تأملات في كتاب رأس المال (3) - فائض القيمة


محمد فيصل يغان
2012 / 5 / 15 - 23:18     

يعتبر موضوع فائض القيمة من أكثر النقاط جدالية في نظرية ماركس حول رأس المال و العمل, و نلاحظ في هذا المقال أن ماركس لم يميز في بحثه بالشكل الكافي ما بين أشكال الرأسمال و فائض القيمة التجاري و الصناعي و يدمج التجارة مع الانتاج في تحليله على الرغم من الفرق في آليات تشكل رأس المال على الشكلين, بحيث يرى أن المنتج الرأسمالي يتنازل عن جزء من فائض القيمة الذي يحصل عليه لصالح التاجر. و نبدأ من قول ماركس في الصفحة 106: "إن تداول السلع نقطة ابتداء رأس المال, و أساسه التاريخي هو انتاج السلع و ذلك الشكل النامي من تداولها و يعرف باسم التجارة". بعد أن أسقط ماركس أثر التجارة في بحوثه حول القيمة و النقود, كان لا بد من إبرازها أخيراً عند بحثه في رأس المال. و يوضح ماركس الفارق بين التبادل الذي نسميه في هذا المقال بغرض اشباع الحاجة الحيوية (مرة أخرى نذكر أن تحليلات ماركس تتجاهل الحاجة الحيوية) و التبادل بهدف تحقيق تراكم للثروة أي رأس المال, هو أن الأولى هي بيع من أجل الشراء و الثانية شراء من أجل البيع أي تحويل السلعة المشتراة إلى نقود. و هنا لا بد لنا من الإشارة أن مجرد تحويل السلعة إلى نقود لا يكفي لتشكل رأسمال إذا لم يترافق مع امتصاص لجزء من القيمة و إخراجها من دورة اشباع الحاجات الحيوية المجتمعية و تحويلها إلى وسيلة لامتصاص المزيد من القيمة الاجتماعية (رأسمال) و تحويلها إلى تراكم فردي للثروة. وهذا كنا قد مثلناه في المقال الأول بتحول الدورة المثالية القابلة للإرجاع (Reversible) إلى دورة غير قابلة للإرجاع (Irreversible) و ظهر ما يعادل الانتروبي في العمليات الفيزيائية. و حسب ماركس فإن النقود تتحول إلى رأسمال عندما تبدأ بالمشاركة في تنفيذ عمليات تبادل للسلع تخرج في نهايتها بحجم أكبر مما دخلت فيه, أي أن رأس المال بتعريف ماركس هو نقود تتزايد حجماً خلال الحركة, و هذا يذكرنا بالفقمة التي في كل مرة تغوص بها في الماء تبتلع مزيداً من السمك و تعود إلى الشاطئ أسمن من ذي قبل, و على السمك ليحافظ على بقائه أن يتكاثر بما يكفي لاشباع الفقمة و غيرها من المفترسين, و بخروج هذه العملية عن حدودها تتدخل الطبيعة على شكل كارثة على الطرفين, الأسماك و الفقمات لتعيد التوازن.
فائض القيمة التجاري
نذكر بداية أن نشاط التجارة بصفته تصريف فائض انتاج المشاعة كان سبباً رئيسياً في انشاء الدولة المركزية, و التي من خلال مؤسستي الملك و المعبد تقوم بالاشراف على تنفيذ هذا النشاط بصفة الفائض ملكاً مشتركاً (أنظر مقالي في مفهوم الملكية المنشور على موقع الحوار المتمدن), و تظهر لاحقاً طبقة التجار الطفيلية التي تدير العملية لصالحها الخاص. و بذلك يكون ظهور تشكل رأس المال التجاري سابقاً للانتاج الرأسمالي.
