حول تعذيب الأطفال المعوقين في الاردن


وليد حكمت
2012 / 5 / 15 - 12:21     

في التقرير الذي أعدته الصحفية اللامعة حنان خندقجي - بي بي سي- حول تعذيب الأطفال المعوقين في الأردن والذي سلط الضوء على إحدى القضايا الخطيرة المتعلقة بانتهاك حقوق تلك الفئة العاجزة والتي تجسدت من خلال حرمانهم من الطعام والتعليم وتوجيه مختلف الإهانات اللفظية والجسدية لهم وتعرضهم للضرب والتعذيب في المراكز المختصة وحيث كشف هذا التقرير الغطاء عن حجم البشاعة التي يتم ارتكابها بحقهم في تلك الأقفاص المغلقة هنا وهناك وعن مدى التقصير وغياب الرقابة والمؤسساتية والمعايير المهنية في إدارة ملف شؤون الأشخاص المعوقين في الأردن بشكل عام كما جاء معبرا عن مدى انهيار الصورة المثالية التي يحاول البعض تزييفها لوطن بحجم بعض الورد كما يقولون ولمجتمع بدا لي أنه يفترس بعضه البعض في الحياة اليومية.
تلك الأقفاص التي يمارس فيها التعذيب والترهيب كثيرة ومنتشرة في كافة أنحاء الوطن ابتداء من المدارس الحكومية والخاصة وروضات الأطفال وانتهاءا بدور الرعاية والمصحات العقلية والنفسية وغيرها، فقد يتعرض الإنسان الطبيعي السليم جسديا وعقليا للاضطهاد والتعذيب وسلب الحقوق الطبيعية في مرحلة من مراحل حياته ولكنه بحكم امتلاكه للوعي الطبيعي سيستوعب تلك الحالة ويتعامل معها بما أوتي من قدرة عقلية وجسدية وقد يتخلص منها من خلال ما يمتلك من قدرات وطاقات نفسية وروحية واجتماعية ولكن هل يستطيع الشخص المعاق من ذوي الاحتياجات الخاصة وخصوصا اذا كان طفلا أن يتعاطى ويستوعب حالة التعذيب الجسدي والنفسي التي يتعرض لها ، إنها لجريمة كبرى يندى لها الجبين .
ليست تلك الحوادث والحالات متفرقة أو عرضية لنقصد بعرضها التضخيم والتجريم بقدر ما هي ظاهرة موجودة في مختلف القطاعات وهي تؤشر إلى انهيار المنظومة الأخلاقية والإنسانية لدى تلك القطاعات والقائمين عليها وافتقار تلك القطاعات إلى المعايير الدولية المهنية في تحقيق الرعاية الصحية والنفسية والجسدية للفئات المتضررة .
يتعرض (الأشخاص المعوقين من مختلف الأعمار) في الأردن إضافة إلى سوء العناية والتعذيب الجسدي والنفسي إلى الاستغلال المادي أيضا فقد انتشرت المنظمات والهيئات التي تتبنى العناية بالأشخاص المعوقين ويقوم عليها قياديون وقياديات اجتماعية جعلت من الكسب المادي هدفا رئيسيا فهناك يكون التلقي للدعم على حساب المعوقين والإثراء على حسابهم من خلال هذه المنظمات والجمعيات غير الخاضعة للرقابة المالية والإدارية والطبية فقط تكون الرقابة شكلية والهيئات تلك محصنة عن النقد والتفتيش الصحيح لأن مؤسسات وهيئات ومنظمات المجتمع المدني الأردنية المنتشرة انتشار الجراد لا تتأسس في الأصل على الأهداف الإنسانية النبيلة بقدر ما تتشكل لتحقيق البرستيج والوجاهة والمشيخة والمنفعة المادية ولذلك من الطبيعي أن تسمح التشريعات بأناس لا يحملون أية مؤهلات طبية متخصصة أن تترأس وتدير هيئات كتلك التي تعنى بشؤون الأشخاص المعوقين أو غيرها ومن الطبيعي أن نرى من يتصدر الإشراف والمتابعة في تلك المراكز من لا يمتلك الكفاءة والمهنية والخبرة الكافية وحسن السلوك والنزاهة ولذا يكون التشغيل والتوظيف من خلال الواسطة والقربى فكيف لهذا الشخص الغير مؤهل أن يتعامل مع تلك الفئات الاجتماعية المتضررة جسديا وعقليا ، لقد شاهدت بأم عيني في إحدى المصحات العقلية يرافقني صديق لي كيف يتم تقييد بعض المرضى وضربهم ضربا مبرحا من قبل بعض الممرضين الذين هم أشبه بالفتوات مما يؤدي إلى التسبب بأضرار بدنية نفسية بحق المريض ناهيك عن عدم توفر ظروف السلامة العامة في تلك الأقفاص البشرية .
ونعود إلى تلك القضية وهي غيض من فيض بالتأكيد لنسأل و نتساءل أين هو دور الإعلام الأردني ليكشف لنا تلك المآسي (من فقر وبطالة وسوء تغذية وسوء عناية صحية وتدمير للبيئة وفساد مالي وإداري وانتهاكات لحقوق الإنسان السليم والمريض) ، لماذا نتعمد دائما إظهار صورة وهمية للأوضاع في مختلف القطاعات وان نقوم بالتشكيك بكل إعلامي شريف يوضح ويبين تلك الأخطاء والتجاوزات وأين هي مؤسسات الرقابة الصحية والإدارية والمالية ومراكز حقوق الإنسان والمرأة والطفل التي لا نسمع لها صوتا وخبرا إلا في المناسبات الشكلية والانتخابات الوهمية ، فليست القدرة على المحاسبة والمراقبة محصورة بتأسيس هيئات ومؤسسات شكلية يديرها أبناء الذوات بقدر ما تكون ناتجة عن بناء ديمقراطي منتخب انتخابا حرا يبسط أذرعته على مختلف قطاعات الدولة ولقد جرت العادة في حل تلك المشاكل المتفاقمة أن تقوم الحكومة بتشكيل لجان الفزعات المؤقتة متناسين بأن الرقابة يجب أن تكون برامجية مستمرة دائمة ودورية وهناك سؤال أخير ..لماذا لا نتحرك إلا عندما يخرج تقرير من هيومن راتس ووتش أو بي بي سي أو المنظمات الدولية ليسبقنا إلى كشف عوراتنا وأخطائنا ؟؟؟
رابط الفيديو
http://deeretnanews.com/index.php?option=com_content&task=view&id=798046&Itemid=422

رابط التقرير
http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2012/05/120514_bbc_children_doc.shtml