الشيوعية ليست موضة ( الجزء الثاني )


عقيل طاهر
2012 / 1 / 18 - 19:12     

4) الماركسيون المغامرون , هل يأخذون الشيوعية كموضة ؟


قرأت مقالا لستالين حول ( الثورة الدائمة ) أقتبس منه جملة للينين يؤكد فيه أن الماركسية اللينينية تؤيد الثورة الدائمة و لكن ليس بطريقة أو أفكار " الدائمين " الذين شوهوا مفهوم ماركس حول الثورة الدائمة , وقد وجدت في هذا الاقتباس جملة بسيطة تشرح أهداف هؤلاء " المغامرين". يقول لينين : ((من الثورة الديمقراطية تبدأ فورا – بمقدار قوانا الصحيح , بمقدار قوى البروليتاريا الراعية والمنظمة – اننا نؤيد الثوره المتواصله, ولن نقف في منتصف الطريق ...
دون ان نقع تحت تأثر روح المغامرة ودون ان نخون ضميرنا العلمي ودون ان نركض وراء شهرة رخيصة .. )) فلندقق في هذا الجزء : (( .. دون أن نقع تحت تأثر روح المغامرة ودون ان نخون ضميرنا العلمي و دون ان نركض وراء شهرة رخيصة )) فهنا يبين لنا لينين أن هذه الروح المغامرة تتغزل الشهرة و تخون الضمير العلمي للماركسي. لذا نستطيع أن نقول أن المغامرين يعتنقون الماركسية كموضة, لإبراز شهرتهم, فإرادة أو نية أبراز الشهرة تدل على فردية هذا الماركسي الذي نسى أمر العمال و الفلاحين و استند الى نظرية العمال و الفلاحين ليروج لنفسه و يظهر نفسه كبطل عمالي شيوعي , فروح المغامرة هذه – مهما كان المرء متحمساً للنظرية الماركسية – تدل بكل المعاني على مدى طفوليته و تدل بكل المعاني على مدى حبه للفردية و المجد الذاتي , و كل هذه الأحاسيس نستطيع أن نحللها بأنها أحاسيس برجوازية بحتة , فالماركسي قليل ما يفكر عن نفسه و كثير ما يفكر عن الناس , فكيف تكتمل هذه الخلطة ؟– الشعور الفردي و حب المجد و حب الذات " الذي نعتبره شعورا برجوازيا " و الشعور بتحرير البروليتاريا و الناس – فهذه الخلطة لا تكتمل بل تناقض نفسها , و هذه الخلطة يعتنقها الماركسي المغامر , فحين نعود إلى مفهوم " أشباه الماركسيين " , فبكل المعاني و الأدلة نجد الماركسي المغامر هو شبه ماركسي لأنه أساساً لم يتعلم أن يقلل من أهمية نفسه , و هذا يدل أن هذا الماركسي " المغامر " لم ينتبه في قراءته للماركسية إلى مفهوم " إلغاء دور الفرد " , فحين نريد تحديد هذه الحالة سنجده مدرجا تحت حالة واحدة و هي اعتناق الشيوعية كموضة , لأن أساساً الموضة هي إبراز للنفس , مثلاً , المرء يشتري ثيابا باهظة الثمن ليبرز نفسه , و الأمر لا يختلف حين نأتي إلى هذا المغامر الذي يعتنق الماركسية ليبرز نفسه .


5) مفهوم قراءة الأقاويل , بدلاً من قراءة التحاليل ..

