عوامل نفوذ وانتشار جماعة الاخوان المسلمين في الاردن


وليد حكمت
2012 / 4 / 21 - 20:33     

اخذ النقاش حول جماعة الاخوان المسلمين في الأردن حيزا كبيرا منذ بدء الحراك الأردني ويبدو أن الإخوان في مراحل معينة كانوا رئيسين في الحراك وان بدا لنا تغير المسميات والأطر وتعددها، وما بين مد وجزر في الصراع الدائر ما بين الحكومات الأردنية منذ بداية الحراك عام 2011 وما بين جماعة الإخوان المسلمين والذي يتطور أحيانا إلى مرحلة كسر العظم ثم ما تلبث مجريات الأمور أن تعود إلى الهدوء و الحوار مجددا وكأن بينهما شعرة معاوية وفي الظرف الراهن الذي استفاق فيه الأردنيون فوجدوا أنفسهم بلا أحزاب حقيقية جماهيرية تمثلهم وبلا اطر سياسية تنظمهم وتدعم مطالبهم، أضحى حزب جبهة العمل الإسلامي (الإخوان المسلمين) هو المسيطر على مجريات الساحة السياسية في الأردن يليه نشاطات وحراكات متعددة صغيرة ومتوسطة لفعاليات فردية وشعبية محدودة الأثر لا تكاد تحقق الجماهيرية المطلوبة أوتشكل أدوات الضغط المناسبة لتحقيق المزيد من الإصلاح . ويطرح الكثيرون تساؤلات حول هذه الأحادية وهذا التفرد وهذه المساحة الكبيرة التي حاز عليها الإخوان في الأردن بالنسبة الى غيرها من القوى السياسية في حين لا يلتفت النظام الأردني لأية قوى سياسية أخرى تذكر كما يبدو سوى الإخوان المسلمين نظرا لعمق امتدادهم وقوة تنظيمهم وحجم قاعدتهم المادية والاقتصادية والسياسية وترجع الأسباب في نظري إلى ما يلي :
1- الفسحة التاريخية التي منحها النظام السياسي الأردني للجماعة منذ الأربعينيات ولغاية التسعينيات والتي بلغت أوجها بعد الانقلاب الذي أسهم به الإخوان المسلمين على أول حكومة أردنية ديمقراطية منتخبة عام 1957 م (حكومة سليمان النابلسي).
2- السماح للجماعة بالعمل الدعوي والفكري والتنظيمي والاقتصادي في مجتمع رعوي فلاحي فقير في حين تم حظر ومنع النشاطات السياسية لمختلف القوى السياسية الأردنية لغاية 1989م مما أسهم في تشكيل قاعدة اقتصادية استثمارية وسياسية واجتماعية لجماعة الإخوان بحيث أضحت تنافس النظام على السلطة .
3- الامتداد الإداري والأكاديمي للجماعة في القطاع التربوي الأردني منذ السبعينيات ولغاية هذه اللحظة واستغلال هذا القطاع لصالح التجنيد والتكتيل والتنظيم من خلال اختراق قطاع الطلبة في المراحل الأساسية والثانوية إضافة إلى قطاع الأوقاف والمساجد والمراكز الخيرية وأهمها جمعية المركز الإسلامي الخيرية التي يقدر رأسمالها بمئات الملايين إضافة إلى توجه الجماعة نحو العمل النقابي منذ السبعينيات.
4- الظروف السياسية المعقدة التي طغت على العلاقة بين النظام السياسي الأردني وجمال عبد الناصر من جهة والنظام السوري – في بداية الثمانينيات- من جهة أخرى خصوصا بعد طرد الإخوان من كلا البلدين مما أسهم في استقطاب كوادر الجماعة وتنظيماتها داخل الأردن لغايات سياسية .

5- احتاج النظام السياسي الأردني في الخمسينيات وفي فترة المد القومي واليساري إلى إحداث توازن قوى من خلال ترتيب حلف مناهض لتلك التيارات فوجد في الإخوان المسلمين خير حليف وكانت المصالح فيما بينهما مشتركة تعتمد على الدعم المتبادل مع وضع إطار سياسي لمجمل نشاط الجماعة وفق رؤية النظام آنذاك
6- الايدولوجية الدينية المركزة التي تعتمد على التعبئة الروحية والفكرية والعقائدية للأفراد المنضمين من سني الطفولة والرشد في مختلف الجمعيات والمراكز والتي تميل الى طابع الطاعة المطلقة للقائد والمنظم وفق برامج تعبوية دينية سياسية مكثفة بعيدا عن اسلوب النقد والحوار والنقاش والديمقراطية ، اضف الى ذلك انفتاح الجماعة على الجماعات الصوفية والسلفية ومختلف الاتجاهات والعقائد الإسلامية وفي مختلف المواقع .
7- ظروف ما بعد حرب 1967 والتي ادت الى انحسار المد القومي واليساري فيما استوعب الخطاب الاخواني تدفق الناشطين الراغبين في الجهاد من خلال قواعد الشيوخ على الحدود مع اسرائيل .
8- الاعمال الخيرية المختلفة التي تقوم عليها الجماعة خصوصا في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الاردن .
9- تركيز الجماعة على الدعاية المكثفة للقضية الفلسطينية من منظور عربي اسلامي وخصوصا في مجتمع العاصمة عمان وفي المناطق ذات الكثافة السكانية للاردنيين من اصل فلسطيني مما حقق لها شعبية منقطعة النظير ومما دفع الكثير من سكان المخيمات ومن ابناء فلسطين في الاردن الى الانخراط في صفوف الجماعة بناء على خطابها السياسي تجاه القضية الفلسطينية.
10- طبيعة الشعارات التي تطرحها الجماعة مثل الاسلام هو الحل وشعار تطبيق الشريعة الاسلامية وجميع الشعارات التي تلامس احلام وآمال غالبية الاردنيين .
11- التوافق ما بين القوى الليبرالية وجماعة الاخوان المسلمين من حيث الخطاب الاقتصادي النيوليبرالي فالجماعة لا تعارض منهج الخصخصة وتحرير السوق بل شعارها الاقتصادي هو التوجه نحو الليبرالية ومعالجة التشوهات الاقتصادية من خلال الأعمال الخيرية والتبرعات وهي تختلف مع الخطاب الثقافي لليبرالية الجدية في الاردن .
12- العلاقة التاريخية المتميزة مع القصر الملكي وخصوصا مع المرحوم الملك حسين الذي احتوى الحركة تاريخيا وسياسيا متجنبا الصدام معها في حين تغيرت تلك السياسة في عهد الملك عبدالله الثاني وبالأخص في حكومة معروف البخيت بعد عدة تحولات وانعطافات في خطاب الجماعة السياسي والذي بدا يتناقض مع خطاب الدولة الأردنية .
13- الدعم المتبادل والتاريخي والعمق التنظيمي مع بين حركة حماس و جماعة الاخوان المسلمين في الاردن مما اسهم في دعم كل من الطرفين على الساحة الاردنية والفلسطينية.
14- التزام جماعة الاخوان الحياد في الصراعات والاحتجاجات السياسية والاقتصادية لدى الجماهير الاردنية الفقيرة منذ هبة نيسان عام 1989 م واهم هذه الاحتجاجات هي هبة نيسان عام 1989 ، انتفاضة الخبز 1996 ، احداث عام 1998 م المناهضة للحرب على العراق ، مما عزز وضع الجماعة لدى الحكومات المتعاقبة من خلال منحها مزيدا من السلطة.