المالكي يختزل الطبقة العاملة إلى شريحة ، ولا يقبل باللافتات .


احمد عبد الستار
2012 / 5 / 10 - 01:45     

(( أنا موظف بريطاني برتبة ملك )
الملك فيصل الأول

في تصريح مدروس جيدا للمالكي ( رئيس الوزراء العراقي ) من حيث التوقيت والمكان ، المختارين بعناية ، أعرب بشكل سافر عن ماهيته الطبقية وماهية حزبه وحركته الرجعية والمعادية منذ زمن بعيد , للعمال والشيوعية . خلال أيام استقبال الملايين من العمال ومن الشيوعيين ، وكثير من القوى الاجتماعية التي تتطلع لحياة خالية من الاستغلال والعبودية ، للأول من أيار هذا العام . قصف نوري المالكي كل هؤلاء ، من الشركة العامة لصناعة السيارات في الإسكندرية ، باختزاله للطبقة العاملة ،وجعلها شريحة ، وعلى جبهة ثانية وجه نيرانه الحامية إلى أشكال مراسيم وتعابير استقبال هذا اليوم والاحتفال به من قبل العمال أنفسهم و الشيوعيين واليساريين وكل قوى المجتمع التحررية المهتمة بهذا اليوم ،معيبا عليهم إنهم ( يتكلمون لغة اللافتات ) .

وقبل هذا التصريح بأيام وخلال الحفل التأبيني لمحمد باقر الصدر في النجف ، عّددَ المالكي مناقب الأخير ذاكرا من جملتها بأنه قد ساهم مساهمة كبيرة في مواجهة الشيوعية والليبرالية والعلمانية ،من خلال نشاطاته الفكرية الفذة والفريدة وخصوصا كتابيه ( اقتصادنا ) و( وفلسفتنا ) ، كما ذكر المالكي وآخرون غيره .

ولو نعد قليلا ، إلى البدايات التاريخية لتأسيس حزب الدعوة الإسلامية ، الذي ينتمي إليه نوري المالكي وظروف تأسيسه ، لتمكنا من أن نفهم جيدا تصريحاته هذه وكنهها ولا نستغرب تصريحاته التي بدت لكثيرين على إنها مفاجئة . لقد سعى إلى تأسيسه عتاة الرجعيين المعادين للإنسان وللعمال تحت اسم محاربة الشيوعية ،من أمثال محسن الحكيم ، وشاه إيران والمخابرات البريطانية * ،فقد تضافرت جهود هذه الجهات المذكورة أواخر الخمسينات من القرن الماضي لينشئوا حزبا سياسيا ،يدعو باسم الإسلام للحرب ضد الشيوعية وضد المد المتنامي الذي عرف آنذاك بحركات التحرر الوطني المقاوم للاستعمار الكولنيالي وسعي الجماهير العمالية والكادحين والتحرريين من التخلص من نير هذا الكابوس القاتل ،ونهجا على ما تأسس عليه هذا الحزب وهذه الحركة الممعنة بالرجعية ،وكما أراد له مؤسسوه أن يكون أداة للحرب والمناوئة ضد العمال والشيوعية ، لم يكن مستغربا أن يصرح المالكي الآن في زمن المشروع الأمريكي في العراق مثل هكذا تصريحات ، سافرة في معاداتها للحركة العمالية المتنامية والشيوعية المتأصلة غير التقليدية ، ففي نظر المالكي كأحد أقطاب البرجوازية في عهد العراق الجديد ، لم تكن الطبقة العاملة سوى شريحة ضمن المجتمع البرجوازي الذي يعد تهيئته بناءا على ارض إستراتيجية المشروع الأمريكي في العراق ، الذي لم يكتمل مع وجود طبقة عاملة وشيوعية عمالية معترضة بشكل جاد وصميمي ، فمن المعروف للمشروع الأمريكي للعراق , بأنه يريد إعادة هيكلة الاقتصاد العراقي وفق رؤية النظام العالمي التي تحاول أمريكا بسطه وتنفيذه عالميا انسجاما مع نظامها , تريد أمريكا إلغاء القطاع الصناعي العراقي , وبناء صناعة جديدة قائمة على اقتصاد السوق الموافق لاقتصادها الرأسمالي النهم , وذلك يعني من جملة ما يعني , تسريح ملايين العمال من القطاع الصناعي في القطاع العام , وتحويلهم إلى عاطلين عن العمل , وهذا مما لاقى ممانعة ومقاومة عنيدة من قبل العمال داخل هذا القطاع الكبير, وشهدت الساحة العراقية لاعتراضاتهم شواهد كثيرة لا زالت مستمرة إلى اليوم , إذ لا يمكن التفريط بمصادر عيشهم وعوائلهم , تلبية لمشاريع الرأسمالية العالمية والبرجوازية المحلية , مثل برجوازية المالكي ومعمميه والمشتركين بالعملية السياسية الآخرين , وفي الجهة المقابلة للعمال العراقيين , يشكل هذا الموضوع هاجسا مزعجا , ولاسيما فيما إذا كان ينظمه شيوعيون بالمعنى العمالي للكلمة , فالجماعات التي تدير السلطة البرجوازية في العراق كلها مشتركة بلا استثناء بهذا المشروع ( إعادة هيكلة الاقتصاد العراقي وفق ما يسمى بنظام السوق ) .

ولكن المالكي وحزبه ( حزب الدعوة ) يتفرد عن الآخرين , كونه محارب قديم خلق ليحارب العمال والشيوعية , ولاسيما في زمن تعتمد أمريكا على هذه الجماعة السياسية لتنفيذ مشرعها البالغ الصعوبة , لكن المالكي كونه حامل راية مجد للرأسمالية , لم يوفر جهد لا هو شخصيا ولا حكومته , بإعلان الحرب ضد العمال بشكل ظاهر أو مستتر , ولكونه أمين لطبقته يرى بأن العمال ما هم إلا شريحة داخل مجتمع يجب أن تعيش من على فُتاة موائد البرجوازية , وتمنعه برجوازيته ومغالق مرجعيته المتحجرون كي يرى العمال طبقة اجتماعية وهي جنين داخل رحم المجتمع المعاصر تبشر بولادة مجتمع خال من الطبقات ومن كل عبودية , كما يراها هذا الأمر بوضوح العمال الثوريون والشيوعيون العماليون , وتبقى كلمة العمال والعماليون وجوابهم , قيد الحسم , من خلال ما يستجد من صراع طبقي في المجتمع العراقي , الذي أخذت ملامح تمايزه تنفرز بجلاء , فالفقر والجوع والبطالة , والفساد أخذت هذه الملامح الحكومية تضغط ضغطا شديدا على الناس , وتخلف ورائها نقمة حادة , لم يسكن أوارها لحد الآن , وتجلت على شكل احتجاجات وتظاهرات واعتصامات شملت كل العراق بتصاعد دائم منذ أعوام , وبدأت تنتظم التشكيلات العمالية في المصانع والمعامل استعدادا لخوض غمار جولة جديدة من جولات الصراع الطبقي , ضد حكومة المالكي , كما يخاض على مستوى العالم جولات كبرى من هذا الصراع , للخلاص من الرأسمالية العالمية , تعبد الطريق إليه شيوعية ماركس العمالية .