ألانتاج الزراعي بين الغزارة والشحة!


أمير الحلو
2012 / 3 / 4 - 13:06     

مفارقتان زراعيتان حدثتا هذا الاسبوع ورأيتهما على القنوات الفضائية، كانت الأولى شكوى المزارعين (سابقاً) في محافظة السماوة من أن أراضيهم أصبحت بوراً بعد أن كانت تسدّ حاجة العراق من محصول الطماطة لموسم كامل، وتنقلت الكاميرا الى بقايا أرض زراعية مملوءة بالادغال والحفر والمياه الآسنة، وقال المزارعون بأن الطماطة المستوردة أصبحت أرخص سعراً من الطماطة المحلية مما جعل المواطن يشتري المستورد، وذلك عامل ثان جعل أهالي المناطق الزراعية يهاجرون الى أماكن أخرى بحثاً عن لقمة العيش. أما الحالة الثانية فهي خبر من محافظة ديالى يقول أن الزراعة فيها قد وصلت في إنتاج فاكهة (الفراولة) الى حد أنه (يشبع) كل العراقيين، علماً بأنها ليست فاكهة شعبية ونادراً ما يطلبها المواطن، سوى المتمكن و (البطران) الذي يأكلها هنيئاً مع الكريمة أو الزبدة، وهنا لا أريد التقليل من أهمية هذه النتيجة ولكني أريد القول بعدم وجود تخطيط زراعي لاستثمار الأراضي الصالحة للزراعة بشكل جيد بحيث نستطيع توفير القسم الاعظم من احتياجاتنا من الفواكه والخضر عن طريق الانتاج المحلي.
أذكر قبل سنوات أن موسم انتاج الطماطة كان يتوزع على ثلاثة محافظات بحيث تكون متوفرة في عموم العراق في جميع الاوقات، فالطريق الصحراوي بين كربلاء والنجف جرى تحويله الى مزارع أهلية تستفيد من المياه المتدفقة بغزارة من الآبار لتروي محاصيل الطماطة والبصل والخيار والرقي وغيرها وكذا الأمر مع طريق البصرة – صفوان – فقد كان يقوم بالدور ذاته للموسم التالي للانتاج الكربلائي النجفي المشترك، ثم يأتي دور محافظة دهوك التي تبدأ بفعل المناخ المختلف بأنتاج كميات كبيرة من الطماطة في غير الموسمين الآخرين، وبالتالي فأن العراق كان مكتفياً بهذه المنتجات الزراعية.
لا أدري ما الذي حصل، ويجب أن لا نلقي اللوم على شحة المياه فقط فقد مرت سنوات ومنها السنة الحالية غزيرة بالمياه ولكنها شحيحة بوجود المزارعين واهتمام السلطات الزراعية بها.
لا أريد الخوض في الموضوع مطولاً فلدي ذكريات مؤلمة حوله، إذ أحلت الى المحكمة قبل عقدين لأنني وافقت على نشر تحقيق صحفي حول أسباب تدهور الأنتاج الزراعي في منطقة البصرة، وظهر أن السبب يعود الى قيام بعض كبار المسؤولين بـ (نهب) الأغطية البلاستيكية التي تحمي المنتوج من تقلبات الطبيعة... ولولا أن المشتكي قد هرب خارج العراق قبل المحاكمة لقبعت في السجن ثلاثة سنوات بسبب... الطماطة.
وقد قال برناردشو معلقاً على قلة الشعر في رأسه وكثافته في لحيته: انها غزارة في الانتاج وسوء في التوزيع!