جرس الخروف


ضياء حميو
2011 / 12 / 29 - 21:34     

(حكاية صغار للكبار)
كان الحمل الصغير يتمنى ان يصير خروفا باسرع مايمكن ليتباهى بقرنيه ،وبعد اربعة اشهر من ولادته كاد يطير فرحا حين علق له سيد القطيع جرسا برقبته ،ظنه امتيازا فريدا لان اقرانه بالسن لم يحضوا بميزة الشرف هذه، وهي خاصة بالكبار فقط ،لم يدرك ان حيويته ونشاطه وفضوله هي التي استرعت الانتباه ليعلق له السيد الجرسَ مبكرا.
بعد سنتين وحين صار خروفا ادرك ان ميزة الجرس لم تكن الا لعنة...!
إذ فكر ان يكتشف ضفة النهر الاخرى بعيدا عن القطيع ، تبعته كلاب السيد مهتدية بحاسة شمها وصوت الجرس لتحدد مكانه ،حاول ان يقاومها بقرنية اللذين يستخدمهما لاول مرة ولكن رنين الجرس افقده التركيز صار ينطح بالهواء والجرس يرن ،ولم يتوقف الا حينما علِق خيطُه بأنياب احد الكلاب ،فانقطع وهوى بقاع النهر يشطف عنه دماء صاحبه..!
هناك في القاع استرعى وجوده انتباه سمكة صغيرة ،ارادت ان تقترب تتحسسه لكن امها السمكة الكبيرة نهرتها ان لاتقترب من اي معادن تسقط من الاعلى ،الحّت السمكة الصغير يسوقها الفضول ان هذا الشيء ليس بصنارة لاصطياد السمك كما شاهدت وامها ،لكن الام سحبت صغيرتها برفق وقالت لها: " اعرفه انه جرس خروف ،ولكني وهذا النهر قد خبرنا آلاف المعادن تسقط من الأعلى، بعضها نياشين جند ،وخوذ عسكرية وبعضها اجراس خرفان " ثم اضافت بقلق:" تزايد هذه الايام تساقط الاجراس ،وهذا يقلقني كثيرا..! " سألت الصغيرة: " وماذا في ذلك!؟ انهم في الاعلى ونحن في الاسفل بعيدين ،لاتقلقي سنتجنب معادنهم أيا كانت " أومأت الأم بمرارة: " لااعرف ياصغيرتي..!! حماقات من هم في الاعلى كثيرة ، وهم انفسهم لايعرفون نهايتها ،قد يجففون ماء النهر وقد يردموه ،هم مستعدين ان يفعلوا اي شيء كي لاتسقط الأجراس والنياشين من رقاب أصحابها ويظل الجميع يسير ضمن القطيع المسالم "..! قالت الصغيرة :"أمي كلامك يخيفني..! " أجابت الأم ": لاعليك..! سنرحل حيث مصب النهر الى البحر هناك وطأتهم اقل وفي المحيط سيكونون مثلنا صغارا جدا ..!
قالت الصغيرة ": والمياه العذبة ونباتات الماء ، لمن نتركها..!؟
قالت الام :"نحن مجبرون قبل ان يفوت الأوان ،الأهم ان نحافظ على حياتنا، وسنعود يوما ما ،إذ لاخيار امامهم اما ان تتوقف حماقاتهم أو ستسوقهم الى الانقراض وفي الحالتين سنعود ...هي مسألة وقت ..فلاتجزعي ..وأسرعي..سنعود يوما ما..!.