أزمة الرأسمالية و الحراك الجماهيري


علاء الصفار
2012 / 2 / 5 - 00:11     

*الصراعات القومية و الدينية*

اندحرت الحركة الاشتراكية و الشيوعية بعد عقود الحرب الباردة, التي صاحبت انهيار الاتحاد السوفيتي و نهجه المنحرف الذي تخبط في دروب الابتعاد عن المباديء الماركسية, بعد استلام ستالين للسلطة ليكرس شيء غريب عن الشيوعية ألا وهو الحكم الدكتاتوري الفردي, ليجلب معه أمراض أكثر غرابة بالصراعات على السلطة و من ثم قمع الرأي المخالف داخل الحزب, ليكرس نهج الدكتاتور الذي فقد أي اتصال بالفكر الشيوعي القائم على العمل الحزبي المتمثل بالعمل الجماعي الذي يطلق مبادرة الرفاق الجماعية و المبدئية.

لقد احدث الانهيار تداعيات لأصاحب العقلية الستالينية بل وبعض الأحيان يأس إذ فهم البعض أن العمل لابد يقوم بالشكل القمعي بحجة الصراع مع الخصم الطبقي و مواجهة الامبريالية و إلى غيرها من الأمور التي تحاول تبرير الأخطاء القاتلة للقيادة اليمينية السوفيتية, ومن ثم جميع القيادات للأحزاب الشيوعية التي كانت تطبل للنهج المنحرف مما حولها إلى أحزاب ذيلية ضعيفة. انشطرت هذه الأخيرة إلى عدد من التجمعات المتحاربة و المتصارعة لا على المبدأ, بل صراعات على المركز و القيادة, أي أن نفس المرض السرطاني للعمل الستاليني في التخوين و التشويه و التشويش.

اليوم وبعد مرور أكثر من عام على سقوط الدكتاتوريات العتيدة, و لا يزال الشارع العربي يقارع الأنظمة القمعية العربية المرتبطة الامبريالية الأمريكية نرى الفراغ الكبير لقوى اليسار و الأحزاب الشيوعية فهي لم تلعب الدور الطليعي لشحذ القوى الشعبية للنضال بل لا زالت لم تهضم الأمر من اجل اخذ دور المشارك الفعال في الأحداث.
أن أحداث مصر حال نموذجية, فهي صراع مرير بعد أن نزل الشعب, إلى الشوارع و جاهده من أجل تصفية النظام الدكتاتوري, و رأينا مناورة السلطة وكيف نزل العسكر ليخدع الجماهير, و إلى نزول البلطجيه وتهافت الأحزاب السلفية للتفاوض مع رموز السلطة إلى أن تطور الوضع و عرفت الأحزاب الإسلامية صلابة الشارع لتطور شكل توجهاها في العمل على كسب الجيش لصالحها من اجل سرقة منجزات الشعب الثائر و الاستحواذ على السلطة, وخير صورة تفضح القوى السلفية ما حدث في ملعب كرة القدم من اجل الهجوم على الشباب لثائر.

أن كل الذي يحدث و من الأيام الأولى لا يخلو من ترقب دول الركب الامبريالي الخليجية و بزعامة السلفية الوهابية الخادمة الطيعة للدبابة الأمريكية في القواعد العديد في قطر و الحجاز.
لقد كان دور السعودية صارخ و دموي في البحرين و اليمن, أما في مصر و تونس, تحاول السعودية و بكل جهد صعود رفاقها السلفيين, و العمل ألاستباقي في سوريا من اجل استيعاب نظام الطائفية البغيض و لجعل سوريا عراق ثاني.
من اجل ترتيب جديد للمنطقة يعمل على خنق النضال الشريف و الأصيل للشعب الشغيل الداعي إلى التغير الجذري, الذي طمح من الأيام لرسم صورة لمجتمع الغد ألا و هو مجتمع الحرية و الخبز و الكرامة.

سعت أمريكا و دول المنطقة كلها, لخنق وكبح رغبات الشعب العراقي. لقد فتح جورج بوش بابا صغير لغزو العراق لإزاحة العميل المتمرد صدام, وبحجج أسلحة الدمار الشامل و حماية الجيران من الرهيب صدام, لكن كان الأكثر خطرا هو وعد الشعب العراقي بالديمقراطية, ليضمن تحيد الشعب و عدم وقوفه إلى جانب السلطة للدفاع عن الوطن. ساوم الشعب العراقي على الوطن من اجل الخلاص من العميل المجنون صدام, و آملا بالديمقراطية و الخبز و الكرامة.

لقن الأمريكان و دول الخليج و السعودية الوهابية السلفية الشعب العراقي الجريح درسا كبيرا, للعدول عن التوجه الديمقراطي. و كان ذلك بدخول كل سفلة جيش بن لادن الوهابي الأمريكي إضافة لجيش الاحتلال دخل البلاك ووتر وكل زناة الليل لاغتيال الحرية في العراق.

لكن الشعوب العربية عرفت شيء واحد من كل الذي جرى أن الدكتاتور إذا فقد دعم الشعب و قليلا من الدعم الخارجي يسقط لا محال. أن المتاجرة بالقيم الشريفة له ثمنه, لقد كذب بوش حين وعد بالديمقراطية لكن وفا بإسقاط الدكتاتور.أن هذا بحد ذاته كان كافيا لينعش الآمال الكبيرة للشعوب بالخلاص من الدكتاتورية. لقد نجح دور التشويه الذي قادته الامبريالية بأن الأحزاب اليسارية و الشيوعية , أحزاب لا تؤمن بديمقراطية الدول الرأسمالية, فتحولت الشعوب إلى خندق المنادات بالديمقراطية الغربية و التعددية الحزبية و العلمانية.

