لقد كنت نائما .. بحث مختصر


عماد البابلي
2011 / 12 / 31 - 01:00     

ظاهرة النوم في مجمل الكتلة الحية هي جزء من متوالية دورية ( رتيبة ) تعود في القدم لبداية الحياة على هذا الكوكب ، لما قبل 250 مليون سنة ، فالنوم حالة أو ظاهرة تقف بجوار حالة اليقظة ولا تقع عند النقيض منها كما يعتقد أحيانا ، النوم هو حالة سكون أو سبات وقتي يصيب الكائن الحي في فترة معينة من اليوم .. النوم بالنسبة للدماغ البشري هو الفترة بين تعاقب الليل والنهار طبقا للساعة البايلوجية ، وهي تعرف بأنها جهاز سيطرة ليس إلا .. النوم حالة يقظة من نوع أخر ، نشأ النوم استجابة للمحيط الفيزيائي المتفاعل مع الكائن الحي ، ولكن ليس بشكل مطلق فالتجارب التي أجريت على الفئران تثبت بأن النوم هو أعقد من كونه ردة فعل فقط ، الفئران الخاضعة لمؤثرات مثل الجوع ونقص الأوكسجين والمهدئات والحمل والحيض وإزالة غدد أو غيره لم تؤثر في نوم الفئران ، الشيء الوحيد الذي تم تسجيله مختبريا هو في حالة الليل والنهار وعند حبسها في أقفاص مظلمة لفترات طويلة جدا لم تسجل النتائج سوى انحراف معياري زمنه 20 دقيقة فقط ، وحتى تلك التي ولدت عمياء بالوراثة أو عمياء صناعيا لم تتأثر ( !! ) .. يرى بعض العلماء بأن النوم هو أسبق من حالة اليقظة ، وأن الدماغ البشري أصلا نائم ويعتمد على مقدار المثيرات الحسية الواردة له ، فإن لم تكن كافية تستمر حالة النوم عنده ( قارن معي مقدار المثيرات الحسية في مجتمعنا ، هل هي كافية ؟! ) .. طالما تمت المقارنة بين الموت والنوم فشكسبير يرى الموت هو النوم الأبدي .. مورفيوس إله الأحلام وهو أبن إله النوم ( هايبنوس ) ويكمل لنا هذا المسرد بوجود اخ لإله النوم وهو ثاناتوس الذي يعتبر سيد الموت وهم اولاد الليل ( نيكس ) في الميثولوجيا اليونانية .

علامات النوم :
- تغاير ملحوظ في مستويات النشاط الكهربائي للدماغ ( بواسطة جهاز تخطيط الدماغ الكهربائي EEG ) .
- تغاير فسلجي في أنظمة الجسم مثل انخفاض في دقات القلب وضغط الدم والتنفس يصبح أبطأ وأكثر انتظاما ، هذا بالنسبة للنوم دون أحلام في مستواه الأول والثاني ولكن عند بداية المستوى الثالث والرابع ترجع الحالة الفسلجية للجسم متساوية تماما مع حالة اليقظة ( لا يوجد نوم دون أحلام !! ) .
- مظاهر سلوكية ، التمدد والسكون الحركي وغلق العينين .
- شعوريا ، هي حالة الإقرار بالنوم وتتم بجملة مدركة ومعرفة : ( لقد كنت نائما )

كيف ولماذا نشأ النوم :
- النوم له علاقة وثيقة مع درجة تطور الدماغ وخصوصا الكائنات التي لديها قشرة دماغية واضحة ، النوم عند اللبائن بكل أصنافها الدنيا والعليا تظهر شكلا مميزا للنوم على العكس من الكائنات التي تقع في أسفل السلم التطوري مثل النباتات والبكتريا التي تظهر حالة شبيه بالنوم مثل توقف وبطء وتحديد في النشاط الحيوي .
- النوم له علاقة وثيقة مع حالة أل ( Metabolism ) الخلوي مثل الحرارة وصرف الطاقة داخل جسم الكائن الحي ، فالنوم هو راحة إجبارية لمجمل النشاط المكلف في صرف الطاقة عند حالة اليقظة ، هنا يكون النوم هو آلية بقاء لجأت أليها جينات أو مورثات الكائن الحي للاقتصاد مع موارد المحيط المحدودة ( وفق علم التطور ).
- النوم له علاقة مع الولادة ، تتصف فترة الحمل عند اللبائن التي تتصف بالتلقيح الداخلي للبيض بكونها فترة حمل قصيرة مقارنة مع تكوين النسيج العصبي المعقد للأجنة القادمة والتي تتطلب طاقة أكبر ، وبالتالي أظهرت تلك الكائنات حالة النوم لمنع أي نشاط متواصل يعيق نمو الأجنة ، مثلا عند إناث فصيلة البشر تظهر ميلا ملحوظا في قلة النشاط ليس بسبب الوزن الزائد لكن لضمان ولادات كاملة .

وظيفة النوم ؟
كثيرة النظريات التي تناولت فائدة النوم ، ولكن بعضها الأكثر قبولا في الأوساط العليمة المعاصرة هما :
- نظرية النفايات : في مجمل النشاط الحيوي للكائن طوال فترة اليقظة تتجمع الكثير من المواد المطروحة ( السامة ) من تلك التفاعلات ، حالة تراكم تلك المواد بشكل متدرج يجعل من الجسم يصل لحالة ماتشبه الخدر وبالتالي تعتبر حالة النوم هو الفترة التي يتخلص منها الجسم من تلك السموم .
- النظرية الكيماوية : زيادة إفراز النواقل العصبية مثل الدوبامين والأدرينالين والنورأدرينالاين تعرف بأنها حالة يقظة وبالعكس يعتبر ناقل السيروتينين هو المفصل الأهم في حالة النوم ، وهناك حالة النوم بحلم يبدأ ناقل استيل كولين بالعمل مع خفوت نسبي لباقي النواقل ( نلاحظ هنا وبعض مما سبق وجود نوعين من النوم ، نوم مع حلم ونوم دون حلم ، كحالتين منفصلتين تماما عن بعضهما ) .
- النظريات النفسية :
I / بافلوف : وفق هذا العالم يكون النوم على حالة توازن بين النشاط والخمود في الدماغ .
II / يؤكد فرويد على نظرية النفايات ولكن من منظور نفسي ، النظام النفسي البشري يتخلص من كل السموم الفكرية والرغبات الغير المتحققة عبر النوم .

( المخلوق الأول كان نائما في الأساس ، لم يعجب الآلهة هذا الحال ، أعطته اليقظة ليعمل ، لم يعمل كما أرادت مشيئتها المقدسة ، راح يحلم هربا نحو حالة النوم الأولى )
ااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

المصدر : كتاب باب النوم وباب الأحلام ، تأليف الدكتور علي كمال من صفحة 37 إلى 177 .