نعود هنا إلى توظيف مفهوم الحاجة الحيوية لتوضيح مفارقة يذكرها ماركس بخصوص عملية التبادل (التجارية) من ناحية القيمة الاستعمالية و من ناحية القيمة التبادلية. من حيث القيمة الاستعمالية, فإن التبادل السلعي بغرض اشباع الحاجات الحيوية لطرفي التبادل لا تضيف قيمة كونها مبادلة متعادلات, و لكنها تحقق مكسباً للطرفين بتجنبهما لكلفة انتاج السلعة بنفسيهما بدلاً من الحصول عليها من الآخر بالتبادل. أي أن الطرف أ منتج السلعة أ سيتكلف حجم عمل أكثر مما يتحمله الطرف ب لانتاج السلعة ب, و لكنه بنفس الوقت يتحمل حجم عمل أقل من الطرف ب لانتاج السلعة أ. هكذا من خلال (التخصص و تقسيم العمل اجتماعياً) يتم تحقيق مكسب لكافة الأفراد من خلال الكلفة المتجنبة (Avoided cost), و نلاحظ أن هذه الكلفة-العمل-القيمة المتجنبة هي فردية في الأساس و معدلها الاجتماعي لا يصلح سوى لمقارنة كفاءة تنظيم عمل في مجتمع ما مع كفاءة تنظيم العمل في مجتمع آخر, بمعنى أنه كلما زاد مجموع الكلف المتجنبة زادت كفاءة النظام الاقتصادي ككل. أما من ناحية القيمة التبادلية للسلع الداخلة في عملية تبادل (تجارية) لتحصيل فائض قيمة من أحد الطرفين (التاجر), فالقيمة التبادلية كونها تمثل معدل القيمة الاستعمالية الاجتماعي (أنظر المقال الأول) تبقى ثابتة أي أن المجتمع لا يعطي قيمة استعمالية أكبر أو أصغر للسلعة كونها فقط أصبحت موضوعاً للعمليات التجارية, (و قد أوضح ماركس حقيقة بقاء مجموع القيم ثابتاً و أن التداول تحت أية صيغة إنما هو إعادة توزيع لحجم القيمة الثابت بين الأفراد ص. 121) و لكن التاجر في مرحلة بيع السلعة للمستهلك المعني بالقيمة الاستعمالية للسلعة (يٌضخم) هذه القيمة التبادلية بما يعادل معدل القيمة (الكلفة) المتجنبة الاجتماعي أي بإضافة معدل القدر الذي يوافق على دفعه المستهلكون (الممثل للمتوسط الاجتماعي فهنا نحن لا نتعامل مع حالات فردية بل مع متوسطات و معدلات اجتماعية) لتجنب انتاج السلعة بأنفسهم. إذن فالقيمة (الفائضة) تتراكم لدى التاجر من خلال التضخم الذي يسببه في المجتمع و ذلك من خلال فرض قيمة تبادلية للسلعة أعلى من معدل قيمتها الاستعمالية الاجتماعية (من موقعه كمحتكر) و بذلك يصبح التضخم ظاهرة ملازمة للاقتصاد الرأسمالي, وهذا الموضوع بمجمله الوارد أعلاه لم يعطه ماركس حقه من التحليل و التوظيف. و الجدل الذي يورده ماركس (صفحة 119) بخصوص بطلان فكرة أن الكلفة المتجنبة هي مصدر لفائض القيمة (التجاري) يرتكز على أن المشتري بالواقع هو منتج لسلعة أخرى, و بالتالي سيقوم بنفس العملية كما التاجر في المرحلة الأولى و بذلك عندما تغلق الدائرة نجد أن العملية هي مجرد رفع للقيم الأسمية للسلع مع بقاء تناسب قيمها ثايتاً مما يعني أن أحداً بالنهاية لم يحقق فائضاً في القيمة لديه. هنا نقول أن فرضية ماركس بكون الجميع منتج للسلع و أن كل فرد يلعب دور البائع مرة و المشتري مرة أخرى غير دقيقة و بالأخص في ظل اقتصاد قائم على تقسيم متقدم للعمل كون الشريحة الكبرى من المجتمع (الطبقة العاملة) لا تملك سوى سلعة قدرة العمل لتعرضها للبيع, و هذه السلعة تعاني من وضع خاص سنتطرق له عند بحث فائض القيمة في الانتاج و مختصره أنه لا يوجد هناك معدل قيمة استعمالية اجتماعية لسلعة قدرة العمل (قيمة تبادلية), فهي ليست سلعة للعموم بل يأتي الطلب عليها فقط من شريحة المنتجين الرأسماليين و بشروطهم (أنظر لاحقاً) و بالتالي لا يمكن للعامل أن يعوض فائض القيمة الذي دفعه للتاجر عند بيعه قدرة العمل للمنتج الرأسمالي. و من ناحية أخرى نرى الصفة الأساسية للتجارة في كونها احتكاراً, فالتاجر يحتكر السلعة مؤقتاً و يخرجها من التبادل المباشر لإجبار المستهلك على القبول بدفع قيمة اضافية معادلة لمعدل الكلفة المتجنبة, و في حالات غياب الرقابة و الضبط للنشاط التجاري, يتمادى التاجر في الاحتكار لتحقيق فائض قيمة مضاعف أو ما يعرف بالربح الفاحش. و ملاحظة أخرى مفيدة هنا, فكما بين ماركس أن الدورة التجارية نقود – سلعة – نقود أكثر هي في الواقع الفعلي شكل مموه للدورة الربوية نقود – نقود أكثر, و من هنا الترابط التاريخي ما بين التجارة و الربا.
