رسالة الى الحزب الشيوعي السوداني


عبد الحسين شعبان
2012 / 4 / 20 - 21:14     

رسالة الى الحزب الشيوعي السوداني
الأخوة الأعزاء في قيادة الحزب الشيوعي السوداني المحترمون
أعزّيكم ورفاق وأصدقاء الفقيد الرفيق محمد إبراهيم نقد، الأمين العام السابق للحزب الشيوعي السوداني، كما أعزّي الشعب السوداني والحركة اليسارية والتقدمية العربية والعالمية، برحيل أحد أبرز مناضليها الذين عملوا بتفان ونكران ذات وخارج دائرة الأضواء، لنشر الفكرة الشيوعية والدفاع عن مصالح الكادحين وعموم الشعب السوداني والذود عن حقوق الأمة العربية في الحرية والاستقلال والتقدم الاجتماعي، وفي التخلص من الاستغلال والمرض والجهل، وتحقيق الرفاه والعز والسؤدد، لاسيما بالانعتاق والتحرر من نير الاستعمار والهيمنة الامبريالية.
أيتها الرفيقات.. أيها الرفاق
لقد عرفنا الرفيق محمد ابراهيم نقد خلال العقود الأربعة ونيّف الماضية مناضلاً باسلاً ومقداماً وشجاعاً، عاش حياته بزهد، وقدّم كلّ ما يستطيع من أجل الحزب والشعب، ولم يتوان للحظة من التعبير بكل كفاءة ونبل عن تطلّعات الإنسان إلى الحرية، على الرغم من أنه عاش لعقود في الظل وتحت الأرض كما يقال، لكنه كان في صميم المشهد العلني، إسماً متداولاً وموقفاً رزيناً ورؤية صادقة وحرصاً وطنياً أصيلاً.
خلال زيارتي للسودان في العام 2000 للقاء مع الرئيس عمر حسن البشير أرسلت خبراً للرفيق نقد، وكان متوارياً عن الأنظار، مختفياً وبعيداً عن العمل العلني، بل كان يقود العمل السرّي في ظروف بالغة التعقيد، وإنْ كانت الأحوال قد بدأت تتحسن تدريجياً، ولكنه لم يقرر الخروج للعمل العلني، وقلت للرسول الذي بيننا " إحدى الرفيقات"، إذا كانت ظروفه تسمح للقاء فأنا على استعداد لذلك، وأترك تقدير المسألة له وتحديد شكل ووقت الاتصال، وقلت لا أريد أية إحراجات قد تتسبب له، علماً بأنني في زيارة رسمية، وقد تكون دائرة الحركة مراقبة أو تحت الأضواء، لهذا فإن الأمر يعود لتقديراته.
وعند اللقاء التلفزيوني مع الرئيس البشير وسؤالي له عن " بيوت الأشباح" جاءتني المُراسلة " الرفيقة الوسيط" لتبلغني تحيات الرفيق نقد وقيادة الحزب لطرحي هذه المسألة التي كان الحديث عنها يتم همساً أو تصريحاً، ولكن طرحها على الرئيس وفي حوار تلفزيوني، كان أمراً مهماً وجديداً، ناهيكم عن تأثيراته لاحقاً.
أذكر ذلك الآن وفي برقية التعزية هذه، لأحيي الدورالريادي الذي لعبه الرفيق نقد على مدى عقود من الزمان، مؤكداً أن فقدانه في هذه الظروف بالذات يعتبر خسارة فادحة للحزب الشيوعي السوداني وللحركة الشيوعية والماركسية واليسارية العربية والعالمية، بل للشعب السوداني والأمة العربية.
وحين أرسلت إليه كتابي النقدي للماركسية السائدة " تحطيم المرايا – في الماركسية والاختلاف" وعد بالتفرغ لدراسته والكتابة عنه، ويبدو أن تداعيات المرض وظروف الحياة حالت دون ذلك. وهو ما أبلغني به أكثر من رفيق سوداني إلتقيت بهم، ممن هم على علاقة به.
العزاء الحار لعائلة الرفيق نقد ورفاقه وأصدقائه والصبر الجميل لليساريين والوطنيين العرب بمختلف اتجاهاتهم، متمنياً للجميع حياة خالية من المكاره والأحزان ولتكن المثل والقيم التي ناضل من أجلها إبراهيم نقد ماثلة للعيان، من أجل خير الإنسانية ورفاهها وخلاصها من الاستغلال والاضطهاد والظلم.
وفي الختام أرجو لحزب عبد الخالق محجوب والشفيع أحمد الشيخ وقاسم أمين ومحمد ابراهيم نقد ورفاقهم المزيد من النجاح والتقدم من أجل تعزيز وتجديد التيار اليساري والثوري السوداني والعربي، كما كانوا باستمرار روّاد متقدمين في سوح الفكر مثلما هم في سوح النضال، وقد ربطتني بهم علاقات حميمة ونقاشات مثمرة وحوارات هادفة، وذلك منذ ما يزيد عن أربعة عقود ونصف من الزمان، ولا زلت أحتفظ بصداقات سودانية ماركسية ويسارية ومن كل الألوان الفكرية، وأجد متعة وفائدة في النقاش معهم لصدق توجهاتهم وعمق معرفتهم وانسيابية النقد لديهم وقدرتهم على المراجعة والتغيير، على الرغم من ثقل هذه المهمة التي تواجهها كوابح كثيرة، وهو ما كنت أستعيده في أكثر من مناسبة مع د. عبد الوهاب سنادة والطيب صالح وفتحية نقد وأماني عثمان وفاطمة أحمد ابراهيم وحيدر ابراهيم الأبجر وكمال عبد الكريم الميرغني والحسن أبا سعيد وعبد السلام حسن وعبد السلام نورالدين وعبد السلام سيد أحمد والخوجلي عثمان وآخرين.
لقد حظي محمد ابراهيم نقد باحترام جميع التيارات السياسية السودانية في الحكم والمعارضة، بما فيها التيار الإسلامي وهو ما لمسته لدى الحديث عنه في حياته وعند وفاته أيضاً، وهو ما عبّر عنه الصادق المهدي رئيس حزب الأمة وفاروق أبو عيسى وأمين مكي مدني وحيدر ابراهيم علي وحسن الحسين ومحمد محمد أبو شامة.

أشد على أياديكم بحرارة والى اللقاء.
رفيقكم
د. عبد الحسين شعبان