مبادىء النسبية العامة


هشام غصيب
2012 / 1 / 22 - 11:04     

تعدّ نظرية النسبية العامة الأداة النظرية الرئيسية في دراسة الكون بوصفه نظاماً موحداً متكاملاً. بل يمكن القول إن دراسة الكون بوصفها علماً حقيقيا بدأت بالنسبية العامة. فما إن نشر آينشتاين بحثه الرئيسي حول النسبية العامة عام 1915 حتى ألحقه ببحث آخر يتضمن تطبيقا للنظرية الجديدة على الكون بوصفه نظاما موحداً متكاملاً عام 1917.وكان ذلك إيذانا ببدء علم الكون، أي دراسة الكون علميا. وقد سارع آينشتاين إلى تطبيق نظريته على الكون بوصفه كلاً بالنظر إلى الجوهر الكوني لهذه النظرية، إذ إنها تستلزم مثل هذا التطبيق في جوهرها وبنائها الداخلي. إنها نواة لعلم الكون في أساسها وصميمها. فترابطها الداخلي يقضي بتطبيقها على الكون بوصفه كلاً، بمعنى أن النظرية لا تكتمل في أساسها وتظل ناقصة ما لم تطبق على الكون بوصفه كلاً.



وترتكز النسبية العامة إلى المبادىء الأساسية الآتية:



1- مبدأ النسبية العامة: تنطلق هذه النظرية من فكرة أنه ليس هناك مرجع إسناد (أي إطار مادي تجري منه المشاهدات والقياسات) يتميز عن غيره من مراجع الإسناد، وذلك بعكس ما جاء في ميكانيك نيوتن من أن هناك مكاناً مطلقاً أو أثيراً مطلقاً ساكنا يشكل مرجعاً مطلقاً لجميع الأجسام والأجرام والحركات. فالنظرة التي كانت سائدة قبل آينشتاين هي أن قوانين الطبيعة لا تأخذ شكلها الطبيعي المتناسق والبسيط ولا تكتسب معنى فيزيائيا دقيقا وواضحا إلا بالنسبة إلى المكان (الأثير) المطلق. أما إذا نظرنا إلى هذه القوانين من مرجع آخر (مثلا جسم يتحرك بالنسبة إلى المكان المطلق) فسنجد أنها تأخذ أشكالاً معقدة غير متناسقة وعديمة المعنى الفيزيائي الواضح. وبالمقابل، فإن النسبية العامة ترى أنه ليس هناك دليل على وجود مكان مطلق أو أي مرجع إسناد متميز. فلا فرق حركيا بين الأرض والشمس ومجرة أندروميدا. فهي جميعاً مكافئة لبعضها حركيا ومن حيث صلاحيتها مراجع إسناد للمشاهدة والقياس. وقد حاول العلماء قياس حركة الأرض بالنسبة إلى المكان المطلق (الأثير) في نهاية القرن التاسع عشر، فلم يجدوا أي أثر لمثل هذه الحركة المطلقة (مايكلسون ومورلي مثلاً). لماذا إذاً نتمسك بتصور غامض لا يدعمه أي دليل رصدي أو تجريبي؟ فلنطرحه جانبا إذاً ولنعد صوغ قوانين الطبيعة بما ينسجم وغيابه. ولنؤكد على فكرة أن قوانين الطبيعة ينبغي أن تحافظ على شكلها وبنائها الداخلي بغض الطرف عن مرجع الإسناد المعتمد. ولنصغها على هذا الأساس الذي يعرف باسم مبدأ النسبية العامة. بذلك تحافظ قوانين الطبيعة على شكلها سواء كنا على الأرض أو الشمس أو مذنب هالي أو مجرة تتحرك بسرعة قريبة من سرعة الضوء بالنسبة إلينا. وعليه، تكون هذه القوانين كونية وشاملة بحق. فهي لا تتأثر بموقع المشاهد ولا بحركته في المكان. وقد وجد آينشتاين ضالته في ما يسمى جبر التنسورات لصوغ قوانين الطبيعة بما يضمن ثبات أشكالها مهما كان مرجع الإسناد الذي نجري منه مشاهداتنا وقياساتنا.

2- وحدة المكان والزمان: ترى النسبية العامة (والخاصة) أن المكان ليس معزولاً عن الزمان، وأنهما يشكلان وحدة هندسية واحدة، أي نظاماً هندسياً واحداً. وهذا يعني أننا إذا انتقلنا من مرجع إسناد إلى مرجع إسناد آخر، فإن الأبعاد المكانية لا تتحول ولا تتغير بمعزل عن الزمان، وإنما بالعلاقة معه. فالزمان بعد هندسي ينتمي إلى النظام الهندسي ذاته الذي تنتمي إليه الأبعاد المكانية. ولما كانت الأبعاد المكانية ثلاثة، وكان الزمان يشكل بعداً واحداً، فإن ذلك يعني أن النظام الهندسي الكوني هو فضاء رباعي الأبعاد، أي يتكون من أربعة أبعاد. ويعرف هذا النظام بالمتصل الزمكاني (الزماني _ المكاني).

3- كوننا لاأقليدي، أي إن المتصل الزمكاني لا يطيع الهندسة المستوية المألوفة والمرتيطة باسم الرياضي الإغريقي أقليدس، وإنما يطيع هندسة أخرى أكثر شمولاً تعرف بالهندسة الريمانية، نسبة إلى الرياضي الألماني برنهارت ريمان,

4- إن الجاذبية ليست سوى انعكاس للخصائص الهندسية للمتصل الزمكاني، وبالتحديد فهي درجة انحناء هذا المتصل في نقطة ما.

5- إن القوى الناتجة عن تسارع الأجسام وقوة الجاذبية تنتمي إلى الطينة ذاتها، أي إن مجالاً واحداً يصف هذه القوى جميعاً.