لتأمين الفائض, يترتب على المستهلك-العامل إما أن يخفض من درجة اشباعه لحاجاته الحيوية و بالتالي يتدنى مستوى معيشته, أو أن يمدد يوم عمله لإنتاج ما يفي بهذا الفائض الذي يرغب به التاجر و الفائض الذي يرغب به المنتج الرأسمالي أيضاً (من أشكال هذا التمديد أن يلحق العامل زوجته و أطفاله في العمل يشروط أدنى بكثير من المطلوب). حسب التحليل المذكور يمكن إعادة الكثير من الأزمات الاقتصادية في النظام الرأسمالي إلى هذه العلاقة الاستغلالية ما بين التاجر و الفرد بصفته مستهلكاً و ما بين الرأسمالي و الفرد بصفته عاملاً, فالجزء من المجتمع المنتج للقيمة (العمال) يلهث خلف تقليص التضخم و اشباع الحد الانساني للحاجات الحيوية من خلال زيادة نسب النمو بمضاعفة الجهد و رفع الكفاءة الانتاجية حتى تصل الأمور إلى نقطة التأزم الاقتصادي لا تعود خلالها هذه الجهود كافية و تظهر بذلك دورات التضخم و الانكماش المعروفة.
في التحليل أعلاه أوضحنا فارقاً جوهرياً ما بين مصدر و آلية تشكل فائض القيمة (رأس المال) التجاري و مصدر و آلية تشكل الرأسمال الصناعي الذي يوافق تحليلات ماركس (نقول جوهرياً مع أن المصدر في النهاية هو واحد عمل العامل و حاجاته الحيوية). و من المعلوم أن الرأسمال التجاري قد ظهر مبكراً و بكثير عن تحول الانتاج إلى انتاج سلعي رأسمالي و تمركز تقسيم العمل و توافر قدرة العمل كسلعة في السوق و التي هي شروط التشكل للرأسمال عموماً كما يحددها ماركس و نرى أنها شروط تختص بشكل أدق بتشكل الرأسمال الصناعي دون التجاري..
نعود لتحليلات ماركس و التي يبين فيها أن عملية التجارة أي عملية الشراء من أجل البيع, هي في النهاية مبادلة نقود بنقود, و لكن بزيادة في حجم التقود, فالعملية التجارية تبدأ كما يوضح ماركس في مثاله بالشراء بمائة جنيه ثم تنتهي بالبيع ب110 جنيه, و هو يدعو الزيادة الحاصلة في النقود بفائض القيمة (صفحة 110). و الملاحظة المهمة هنا أن ماركس لا يعزو هذه الزيادة في القيمة (أو التمدد كما يدعوها) إلى عمل بشري, أي أن نشاط التاجر لا يعد بالنسبة له عملاً منتجاً للقيمة (و هذه نقطة وإن كنا نوافق عليها إلا أنها خلافية إلى حد كبير و مصدر اعتراضات عديدة من مناهضي نظرية ماركس) بل يعيدها بالنهاية إلى حقيقة كون الرأسمالي يسرق عمل العامل (بصفته مستهلك من جهة و عامل من حهة أخرى), و يفند من خلال تحليله خاصية (التمدد الذاتي) لرأس المال و ينزع عنها صفتها السحرية الناتجة عن الملاحظة الشكلية التي تعزو هذا التمدد إلى طبيعة القيمة نفسها. و يرتكز تحليل ماركس على طبيعة آلية تشكل فائض القيمة الصناعي أي في عملية الانتاج الرأسمالي.
