أهل غزة والفته ..!!؟


جميل عبدالله
2012 / 4 / 17 - 02:31     

كتب تمراز يقول : إن أسخف جمله يقال عنها نكته سمعتها في حياتي هي " الفته "...
قال الشاب لصديقة وهما يجلسان على شاطئ بحر غزة , هل تصدق أنني أستطيع أن أسبح بعمق خمسين مترا في خمس ثواني فقط ...
رد علية صديقة و ليش لا ... مين أحسن منك .. هو أنت أحسن من " الفته " ..
هل هناك ما هو أسخف من ذلك ؟
السخافة ببساطة مصدرها واضح بأنه لا علاقة بين الغطس واكلة الفته ...؟!
هذه سباحة وهذه فته ..
منتهى السخافة وتقل الدم ألغزي أليس كذلك ؟
أراهن انك تتبسم ألان سيدي القارئ الكريم ..
لماذا تتبسم يا سيدي ؟
هل نحن من أكلي الفته ....
ماذا جرى وما الذي يجري لنا ...

أحيانا قلت في هذا الزمان مساحة الابتسام وزادت مساحة الاكتئاب في كل ثانية من حياتنا ..حاول سيدي القارئ أن ترصد وجوه المارة وأنت تسير في أزقة وأحياء قطاع غزة , وسوف تكتشف أن الوجوه كلها مشدودة وعابسة وأن العصبية والحسد والحقد هي السمة العالية في كل الوجوه ..
والحقيقة أن الوجه المبسوط والذي يرسم ملامح تباشر السعادة أصبح عملة نادرة في هذا الزمان وهذا القطاع البائس , لدرجة أن النكت المضحكة تحولت إلى " أكلة فته "...
قضي على الأمل في حسن الظن في كل حياتنا وحل محلها المرض النفسي الذي زرع وتجزر في الشك واتهام الآخرين ... بحق أو بغير حق ... في ذمتهم أو في وطنيتهم أو في كل شيء ... لدرجه أن أنتقل هذا إلى العوائل والمقاعد والدواوين فأصيب أغلبها بحالة شلل جزئي ...
إذا دافع الفرد عن كظلم أتهمة الجميع بأنه شريك في الجريمة ...
إذا مدح انجازه أتهمة البعض بالنفاق ...
وإذا هاجم سلوك بعض المتخلفين اتهمه البعض بالعداء للإسلام والكفر والإلحاد ...
حيث أن التهمه الأخيرة شديدة البشاعة ... وقد نال بعض الكتاب في وطننا الغالي بعض من هذا الرذاذ المشبع " بانفلونزه الخنازير " ...
الشعب وللأسف الشديد ما يزال يخلط بين الحق والباطل , والصدق والكذب , رغم أن الدين الإسلامي الحنيف أكد على إعطاء كل ذي حق حقه ومازال البشر هنا في ضلال يخطئون الحكم على الأشياء ...

النص لا يحتاج إلى أجابه , لان الاجابه واضحة وضوح الشمس ...
حتى الاساتذه والدكاترة وحمله الشهادات العليا الذين يعيشون بيننا , أصبحوا في نظر بعض الأميين رموزا مقدسة لا يجوز المساس أو الاقتراب منهم أو حتى ذكرهم , وهل هذا معقول في زمن قلت فيها العقول وزادت فيها البطون ؟

والنقد هنا ليس للتغييب ولكن للدفاع عن أخلاق وثقافة شعب أصبح الأخ على أخوة عدو كل المشكلة تأتي من المناخ الفكري العام , هذا المناخ جعل الناس في قطاع غزة يفضلون الراحة والأخذ باليسير من الأمور , ومن شروط الراح هالا يحاول ولا يحاور أمدا في مناقشة المواضيع والأحداث الجارية على الصعيدين الداخلي والخارجي , فالتسليم بها أفضل لراحة النفس والعقل والوجدان , بينما مناقشتها يؤدي إلى إرهاق الذهن , ذلك الذهن ألغزي المفرغ أصلا من أي شيء سوى المصالح الشخصية والحسد والنقد والكذب , وهذا ما يرفضه الكثيرون ...

تعود الناس أن يقرأ الأخبار العاجلة عبر صفحات الويب على الجوالات الحديثة , حتى يسرع النوم إلى عيونهم , ومعنى هذا أن رسالة الخبر العاجل هنا يجب أن تكون على " مقاس " أفكارهم وتصوراتهم , فإذا اختلفت أو طرحت مفاهيم عكسية , أصبح الخبر مزعجا حتى ولو كان ألخبر صحيحا وأصبح مرفوضا حتى لو كان منطقيا .
وهذه هي الكارثة بعينها لان الفكر الإنساني لا يتطور إلا بالرأي والرأي الأخر , والثقافة الإنسانية لا تتجدد إلا بحوار العقل , هذه بدهيات , أو المفروض أن تكون كذلك , لكن البعض يرفض هذا كله , ويرى أن ما هو سائد صحيح تماما , لمجرد أنه سائد , ومنطقي تماما لمجرد أنة مريح ....

هل فشلت التجارب الحديثة في فلسطين ...

الليبرالية والاشتراكية والانفتاح على العالم ...

أم أنها تجارب لها وعيها الخاص بها ...

وأن مالها باليقين كان أكثر ...

المشكلة هنا تتعلق بمساحة المقال ...

والأفضل للقراء والكتاب الأعزاء وخاصة من هم من فلسطين أن نبدأ بالتجربة التي نعيشها حتى ألان , وسوف يكتشف الجميع أن الحديث على الفشل المطلق لتجارب تدخل في تركيبة " أكله الفته " وأنها مأساة حقيقية أن يدفعنا البعض إلى ترديد المقولات دون تفكير أو مراجعه , وأننا نهوى تعذيب أنفسنا حين لا نرى من الكوب إلا الجزء الفارغ منه ...انتهى

سلامتكم ..
فلسطين ألأصل أسدود
[email protected]