حساب الأرباح وحساب الخسائر ؟!


جميل عبدالله
2012 / 6 / 20 - 14:39     

كتب تمراز يقول : من المحزن حقا أن نقول أن الخسائر ملئ بالبنود والنقاط , فالسلام بين العرب واسرائيل انعقد في أسوء توقيت في هذا الزمان الغابر , فالاتحاد السوفيتي خارج الملعب العالمي الان , ولو كان موجودا كقوى كبرى , كما كان شأنه منذ جمال عبدالناصر , لتغيرت الصوره , والاوراق التي كانت في يدة تبعثرت تماما , وخرج العرب في مؤتمر مع الجانب الاسرائيلي بأقل الخسائر .

وقد قلنا في أول المقال أن عنصر الزمان كان في صالح اسرائيل ولم يكن في صالح العرب أبدا..

هذه هي احد الاوراق التي خسرناها , وهي ورقه الاتحاد السوفيتي , في توقيت سابق , ورقه لا مجال للحديث عنها الان , لان اشتراكه في ظروفه الحاليه لا يقدم شيئ ولا يؤخر , ولا يضيف الى رصيد المفاوض العربي شيئا يذكر .

احدى الاوراق الاخرى الخاسره , ولها تأثيرها وفاعليتها , وهي ورقه تناغم أو تناسق الموقف العربي حيث تأثر كثيرا بحرب الخليج , ويكفي أن نشير الى الموقف الفلسطيني فيها , وكيف تعارض تماما مع موقف دول الخليج والدول العربيه الاخرى , وكيف أثر ذلك سلبا على الانتفاضه الاولى في الداخل , وعلى دعم القضيه الفلسطينية .

صحيح أن المصلحه العربيه العليا تفرض نفسها على الجميع في نهايه المطاف , بيد أن أحد لا يذكر أن الموقف العربي برمته كان سيصبح في موقف أفضل لو لم تحدث حرب الخليج وأن الوفد الفلسطيني كان سيحظى يتعاطف أكبر وأكبر , وتماسك أكثر بالقضية الفلسطينيه لو لم تترك حرب الخليج بصمتها على الجميع .

وتبقى أكبر الخسائر ...

ونقصد هنا الموقف الفلسطيني الداخلي , ولا نريد أن نضيف الى الهموم العربيه جديدا ففيها مايكفيها كما يقولون , لكننا نشير الى حقائق واضحه , وتتمثل فيما حدث للانتفاضه التي لم يعد لها وجود حقيقي الا في المقالات والقصائد وبعض مقاطع اليوتيوب والتي تحولت مع مرور الزمان الى كلبات ظاهره مثيره لتعاطف الرأي العام لاقصى حد , الخاضع تماما لسيطرة المساعدات الغربيه فقط ...!؟

أصبح الشعب العربي الفلسطيني بعد أن كان مثلا يحتذا به في انتفاضه الاقصى المباركه الى شعب المتسولين الطالبين للمساعدات من الدول المانحه وطلب المعونات من هنا وهناك .. ليت الانتفاضه الثانيه لم تتعسكر ولم يحمل فيها السلاح لكانت أقوى تأثيرا من حمل السلاح وفرق التوازن العسكري حيث نجح الموساد في اختراق بعض صفوف فصائل المقاومه القديمه والجديدة مما أضاف عامل اضعاف واحباط للجهد الفلسطيني الثوري , وهو عامل لا يمكن التقليل من شأنه , وأعتقد أن تأثيرة سوف يكون أكثر وضوحا اذا ما كانت هناك دوله مستقله ..وسوف نرى كيف سيتم استخدام هذا السلاح كلما نجح هذا الشعب في النهوض بالدوله المزعومه والبناء من الصفر ولو كان جزئيا...

ورقه أخرى خسرناها ونندم عليها حتى اللحظة :

عندما كان هذا مطلبا للرئيس الراحل أنور السادات , حيث كان يدعو الى اعلان قيام دوله فلسطين ولو ليوم واحد فقط..حيث أتهم الراحل بالخيانه وبمحاوله ضرب المشورع الوطني الفلسطيني وتحوله من ثوره الى دوله ...؟!

فرد عليهم الراحل " يخافون من وجود وزير للخزينه حتى لا تكشف الثروات الطائله لمنظمة التحرير " وأين هي هذه الاموال والتي كانت جبايه من موظفين فلسطينيين في دول الخليج من مدرسين ومهندسين وعمال دفعوا نصف بل كل أعمارهم في خدمه الدول العربيه .
وخلال هذا التراشق ضاعت فرصه ذهبيه لاعلان الدوله في توقيت صحيح كان في صالح العرب , ولم يكن الراحل السادات غبيا حين طرح هذا المطلب ؟! فأرض فلسطين لك ولن تشهد قيام دوله فلسطين في تاريخها القديم والحديث , حيث كان يحاول أن يلعب على ورقه قيام هذه الدوله حتى يكسب لها مؤيدين معترفين بها رسميا ويخلق واقعا جديدا جدا يضاف الى رصد القضية الفلسطينيه .

وكلمه حق تقال أستطاع النظام المصري في أيام السادات وفي تلك الظروف أن يجند عشرات الدول للاعتراف ليس فقط بالمنظمه وانما بالدوله اذا ما وافق الطرف الفلسطيني على مطلب الراحل السادات .

وهكذا كانت الطامه الكبرى .....

ضاقت الامور فالفلسطينيون يضرب بهم عرض الحائط , في أوقات الهناء العربي , عندما كنا نتغنى بالوحده ونحلم دون أن تقيد أحلامنا حدود الممكن والمعقول كان بوسع الراحل جمال عبدالناصر أن يهاجم أساس الوجود الاسرائيلي ذاته في فتره من الفترات , وأن يقول مقولته البليغه في وصفه لوعد بلفورج " لقد أعطى هذا البلفور من لايملك وعدا لمن لا يستحق أرضا "..

تغيرت الامور وحلت الحقائق وطارت الاحلان ولم تعد المشكله القبول بالجلوس من اسرائيل على أستعداد قبول المقترحات الامريكيه بالحكم الذاتي بشرط الاعتراف باسرائيل والقبول بدولتين في دوله واحده ..

في النهايه : لم أكن متشائما وأنا أكتب هنا وخاصه بعد ما شهدت موسوعه حرب لبنان ذات الخمس أجزاء من انتاج قناة الجزيرة حيث كان المأزق العربي واضحا فيها وضوح الشمس فلا بد أن القارئ يشاركني فيها , ذهبت اليه تفكير عميق , فما دام هناك مأزق فلا بد بحق أن يكون عربيا ...انتهى .

سلامتكم ..