رسالة الى مصر 6


عصام شكري
2011 / 12 / 20 - 10:59     

الى القوى الاشتراكية واليسارية والراديكالية المصرية

ان احداث شارع القصر العيني الدموية تثبت بأن الجيش عدو الشعب وهو الاداة القمعية للطبغة الاستغلالية في المجتمع. ان كلام اللواء عادل عمارة في المؤتمر الصحفي مليئ بالمغالطات وهو موجه من قبل المجلس العسكري ليقول ان الجماهير هي المعتدية وهي التي استعملت العنف المفرط ضد جنوده "الرحماء" المدافعين عن حياض الوطن. كلام سخيف لا ينطلي على احد وتبرير للجرائم الوحشية التي يقوم بها العسكر ضد المواطنين العزل والذين يظطرون الى الدفاع عن انفسهم من الاعتداءات على رفاقهم واخوانهم واخواتهم بشتى الوسائل المتاحة. يقينا ان الاحتجاجات الجماهيرية المطالبة برحيل المجلس العسكري وكل زمرة حسني مبارك لن تتوقف ولن تقتنع بهذا المنطق الفاشي الذي يذكرنا بخطابات دكتاتوريي القومية العربية البائدين.

ايها الاشتراكيون

لا يمكن للثورة ان تستمر الا اذا فتح الاشتراكيون لها الافاق. الطبقة العاملة بكل ما اوتيت من حركة اعتراضية مطلبية وعفوية معادية للرأسمالية والاستغلال وببطولية، والحركة الثورية بكل ما اوتيت من بسالة وجرأة في محاربة الاستبداد والقمع والقتل والترويع، لن تتمكنا من رسم الافاق السياسية لتقدم الثورة نحو تحقيق اهدافها. فقط الاشتراكيون بامكانهم رسم تلك الافاق ولكن يجب تحديد هذه الافاق السياسية وفصلها عن الخطوط الايديولوجية النظرية مهما كانت راديكالية.

فيما يلي ملاحظات سجلتها حول البرامج السياسية لقوى اليسار الراديكالي والاشتراكي في مصر، وسابدأها بملاحظتين على ان الحقها بنقاط اخرى في رسائل اخرى:

الملاحظة الاولى تتعلق بالغياب شبه الكامل لمسألة المرأة من طروحات القوى الاشتراكية والراديكالية والثورية. الحديث منصب عن الثورة والاعتصامات والاحتجاجات والتمايز الطبقي، ولكن ماهو وضع النساء و الشابات و الطالبات في مصر ؟ اين هو مطلب المساواة الكاملة بين المرأة والرجل ؟ اليست هذه مطالب الثورة ؟ اليست هذه راية الشباب الثوري في ميدان التحرير ؟ اين هي الان ؟ اين مسألة التحرشات والاعتداءات الجنسية التي مورست من قبل الاسلاميين وقوات الجيش ضد مناضلات ثورة 25 يناير؟ هل توقفت الان ؟ اليس هناك حركة احتجاجية من اجل المساواة، مساواة المرأة بالرجل ؟ هل انتهى المجتمع المدني وتحولنا فجأة الى مجتمع اسلامي قرو- وسطي ؟ كيف هي اوضاع النساء الان بظل صعود الاسلاميين؟ في القاهرة، في الاسكندرية في اسيوط في دمنهور حلوان وبورسعيد وغيرها ؟ اذ كان الجواب وضع سئ فلم لا يتم التطرق لموضوع المرأة ورفع مطالب الحركة الاشتراكية بمساواة المرأة بالرجل ؟ اين هي الشعارات التي تجسد نضال المرأة ومطالباتها بالمساواة واحتجاجاتها ضد التمييز ؟.

