الحزب الشيوعي، يهنيء مسلمي العالم، بمناسبة الميلاد النبوي!!


رعد سليم
2012 / 2 / 16 - 17:43     

أصدر المکتب السياسي للحزب الشيوعي الکردستاني اي فرع الحزب الشيوعي العراقي في کردستان ، برقية تهنئة الى مسلمي کردستان و العراق و العالم، بمناسبة ميلاد "الرسول" محمد . و‌هذه ليست الاول المرة التي يصدر فيها الحزب الشيوعي الکردستاني و العراقي هكذا بيانات او برقيات بمناسبات دينية .
ان هذا يستدعي طرح اسئلة عديدة على قيادة الحزب الشيوعي؟ لمــاذا هذه البرقية؟ ماهي الاجندة من وراء ارسال برقيات او الترويج لمناسبات دينية؟ هل يعتبرون ان المجتمع العراقي مجتمح اسلامي ويجب أحترام اعتقاداته؟ هل الحزب الشيوعي حزب مارکسي ؟ هل هو حزب العلماني؟ هل يٶمن بنقد مارکس للدين؟
اننا نعرف ان الحزب الشيوعي العراقي کان لديه تحفظ واضح اتجاه الدين وعلى امتداد تاريخه، و كان يعتبره امر مقدس للناس، ولم ينظر اليه على انه يقف معرقل کبير امام تحرر المجتمع. الا انه في السنوات الاخيرة خرجوا من هذه التحفظ ولکن ليس باتجاه اليسار و العلمانية او الشيوعية ، بل باتجاه مغاير اي توجه واضح نحو الدين . لم نقرأ بيانا صدر من الحزب الشيوعي العراقي اوالکردستاني او برقية مرسلة لكل شيوعي العالم بمناسبة ميلاد مارکس او لينين ، لکن لم تفتهم المناسبات الدينية مثل عاشوراء او اربعينية للحسين ، او ميلاد محمد و الاعياد الدينية، فيحرصون على أصدار برقيات التهاني و يشارکون في احتفالات الاحزاب الدينية في تلك المناسبات ، و في مرات عديدة طلبوا من وزارة الاوقاف و الشٶون الدينية حصتهم من سفر للعمرة و الحج.
يرى الحزب الشيوعي العراقي بان المجتمع العراقي مجتمع اسلامي ، ولذلك يجب احترام معتقداته و مراعاة المٶمنين ، وعن طريقه يريد ايصال رسالته بان الحزب الشيوعي العراقي ليس حزبا مناهضا للدين، و من هنا، يجمع الناس من حوله عن هذه الطريقة " الانتهازية". لکن هذا التحليل او السياسة اتجاه الدين او" المجتمع العراقي المسلـم" للحزب الشيوعي ، ليس له اي ربط بالشيوعية او حتی العلمانية . ان اعتبار مجتمع ما کليا هو مجتمع اسلامي او مجتمع مسيحي ليس تحليل خاطئ و حسب، انما اهانة سافرة بحق المواطنين .ان ثقافة الدين الاسلامي او الاديان الاخری السائدة في کل المجتمعات يمر على وجودها قرابة ثلاثة الاف عام، و تثقل بالتاکيد علی سلوك الانسان وعلی تعصباتهم حتی في الدول الغربية العلمانية الاخری. ماهو تعريف ألمجتمعات الاسلامية کي نستطيع ان نفهمها؟ ان التصور السائد عن المجتمع الاسلامي هو کون الناس فيه مٶمنة بالاسلام و تراعي قوانينه، ولا تسمع الموسيقی الغربية، ولا تتناول المشروبات الروحية وغير ذلك. يقول منصور حکمت في اجابته لاحد المجلات " ‌هل ان المجتمع ايراني مجتمع الاسلامي ":
