الحكم الشمولي في العراق


محمد علي محيي الدين
2012 / 4 / 30 - 13:44     


لم أتفاجئ بقرار منع المسيرة بمناسبة الأول من أيار الصادر عن السلطة الحاكمة في العراق فانه من المتوقعات بعد هيمنة الإسلام السياسي على مقاليد السلطة، ونذر الشر لا تحتاج لمقياس فالأحزاب الراديكالية تتبنى الشمولية وتسعى لبناء الدكتاتورية وإقصاء الأخر لأنها لا تؤمن به وتعتقد بامتلاكها الحقيقة المطلقة المنزلة من السماء والخلل ليس في السلطة الحاكمة بل الخلل في القوى السياسية التي اعتقدت إن أحزاب الإسلام السياسي يمكن لها في يوم من الأيام التحرر من عنجهيتها وشموليتها وان تؤمن بالديمقراطية والحرية والوطنية فهذه المصطلحات بعيدة عن قاموسيها وغريبة عن تكوينها.
إن القوى الوطنية والديمقراطية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي أخطأت بمجاراة الإسلام السياسي ومنحه الشرعية في الحكم بمشاركتها في سلسلة الانتخابات غير النزيهة التي جرت في العراق فالجميع يعلم أن هذه الأحزاب تلاعبت بنتائج الانتخابات واستغلت الفرص المتاحة أسوء استغلال وأفسحت حيزا صغيرا لقوى الخير والسلام حتى إذا تمكنت من بسط نفوذها وفرض هيمنتها قامت بإقصاء وتهميش من سار معها، فكانت البداية بإقصاء الأحزاب والشخصيات الوطنية من ليبراليين وديمقراطيين وعلمانيين ووطنيين وانفردت هذه القوى بالسلطة ليجري الصراع بينها بإقصاء حلفائها من الإسلام السياسي لفرض الحزب الواحد من جديد فأقصي المجلس الأعلى والحزب الإسلامي وهمش الصدريون والفضيلة ليصبحوا حلفاء بما يلقى لهم من فتات ليتصدر المشهد السياسي في العراق السيد نوري المالكي بشخصه واسمه وها هو اليوم يحاول إنهاء التأثير الكردي بعد أن تمكن من إقصاء علاوي ومن لاذ به من عرب الغرب وسنة العراق وها هو المالكي مع مجموعة من أتباعه يفرضون هيمنتهم على الجميع بحيث عجزت القوى المتصارعة عن إضعافه او النيل منه بحكم ارتباطاتها المعروفة واكتفت من الغنيمة بما تحصل عليه من امتيازات شخصية دون التفكير بمعاناة الشعب الذي يقاد إلى الذبح دون أن يعلم بما سيئول إليه مصيره في القادم من الأيام.
إن اللوحة السياسية قاتمة والعراق في طريقه الى دكتاتورية الدم والنار وعلى القوى الوطنية أن تعي طبيعة المرحلة وتلجأ الى العمل السري لمواجهة الحكم الجدي واستعمال كل طرق النضال المتاحة بم فيها القوة المسلحة، لأن السلطة الحاكمة في طريقها للتفرد بالسلطة في ظل جيش مليوني يؤمن بالقائد الأوحد ويأتمر بأمره، ويعمل برأيه وعلى القوى السياسية المسايرة للوضع الجديد أن تحسب حسابها فالأيام القادمة ستشهد إقصاءا للجميع وانفرادا يخشى منه على مستقبل العراق وعندها يصدق فيهم القول المأثور ألا إني اكلت يوم أكل الثور الأبيض، وعلى الجميع تكوين جبهتهم الموحدة لمواجهة ما سيكون وإلا فالسجون والمقابر ستفتح أفواهها لاستقبالهم واحدا بعد الآخر ولهم بتاريخ العراق القديم والمعاصر خير دليل.