ما نقصد بمفهوم قراءة الأقاويل و قراءة التحاليل ؟

عادة ما نجد هذا المفهوم يستخدمها - يطبقها " أشباه الماركسيين " الذين يعتنقون الشيوعية كموضة لنوضح قليلاً : نرى الكثير من " أشباه الماركسيين" يحفظون مقولات شيوعية مثلاً : " الدين أفيون الشعوب " أو " الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية " أو " يا عمال العالم أتحدوا " , يعول شبه الماركسي على المقولات الأساسية للماركسية و يردد هذه المقولات لأنه أساساً لا يعرف شيئاً غير هذه المقولات , فيرددها كل مرة , و يدعّي أنه يفهم النظرية الماركسية تعويلاً على هذه الأقوال التي لا تعبر عن الكثير – أو تعبر عن مفاهيم سطحية – فحين تسأله متى قال ماركس " الدين أفيون الشعوب " لا يستطيع أن يجيب , لا يستطيع أن يقول أن كارل ماركس قال " الدين أفيون الشعوب " في ( نقد فلسفة الحق عند هيجل ) و قال هذا الكلام على هذا النحو :
((ان أساس النقد غير الديني هو : ان الإنسان يصنع الدين، وليس الدين هو الذي يصنع الإنسان. يقينا ان الدين هو وعي الذات والشعور بالذات لدى الإنسان الذي لم يجد بعد ذاته, او الذي فقدها. لكن الإنسان ليس كائنا مجردا جاثما في مكان ما خارج العالم. الإنسان هو عالم الإنسان، الدولة، المجتمع. وهذه الدولة وهذا المجتمع ينتجان الدين، الوعي المقلوب للعالم، لأنهما بالذات عالم مقلوب. الدين هو النظرية العامة لهذا العالم، خلاصته الموسوعية، منطقه في صيغته الشعبية، موضع اعتزازه الروحي، حماسته، تكريسه الأخلاقي، تكملته الاحتفالية، عزاؤه وتبريره الشاملان. انه التحقيق الوهمي للكائن الإنساني، لان الكائن الإنساني لا يملك واقعا حقيقيا. إذن فالصراع ضد الدين هو بصورة غير مباشرة صراع ضد العالم الذي يؤلف الدين نكهته الروحية. ان التعاسة الدينية هي، في شطر منها، تعبير عن التعاسة الواقعية، وهي من جهة أخرى احتجاج على التعاسة الواقعية. الدين زفرة الإنسان المسحوق، روح عالم لا قلب له، كما انه روح الظروف الاجتماعية التي طرد منها الروح. انه أفيون الشعب.))
فأيهم أكثر علمية ؟ المقولة البسيطة أم الفقرة الكبيرة , لا ريب أن هذه الفقرة أكثر علمية و أكثر تحليلية من مجرد مقولة سطحية ( الدين أفيون الشعوب ) , هذا هو الفرق بين مفهوم قراءة الأقاويل و قراءة التحاليل , قراءة التحاليل تصنع الماركسي الحقيقي بينما قراءة الأقاويل تصنع اشباه الماركسيين .
الصراع بين الماركسي الحقيقي و شبه ماركسي هو صراع بين الماركسيين اللينينين و التحريفيين , و من أهم أهدافنا – كماركسيين لينينيين – أن نصارع و نكافح التحريفيين , لأن مع وجود التحريفيين سيكون شبه مستحيل علينا أن نكافح الرأسمالية و الإمبريالية , فهؤلاء التحريفيون ينحازون أكثر إلى البرجوازية الديمقراطية أو البرجوازية الليبرالية.
6) من نقصد بالتحريفيين ؟

هذا هو السؤال الحقيقي و الذي يثير جدلاً بين الماركسيين اللينينيين , التحريفيون هم المنتمون للمذاهب التالية : التروتسكية , الإصلاحية , الماوية . لماذا نعتبرهم تحريفيين ؟

لماذا التروتسكية تعتبر تحريفية ؟

يجيب ستالين : ((لنتابع حديثنا.. أن رفاقنا في الحزب، في أثناء نضالهم ضد العملاء التروتسكيين، قد نسوا، أو انه غاب عنهم، أن النزعة التروسكية الحالية ليست على ما كانت عليه في
الماضي، منذ سبع سنوات أو ثماني سنوات. وأن التروسكية و التروسكييين قد تعرضوا، خلال هذه الفترة، لتطور كبيير غير وجه التروتسكية تغييرا عميقا، وأنه ينبغي ، بالنتيجة، أن يتغير النضال ضد التروسكية وطرق النضال ضدها تغييرا جذريا تبعا لذلك. إن رفاقنا في الحزب لم يلاحظوا أن التروسكية قد انقطعت عن أن تكون تيارا سياسيا في الطبقة العاملة، وان هذا التيار السياسي الذي نعرفه، منذ سبع سنوات او ثماني سنوات، قد أصبح عصابة غادرة لا مبادئ لها، عصابة تضم المخربين وعملاء التضليل والقتلة الذين يعملون في خدمة الجاسوسية التابعة للدول الأجنبية.
ما هو التيار السياسي في الطبقة العاملة؟ ان التيار السياسي في الطبقة العاملة هو عبارة عن جملة من الناس أو حزب له سحنته السياسية الخاصة به المحددة تحديدا دقيقا واضحا، وله مبادئه ومناهجه، وهو الذي لا يخفي، أو لا يستطيع أن يخفي، طريقته في النظر الى الطبقة العاملة ، بل ينادي بها صراحة وبأسلوب شريف تحت أنظار الطبقة العاملة وهو الذي لا يخشى إظهار سحنته السياسية للطبقة العاملة، وإعلان أهدافه وغاياته الحقيقية أمام الطبقة العاملة، بل يتجه، على العكس، نحو هذه الطبقة، بوجه سافر، لإقناعها بصحة وجهة نظره. لقد كان كل شيء من هذا، منذ سبع سنوات أو ثماني سنوات، حين كانت التروسكية، في قلب الطبقة العاملة إحدى التيارات السياسية، من ذلك النوع المعادي للينينية، نعم لقد كانت التروتسكية، على الرغم من ضلالها العميق وعلى الرغم من كل شيء تيارا سياسيا.)) ( جوزيف ستالين , في سبيل تكوين البلشفي ) .

