقهم بزيارة عوائلهم التي لا تعرف اماكن اعتقالهم رغم مرور فترة طويلة على احتجازهم.
وأوضح التقرير الصادر عن مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان وبعثة الامم المتحدة في العراق أن وضع حقوق الانسان في العراق يشكلان مصدر قلق كبير، بينما تمر البلاد بمرحلة انتقالية بعد سنوات من الديكتاتورية والصراعات والعنف إلى السلام والديموقراطية.
ان تعذيب و استعمال الاساليب البعثية ضد المحتجزين و السجناء، و في حالات عدة يدلي السجناء تحت الضغط و التعذيب بالمعلومات . و حسب قول المحامي حسن شعبان رئيس مرکز الحماية القانونية للصحفيين في العراق ان " عمليات التعذيب او انتزاع الاعترافات بالاکراه: لا تحدث في محکمة قاضي التحقيق لوجود ضمانات نسبية للمتهم" ، کحق المتهم في توکيل محام يحضر کافة مراحل التحقيق. لکن شعبان يشير الي ان"التعذيب و الاکراه قد يحصل داخل مراکز الشرطة" .
و من جهة الاخری يٶکد ناطق باسم مايسمی بوزارة حقوق الانسان "ان الاعدام مطلب شعبي" خاصة من ذوي الضحايا الذين قضوا باعمال ارهابية. ويشير الى ان"القضاة العراقيين يتعاملون مع جرائم کبيرة و ضحاياه کثر"، و بالتالي فان حکم الاعدام يمثل بحسب رايه" ادنی عقوبة ممکنة لانصاف الضحايا". و في نفس الوقت لجنة حقوق الانسان في البرلمان العراقي تٶيد هي الاخری تنفيذ احکام الموت، و هي التي يتوقع منها الناشطون و المنظمات عادة التصرف علی العکس من موقفها الحالي.
في الوقت الذي تدافع وزارة حقوق الانسان عن عقوبة الاعدام ، و تدافع عن سياسة القمع و استبداد السلطة الرجعية الحاکمة، تختار هذه الوزارة الصمت تجاه کل الجرائم الحکومية و التي تقوم بها الاحزاب الاسلامية و القومية الحاکمة بحق الانسان العراقي . کم عدد المواطنين الذين قتلوا بسلاح کاتم الصوت لميلشيا الحزب الحاکم ، کم عدد الشباب الذين قتلوا في العاصمة بغداد علی ايادي المليشيا الاسلامية المتعاونة مع ألحکومة تحت ذريعة الدفاع عن التقاليد الغربية غير الاسلامية . کم عدد النساء الذين قتلوا في المدن العراقية باسم الدفاع عن الشرف. في السجون العلنية و السرية التابعة للحکومة و مليشيا الاحزاب الحاکمة يمارس فيها افراد الامن و رجال المليشيات ابشع انواع الممارسات غير الانسانية والخطيرة بحق السجناء . أعداد ضحايا المدنيين جراء العنف، والاعتقالات العشوائية والظروف السيئة في السجون ومراكز الاحتجاز والعنف ضد المراة اصبحت جزءا من حياة العراقيين. لکن معالي الوزير و الناطق باسمه، ليس فقط لا يلوذون بالصمت حول هذه الجرائم، بل يدافعون عنها تحت ذريعة الارهاب و محاربة الارهابين.
ان الاعدام ليست ثقافة او مطلب شعبي لدی الشارع العراقي کما يدعی الناطق الرسمي باسم الوزارة مايسمی بحقوق الانسان العراقي ، انما مطلب للحکومة الطائفية للمالکي و اعوانه لکي تفرض نفسها علی الجماهير و تثبيت سلطتها . ان برنامچ الاعدام المنظم لحکومة المالکي يصعد من العنف في الشارع و ليس العکس ، العنف و الارهاب و التصفية السياسية جزء من سياسة الاحزاب الاسلامية و القومية و المليشيا التابعة لهم في العراق. و هذا معلوم لدی الشارع العراقي ، في حالة اتفاق الاحزاب الاسلامية و القومية على "توزيع الحصص" تقل العمليات الارهابية بحق المدنين العراقين ، و بالعکس ان هذه الاحزاب تتصارع علی کيفية توزيع الحصة بينها، و تزداد اعمال العنف و الاعدامات و العمليات الرهابية و التفجيرات و القتل، حين لا يتفقوا. انه قانون القوة و قانون الغاب الذي تعيد تكراره حكومة المالكي، التي كانت بالامس مطاردة و يتعرض افرادها للقتل، يعيدو ذات التاريخ،و بذات الممارسات، حين سارت الرياح مع سفنهم، و ما وزارة حقوق الانسان الا احد ادوات الدفاع عن اجرام حكومة المالكي تجاه خصومه. حري بهذه الوزراة ان تغير اسمها من وزراة حقوق الانسان، الى وزارة الدفاع عن الاجرام بحقوق الانسان، من اجل تسمية الاشياء باسماءها، من اجل ان نكون جميعا واضحين على امر و حقيقة هذه الوزارة، حتى يحاط الجميع علما بالامر.
.