ثورة الشك


أمير الحلو
2012 / 1 / 15 - 15:17     

نظرية الشك

تغني كوكب الشرق ( أم كلثوم ) في قصيدة (ثورة الشك ):
أكاد أشك في نفسي لأني أكاد أشك فيك وأنت مني
ولأني (كلثومي ) الهوى فأنا أرددها مع نفسي في المواقف التي تنطبق عليها ابيات القصيدة وخصوصاً المطلع ، وقد شعرت بضرورة ترديدها في ظروفنا الراهنة التي نجد فيها أن الشك هو الاساس في تفسير الكثير من الاحداث والتطورات ، وحتى في علاقات الدول والمكونات السياسية مع بعضها ، فلم يعد (تلاقح) الافكار واحترام الرأي الأخر موجوداً ، بل لابد من وجود ( مؤامرة ) وراء كل حدث مهما كانت طبيعته ومستواه ، فأذا ما حصلت أحداث معينة فأن وراءها مؤامرة أجنبية ، واذا أتخذ أحدهم أو تنظيم ما موقفاً يعارض الأخر ، فأنه ينفذ أهداف هذه المؤامرة وأبعادها .
ان الشك مطلوب اذا الغرض منه ( التمحيص ) في المواقف وعدم أتخاذ رأي سريع قد يكون بعيداً عن الواقع ، ولكن ليس كل ما يقال أو يتخذ يجب أن يأخذ مأخذ الشك من الأطراف التي تتبناه أو تعارضه ، بل أن الحوار هو المطلوب في حل الخلافات أو التوصل الى نقاط مشتركة على الطريق مع أحترام الآخر حتى لو لم يجر الاتفاق على مشاريعه أو سياسته .
وان أية نظرة على وسائل الاعلام عندنا وفي علاقاتها مع الحكومة أو المكونات السياسية الأخرى تؤكد لنا صحة ما قلناه عن وجود نظرية الشك والمؤامرة ، فما يقوله كيان ما لابد وأن يعارضه الآخر وتبدأ التناقضات في الاخبار والمواقف ، ويبقى المواطن حائراً ( مَن يصدق ) وكل من هذه الأطراف يعرض أدلته وشواهده لتأكيد موقفه ، ومن يتابع النشرات الاخبارية التلفزيونية يجد سواء في الاخبار أو الندوات أنها تؤكد الشك في كل ما يقال من قبل الطرف الآخر وخصوصا اذا كان موقفاً لا يرتضيه الطرف الآخر .
وهنا لا أريد أن أجعل هذه الخصلة خاصة بنا كعراقيين أو عرب ، بل سمعنا مؤخراً عن وجود (نظرية الشك ) في روسيا الاتحادية بعد الانتخابات الأخيرة وظهور النتائج بفوز حزب رئيس الوزراء بوتين ، إذ خرجت الاطراف الأخرى في مظاهرات كبيرة وهي تشكك في النتائج وتعتبرها مزورة لصالح الحزب الحاكم ، وبدأ منظر شوارع موسكو يشابه ( ساحات التحرير )
في العديد من الدول العربية ، ولكن الذي ( أعجبني ) في مظاهرات موسكو هو أن الشرطي يلقي القبض بـ( أحترام ) على المتظاهر ويأخذه من يده الى باص كبير جرى تجهيزه لهؤلاء الضيوف الثقلاء الذين كانوا يواجهون الاعتقال بأبتسامة والسير نحو مكان الأعتقال بهدوء وقبول ....بدلاً من رصاص الربيع العربي الذي يوجه أسلحته القاتلة الى كل من يعارض نظامه ....الأبدي !