العراق بعد تسع سنوات من الاحتلال الامريكي


محمد الموسوي
2012 / 4 / 8 - 20:09     

تمر في التاسع من ابريل الذكرى التاسعة للاحتلال الامريكي للعراق عقب الحرب الامريكية البريطانية التي بنيت على اكاذيب ومزاعم مجرمي الحرب بوش وبلير المتعطشين لدماء العراقيين ونفط بلادنا , وبالرغم من فرحنا والاغلبية السـاحقة من ابناء العراق بالخلاص من دكتاتورية المجرم صدام حسين ونظامه القمعي البربري الوحشي ولكن لا ينبغي ان ننسى الوعود والاوهام الكاذبة التي جرى تسويق تلك الحرب المدمرة والتي استهدفت ليس فقط تغييب الدكتاتور بغد ان استنفذ دوره بل تدمير العراق كدولة بمؤسساتها وهياكلها المدنية والعسكرية وتحويل العراق الى قطر ممزق مشرع الابواب لعصابات القتل التي استقدمهم الامريكان للقتال معهم بدماء العراقيين وعلى ابعد بقعة من امريكا كمـا اكد بوش مرارا.
علينا ان نتذكر دور عرابي الاحتلال الذين زوقوا دعايتهم ودعمهم لغزو العراق باوهام صدقها بعض السذج من قبيل ان امريكا ستحول العراق الى يابان ثانية وسوف تنظر الينا دول الخليج بأعجاب ولكن الجميع الان يتبرأ من تلك الطروحات خاصة بعد جرائم قوات الاحتلال التي فاقت اسوأ كوابيسـنا وخاصة ما حصل في سجن ابو غريب وفي ساحة النسور وما حصل من ذبح وقتل وتفجير مازال مستمرا وتقع مسؤوليته الرئيسية على المحتلين اضافة الى تنصيب فئات طائفية تتصارع فيما بينها على الغنائم والفساد ونهب خيرات الوطن.
ان حصيلة ما لم ينجز طيلة التسع سنوات الماضية تصلح لان يخجل منها ابسط انسـان ولكن المؤسف تمكن الحكومة من شراء ذمم وضمائر مجموعة من المرتزقة ووعاظ السلاطين الذين لاينفكوا عن ترديد اكاذيبهم المدفوعة الثمن على الفضائيات وبشكل يثير الغثيان وتضاف لهم اكاذيب اعضاء البرلمان المنتفعين من رواتب خيالية لا تضاهيها رواتب النواب في اكثر البلدان تقدمـا ويحتار المرء بكيفية البدء بسرد مجالات معاناة العراقيين الذين لايرون الكهرباء الوطنية الا سويعات في اليوم او من معاناة الفقراء والعاطلين عن العمل والذين تبلغ نسبتهم في بعض المحافظات ال40% ام من الفساد المستشري في معظم الدوائر ام من انخفاض المستوى التعليمي وانتشار الامية وتسكع الاطفال في الشوارع لغياب التعليم الالزامي ام من تردي الخدمات الصحية وغياب الادوية وخوف الاطباء وخاصة الجراحين من غياب القانون وسيادة القيم العشائرية المتخلفة مما جعل وكالات اجراء العمليات في الهند تجارة مربحة. وماذكرناه في هذه العجالة هو غيظ من فيض.
يعيش الانسان العراقي في الغالب في ظروف صعبة للغاية ويعاني من غلاء فاحش حيث تغيب الرقابة عن البضائع المستوردة في وقت يتم استيراد كل سيء تقريبا بدا من مياه الشرب والبسكويت والخضروات والدواجن وكافة الاحتياجات اليومية اضافة للأجهزة الكهربائية والسيارات ...الخ اي اصبحنا بلدا مستهلكا بامتياز دون انتج اية نسبة تذكر من اية بضائع وكيف يمكن الانتاج حتى من المعامل القديمة والكهرباء منقطعة معظم ساعات النهار! كل هذه المعاناة اضافة الى التعرض للعنف والقتل والارهاب والجنون الطائفي والتعصب والظلامية والتعصب والعشائرية المسيطرة حتى على المدن بالنظر للفوضى غياب مؤسسات فعالة للدولة او سلطة حقيقية للقانون.