فنستنتج من هذا النص :
1- أن التروتسكية أنقطعت عن أن تكون تيارا سياسيا في الطبقة العاملة
2- التروتسكيون آنذاك تحولوا إلى عصابة تضم المخربين وعملاء التضليل والقتلة الذين يعملون في خدمة الجاسوسية التابعة للدول الأجنبية. ( أيّ عملاء ضد الأتحاد السوفييتي )

فلننتقل إلى فكر تروتسكي نفسه , فما الذي يجعلنا نقول أن فكره ينحاز إلى البرجوازية الديمقراطية أو البرجوازية الليبرالية ؟ سيجيب تروتسكي على هذا السؤال :
((ليس صحيحاً أنه لا يمكن إنشاء الفن الثوري فقط من قبل العمال. لمجرد الثورة ثورة الطبقة العاملة، الإصدارات – لتكرار ما قيل قبل-سوى القليل جداً من الطاقة الطبقة العاملة للفن. ))

تروتسكي لا يؤمن بقدرات العمال الفنية , و هنا نجده يستصغر الطبقة العاملة بهذا الوهم البرجوازي الذي يعتبر الطبقة العاملة مؤلفة من عمال و كادحين منحطين و وضيعين و لهذا لا يستطيعون أن يبتكروا فناً خاصاً بهم . و كلام تروتسكي هذا , يدل على أنه يفضّل بقاء الطبقة البرجوازية المثقفة لأنه أساساً لا يؤمن بقدرات العمال , بل أنه يفضل إبداعات البرجوازية على إبداعات العمال . و حين نمحص كلامه هذا , نجده يفرق بين الثورة و الأدب , حين لا يمكننا أن نفرق بين الأدب - الفن و الثورة , لأن اساساً الأدب هو مرآة ثورة العمال , الأدب هو عامل أساسي في نشر الوعي الإشتراكي .

الأمر لا يتوقف فقط عند نظرة تروتسكي حول الفن و الثورة , بل أذا ركزنا تاريخياً نجد تروتسكي كان منشفياً و متماسكاً بمبادئ الاشتراكية الديمقراطية حتى حين أصبح بولشفياً , و لهذا نجد أفكاره الاشتراكية الديمقراطية تنعكس على كتابته , و كما اوردنا في الأعلى عن نظرته حول الأدب و الثورة كمثال . و لا يمكننا أن ننسى كيف تحول إلى عميل الفاشية و عميل الدول الأجنبية بسبب طمعه الشديد للسلطة و حقده على ستالين .



لماذا الإصلاحية تعتبر تحريفية ؟

يتفق معظم الماركسيين على أن الاصلاحية هي تحريفية . يقول لينين :

((خلافًا للفوضويين، يعترف الماركسيون بالنضال من اجل الاصلاحات، اي من اجل تحسينات في اوضاع الكادحين تترك السلطة، كما من قبل، في يد الطبقة السائدة. ولكن الماركسيين يخوضون في الوقت نفسه نضالاً في منتهى الحزم ضد الاصلاحيين الذين يحدون، بواسطة الاصلاحات، مباشرة او بصورة غير مباشرة، من تطلعات الطبقة العاملة ونشاطها. فان الاصلاحية انما هي خداع برجوازي للعمال الذين يبقون دائمًا عبيدًا مأجورين، رغم بعض التحسينات، ما دامت سيادة الرأسمالية قائمة.ان البرجوازية الليبرالية تمنح الاصلاحات بيد وتسترجعها بيد اخرى، وتقضي عليها كليًا، وتستغلها لاجل استعباد العمال، لاجل تقسيمهم الى فرق مختلفة، لاجل تخليد عبودية الكادحين المأجورة. ولهذا تتحول الاصلاحية بالفعل، حتى عندما تكون مخلصة كليًا، الى اداة لاضعاف العمال ولنشر الفساد البرجوازي في صفوفهم. ))

