الإسلام و الإشتراكية 3-5


جمعية الاشتراكيين الروحانيين في الشرق
2012 / 3 / 3 - 12:48     

Abstract

The Muslim community had been previously the society of Soviet Union when adopted revolutions were intended to drop the social pyramid class over its history since the age of the Rasheddin until the end of the Abbasid era , and these aspirations and hopes in the conscience of the public Muslim that one of many reasons that led to the adoption of socialism, both as a political communism or nationalism.


• النموذج الأولي للاشتراكية الإسلامية


يعلمنا التاريخ بأن تقلبات التطور الاجتماعي تحتاج إلى وعي اقتصادي مرحلي يحتوي هذه التقلبات ، كي تتمكن الجماعات البشرية من تكييف نفسها بين مرحلة و أخرى ضمن خارطة هذه التحولات ..

وتشريعات الاقتصاد الاسلامي لم تتخذ لنفسها وعياً يحتوي هذه التقلبات في مجرى التحول من حواضر تربطها علاقات تجارية إلى كيان سياسي جامع يمتلك قوة عسكرية موحدة إلا عبر الثورة ، سواء بالثورة الفكرية – المسلحة الاولى الاساس ضد الارستقراطية في مكة والمدينة أو ثورات الزنج والقرامطة التين سبقتا زمانهما من حيث دعوتهما لإقامة مجتمع لا طبقي تم انشاء نماذج حية منه في البصرة والبحرين في سبق سجله التاريخ قبل قيام الاتحاد السوفييتي ..

إن نقطة التحول الثانية الاهم في التاريخ الإسلامي ، بعد ثورة الإسلام في مكة والمدينة ، كانت تحديداً ثورة العراقيين والمصريين على انموذج الحكم القومي الإسلامي الممثل بالخليفة الثالث عثمان الذي اطيح بحكمه بحدود منتصف القرن السابع للميلاد ( العام 36 للهجرة النبوية الشريفة ) في انقلاب عسكري حسب وصف بعض المؤرخين ..

كانت تلك هي الثورة التي كان ذوي الميول اللاطبقية في نظرتهم للمجتمع الإسلامي من ابرز منظريها ولعل عمار بن ياسر ومحمد بن ابي بكر من ابرز رجالاتها بعد قطب الفكر اللاطبقي في الإسلام علي بن ابي طالب ..

إذ بويع علياً كخليفة ساوى في العطاء بين المسلمين ، في سابقة مؤسسة لأولى ارهاصات التحول الاشتراكي ( المتعثر ) في هيكل الدولة الإسلامية ، وسبب تعثره هو انه كان سابقاً لزمانه ولم يكن مستوفياً شروط التحول الانتاجي والتقني ، والتي كان من الممكن أن تؤسس لبناء اقتصادي تاريخي يشابه النموذج الاشتراكي الماوي الزراعي في توجهه العام ..

هذه الثورة ارتطمت بأوار الفتنة ولم تدم تلك السلطة سوى خمسة سنوات حتى يمكن استشفاف انموذج الاشتراكية الاسلامي منها ، لتعود الاقطاعية القومية إلى مكانها في تاريخ الاسلامي من جديد في عهود الحكم الاموي والعباسي وصولاً للخلافة العثمانية ، والتي كانت تمثل في إطارها السياسي العام إمبراطوريات عسكرية متمددة.

ويمكننا أن نرسم جملة التشريع الإسلامي بأنه كان محرفاً نحو الطبقية عن قصدٍ وبغير قصد حتى في الفكر الشيعي الإمامي الذي من المفترض انه يرتكز على عدالة علي بن أبي طالب وتطلعات الطبقات المحرومة الكادحة من الشعب إلا انه وبفعل التأثيرات البويهية الصفوية المتأخرة في تاريخ التشيع ، اكتسب هذا النموذج الهيكلية العامة المحفزة على الطبقية المحكومة بالنخبة الارستقراطية ( الآخوندية – العلوية ) التي تمكنت من الإمساك بزمام السلطة .

