لماذا التمسك بمجلس -لا يهش ولا ينش- ؟!


سعد هجرس
2012 / 2 / 9 - 17:56     

تجرى فى مصر انتخابات لمجلس الشورى.. لكنها انتخابات سرية لا يشعر بها أحد، ليس بسبب تقصير وسائل الإعلام وإنما بسبب أبسط هو أنها انتخابات لم يذهب إليها أحد، بل قاطعها الناخبون دون تحريض من أى جهة.
والسؤال هو: لماذا أصر من يمسكون مقاليد الأمور بالبلاد الآن على إجراء هذه الانتخابات التى تستغرق ما يقرب من ثلاثة أسابيع فى وقت نحتاج فيه إلى كل دقيقة للوفاء باستحقاقات المرحلة الانتقالية، والتى تستنزف ملاييناً من الجنيهات فى وقت تعانى فيه الموازنة العامة للدولة من عجز كبير، ...، والأهم أنها انتخابات لا طعم لها ولا لون ولا رائحة لمجلس يشبه الزائدة الدودية.
فهو مجلس يفتقر إلى الصلاحيات الحقيقية، ويكفى أن نلقى نظرة على المادتين التى تحددان دوره فى الدستور (الذى يفترض أنه سقط بقيام الثورة).
فنجد المادة 194 تنص أن مجلس الشورى يختص "بدراسة واقتراح ما يراه كفيلاً بالحفاظ على ثورتى 23 يوليه 1952 و15 مايو 1971 (هل تذكرونها باسم ثورة التصحيح؟!) ودعم الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي وحماية تحالف قوى الشعب العاملة (هكذا!!) والمكاسب الاشتراكية (هكذا جاء فى النص الدستوري وليس من عند ياتنا!) والمقومات الأساسية للمجتمع وقيمه العليا والحقوق والحريات العامة وتعميق النظام الاشتراكي الديمقراطي (يعنى ليس الدفاع عن الاشتراكية فقط وإنما تعميق النظام الاشتراكي أيضا!!)
أما المادة 195 فتنص على أن يؤخذ رأى مجلس الشورى فى عدد من الموضوعات والقصايا :
ومن هذه النصوص نرى أن صلاحيات مجلس الشورى لا تتعدى "اخذ الرأى" و"الدراسة" و "الاقتراح". أى أنه مجرد مجلس استشارى ليست له صلاحيات أو سلطات تشريعية على الإطلاق. وكان الرئيس الراحل أنور السادات يسميه "مجلس العيلة"، بما يعنى أنه مجرد "مصطبة" من تلك التى كان يعرفها الريف أيام زمان.
وكان الدافع الحقيقي وراء إنشاء هذا المجلس الوهمى هو :
1- أن يكون بمثابة "مكافأة نهاية الخدمة" لمحاسيب نظام الحكم الذين انتهى تاريخ صلاحيتهم.
2- أن يوفر الحصانة البرلمانية لأزىم هذا النظام وبخاصة من رجال الأعمال الذين ليسوا فوق مستوى الشبهات ورجال الإعلام الذين يطلقهم نظام الحكم على رموز المعارضة وخصوم الحكم.
فلماذا الإصرار على إبقاء مجلس هذه هى طبيعته وهذا هو أصله وفصله؟!
****
والى جانب الافتقار إلى الجدوى يشهد مجلس الشورى الذى تجرى انتخاباته "السرية" هذه الأيام معضلة إجرائية، حيث أن اجمالى أعضاء المجلس يبلغ 270 عضوا يتم انتخاب 180 منهم على أن يكون نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين. والمفترض أن يتم تعيين الثلث الباقى من قبل رئيس الجمهورية .
وقد خرج علينا المستشار عبد المعز إبراهيم رئيس اللجنة العليا للانتخابات بـ "فتوى" مدهشة أكد من خلالها أن هذا الثلث (الذي يبلغ 90 عضوا) ليس من سلطة رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة تعيينهم "وفقا" للدستور.
وبالتالى فان المجلس سيعمل بالأعضاء المنتخبين فقط لحين الانتهاء من انتخاب رئيس الجمهورية.
هذه الفتوى تثير عدداً من التساؤلات:
1- إذا كان الدستور ينص على أن تعيين الأعضاء حق لرئيس الجمهورية فقط ولا يجوز إعطاء هذا الحق لرئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة فلماذا قام الأخير بتعيين عشرة أعضاء فى مجلس الشعب؟!
2- من الذى أعاد دستور 1971 إلى الحياة، والمفترض انه مات بـ "السكتة الثورية"؟!.
أم أن البعض يفترض أن الثورة هى التى ماتت، وأن كل الأوضاع الدستورية والتشريعية التى كان قائمة قبل 25 يناير 2011 عادت كما كانت؟1
3- إذا كان المجلس الموقر سيسير على قدم واحدة بثلثى الأعضاء فقط، ولن يسير على القدمين إلا بعد تعيين الثلث الناقص، بعد انتخاب رئيس الجمهورية.. فلماذا الإصرار على وجوده أصلاً قبل انتخابات الأخير؟! ومن الذى يتحمل مسئولية وتكلفة هذا الإهدار للجهد والوقت والمال؟!
****
بالمناسبة .. هل تذكرون آخر رئيس لمجلس الشورى؟!
إنه السيد صفوت الشريف المحبوس فى ليمان مزرعة طرة. لكن ماذا جرى له وما هى الاتهامات الموجهة إليه وما هى علامات طريق محاكمته؟!