( لينين 1913 , الماركسية و الإصلاحية )

نستنتج من هذا النص :

1- يعترف الماركسيون بالنضال من اجل الاصلاحات
2- يجب على الماركسيين أن يخوضوا في نضالاً في منتهى الحزم ضد الاصلاحيين .
3- الاصلاحية هي خداع برجوازي للعمال الذين يبقون دائماً عبيداً مأجورين
4- الإصلاحية هي أداة لأضعاف العمال و لنشر الفساد البرجوازي في صفوفهم





لماذا الماوية تعتبر تحريفية ؟

أولاً الماوية تعكس أفكار " ماو تسي تونغ " و ليس أفكار الماركسية اللينينية . فنجد الثقافة البروليتارية لم تكن موجودة في الصين بهذا الشكل الكبير , بل ماو تسي تونغ و أصحابه حاولوا بكل جهد إبراز "ماو تسي تونغ ", و بهذا قد نسوا العمال و الكادحين و تسببوا في وفاة 40 مليون شخص جوعاً في مشروع( القفزة الكبرى إلى الأمام ) فالذين ماتوا لم يكونوا برجوازيين أو ملاكين بل كانوا عمالاً و فلاحين الذين أعتمدوا على ماو تسي تونغ ليحقق لهم دكتاتوريتهم .

ثانياً , الماوية على العكس من نظرة ماركس , نجدها تعتمد على ثورة الفلاحين فقط و تقلل من أهمية البروليتاريا , و كما أن ماو تسي تونغ يؤمن بأن ظفر الفلاحين سيأتي بيدهم و ينكر دور البروليتاريا تماماً ! .

ثالثاً , سأقتبس من مقال السيد عز الدين بن عثمان الحديدي( ضد التصفوية الماوية ) فقرة يشرح فيها تحريفية الماوية حول بدعة " الديمقراطية الجديدة التي تعارض الطرح البلشفي
((... في الحقيقة موقفك ليس بغريب وهو منسجم مع نظرتك الماوية التحريفية للثورة في أشباه المستعمرات، فأنت تحصر الكمبرادور في شريحة صغيرة من أجل أن توجد "عنوة" طبقة برجوازية للتحالف معها دائما وفي كل الظروف في إطار ما تسميه ثورة "الديمقراطية الجديدة" وهي في الحقيقة أطروحة تحريفية تتعارض مع التصور الماركسي اللينيني الذي صاغه لينين وستالين في كتاباتهم حول المسألة القومية والكولونيالية والذي كرسته الأممية الثالثة وخاصة في مؤتمريها الثاني والسادس. هذه "الديمقراطية الجديدة" تقوم حسب ماوتسي تونغ وحسب السيد محمد علي الماوي على دكتاتورية أربع طبقات من ضمنها البرجوازية الوطنية ولا ينسى ماو أن يضيف "الملاكين العقاريين المستنيرين". ))

فنستنتج من هذا النص :
1- أن ثورة " الديمقراطية الجديدة " أطروحة تحريفية تتعارض مع الماركسية اللينينية
2- تقوم " الديمقراطية الجديدة " حسب ماوتسي تونع على دكتاتورية أربع طبقات من ضمنها البرجوازية الوطنية و الملاكين العقاريين المستنيرين .


7) النضال ضد التحريفية

من أهم أهدافنا – كماركسيين لينينين – أن نناضل ضد التحريفيين الذين يشوهون النظرية الماركسية , الذين يؤولون المفاهيم العلمية حسب مزاجهم و أفكارهم. النضال ضد التحريفية تعني النضال ضد ( أعتناق الشيوعية كموضة ) . الماركسية اللينينية لا تزال حيّة لا تزال متماسكه بعلميتها و ستنير البروليتاريا إلى الظفر الحتمي .