حزب العمال الكردستاني وأكراد سوريا


محمد بودواهي
2012 / 3 / 1 - 17:44     

حزب العمال الكردستاني المعروف ب PKK هو حزب سياسي كردي يساري مسلح ذو توجهات قومية كردية وماركسية - لينينية يسعى إلى جمع شتات الشعب الكردي
الدي يبلغ عدده أكثر من 22 مليون نسمة ويهدف إلى إنشاء مايطلق عليه الحزب دولة كردستان المستقلة التي تمتد مناطقها في مساحات شاسعة من أراضي كل من
جنوب تركيا والشمال الغربي لإيران وشمال العراق والشمال الشرقي لسوريا .... ويتخد الحزب في الفترة الراهنة من شمال العراق مقرا له ومنطلقا لشن
الهجمات على مواقع الجيش التركي ، الدي ترفض حكومته العسكرية الإعتراف به وإجراء أي حوار معه أو الاعتراف بالشعب الكردي ، أو حتى إعطائهم حكم داتي
في المناطق التي يتواجدون بها ....وللحزب تموقع استراتيجي عسكري في كل المناطق الكردية في تركيا وإيران والعراق ، وترتبط أغلبية الشعب الكردي
بقراراته التنظيمية وتكتسب الدعم الفكري والمعنوي منه ، بالإضافة إلى ما يحظى به من دعم من كل قوى اليسار والقوى الماركسية والتقدمية عامة في المنطقة العربية والشمال إفريقية بل والعالم أجمع ....هدا ويعتبر الحزب في قائمة المنظمات ( الارهابية ) على لوائح الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وتركيا وإيران وسوريا وأستراليا ودول عالمثالثية تبعية أخرى عدة ... وقد حضرت كل من فرنسا وألمانيا ودول غربية أخرى نشاط الحزب على أراضيها ودلك بعد العمليات التي نفدها فيها ضد المصالح التركية في سنة 1993.. والتي على إثرها كرست الدول الغربية أكثر صفة ( الإرهاب ) على الحزب ، وهو ما رد عليه زعيم حزب العمال الكردستاني في مقابلات صحفية معه بالقول أن السبب الوحيد لوضع اسم المنظمة على قائمة المنظمات «الإرهابية» هي المصالح الاقتصادية والسياسية لتركيا مع الدول الغربية.....فيما يقوم الجيش التركي بذبح الأكراد لمجرّد رغبتهم بإنشاء وطن قومي على أرضهم... وما المانع في ذلك طالما أنهم شعب مثل باقي الشعوب ولهم لغة وحضارة وتاريخ يؤهلهم لان يكونوا أحراراً على أرضهم وان يتمتّعوا بحق تقرير المصير؟!