سندرس في الجزء الخامس أهم الثورات الاجتماعية المؤسسة لإرهاصات الفكر الاشتراكي في الوعي الجمعي الإسلامي في الجزيرة العربية ، البحرين واليمن وشرق الجزيرة عموماً وجنوب العراق ، وهي جغرافيا التواجد الشيعي حالياً كبقايا صدى لثورات اللاطبقية في الإسلام ورجالاتها كعمار وصحبه والزنج والقرامطة ..

فالشائع ان الشيعة اليوم طوائف خارجة عن الملة لدى الفكر السلفي ، لكن ثوراتها في الحقيقة لم تكن دينية اساساً وإنما كانت اجتماعية صرفة تلبست فيما بعد رداء التشيع كون العلويين مناوئين للخلافة ووجود ثابت " الإمام " في الوعي الثقافي الإسلامي الذي من الطبيعي ان يختار " الإمام الضد " من الخليفة العباسي وهم ائمة العلويين ، وهكذا حين وصل التشيع للسلطة تحول إلى صيغته الطبقية ممثلاً بالإمامية اليوم ..


• الجماهير الإسلامية و الاشتراكية


هذه المطالب الاجتماعية هي نفسها ولا غيرها دفعت الوعي الثقافي المعاصر للامة الاسلامية ان يثمر بتبني الاشتراكية من قبل جماهيرنا العربية بعد سقوط الخلافة العثمانية في 1920 وظهور حركات التحرر التي تبنت الليبرالية الغربية ( المؤمنة بالطبقية ) في طبقات المجتمع العليا فيما ارتدى السواد المحروم الاعظم بردة الاشتراكية والتطلعات اللاطبقية .

فحين تنفست الامة روح التغيير التاريخي اعقاب الحرب العالمية الاولى في القرن الماضي ، لم تلبث حتى تبنت القومية الاشتراكية كمحصلة للصدام بين الرأسمالية والشيوعية عبر العالم من جهة ، وتعبير عن أملها وتطلعها الراسخ في ضميرها تجاه جور السلاطين المتلفحين بقدسية الشريعة الشريفة من جهة أخرى ..

الحركات القومية العربية حين تبنت الاشتراكية التقدمية كمنهج لم تتوصل للنموذج الواقعي الذي يمكنها من الديمومة والتطور ..

( لأسباب نذكرها في الجزء الرابع المتضمن تحليلنا للتجارب الاشتراكية القومية والسوفياتية )

ففي ظل صراعها مع الرأسمالية الاستعمارية التي جعلت من ارض الخليج مركزاً اساسياً لاقتصادها الماضي نحو العولمة ، كان الصراع العربي الاسرائيلي عامل الاستنزاف التاريخي الذي أنهك الجمهوريات القومية ونخرها من الداخل ، وهو ما اساء لسمعة الاشتراكية في وعي الشارع العربي و الإسلامي .

( وهو ما أدى إلى نفور طارئ ومؤقت من قبل هذه الجماهير من كل ما يمت للاشتراكية بصلة ، مع ذلك ، الاشتراكية هي ضمير الأمة و أملها منذ فجر الإسلام الخالد في مكة المكرمة قبل أكثر من ألف عام ، وقريباً ستعيد الأمة للإسلام اشتراكيته ، وتعيد الاشتراكية للإسلام ورمزه التاريخي العادل الممثل بشخص الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، وستفهم في النهاية إن العدالة المرجوة من الإسلام كصلة ربانية مقدسة لا يمكن تحقيقها دون نموذج روح المساواة والعدل الجماعي لليسار الإسلامي الذي كان ممثلاً بعمار بن ياسر وعلي بن أبي طالب و حتى الخليفة عمر بن الخطاب و الاموي عمر بن عبد العزيز يمكن اعتبارهما نماذجاً انتجتها طموحات المحرومين ولو ضمن نطاق " القومية " الذي ذاب كلية لدى اتباع ثوار الزنج والقرامطة وهو ما سندرسه في الجزء الخامس الأخير )


• القومية العربية وشيوخ البترول


الخطأ التاريخي الكبير للقيادات القومية العربية في مصر وسوريا ولبنان والعراق هو مهادنتها لنظم المشيخة في الخليج العربي وقبولها الدخول معها تحت مظلة الجامعة العربية ..

