نواب المصلحة والعجلات المصفحة


محمد علي محيي الدين
2012 / 2 / 28 - 10:47     

محمد علي محيي الدين
عودنا مجلس النواب الموقر على كل ما هو عجيب وغريب، وطالما أقام الدنيا ولم يقعدها بما يشرع من قوانين أو يقر من أنظمة، فهو دائما في واد ومصالح الشعب العراقي في واد آخر، وعندما تظهر الإحصائيات أن 40% من الشعب العراقي دون مستوى خط الفقر، يشرع ما يزيدهم فقرا، وعندما تهزج ساحة التحرير بنداء البؤساء والمحرومين من شعبنا المظلوم مطالبين بالغذاء والدواء والكهرباء وتحسين الخدمات، يسارع ممثلو الشعب لزيادة مخصصاتهم ومنافعهم الاجتماعية، ويخصص لكل نائب ملايين الدنانير للغذاء والكساء والدواء، وأكثر منها للاتصالات، وما يفوقها للمؤتمرات والايفادات، وآخر الصرعات النوابيه ما شرع هذا العام من شراء السيارات المصفحة والطائرات المجنحة لأعضاء المجلس الذين لم تحمهم الكتل الكونكريتيه، أو القصور الأسطورية في المنطقة الخضراء، ولا الحمايات المدججة بمختلف الأسلحة، خشية أن يدركهم الموت الزؤام، أو تمزقهم الألغام، متنكرين لقوله تعالى" يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة"، ويتناسون شعبا أصبح بفضل صراعاتهم نهبا للعبوات والمفخخات والكواتم وزناة الليل من لصوص المافيات المرتبطة بهذه الجهة أو تلك.
ولو أحصينا من قتل من نواب الشعب من يوم التحرير وحتى تقرير المصير!! لوجدنا إن من قتل منهم لم تصل نسبته للواحد في المليون، فيما يقتل يوميا مئات العراقيين ممن غصت بهم ثلاجات الطب العدلي أو المقابر الجماعية لمجهولي الهوية.
ويدعي نوابنا أنهم ظل الله في الأرض فهم يمثلون الطوائف العراقية، والمصالح الإلهية، وهم أولي الأمر، ومن أحيوا الشرائع المقدسة، ومن وجبت طاعتهم لقوله تعالى فيهم" وأطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر" ويرتلون القرآن بكرة وعشيا، في جلساتهم وخلواتهم وحفلاتهم ولا يتناسون أمره أو يغفلون ذكره، فهو في أورادهم وأسحارهم وصلواتهم ونوافلهم ،في حلهم وترحالهم وقيامهم وقعودهم، ويتمسكون بالمراجع العظام، وأئمة الإسلام، ولكنهم لا يعبئون بما يقول مراجعهم إذا تعارض مع مصالحهم، فقد أصدر ممثلو المراجع بيان بعدم جواز شراء السيارات المصفحة، ونددوا بما يجري من فساد مالي وادري في أجهزة الدولة، وضرورة تشريع ما ينفع الأكثرية، فغضوا السمع والبصر، ورفضوا ألإصغاء له لتعارضه مع مصالحهم، في الوقت الذي هرع فيه البسطاء والسذج من العراقيين لانتخابهم لنهم كما يقال يمثلون طوائفهم، ويحضون ببركة مراجعهم، فهنيئا للمرجعية الرشيدة بهؤلاء الثقاة السائرين على خطى الأئمة وهدي آل البيت.
وأقسم بكل همزة لمزه، ومن شرب الخمر ومزمزة، وستر مونيكا، ومؤخرة شاكيرا، أن نوابنا الأعزاء يكذبون فيما يقولون، ويخلفون ما يعدون، فقد رأيناهم من خلال التلفاز رافعي الأيدي، مشرئبي الأعناق، مصوتين غير متخلفين، لشراء السيارات وزيادة المخصصات، ومنح الامتيازات، رافضين تخصيص المال للفقراء والمحرومين، أو زيادة رواتب المتقاعدين، ولكنهم كذبوا ما رأينا بأبصارنا، وما سمعناه بأذاننا، وتراشقوا بالاتهامات، يتهم بعضهم بعضا بأنه من صوت على هذا القرار، وتسربل بالعار، وناله الذل والشنار، ولا ادري من صوت إذن إذا كانت جميع الكتل ضد المشروع، هل صوت عليه ملائكة السماء الذين يطوفون في أروقة البرلمان يحرسون النواب، أم صوت عليه الجان الذين أستحضرهم الكهان، من أعضاء البرلمان.
لقد رفعت جدتي -الأمية الجاهلة التي دفعها إيمانها الأعمى برجال الدين للتصويت لهؤلاء- يديها إلى السماء، بعد أن حسرت عن رأسها، وكشفت صدرها، وقصت شعرها، طالبة من رب العزة والجلال، أن يذيقهم الوبال، ويشردهم من جديد في الوديان والجبال، وأن لا ينعم عليهم بفرحة، ويذيقهم البلاء، ويصيبهم بداء ليس له شفاء، وأن يعيدهم كما كانوا في المنافي القصية، ويصيبهم بكل بليه، جزاء ما قدمت أيديهم، وان يجعلهم صيدا سهلا للإرهابيين، ولقمة سائغة للمجرمين، وان يخلص العراق والعراقيين ، من المزورين، والطائفيين، والقوميين المدعين، وان يجعلنا من الصابرين، على ما فعل المارقين والقاسطين والناكثين، آمين يا رب العالمين.