فائض القيمة الصناعي
لتوضيح فكرة ماركس عن فائض القيمة (و التي كانت و ما زالت موضوعاً لسوء الفهم و الجدال), نستعرض بشكل مبسط المثال الذي يقدم ماركس من خلاله أفكاره و هو مثال انتاج 10 باوند نسيج من 10 باوند قطن و مغزل و عامل. و فرضيات ماركس هي:
يوم العمل الكامل = 12 ساعة عمل
قدرة عمل العامل ليوم واحد تحتاج 6 ساعات أو ½ يوم عمل اجتماعي (معدل عمل اجتماعي) لتأمين حاجاته الحيوية بهدف إدامة و صيانة هذه القدرة
العامل النساج يستطيع انتاج 10 باوند نسيج خلال مدة عمل 6 ساعات
بالوضع الطبيعي العامل يستطيع أن يعمل أكثر من 6 ساعات في اليوم
10 باوند نسيج يحتاج 10 باوند قطن (في المعدل الاجتماعي)
قيمة 10 باوند قطن = 10 شلن (قيمة العمل الاجتماعي المخزون في القطن) كما وجده الرأسمالي في السوق
اهتلاك المغزل عند انتاج 10 باوند نسيج = 2 شلن (كما هو ثمن المغزل في السوق)
قيمة المواد (ما عدا عمل النساج) في النسيج = 2+10 =12 شلن
انتاج الذهب الذي قيمته 12 شلن يحتاج ليومي عمل كاملين = 24 ساعة عمل اجتماعي
من المعطيات أعلاه تكون قيمة يوم قدرة عمل (ما يلزمه 6 ساعات عمل اجتماعي) = 3 شلن
إذن قيمة 10 باوند نسيج هي 12 + 3 = 15 شلن, و هي القيمة التي يراها المجتمع لهذه السلعة (كون الكلفة محسوبة على معدل ساعة العمل الاجتماعي)
لا بد من ملاحظة أن هذه الألرقام تمثل معدل العمل اللازم في أوضاع اجتماعية عادية, و لا تأخذ بعين الاعتبار حالات خاصة, فالمجتمع عند تحديده لقيمة سلعة ما يحددها كمعدل اجتماعي.
بهذه الحالة لا يجد الرأسمالي معنى في أن يستثمر 15 شلن لانتاج سلعة سيبيعها بنفس المقدار, و كونه يبحث أصلاً عن فائض قيمة فلا بد له من مصدر لهذا الفائض. و لكن كون العامل لا يملك سوى القيم التبادلية لقدرة العمل و التي هي 3 شلن (ما يعادل 6 ساعات عمل اجتماعي), و كون القيمة الاستعمالية لقدرة العمل و التي هي ملك الرأسمالي بعد شرائها تملك خاصية امكانية العمل لساعات أكثر من الساعات اللازمة لصنعها (نذكر هنا بنموذج الآلة و التي نعتقد أن ماركس قد استلهمها في تحليله و يقوم مبدأ عملها على أن الطاقة المنتجة = قدرة الآلة مضروبة بعدد ساعات العمل), يقو م الرأسمالي باستغلال هذه الخاصية بتشغيل قدرة العمل (العامل) لمدة يوم عمل كامل (12 ساعة) فينتج 20 باوند نسيج بكلفة = 20 باوند قطن + 4 باوند اهتلاك مغزل + 3 شلن يوم قدرة عمل = 27 باوند. و لكن المجتمع كما رأينا أعلاه سبق و أن قيم هذه الكمية بمبلغ 30 شلن و بذلك يحقق الرأسمالي ما مقداره 3 شلن فائض قيمة.