لم تستفد تلك الحكومات القومية ورموزها التاريخية مثل عبد الناصر و الأسد وصدام حسين من تجربة النكبة وتشرين ودور تلك الحكومات الخطير واعتبرتها مشاركة في الهم القومي بمجرد تلويحها بشعار المقاطعة للغرب بما يتعلق بأزمة 1973 .

آخر قلاع القومية في سوريا اليوم ادرك هذا متاخراً جداً ..!

وآخر ما تبقى من مجد الاتحاد السوفياتي في روسيا القومية اليوم ادركوا هذا متأخرين جداً ايضاً !

فحكومات قطر والبحرين والامارات والسعودية وعمان والكويت لا تختلف عن دولة " اسرائيل " التي زرعت كقاعدة عسكرية ( شعبية ) لحماية الرأسمالية في الشرق الاوسط ..

هذه الحكومات هي في حقيقتها تمثل شرايين ديمومة الرأسمالية في العالم والمحمية من القاعدة العسكرية الشعبية ( دولة اسرائيل ) لديمومة وبقاء النظام الرأسمالي العالمي ..

فإذا كانت إسرائيل قاعدة عسكرية غربية ممثلة بدولة لحماية مصالح الامبريالية ، فإن حكومات البترول الأعرابية وما ترقد عليه من بترول ، هي المصلحة الإمبريالية المحمية ، هي المزرعة البترودولارية التي كُلفت إسرائيل من قبل الغرب بواجب حمايتها عكس تصور جماهيرنا المضلل بالإعلام الموجه اليوم بان حكام الخليج في خدمة إسرائيل .

هذه الزاوية من الرؤية لم يكن يدركها منظري الماركسية العرب ولا الاشتراكيين القوميين الذين اعتبروا إسرائيل مجرد محمية توراتية يسعى الغرب لحمايتها لينشغل العرب بالصراع مع إسرائيل ( خط الدفاع الأول ) متناسين نقطة ضعف الغرب الممثلة ببترول الخليج المكشوف..

بمقابل هذا ، الشعب الإسرائيلي نفسه كان مموهاً بهذا الإعلام ، منجراً خلف صدى معتقده التلمودي التوراتي وكأن الرب سخر العالم الامبريالي لخدمته في دولته ، دون أن يدرك وعي الشارع الإسرائيلي على مدى عقود بأنه ما وجد إلا لخدمة الغرب وحماية بترول المنطقة لديمومة النظام المالي العالمي المعاصر .

واليوم الذي تصبح فيه إيران وحلفائها مهيمنين على بترول الخليج يعني إن الغرب لن تعنيه إسرائيل لا من قريب ولا من بعيد ..

و الأكثر من هذا ، الغرب و اميركا تحديداً تموه وكأن الصراع اليوم إيراني إسرائيلي وتدفع إسرائيل خفية للدخول في صدام مع إيران ، ونجح إلى حدٍ ما لبناء جبهة تركية عربية إسرائيلية كي تحافظ على بترول الخليج رافداً حيوياً للنظام المالي العالمي الذي تديره الولايات المتحدة اليوم .

نحتاج أن نعترف بأن العقل العربي مصاب بنوع من الرعدة والبلاهة منذ قرون ليدرك واقعية الترابط بين إسرائيل وحكومات الخليج والنظام التركي ، زوال إسرائيل كان يعني زوال حكومات الخليج ، وزوال حكومات الخليج يعني عدم حاجة الغرب لدولة إسرائيل ولا النظام في تركيا ..

بالتالي ، العمل الاشتراكي الثوري المطلوب يحتاج منا إلى العمل لضرب قلب الرأسمالية العالمية الممثل في حكومات الخليج ..

العمل الاشتراكي الثوري هو أمل المحرومين في الأمة بعالمٍ جديدٍ أجمل .


• الأمة و العمل الاشتراكي الثوري


تحولات المجتمع الإسلامي في خط الزمن بمراحله المتنوعة كما سندرسها في الفصول التالية من هذا الكتاب قد هيأت الأمة التحول من مرحلة الخطاب الإسلامي الدعوي إلى مرحلة البناء وتشييد النموذج الحضاري الإسلامي ، وهو ما نسميه مرحلة ما بعد الصحوة ..