بيد ان جميعنا يعلم، بناءاً على هذا التعريف، ان مجتمع ايران ليس بمجتمع اسلامي. ان هذا التصوير هو تصوير مقولب وكليشي صاغه الغرب عن مجتمعات بعيدة عن متناول مواطنيه. من المؤكد ان الدين الاسلامي في ايران، مثل المسيحية على سبيل المثال في ايطاليا او ايرلندا، تؤثر على تفكير ومزاج بعض الناس. ان تلك الثقافة الدينية وذلك الميراث والنصيب الديني الذي يمتد لالاف السنين يثقل، بالتأكيد، على سلوك البشر، على تعصباتهم، وحتى على طريقة نظرة الناس لبعضهم البعض. ليس في هذا ادنى شك. بيد ان هذا يصح على ايطاليا وايرلندا وفرنسا كذلك على الرغم من علمانية هذه البلدان، بعد هذا، بالوسع ان يقول امرء ما انهم مسيحيين كذلك. ومن المؤكد ان امرءاً فرنسياً سيقول لك ان فرنسا ليست بمجتمع مسيحي، بيد ان المسيحية هي جزء من ماضيها وتترك ثقلها عليه. بهذا الشكل، في ايران كذلك يترك الاسلام ثقله على المجتمع. مثلاً اقرأ اعمال المثقفين والكتاب والشعراء الايرانيين، ان التصوير الذي يطرحه لك عن المرأة هو ميراث الاسلام عن المرأة. التصوير الذي يمنحه عن الفرح والحزن، الولع بالتعاسة والموت والفداء والشهادة التي تنضح بها مجمل الثقافة ذات الجذور الاسلامية. ولكن حين يتحدثون في الغرب عن مجتمع اسلامي، فان تصورهم يتمحور حول وجود مجتمع تعد الاحكام والمقررات الاسلامية، بالنسبة للجماهير، جزءاً ذاتياً وعضوياً ونابعا من صميمها. في حين ان طرحنا هو ان هذا الاسلام قد تم فرضه على جماهير ايران في عملية سياسية، عبر الزنزانات وعمليات القتل والاعتقال وقطيع حزب الله وجلاوزة ثأر الله. ان ايران ليست بمجتمع اسلامي وذلك لانه لم يكن كذلك قبل ان يأتون. وما ان أتوا، تصدت لهم وقاومتهم الجماهير على طول الخط. افترض انك بغيت ثني قضيب، تواصل ثنيه، بيد انه يعود الى وضعه السابق ما ان تزيل الضغط عنه. ان حالة الانثناء ليست الشكل الحقيقي لهذا الشيء، ان الشكل العادي للقضيب هو الاستقامة، حين تثنيه فانه يتمتع بالمطاطية والمرونة ويبغي العودة الى وضعه العادي. اذا سعى امرء، وطيلة عشرون عاماً، عبر القتل والقسر والدعاية اليومية لعشرات القنوات الاعلامية التلفزيونية والاذاعية فرض الحجاب، تضع النساء الحجاب جانباً ما ان تتوارى انصال السكاكين ورمي الاسيد، عليهم ان يفهموا ان المراة في هذا المجتمع لا تقبل المعايير الاسلامية. من المؤكد انه من بين 60 مليون انسان، تجد مئة الف منهم يقبل الحجاب ويشجعون الاخرين عليه كذلك، بيد ان الناس العاديين لهذا البلد، وعلى صعيد مليوني، لايعدّوا الحجاب الاسلامي جزء من طبيعتهم وثقافتهم ولايبغون ذلك.