ان تقدم الاسلاميين في جانب منه يعود الى اهمال مسألة المرأة في مصر من قبل الحركات الاشتراكية واعتبار ان موضوع المرأة موضوع "برجوازي" او "ليبرالي" او ان مطلب المساواة مطلب غير ثوري او "ليس وقته". ولكن اين هم الليبراليون من موضوع مساواة المرأة ؟ انهم رجعيون تماما. ان كان ظني صحيحا فان هذا خطأ كبير يجب ان تتداركه القوى الاشتراكية بسرعة. سابين الاسباب: 1) ان تأريخ الحركة النسوية المساواتية يسير كتفا بكتف مع الحركة الاشتراكية والشيوعية العمالية وان الحركة الاشتراكية لم تهمل يوما قط مسألة المرأة ولم تحولها الى مسألة هامشية ولم تتنازل عنها مطلقا. يكفي ان اذكركم ان يوم الثامن من اذار – مارس (يوم المرأة العالمي) ما كان له ان يؤسس قبل مئة سنة لولا قائدة من قائدات الشيوعية وهي المناضلة كلارا زيتكن ورفيقتها روزا لوكسمبرغ، فاين برامج وشعارات وصياغات وادبيات الاشتراكيين واليسار الراديكالي في مصر حول المساواة الكاملة للمرأة بالرجل في قلب الثورة المشتعلة، ولم لا يتم طرحها فورا وانزالها للشارع ؟. 2) ان الاسلام السياسي يقوم في جوهره على معاداة المرأة. لا يقوم الاسلام السياسي على محاولة اقناعك بان الله موجود او الخيول تطير او ان الارض مسطحة او ان المرأة خلقت من ضلع الرجل !. برنامج الاسلام السياسي بالاساس برنامج اجتماعي وليس معتقدي؛ يقوم اولا في التأكيد على التحقير الاجتماعي للمرأة؛ ارغام المرأة على الحجاب، وعلى التهديد والوعيد بخلاف ذلك. وان امتنعت المرأة توصف بانها زانية او عاهرة وفي كثير من الاحيان تقتل (غسلا للعار) او تسجن او يتم التحرش بها واهانتها باقذر العبارات وعلى الملأ. ان برنامجهم بمعنى اخر يقوم على ابراز قدرتهم على ترسيخ العبودية الجنسية للمرأة وان اول ما تفعله الاحزاب الاسلامية هو خط شعار اظطهاد المرأة على راياتها. لذا فان طرح مطلب وشعار المساواة الكاملة للمرأة بالرجل هو جواب الاشتراكيين ضد برامج هذه القوى الرجعية في مصر والمنطقة بل والعالم ايضا.؛ 3) ان المجلس العسكري الاعلى بحكم كونه مجموعة من جنرالات جيش دولة كانت الى عهد قريب قائمة على ايديولوجية القومية العربية فانه اليوم بحكم اللعبة الديمقراطية يجب ان يتنازل عن قناعاته الايديولوجية القومية للاسلام السياسي من اجل احكام التخندق مع البرجوازية الجديدة وقدرته في الدفاع المستميت عن مصالحها. لذا فان القول بان النضال الان يتجه ضد المجلس الاعلى العسكري، لا يعني مطلقا ان هذا النضال لا يجب ان يكون نضالا اجتماعيا يظم بين جنباتها اوسع الفئات وعلى رأسها النساء والفتيات، فان تثوير المجتمع سياسيا سيؤدي الى اعادة هبة القوى الثورية الراديكالية المساواتية (قوى 25 يناير- 8 يوليو) ضد كامل الطغمة الحاكمة بشقيها السياسي والعسكري وتعريتهما امام الجماهير في مسألة الحرية والمساواة والرفاه والتمدن. يجب اعادة سحب هذه القوى وان مسألة المرأة احد اهم مطالبهم.

الملاحظة الثانية، هو ضرورة ابراز مطلب علمانية الدولة القادمة وفصل الدين (الاسلامي تحديدا) عن الدولة وعن التربية والتعليم في برامج واهداف القوى اليسارية والاشتراكية. ان هذا الشعار سيؤدي الى توضيح وكشف معنى ان تكون الدولة اسلامية، معنى ان تكون القوانين هي قوانين شريعة مستلة من "السماء" وليس من الارض، من الالهة وليس من الناس، من الخرافات وليس من حاجات واماني البشر، من العصور المظلمة وليس من العصور الحديثة. ان العلمانية او فصل الدين عن الدولة اليوم ليست مطلب برجوازي كما يتوهم العديد من قوى اليسار الراديكالي. العلمانية اليوم راية الطبقة العاملة وقواها الاشتراكية وليس البرجوازية التي تخلت عنها منذ زمن بعيد وهذا واضح في المجلس العسكري نفسه كما في البرجوازية العالمية من الحكومات البريطانية والامريكية والاوربية التي جعلت من الاسلام " ثقافة " ومن استعباد المرأة " تنوع ثقافي " او فلسفة " النسبية الثقافية " بدلا من ان تكون حقوق المرأة حقوق عالمية. ان النضال من اجل العلمانية هو نضال اجتماعي قادر على رسم ملامح حركة اشتراكية راديكالية ثورية تستقطب قطاعات واسعة من جماهير مصر المتمدنة.

ملاحظات لاحقة تتبع....

والى الامام من اجل مصر حرة ومتساوية وعلمانية ومرفهة !

عصام شكـــري
سكرتير اللجنة المركزية
للحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي
20-12-2011