فما نشهده في ما يعرف بالربيع العربي اليوم يؤرخ لمرحلة ما بعد الصحوة والتي ميزنا فيها بأن لا يوجد تخطيط مسبق لهذا التغيير الذي يقارب (الانعتاق ولو بالفوضى) اكثر من مفهوم الثورة الشعبية الناجزة.

وبما إن أهم الأسباب لهذا الحراك المتصاعد هي دوافع اقتصادية ومطالب اجتماعية لا تختلف عن ثورات العراقيين والمصريين ايام الخلافة الراشدة أو ثورات الزنج والقرامطة التي شوهت من قبل مؤرخي البلاط الحاكم الذين هم نسخة ماضوية لقناة الجزيرة والعربية .

فبعد اهتزاز نماذج الاقتصاد الريعي في حوض المتوسط بفعل أزمة المال العالمية ، ظهرت موجة مضادة لهذا الحراك من قبل اعلام السلاطين نفسه قبل ان تماشي التيار وتحاول استغلاله لصالحها كما حصل في ليبيا وسوريا ..

لذا ، لابد من العمل لبناء مسار فكري جديد يعمم ثقافة اقتصادية وعقيدة روحية شرقية و اسلامية لا طبقية تلائم تطلعات هذا الجيل الجديد وارث تاريخ الأمة التليد .

وهي الرؤية التي أعلناها في البنود التسعة والعشرين (روحانيونSpiritualists اشتراكيونSocialists ) والمتضمنة ضرورة تحويل نفط الخليج العربي إلى شريان تغذية الاشتراكية في الشرق الأوسط وبناء نظام مالي عالمي جديد وليس إسناد النظام الرأسمالي كما هو حال بترول العرب اليوم ..

( تجاوزنا النظرية الكلاسيكية القديمة بان لا اشتراكية بدون عمال ومصانع و فلاحين و أراضي زراعية شاسعة وهو ما لا يتوافر في عموم الجزيرة العربية ، نظريتنا الاشتراكية مبنية على رؤية " رقمية " للاقتصاد العالمي والنظام المالي المرتبط بالدولار والتي من شانها خلق بنية صناعية عسكرية وتقنية متطورة على غرار ما كان موجود في العراق وما موجود حالياً في إيران لتحويل عموم الجزيرة العربية إلى أقوى مركز مالي عالمي حصين عسكرياً في التاريخ يعوم دولياً عملة عربية إسلامية بدلاً من الدولار )

وهو ما يتطلب عملاً ثورياً مسلحاً يبدأ بالتنظيرات الفكرية لتوعية هذا الجيل وعلاقة مستقبله بالنفط وصولاً للمناخ الأنسب لبدء ثورة التغيير المنظم المسلح في الجزيرة العربية انطلاقاً من القواعد الشعبية الفقيرة المستضعفة في المنطقة الشرقية من ارض نجد والبحرين واليمن حيث المناخ الثقافي الأنسب لتعميم نموذج الروحانية الاشتراكية الإسلامية ( اللاطبقية ) .

( وهو ما لن يتم حتى تحين اللحظة الثورية بضعف القبضة الأميركية في الخليج إذا ما تورطت في حربٍ كبرى في المنطقة مع المحور الإيراني السوري المدعوم من روسيا والصين )

**************

خلاصة موضوع اليوم

المجتمع الإسلامي سابق للمجتمع الروسي السوفياتي في تبني ثورات تسقط الهرم الطبقي ، فعلى على مر تاريخه منذ عصر الراشدين وحتى نهاية العصر العباسي ، كانت هذه التطلعات والآمال في ضمير الجمهور الإسلامي سبباً من جملة أسباب كانت حافزاً لتبني الاشتراكية سواء بصفتها السياسية الشيوعية أو القومية .

***************


للمشاركة في الحوار والنقاش و إرسال المواضيع التي تخص بناء اشتراكية إسلامية ثورية جديدة يرجى إعلامنا على صفحة الجمعية على الفيسبوك :

http://www.facebook.com/Socializmo