ان الموسيقى التي تستمع لها جماهير ايران هي ليست تلك الموسيقى التي تلطفت بها الحكومة رسمياً ورضخت بها لثقافة الجماهير وأجازتها، بل مايكل جاكسون ومادونا وسائر مغني البوب في الغرب. ان كوكوش شخصية محبوبة اكثر من الخميني في تاريخ ذلك البلد. ان انتاج واستهلاك البيرة في البلد فاق دوماً انتاج الترب والسبح وان الناس هم نفس الناس. لو ان امرءاً عاش مثلي ومثلك هناك ولا يبغي ان يتعرف على ايران عبر وسائل الاعلام يعلم ان هذا البلد ليس باسلامي، وهو يماثل المجتمعات الغربية اكثر. حتى الان، ما ان تطأ قدمي الايراني الخارج، يتبنى، وبسرعة، وباسرع من جماهير العديد من البلدان الاخرى، النمط الغربي للحياة. وحتى ان مفاهيم مثل النزعة البطريركية والشوفينية للرجل الشرقي التي لازالت قوية جداً تضعف اسرع مقارنة بأولئك القادمين من بلدان اخرى مبتلاة فعلاً بالاسلام" . " منصور حکمت/ مقابلة مع مجلة برسش.

هنا اود اشير الى انا المجتمع العراقي مثل المجتمع الايراني او المجتمعات اخری، ليس مجتمعا اسلاميا . ان العراق مجتمع متعطش للتمدن و للحضارة ، متعاطفا مع الثقافة و الفن و موسيقی الغربية، و مشاهير المجتمع الغربي جزء من مشاهير المجتمع. وکلام منصور حکمت ينطبق علی مجتمعنا ، انظر الى المجتمع في السعودية، انهم يريدون حكمه بالقوانين الاسلامية، انظر الى النساء، و انظر الى الرجال انهم يؤازرون النساء على قيادة السيارات، لكن رجال الدين، يتفننون باصدار الفتاوى لقمع تطلعات المجتمع المدني و فرض النمط الاسلامي، انهم يعرفون اي احقاق لحقوق مدنية في المجتمع يعني خرق وتصديع لسلطتهم الدينية. لذلك اي کلام علی اسلامية المجتمع العراقي او مسيحية المجتمع الفلاني او يهودية مجتمع ثالث هي کلام فارغ و بعيد عن الواقع .وينبغي ان يحترم الانسان کانسان و ليس معتقداته . يجب احترام ألانسان اي كانت تصوراته الفكرية و السياسية ، لکن ليس لدينا احترام للفکر النازي او الفاشي او الفکر المسيحي . الانسان حر بما يفکر ، بما يعتقد، و يمارس حقه في الاختيار، و لكن ليس لدى احد ألحق بان يمارس الضغط على الاخرين لتغيير اعتقادتهم او افکارهم ، بما فيا السلطة او الدولة . ان مسالة الدين او الاعتقاد شيء خاص و شخصي متعلق بالفرد. و اذا نعتبر انفسنا شيوعين او حتی يسارين نٶمن بحرية العقيدة او حرية الدين ، ليس من واجبنا ان نهني اناس لحملهم افكار معينة او نهنئهم على معتقداتهم.
لاشك ان الحزب الشيوعي العراقي لايدعي بانه حزب شيوعي مارکسي و يٶمن بالاشتراکية و الشيوعية ،رغم ان اسمه لحد الان هو اسم الحزب الشيوعي وهو عائق کبير امامه. الحزب الشيوعي العراقي او الکردستاني ليس لديهما جرأة نقد ألدين او الکلام عن العلمانية و الدفاع عن فکرة فصل الدين عن الدولة. ان الحزب الشيوعي ليس مٶمن بنقد مارکس للدين ، عندما نظر الى الدين علی انه وهم، بدون اله او ليست هنالك قوی خارقة في الخفاء. لقد رأى ماركس القوة التي دفعت بالمجتمعات الى التغيير نحو الافضل..لقد امن مارکس ان الدين هو مٶسسة اجتماعية، تعيش في مجتمع معين، وهي اداة يستخدمها الراسماليون ليتحکموا بالطبقة العاملة. لقد رای مارکس انه يجب استبدال تلك السعادة الزائفة التي تمنحها الاديان عن طريقة خلق ظروف اقتصادية صحيحة بدلا من النظم الاستغلالية التی تجعل حياتهم لا تطاق فليجئون الى الدين کمخدر. . .
ان التحرر من الدين و قيود افکاره کانت موضع نضال تاريخي و مستمر للشيوعين في العالم ، يجب لهذا النضال ان يستمر. و هذه احد الوظائف المهمة للشيوعين . فبالاضافة الى سياساتنا الخاصة بفضح الدين وتبصير الجماهير به عموماً، فاننا الان امام الاسلام بوصفه حركة سياسية، حركة في القرن الحادي والعشرين، حركة رجعية راهنة مناهضة للشيوعية، مناهضة للاشتراكية، مناهضة للحرية، مناهضة للمراة والتحديث، بل ومناهضة للفرح و هي عنصرية الى ابعد الحدود. ولهذا فاننا بحاجة الى موقف سياسي وعملي خاص. وان الدين الة فتاکة بايد الراسماليين للحفاظ علی سلطتهم و بقاء نظامهم و استغلال الاکثرية المطلقة من العمال و الکادحين. و هنا اود ان اقول للحزب الشيوعي لا تستطيعون ان تحافظو على بقائكم و وجودكم بالتمسح على اكتاف الاسلاميين، و بالمجاملات بحجة الدفاع عن اعتقادات الناس ،انكم انما تضللون الجماهير بماهية حقيقة الدين، كونه سلاح شرس بايدي القوى الرأسمالية الرجعية من اجل فرض اكثر اشكال التخلف و انعدام الحقوق للبشر. ان امام الشيوعيين طريق واحد لا غير هو الدفاع عن نضال الجماهير و من اجل تغير المجتمع و اقامة دولة ليست علمانية و مدنية يفصل فيها الدين عن الدولة فحسب، بل دولة اشتراكية مساواتية تؤمن بالعلم و بعقل البشر و امكانياته و قدرته على ألتغيير.

ان الدين هو تنهيدة مجتمع مضطهد، انه شعور عالم بلا قلب، الروح لظروف