الآن يعمل الغرب و الامبريالية و الصهيونية الإسرائيلية و الرجعية العربية السلفية من اجل تحويل ثورات الربيع إلى دول رجعية سلفية من خلال دعم الأحزاب اللإسلاموية السلفية, و ضرب حركة الشباب الثورية التي ليس لديها حزب و برنامج واضح تهتدي به.
أن التجربة للامبريالية الأمريكية صارت كبيرة و صار لها نموذج, بعد خوضها الحرب في يوغسلافية, و تفتيتها إلى دويلات صغيرة قائمة على الأسس القومية و الأثينية والدينية.

و هذا ما حاولت أمريكا فرضه على العراق, وتحاول السعودية إيجاد أجندات لها من اجل توريد الحرب الطائفية في حال فشل القوى السلفية استلام السلطة كي تكون صمام أمان لإبعاد و عدم تحقيق الديمقراطية. لقد تلوى جسد الدكتاتوريات العربية حين هب الشعب العراقي إلى الشوارع مستبشرا سقوط الجلاد, ورغم عار الاحتلال الذي قبله الشعب ثمن للديمقراطية. فكان الجواب للسلفية الوهابية شبح الحرب الأهلية, و الآن الدور على مصر و ليبيا و غدا على سورية.

ففي هذا الظرف الصعب فالتحديات كبيرة و تطلعات الشعوب كبيرة. أن المهمة للأحزاب اليسارية و الشيوعية باتت أكثر وضوحا في ظل الأزمة الرأسمالية, إذ الصراع الطبقي سيأخذ الصدارة في الأحداث العالمية و الشعب العربي في حالة ثورية وإصرار كبير من اجل انتزاع الحرية و العيش الكريم, وهذه فرصة مواتية من أجل تبوء النضال و توجيهه الوجه الطبقية الصحيحة.

لقد سبق الشعب الأحزاب بالخروج على الأنظمة الدكتاتورية وهزمها فهل الأحزاب الشيوعية قادرة على احتضان الشعب الثائر, و الإشارة إلى درب النضال الطبقي من خلال صهر كل نضال الشغيلة الشابه الثورية في درب المواجهة للعدو الرجعي السلفي العميل, الذي يعمل على دعم قوى الردة للعودة إلى الدكتاتورية البغيضة في ألعن أشكالها الإسلاموية.

أن درب الرجعية العربية واضح وفاقع, و لا يستجيب لمطالب الشعب الهائج في شوراع النضال و الصدام اليومي من اجل الخبز المغموس بالكرامة و الحياة الحرة. أن الكرة في ملعب اليسار و الأحزاب الشيوعية فهل يستطيع الشيوعيون النهوض بالدور التاريخي في هذا الزخم من الحراك الشعبي و في ظل أزمة اقتصادية خانقة للديمقراطيات الرأسمالية التي هي الأخرى أصبحت عاجزة على توفير العمل و الخبز الشريف للشعب في اليونان و ايطالية و اسبانيا ز البرتغال و حتى في أمريكا.
أم لا زال اليسار ينهكه الفكر الستاليني الرافض للجدل و القابل على العمل الرفاقي الجماعي الذي قاده لينين و حقق دولة العمال و الفلاحين لا غيا الدين و القومية و الطائفية البغيضة, وقبل ما يناهز قرن من الزمان.

الشوارع وحدها, هي التي ستكشف ألوان الصراع و أبعاده. نتمنى عودة لليسار و الشيوعيين من اجل جبهة صراع طبقي واسعة, واضحة ترهب السلفية و الامبريالية الأمريكية, ليرد حرب التفتيت و التشضي و الدويلات الإماراتية الطائفية الرجعية إلى نحرهم و مزبلة التاريخ.
من اجل شعوب عرفت العيش الشريف و المسالم لقرون ضن نسيج الوطن الواحد للجميع بمختلف القوميات و الأديان الأثينيات و الطوائف و الملل, إذ العدو السلفي و المرتبط بالامبريالية الأمريكية جاهز للانقضاض من خلال الحروب الجانبية, بإثارة النعرة القومية و الدينية و الطائفية, لتصفية الخصم الطبقي المتمثل الآن بالشعب الكادح و الثوري.

ليكن الشعب العربي احد الفصائل الثورية للنضال سوية مع شعوب أوربا الرأسمالية التي حتما ستجد الطريق اللأممي الثوري للنضال و الصراع الثوري ضد أنظمة الاستغلال الطبقية الرأسمالية والأزمات و الحروب و العولمة البغيضة.

تفاجأ العالم بالشعوب الثائرة فهل يفاجأ الشيوعيون العالم بتصدر التضحيات للذود عن الحرية و العيش الرغيد في عالم خالي من الفوارق الطبقية و الحروب و التلوث البيئي. أن هذا فعلا زمن المفاجئات فالشعوب الآن على محك التاريخ فأما السقوط في حضيض الحروب الطائفية و الإقليمية و أما أقامة المجتمع الإنساني المتحضر و خالي من الجوع و الحروب.
الشيوعيون هم الفيصل الأكثر جدارة في النضال, من اجل أن يتحقق ذلك. أسقط الشيوعيون أعتا فاشية عرفها التاريخ و أن سقوط الامبريالية الأمريكية و نظام الأزمات الاقتصادية و الاجتماعية و الأخلاقية و النفسية, لا ينجز ألا بنضال يتصدره الشيوعيون.