مقابلة صحفية مع أحد الشهود لمجزرة بورسعيد


محمود جلبوط
2012 / 2 / 8 - 16:36     

المقابلة منقولة ومترجمة إلى العربية من صحيفة "الراية الحمراء" جريدة الحزب الماركسي الليني الألماني , نشرت في تاريخ 7.2.2012 وأجراها أحد شباب منظمة اتحاد الشباب الثوري التابعة للحزب المذكور مع أحد الطلبة المصريين ذو العشرين ربيعا دعاه فيها باسم هوندا باعتباره شاهد عيان لما جرى في الملعب الذي ارتكبت فيها المجزرة في بور سعيد على إثر المواجهة الرياضية التي قامت في حينه بين النادي الأهلي مع النادي المصري وليشاطره العزاء بالضحايا نتيجة عنف ما يعتقد أنه تم من جانب قوى الثورة المضادة.
الراية الحمراء: نرحب بك أولا ثم هل يمكنك أن تخبرني ما الذي حدث بالضبط بتاريخ 1.2.2012 في الملعب المذكور؟
الشاب: أشكركم على إتاحة هذه الفرصة التي كنت أتوق إليها لنشر حقيقة ما جرى لأهميته بالنسبة لنا كشعب مصري وبشكل خاص لأهالي مدينتي في بور سعيد لأبين للمصريين بأن الدم المصري عزيز علينا وأننا لسنا مجرمين أو عدوانيين كما أشيع عنا .
ينبغي الإدراك بأن المباراة التي عقدت بين النادي الأهلي والمصري على ستاد بور سعيد تعتبر بالنسبة للشباب المصري حدثا هاما بما يمكن تشبيهه في ألمانيا عندما تجري مقابلة رياضية بين نادي بايرن ميونخ ونادي شالكة . ومن المعتاد والمتوقع أن تسيطر الحمية على جمهور الفريقين مما يستدعي في حالة كهذه انتشار عدد كاف من عناصر الشرطة المتحفزة لأي طارئ لحماية اللاعبين وهيئة الحكام ومنع مشجعي الفريقين من الاحتكاك المباشر ولكن ما حصل في الواقع هو انتشار عدد قليل وغير منظم أو لنقل غير كاف لبعض من عناصر الأمن للقيام بالمهمة وخاصة أنني أعرف كأحد المشجعين للنادي الأهلي ولأني اعتدت على ارتياد الملاعب لحضور المقابلات الرياضية في لعبة كرة القدم أنه سيسود جو الملعب في ذاك اليوم بعض الهتافات الاستفزازية وبعضا من مظاهر التوتر والعنف ولكن ما جرى في هذه المرة كان غير طبيعي وغير متوقع ومبالغا فيه بشكل صريح مما يحتم على عناصر الأمن بذل جهد أكبر وترقب أشد ولكن ما لاحظته كان على العكس تماما , فعلى سبيل المثال لم تجر عناصر الشرطة عند دخولي إلى المدرجات أي تدقيق على بطاقتي ولا تفتيش ولا للآخرين كما يجري في العادة في أوقات أخرى سابقة مما يعني أن هناك إمكانية للعديد من رواد اللعبة من جلب قطع سلاح مختلفة إلى مدرجات الملعب.
ثم ما أن وطأ لاعبي النادي الأهلي أرض الملعب حتى تعرضوا لإطلاق مفرقعات وصواريخ ألعاب نارية مفاجئ من قبل مشجعي المصري مما أدى إلى جرح أحد اللاعبين مما كان يستدعي من وجهة نظري لإلغاء المباراة ولكنه لم يحصل بل على العكس أطلق حكم المباراة صفارته معلنا انطلاق اللعب مع استمرار جمهور المصري بقذف المفرقعات النارية إلى أرض الملعب بالإضافة إلى الحجارة والزجاجات الفارغة بشكل غير مألوف.
ليس هذا وحسب بل نزل بعض الجمهور إلى أرض الملعب أثناء الاستراحة ما بين الشوطين دون اعتراض من قبل عناصر الشرطة أو أي من عناصر حفظ النظام . انطلق الشوط الثاني الذي حقق فيه النادي المصري ثلاثة أهداف , وما أثار استغرابي أكثر أنه بعد كل هدف كان جمهور المصري يحتفل مع اللاعبين على أرض الملعب مباشرة دون أن يمنعوا من قبل عناصر حفظ النظام , وقد فرض جمهور المصري في حينه طوقا بشريا لحماية الملعب , وقبل دقيقتين من إعلان الحكم نهاية هذا اللقاء الكروي فتحت عناصر الشرطة باب مدرج مشجعي المصري قائلين لهم:"هيا انطلقوا واقتلوا أولاد الزنى" , فانطلق آلاف مشجعي المصري إلى أرض الملعب يلاحقون لاعبي الأهلي بالسكاكين والمفرقعات ليصيبوهم بجروح والمدهش في الأمر أثناء هذا الاندفاع والهجوم , مما يثير الشبهات , هو إنطفاء أضواء الملعب بينما المهاجمون مزودين بلمبات الجيب (بيل) مما يدل على تحضير مسبق ونوايا مسبقة لفعل ما قد وقع مما أدى إلى مقتل 74 وجرح 1000 إنسان.
الراية الحمراء:من هو القاتل ومن كان وراء هذا من وجهة نظرك؟ ولماذا ارتكب ما ارتكب من جرائم؟
الشاب: أعتقد أنه مخطط مسبق وتحريض من قبل المجلس العسكري وجهاز الشرطة الذي اعتاد أن يطلق على الأهلي وجمهوره "الأهلاويون المتمردون" بالتعاون مع بعض البلطجية يريدون بذلك الانتقام منهم بسبب انحيازهم للثورة في حينه ولدورهم الهام في التصدي لعناصر الشرطة أثناء الثورة , وبالمناسبة أنا أعتبر نفسي واحدا منهم . يحاول المجلس المجلس من وراء ذلك إثارة الفوضى ولو دفعت إلى حرب أهلية في مصر ليبرر بقاءه في السلطة أو إطالة فترة حكمه فيها ليتم ترتيب الأوضاع على غير ما يريد الثوار .
الراية الحمراء: كيف هي الحال في مصر هذه الأيام وما هي مشاريعك المستقبلية؟
الشاب: في الحقيقة لقد فوجئ مشجعي الكرة الحقيقيين بما جرى وتأثروا كثيرا مما , لقد شاركوا في إسعاف الجرحى , ولكنهم وللأسف وقفوا عاجزين أمام من مات منهم تحت أقدامهم بسبب تدافعهم الغير منظم خوفا من الهجوم. إن مصر بكليتها مفجوعة اليوم ويسيطر عليها الغضب مما حصل , بعضهم غاضب من أهل بور سعيد , ولكن بور سعيد حزينة أيضا , لقد شاركت بفعالية لإسقاط نظام مبارك . إن المجلس العسكري هو من بقايا نظام مبارك وقد تبين أنه قد خدعنا ولهذا فبعد أن أنتهي وإخوتي "الأهلاويون المتمردون" من دفن إخوتنا سنذهب إلى ميدان التحرير ثانية.
الراية الحمراء: شكرا لك لهذه المقابلة وأتمنى لكفاحكم الثوري النجاح ضد النظام وفلوله.
الشاب: شكرا لكم والله يحمي مصر.