حاجات العامل الحيوية اليومية قيمتها 6 ساعات عمل اجتماعي, السلعة الوحيدة المتوفرة عنده هي قدرة عمله لذلك اليوم و هي لا تملك بالنسبة له قيمة استعمالية, أي لا يمكن أن تفي بحاجاته الحيوية مباشرة لكن لها بالنسبة له قيمة تبادلية إذا صدف و أن كان هناك مشتري في السوق يرى في يوم قدرة العمل هذه قيمة استعمالية. المشتري هنا هو الرأسمالي, و لن يرى هذا الأخير في يوم قدرة العمل هذا أي قيمة استعمالية طالما أنها تعطيه قيمة محدودة بقيمتها التبادلية, فلا فائدة كما أوضح ماركس في مثاله من شراء قدرة العمل و من ثم بيع عملها بنفس الثمن, أي لا فائدة منها إذا ما عملت فقط لمدة 6 ساعات. و لذلك لا تكتسب سلعة العامل و التي هي قدرته على عمل يوم قيمة استعمالية (تصبح حيوية للرأسمالي) إلا إذا ضمن عملها لمدة أطول من 6 ساعات, و بالتالي لا يستطيع أن يحصل على حاجاته الحيوية إن لم يرضي المنتج الرأسمالي بحيث يرى الأخير قيمة استعمالية في قدرة عمل العامل.
رأينا أيضاً أن المجتمع ككل يحدد معدل قيم استعمالية للسلع و لكن لا يحدد معدل قيم استعمالية لقدرة العمل بل فقط قيمة تبادلية مفروضة على صاحبها (العامل) و التي تعادل كما رأينا في المثال السابق 6 ساعات, بل أن من يحدد هذا المعدل للقيمة الاستعمالية لقدرة العمل هو فئة محدودة من المجتمع أي الفئة الرأسمالية و بشروطها هي و كما أوضحنا أعلاه (أي أن تعمل لعدد ساعات تتجاوز عدد الساعات اللازمة لإعادة انتاجها و صيانتها) و بذلك تكون القيمة التبادلية لسلعة قدرة العمل محددة اجتماعياً بأقل من معدل القيمة الاستعمالية كما تحددها فئة المنتجين الرأسماليين مما يمنع هذه الطبقة من تعويض فائض القيمة الذي يتحصل عليه التاجر من العامل بصفته مستهلكاً . هنا نجد الفارق الأساسي ما بين الاقتصاد الرأسمالي, حيث يحدد الفارق ما بين القيمة الاستعمالية و تلك التبادلية لقدرة العمل من قبل فئة الرأسماليين و الاقتصاد الاشتراكي حيث يحدد هذا الفارق في القيمة بشكل (اجتماعي) يراعي أولويات توزيع فائض القيمة الاجتماعي (و الذي لا بد من انتاجه) على عناصره الرئيسية و التي هي اعادة الاستثمار للإنتاج و رفع مستوى الكفاف في المجتمع (رفع حجم و نوع ما نسميه الحاجات الحيوية للأفراد العاملين).
من زاوية الحيوية و الندرة, تكمن المشكلة في أن المجتمع لا يعتبر حيوية قدرة العمل البشرية (القيمة الاستعمالية) و يترك هذه للرأسمالي ليتلاعب بها, في حين يعتبر المجتمع ندرة قدرة العمل البشري (القيمة التبادلية كما يحددها حجم العمل اللازم للمحافظة عليها) و كنا قد أشرنا إلى كون حجم العمل هو مؤشر على الندرة. من منظور إنساني و من ناحية المبدأ, تقود هذه المعادلة إلى كون الأفراد الغير قادرين على العمل (غير قادرين على تقديم ساعات عمل أكثر من تلك الضرورية و التي هي 6 ساعات في مثالنا أعلاه) سواء نتيجة لبطالة أو لأسباب السن و الوضع الصحي ليس لهم قيمة حيوية, أي لا حق لهم بالحياة في مجتمع الانتاج الرأسمالي.