اما الصاعدين الى هرم السلطة ومعظمهم من الانتهازيين والمتملقين والطائفيين فهم منشغلين بتبادل التهم والعيش في ازمات مستمرة واتهامات متبادلة تستفيد منها كما يبدو كافة اطرافهم , وقد تركزت الاتهامات مؤخرا على وصف رئيس الحكومة بالدكتاتورية وقد يكون وصف واقعي لسياسة الانفراد باتخاذ القرارات وتركيز السلطات الامنية والعسكرية ولكن الا ينبغي ان نذكر ايضا بان الطائفية والمحاصصة البغيضة هي التي اوصلت الحكومة الى هذا الدرك وهل ان الدكتاتورية والانفراد بالسلطة مقتصرا على الحكومة المركزية ام ان التشبث بكرسي الحكم يشمل حكومة الاقليم ايضا؟
لنتحدث الان عن اعجوبة من اعاجيب العراق المتعلقة بما يسمونه بالسونار وهي التي اسميها الخرخاشة او قطعة البلاستيك ذات الاريل التي تجدها بيد افراد التفتيش في نقاط السيطرة والتي تسبب التاخير وعرقلة سير السيارات وحتى المارة ان كانت بيدهم اية اكياس او حقائب اذ لايمر اي شيء بنقطة التفتيش الا بعد ان تمر عليه الخرخاشة وتمنحه بركاته , والمشكلة ان هذه القطعة قد تم فضح صفقتها الفاسدة المشبوهة منذ اكثر من عام كونها عديمة النفع ولاتكشف اي شيء الا ان الغريب هو الاصرار على مواصلة استعمالها مما يعني المجتزفة بارواح المواطنين اذ بالامكان تهريب المفخخات والمتفجرات في السيارت التي لاتفتش مطلقا مالم يؤشر السونار بقدرة قادر وان ذلك هو قمة الاستهتار بارواح الناس ويجعل من نقاط التفتيش والسيطرات اضحوكة حقيقية ولا يمكن ان يحدث ذلك الا في العراق.
ان اخر الاحداث التي مرت قبل اسابيع هو مؤتمر القمة العربية او مؤتمر السفراء العرب سمه ما تشاء والذي افرغت شوارع بغداد بسببه من سكانها الذين اجبروا على البقاء في بيوتهم وتحولت بغداد الى مدينة اشباح وكما وصفها احد الصحفيين العرب فانه لم يجد بغداد كمدينة بل وجد ثكنة عسكرية مليئة بالدبابات والمدرعات ونقاط التفتيش ومائة الف جندي وعسكر وعسكري مدججين بالسلاح ومحاطين بحيطان كونكريتية وبالمناسبة انني لا افهم ان تحاط مواقع افواج التفتيش العسكرية في الشوارع بحيطان كونكرتية عالية لحماية انفسهم في وقت ان المفروض ان وجودهم هو لحماية ارواح الناس اليس كذلك ؟
تتشدق الحكومة بالديمقراطية المتوفرة في العراق وتشير الحرية الصحافة المئات التي تصدر منها دليلا على ذلك ولكن الحقيقة هو وجود فوضى وتخبط وانفلات مليشيات مسلحة يشارك معظمها في الحكومة وحتى ادعائها بحرية الصحافة لم يوقف اجهزتها الامنية العسكرية من مهاجمة صحيفة وطنية عريقة كطريق الشعب التي لا تحتاج الى شهادة من احد للاعتراف بوطنيتها ودفاعها الثابت عن مصالح مختلف فئات الشعب وقومياته , وقد يكون ذلك التحرش بسبب دعم الصحيفة للمظاهرات المطلبية التي انطلقت وبشكل متقطع منذ اكثر من عام من قبل الشباب والمثقفين والفئات الواعية لوضع البلد المزري.
ختاما لابد من الاشارة الى ما الت اليه ثورات الربيع العربي التي اطلقها الشباب لتستحوذ عليها قوى الاخوان المسلمين والسلفيين ويقومون باختطافها بمباركة الجيش والاطراف الدولية وخاصة امريكا ورغم ان ذلك لم يكن مستبعدا بالنظر لتعرض تلك القوى الى جانب القوى اليسارية والديمقراطية للاضهاد والقمع من قبل الانظمة الدكتاتورية الفردية التي ادعت العلمانية الا انها اكثر تنظيما وقدرة على المناورة والتضليل وتنصل الاخوان المسلمين من تعدهم بعدم الترشيح لرئاسة الجمهورية مثال قريب على ذلك وانطبق المثل الشعبي " يا من تعب يا من شكى يا من على الحاضر لكى"
كما نامل ان يصل اليوم الذي يتمكن فيه الشعب العراقي من الحصول على التعويضات التي يستحقها وفق القانون الدولي وبسبب الحرب العدوانية الغير مبررة وان تقوم القوى الاستعمارية بمسؤلياتها في تنظيف البلد من اثار اسلحتهم المحرمة دوليا والتي لوثت التربة والماء والهواء وتسببت باصابة الالاف بالامراض السرطانية الخبيثة وارتفاع نسبة الوفيات المشوهة ولكن كل ذلك يتطلب قيام حكومة عراقية وطنية تدافع عن مصالح البلد وتسعى لاسترجاع حقوقه.
العراق 8-4-2012
[email protected]