الرهان الفاشل في المخطط البحريني السعودي لإيقاف الزحف الثوري


محمد بودواهي
2012 / 5 / 24 - 17:55     

أوصى قادة دول الخليج في ختام اجتماع تشاوري لهم في الرياض الاثنين الماضي باستكمال مناقشة خطة للاتحاد بين البحرين والسعودية في ظل ما سمي بالتهديدات التي تتعرض لها المنطقة ، في إشارة غير مباشرة للحراك الشعبي الزاخم الدي تعرفه البحرين للمطالبة بالحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية ، وذلك لمناقشتها في قمة استثنائية في الرياض في وقت لاحق من هذا العام .....

وكان مراقبون قد رصدوا تبادلاً مكثفاً للرسائل بين ملكي البحرين والسعودية في الأسابيع الأخيرة ، وكان آخرها رسالة حملها نائب رئيس الوزراء محمد بن مبارك آل خليفة لملك السعودية ، وفي هذه الرسائل تم الاتفاق على شكل الاتحاد الذي سيكون عمليا بمثابة التحاق البحرين بالحكم السعودي ....

هدا ، و رفضا لهده التوصية ولمشروع الاتحاد المتحدث بشأنه ، دعت المعارضة التي تقودها جمعية الوفاق ، التي تمثل التيار الرئيسي بين الشيعة ، الى تظاهرة يوم الجمعة الماضي في شارع البديع قرب العاصمة المنامة تحت عنوان "لبيك يا وطني" ، حيث ردد آلاف المتظاهرين شعارات حول دات الموضوع من قبيل "لن نقبل الاتحاد" و"البحرين ليست للبيع" و"الارض ليس مزادا"، كما ردد آخرون شعارات مناهضة للحكومة ولسياساتها اللاديموقراطية واللاشعبية ...

المعارضة البحرينية ، التي ما فتئت تخرج في تظاهرات شبه أسبوعية مند أكثر من سنة وشهرين للمطالبة بحقوق يجمعون على أنها مفقودة في ظل نظام يحتكر السلطة والحكم كما يحتكر الاقتصاد والمال ... والتي تعرضت للقمع بعد شهرمن انطلاقها بالتزامن مع دخول قوة من درع الجزيرة ، التي ادعت أنها جاءت لحماية المنشآت الحيوية بطلب من الحكومة البحرينية ، لديها قناعة تامة أنها في حالة انضمام البحرين الى اي شكل من اشكال الوحدة مع المملكة السعودية فانهم سيفقدون كل ما حققوه من الحرية ومن الانجازات السياسية والديموقراطية ولو في حدودها الدنيا ، كالبرلمان والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني ودستور مكتوب عليه موافقة الاغلبية من المواطنين ووزارة لحقوق الإنسان ....وهي المكتسبات التي تنعدم كليا في السعودية في ظل حكم نظام سياسي قبلي تيوقراطي شمولي رجعي مطلق ومتخلف لا يعير لمبادئ حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الأقليات ، ولحرية الاعتقاد والاختلاف والتعددية السياسية والثقافية والدينية أي اهتمام ، بل ويحاربها أشد محاربة ...ويؤكد المراقبون "أن أي شكل من أشكال إعلان الاتحاد غير قانوني كونه لم يأخذ رأي الشعب البحريني، وكونه في الجانب العملي تسليما كاملاً للبحرين لحكم سعودي ذي توجه شمولي معاد لشعب البحرين ولطموحاته في الحرية والديمقراطية".


إن الاتحاد بين الدول هو أحد القرارات المصيرية التي تحددها الشعوب وليس الأنظمة ، ومن هنا يأتي الحراك الدبلوماسي السعودي لحسم موضوع الوحدة مع البحرين من خلال توافق ملك البحرين والسعودية ، إد من المعلوم ، أنه في حالة الاستفتاء الشعبي على هكدا اتحاد ، فإن تصويت شعب البحرين سيكون حتما على أساس مذهبي ، وبما أن الأغلبية السكانية في البحرين يعتنقون المذهب الشيعي ، فإن نتيجة التصويت ستكون بالرفض طبعا ، وهو ما يعرفه السعوديون سلفا ، ومن هنا يأتي الحراك الدبلوماسي السعودي المكثف لحسم الموضوع بحسب المزاج ....لإغراق الأكثرية الشعبية في البحرين وتعويم اقليتها في بحر الطائفية ، إد تتغير معالم الخارطة المذهبية فيها حيث ستصبح نسبة الشيعة 11.5 بالمئة من مجموع عدد سكان البلدين ، وبذلك تستطيع السعودية والبحرين تجاوز أزمة الاحتجاجات المطالبة بالتغيير في مملكة البحرين وتتقلص امكانية فرص نجاح المعارضة الديموقراطية بتغيير نظام الحكم القمعي في المنامة ، أو على الاقل الوصول إلى مرحلة ( الملكية الدستنورية ) حيث الحكم للحكومة المنتخبة المنبثقة من برلمان منتخب يمثل الشعب بلا تمييز في الصوت الإنتخابي وفقا للهوية الطائفية....


