القاعديون من هم ؟ وماذا يريدون؟ عنوان على عنوان


محمد حومد
2012 / 4 / 3 - 23:46     


هكذا عنونت جريدة رئيس الحكومة الحالي السيد ع بنكيران إحدى مقالاتها إبان مقاطعة الامتحانات الجامعية الشهيرة للموسم الدراسي ٨٨ـ٨٩، كانت المقالة عبارة عن تشويه للقاعديين للنيل من شعبيتهم والحد من قاعديتهم وفي نفس الوقت كانت تمهيدا للهجومات المتتالية التي ستعرفها الساحة الجامعية على الفكر التقدمي، هذه الهجومات البربرية التي سقط ضحيتها كل من الشهيد المعطي بوملي بمدينة وجدة، ولا داعي للتذكير بوحشية التعذيب التي مورست عليه حيث قصت عروقه وأوصاله وألقي به جثة هامدة في الشارع بحي القدس، أما الشهيد آيت الجيد محمد بنعيسى فلقد لقي حتفه بمدينة فاس بحي سيدي ابراهيم قرب مسجد الصحراء بواسطة صخرة الرصيف لما أخرج مرغما من سيارة الأجرة الصغيرة التي كان يقلها معية رفيقه الخمار والذي هو الآخر نجا من الموت المحقق بمعجزة لا تكاد تصدق بعد أن كسرت جمجمته من طرف الأيادي الإجرامية أيادي جماعة رئيس الحكومة الحالي وحليفتها التاريخية والموضوعية جماعة العدل والإحسان. أضف إلى ذلك الإصابات والعاهات التي طالت كل من شبه لهم من القاعديين.
إذا كانت وضعية جماعة السيد الوزير آنذاك (الخروج ذو العهد القريب من رحم الجماعة الأم الشبيبة الإسلامية) لا تسمح لها بالغطرسة الدموية أكثر فأكثر ولأن حجم القاعديين لا يستهان ومستعصي للاختراق أو الاجتثاث إلا أن وضعيتها اليوم تختلف عما كانت عليه من قبل فهي الآن تتربع على أهم الكراسي الحكومية ومن ثم فالدعم وبشتى أنواعه يخول لها أن تفعل ما تشاء، إلا أن تتجاوز الخطوط الحمراء المرسومة لها سلفا، وبحكم القاعديين غير مرغوب فيهم من طرف القوى السياسية الانتهازية فلا بأس أن تشن أبشع الهجومات على كل الثوار وبمباركة هذه الأخيرة.
إن بؤر التوتر المشتعلة اليوم والدور النضالي الجبار الذي تقوم به الشبيبة الثورية من
داخلها وبتلاحم معها جعل النظام في مأزق حقيقي مما دفع به إلى استعمال كل الأوراق المتاحة له ، كضم حزب العدالة والتنمية إلى يده اليمني معادلة كانت إلى عهد قريب بعيدة المنال إلى حد ما.
إن إعطاء السلطة الحكومية للعدالة والتنمية معادلة ذات حدين فمن جهة: هي صفعة لحليفتها التاريخية والموضوعية جماعة العدل والإحسان ولمن يدور في فلكها أو في أضعف الأحوال بعثرة لأوراقها السياسية كما لاحظنا في عملية الانسحاب من الحراك الشعبي المملاة وبشكل مفاجئ على مريديها من طرف القيادة الأبدية التي لا تفنى أبدا. بالإضافة إلى ذلك عدم استفادتها من حركة 20 فبراير حيث لم تتح لها فرصة الانقضاض وبالسرعة المطلوبة على شاكلة تونس ومصر واليسار لازال مبعثرا مما دفع بها إلى صد هذا الباب إلى حين.