نشأ الحزب في السبعينيات على يد الزعيم التاريخي للأكراد عبد الله أوجلان الدي يعتبر في نظر أبناء شعبه وفي نظر الشعوب التي تتطلّع إلى الحرية إنسان وطني شهم ومناضل حر يحبّ شعبه ووطنه ، ويناضل من اجل تحقيق حكم ذاتي لشعبه ومن ثم الانفصال عن الدولة التي تذلّ شعبه صباحاً ومساء ... وإقامة دولة للأكراد .الدي يوجد الآن رهن الاعتقال في السجون التركية بعد أن تم القبض عليه سنة 1999 ، ويخشى الكثيرون أن يؤدي إعدامه ، فيما لو تم تنفيده ، رغم الضربة القاصمة التي سيتعرض لها الحزب بفقدان زعيمه التاريخي ، إلى ردود فعل عنيفة جدا من قبل حزب العمال ، بالإضافة إلى استنهاض روح الغيرة القومية للأكراد في كل مناطق تواجدهم في تركيا والعراق وسوريا وإيران ، وبالتالي فتح المنطقة بكاملها أمام هزات شعبية وانتفاضات وثورات لا سابق لها ....وحتى إن اعدموا أوجلان فهم متأكدون أنهم لن يعدموا شعباً يصل تعداده إلى أكثر من 22 مليون نسمة ، أي نصف تعداد أتراك تركيا... ولن يستطيعوا القضاء على قضية إنسانية من الدرجة الأولى هي قضية شعب محروم من هويته ومن خصوصياته ومن أدنى شروط العيش بكرامة مثل باقي الشعوب ..... هدا وتحول الحزب بسرعة إلى قوة مسلحة بزعامة هدا المناضل الفد وحولت منطقة جنوب شرق تركيا إلى ساحة حرب في الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين والتي زادت وطأتها مند بداية القرن الواحد والعشرين حتى الآن .....مع العلم أن الكفاح المسلّح وحده لا يكفي ، كما هو معروف في تاريخ حركات التحرر في العالم ، فالأكراد بالتأكيد بحاجة لآلية حوار سياسية ودبلوماسية كفؤة وقادرة على مخاطبة العالم الأوروبي ( الديموقراطي ) والعربي والإسلامي والأمريكيتين وروسيا والصين ....الأصم والصامت والمؤسف والمدل ... ، وعلى منازلة الصوت الرسمي التركي وفضحه وتعريته في كل المحافل والمؤسسات الدولية والحقوقية ... إد للأكراد الضلع الأكبر في عدم انتشار قضيتهم بالشكل المطلوب والملائم ، لأنهم لم يطوّروا اللغة الدبلوماسية والخطاب السياسي ، ولم يسعوا لاستغلال الإعلام العالمي بالشكل الذي يضمن لهم تطور قضيتهم في اتجاه واسع واستقطاب التأييد العالمي لها.....

ولسنا ندري إن كان أوجلان فطن إلى ذلك فقط في زنزانته لإنقاذ رقبته كما يتهمه البعض ، أم لأنه فهم أن الحوار كفيل بإيجاد حل لقضية الشعب الكردي ، خاصة وان الأتراك عرفوا بسالة المقاتلين الأكراد ، وعرفوا تصميمهم على التمسك بقضيتهم والنضال المستمر حتى إيجاد حل عادل لها ....

وتجدر الإشارة ، على إثر سيرورة الثورة السورية ، إلى أن الأكراد السوريين لا يعترفون بسوريا كموطن لهم ، بل يصورون مناطقهم في سوريا كجزء بسيط من دولة كردستان الكبرى ، ويتماهون مع أكراد المنطقة كلهم في هدا المبدأ مما جعل الكثير منهم ينضمون إلى حزب العمال الكردستاني ..... وهو ما يعتبر ضربا لحقيقة الوهم التي يتصورها الكثير من العروبيين السوريين الدين يقولون بأن السبب في تنامي القومية الكردية بين الكرد السوريين هو غياب التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عن مناطق انتشارهم ، وتنامي الفقرفيها ، ونجاح تجربة استقلال إقليم كردستان العراق ، و ما كان النظام التعليمي السوري الرسمي يقوم به في التركيز على القومية العربية واللغة العربية مقابل تهميش الهوية و اللغة الكرديتين ، واعتبار أنفسهم مواطنين من الدرجة الثانية بعدم الاعتراف بهم دستوريا ، ..... مما سبب ردة فعل قوية عند القوميين الكرد ، الذين يرون في القومية العربية فرضا على قوميتهم ، مما يجعلهم يتكلمون باللغة الكردية في منازلهم حصرا ، ويشاهدون المحطات الفضائية الكردية بشكل خاص ، ويحاولون جاهدون البحث عن أي جذر يربطهم في القرى السورية من منطقة الجزيرة وعفرين بغية منهم في ترسيخ هوية واضحة تثبت مطلبهم القومي .... رغم أن هده المعطيات وغيرها ساهمت بشكل أو بآخر في طرح القضية الكردية في سوريا ...