وفي حال اتخذ البلدان قرار الاتحاد بشكله المعلن فإن الاضطرابات قد تندلع من جديد في كلا البلدين ، وسيكون للمعالجة الأمنية السعودية والبحرينية النصيب الأكبر في وقف الاحتجاجات ، وهو ما سيدفع إيران لتتحرك و تتخذ خطوات من شأنها زعزعة أمن واستقرار المنطقة بأكملها ، ومن السيناريوهات التي قد تذهب إليها إيران الدعم العسكري والمادي والإعلامي للحراك المتوقع في السعودية والبحرين ، وربما تذهب إيران أبعد من ذلك عبر إجراء استفتاء شكلي في البحرين يطلب من الشعب البحريني وحدته مع إيران ، وبذلك تتجه إيران صوب الأمم المتحدة للمطالبة باسترداد البحرين من "الاحتلال السعودي" ، وهذا يؤهلها لأن تستخدم الخيار العسكري للدفاع عن أراضيها واستعادتها ..... وبذلك نكون أمام سيناريو خطير يهدد استقرار منطقة الخليج العربي برمته وسيؤثر على أسواق النفط في العالم ، وقد يدفع إلى تدخلات عسكرية إقليمية ودولية ...هدا وقد تظاهر آلاف الإيرانيين فى طهران ، يوم الجمعة الماضي ، للاحتجاج على مشروع الاتحاد هدا ، الذى وصفه إمام الصلاة فى العاصمة الإيرانية بأنه "مؤامرة أمريكية صهيونية" ، والدي صرح الناطق باسم الخارجية الإيرانية أنه مشروع يستهدف زوال البحرين ذات الأكثرية الشيعية .... وأنه من الأفضل للبحرين تلبية مطالب شعبها من السعي إلى التوحد مع غيرها من الممالك العربية الحليفة للولايات المتحدة ....

إن مشروع "اتحاد" المسخ غير الشرعي بين أنظمة حكم ديكتاتورية وطائفية حد النخاع جاء كمحاولة للإجهاز على المطالب الشعبية للشعب البحريني التي ما فتئت تتصاعد من أجل الديمقراطية الحقة والمساواة والحرية والعدالة.... مقابل مشروع الديكتاتوطائفية والقمع والتمييز الطائفي الممنهج الذي يتبعه آل خليفة ، بدعم مطلق من رعاتهم آل سعود...وفي هدا الصدد أكد النائب السابق عن جمعية الوفاق علي العشيري أن مخطط النظام البحريني في الإتحاد مع السعودية لن يؤثر في الحراك الشعبي الدي سوف يستمر، وأن الإحتجاجات الشعبية ستتواصل إذا لم تنفذ إصلاحات حقيقية ، موضحا أن مجلس النواب سيوافق على هذا الموضوع إذا عرض عليه لأنه لا إرادة له في إتخاذ أي قرار...موضحا أن المعارضة والبحرينيون لا يعترضون على قيام وحدة خليجية من أجل التنمية والرفاهية والحرية لشعوب المنطقة ، وهو الأمر المطلوب والمرغوب من كل شعوب المنطقة ، ولكن أن يحصل إتحاد سياسي من أجل الأمن و العسكرة والطغيان فهو أمر لا يأتي في مصلحة الشعوب وهو أمر مرفوض ....

إن الإلحاق الدي يخطط له آل سعود وآل خليفة سيكون مصيره الفشل الدريع لأنه ببساطة بني على سرقة وطن بشعبه من أجل حماية أسرة ونظام ، وزيادة القمع ، وتكريس الظلم الطائفي والاجتماعي ، وتثبيث الحكم السياسي على أسس تقليدية متخلفة ....، وليس من أجل دمقرطة وتقدم وتطور البلدان أو رفاهية شعوبها كما هو الحال في الاتحاد الأوربي أو اتحادات أخرى لها مصداقيتها ...