ومن جهة أخرى: سيستعملها النظام ذلك الدركي المطيع لوقف الزحف القاعدي خصيصا والزحف الجذري عموما ولما لا و هي التي تبحث على هذه الفرصة منذ زمان، إنه الحقد الرجعي الدفين، النظام والخوانجية تحالفات رجعية شعار لم يأتي من فراغ. إن الكل وباستثناء البعض، يعلم ويعي جيدا التجربة الرائدة للقاعديين والدور الطلائعي الذي لعبته من داخل الحركة الطلابية والجماهيرية على حد سواء طيلة سنوات القمع الدموي، فأي محاولة لاستنساخ هذه التجربة النموذجية في الحراك الاجتماعي الشعبي المتأجج حاليا بكل المدن والقرى والمناطق النائية ستواجه بالحديد والنار خصيصا بعدما أن تبين وتأكد الدور الجذري للشبيبة المغربية من تلاميذ، طلبة، معطلين، عمال، فلاحين ومهمشين، لقد أصبحت آلة القمع وكالعادة جاثمة على صدور هؤلاء الشباب، فمنذ تولي السيد بنكيران رئاسة الحكومة وشراسة الهجوم تزداد قمعا على قمع في صفوف القاعديين وفي صفوف شتى الأطياف المناضلة والرافضة للوضع المأساوي، فعدد المعتقلين الذين يعلنون انتماءهم للقاعديين القابعين في سجون النظام أو في سراح مؤقت لا يحصى فالعشرات منهم في إضراب مفتوح عن الطعام. و8 منهم حياتهم في خطر وواحد منهم بين الموت و الحياة. إنه ع الدين الروسي، الذي التحق هو الآخر بمعركة الأبطال، التجربة القاسية لمجموعة مراكش الشهيرة، 6 سنوات من التحدي والصمود. أضف إلى هذا معاناة التعذيب الجسدي والمعنوي الذي يعيشونه على أيادي الجلادين والحراس والمخبرين المندسين تحت يافطة معتقلي الحق العام أما عملية الاعتقال في حقهم فهي بمثابة أفلام هوليودية وكأنهم يهاجمون قواعد عسكرية منظمة لإيهام الشعب المغربي بخطورة هؤلاء المناضلين , فمداهمة منزل أحد المناضلين بدوار قرب واد امليل والذي لم يجدون بداخله سوى أمه و قد بلغت من الكبر عتيا، وأمام هذا الاقتحام الهمجي الرهيب لم يجد هذا الأخير إلا أن يسلم نفسه للنظام عن وقاحة خاطر، والمداهمات المتعددة الأخرى التي استهدفت المناضلين بكل المدن المغربية وأمام أعين أطفالهم وعائلاتهم التي لا تراعي أبسط الحقوق المتعارف عليها دوليا وإنسانيا يندى لها الجبين، كل هذا يحدث في عهد الدمقرطة زورا وبهتانا.
إن الانتفاضات المشتعلة اليوم والمواكبة للحراك الشعبي المتمثل في السيرورة النضالية لحركة 20 فبراير، حركة المعطلين، الحركة الحقوقية، الحركة الطلابية، الحركة النسائية والحركة العمالية... ورغم التصدي لها من طرف النظام وبشكل همجي من حيث الاعتقالات والاغتيالات والتنكيل في حق الجماهير الشعبية ومهما لقي أهالي البؤر المتوترة من اسى وحزن عميقين لن يثنينا عن الوقوف العتيد والشامخ وبالصلابة المطلوبة ولن نتحسر بل سنفتخر ونعتز بهذه المحطات النوعية والمجلجلة والضاربة في عمق التاريخ، ونجعل منها محطات تاريخية شامخة ونموذجية حيث تسري على كل بقاع الوطن، إن بؤر التوتر والعصيان الشعبي يفسحان المجال لتترعرع به ومنه الأداة المنشودة لهدم النظام، فكل خطوة، خطوة ومهما كان حجمها إلا وساهمت في خلق وبلورة الحجر الأساسي لبناء الأداة الثورية مهما كان جبروت نيران العدو.
إذا كانت ماهية القاعديين تؤرق السيد الوزير فنقول له إن القاعديين هم أبناء الشعب الكادح أبناء الجماهير المستغلة والمضطهدة أبناء الفقراء أبناء الوضع المتردي أبناء الصراع الطبقي البواسل، هم الشهداء هم الثوار هم الغضب الشعبي أما ماذا يريدون فهو بناء نظام وطني ديمقراطي شعبي خال من الاستغلال والاضطهاد الطبقيين تسود فيه سلطة المجالس الشعبية.