رسالة إلى السيد عفيف الأخضر ردا على رسالته لأردوغان


محمد بودواهي
2011 / 12 / 12 - 16:14     

كتب الاستاد عفيف الاخضر في الحوار المتمدن العدد 3494 رسالة إلى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان يطلب منه فيها ما سماه بقيادة مشروع مصالحة الاسلام والعلمانية حيث جاء فيها هده المقتطفات :

1 - أخي، رجب طيب أوردوغان، كم كنت موفقاً في مصر وتونس عندما دعوت أقصى اليمين الإسلامي السياسي فيهما،المعادي للديمقراطية والعلمانية ، إلى التسليم بأن:"الحرية والديمقراطية والعلمانية لا تتناقض مع الإسلام".لكن الإخوان المسلمين في مصر رفضوا،على لسان صلاح أبو اسماعيل وعصام العريان ، مشروعك كما رفضته في تونس"النهضة"على لسان رئيسها الدائم، راشد الغنوشي ، الذي قال رداً على سؤال عن رأيه في مشروعك بأن :" النهضة لا تستنسخ تجارب الآخرين " ، هو الذي يحاول استنساخ التجربة الإيرانية ويفتخر بأنه "تلميذ خميني".

2 - الإصلاح الديني في أرض الإسلام،بالفصل بين الديني والسياسي كما في تركيا ، مازال ينتظر قائداً استثنائياً وشجاعاً وذا إشعاع إسلامي ودولي مثلك ، ودولة ديمقراطية علمانية ترعاه مثل تركيا الأوردوغانية ، وإلى تنظيم دولي يسهر على نشره في أرض الإسلام .

3 - .... بين هاتين الدوليتين العقيمتين،بقي فراغ يتطلب الملء ، أي بقي دور يبحث عن بطل:هو دولية تضم القوى السياسية - الاجتماعية الديمقراطية والعلمانية الحية في أرض الإسلام ، وهي:" دولية مصالحة الإسلام والعلمانية " تجسيداً لمشروعك التاريخي :" الحرية والديمقراطية والعلمانية لا تتناقض مع الإسلام "

4 - لا أحد غيرك بقادر على المبادرة إلى تجسيد هذا المشروع في تنظيمٍ وقيادته بنجاح.فأنت تتمتع بالشجاعة السياسية الغائبة في أرض الإسلام،وبالشعبية وبالمصداقية في تركيا، وفي العالم الإسلامي والعالم ،وبالرؤية البعيدة النظر لمصلحة شعوب أرض الإسلام التي تحتاج اليوم إلى:"الحرية والديمقراطية والعلمانية". انتهت الاقتباسات .


الاستاد عفيف يثني على أردوغان بكل هدا الكلام المثقل بالمدح والتعظيم والتبجيل وهو الرجل الأكاديمي المثقف المثابر الدي يعرف حق المعرفة ما ارتكبه الحاكم التركي في صيرورته السياسية العسكرية التي ابتدأت مع أتاتورك وانتهت بأردوغان من جرائم فضيعة ضد الإنسانية يندى لها جبين البشرية في حق الشعب الكردي الأصيل الدي لا زال يخوض نضالا مستميتا من أجل نيل حقوقه الثقافية والسياسية والاقتصادية المتعارف عليها عالميا ضمن الدولة التركية الكبيرة ... فهل يمكن أن يستقيم الأمر ليكون أردوغان عرب تسوية في بلدان المنطقة قبل أن يكون عراب تسوية في بلاده ؟؟؟

سيد عفيف :

إن الشعب الكردي يعيش حالة الانتفاضة منذ سنة 1990 وحتى يومنا هذا. وقد قدم مساهمات غنية وكبيرة في قضية تعميق الفكر الديمقراطي والتغيير والثورة.وقام بتحركات شعبية و جماهيرية كبيرة للمطالبة بالحرية والإصلاحات ضد سياسة الدولة القومجية الشوفينية في المنطقة ونحن الآن نشهد مسيرات واحتجاجات شعبية حاشدة تدعوا إلى الإصلاح والتغيير والديمقراطية والحرية في جميع أنحاء كردستان شمالها وجنوبها وغربها وفي عموم البلدان العربية الأخرى.

و يمكن القول بأن الربيع الدي تعرفه منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط هو ربيع الصحوة واليقظة من السبات والمقاومة ضد سلطة الدولة الشمولية الدكتاتورية المتحكمة بإرادة مجتمعات المنطقة ، إنه ربيع انتشرت فيه روح الحرية والمساواة والديموقراطية والعدالة الاجتماعية حيث شملت وستشمل كل سواحل البحر الأبيض والبحر الأحمر حتى قمم جبال كردستان .

سيدعفيف :

في هذا الربيع دخلت مجتمعات المنطقة في منعطف جديد لا تقبل فيه الخنوع والصمت والعبودية والاستسلام، لا تقبل فيه الانتظار حتى تأتي قوة خارجية وتفرض التغير حسب مصالحها. ولكن رغم هذا كله فأن قوى النظام العالمي الرأسمالي يحاول اصطياد السمك في الماء العكر وذلك عبر تقديم عملائها كنماذج بديلة عن الأنظمة المنهارة بغية سد الطريق أمام مشروع الحل الديمقراطي الحقيقي وفلسفة الحضارة الديمقراطية التي طرحها الشباب الثائر وكل قوى التحرر والتقدم والاشتراكية المساندة له .
إن من إحدى النماذج التي عفى عليها الزمن وبات متفسخاً وعائقاً أمام عملية دمقرطة الشرق الأوسط بشكل حقيقي ؛ هو النموذج التركي الأردوغاني المتجسد في الإسلام المعتدل الأمريكي المنشأ والمناهض قلباً وقالباً لروح الإسلام الديمقراطي والحقيقي. إن هذا النموذج يشبه دس السم في الدواء وتعكير أجواء الطقس الديمقراطي في المنطقة. أنها لعبة أمريكية وانكليزية جديدة .

سيد عفيف :

يحاول أردوغان هذا النموذج الأمريكي الذي دخل في غرفة عمليات تجميلية على يد هذه القوى، أن يقدم نفسه كملاك للديمقراطية والإسلام المعتدل والعصرنة، بينما نراه يقدم امتحاناً سيئاً للغاية للديمقراطية في بلاده في هذه الأيام بالذات. لأنه يهاجم النشاطات السلمية الجماهيرية وخيم السلام والعصيان المدني السلمي في ميادين الحرية ضمن أكثرية مدن كردستان وتركيا بالإرهاب والقمع والأساليب البوليسية. كما يزج بالعشرات من المواطنين في السجون بسبب إبداء رأيهم والتضامن مع الحل الديمقراطي للقضية الكردية. كما يتهم كل من يردد شعار الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان بالإرهاب. كما يمنع نشر أخبار هذه النشاطات في الإعلام الرسمي والخاص التابع للدولة. كما أنه يرفض نداءات السلام من قبل حركة التحرر الكردستانية وقائدها عبدالله أوجلان ويشجع هجمات الجيش والبوليس ضد الكرد. بالإضافة إلى هذا كله، يحاول أردوغان أن يفرغ الانتفاضات الجماهيرية الديمقراطية في المنطقة من محتواها وتوجيهها حسب مصالح أمريكا ورأس المال العالمي تحت اسم المساعدة والتعاون من أجل الاستقرار ومكافحة الإرهاب وتقديم العون للمدنيين تحت مظلة حلف ناتو. إن أردوغان يسير على إستراتيجية تحويل تركيا إلى دولة امبريالية من الدرجة الثالثة بعد أمريكا، انكلترا وفرنسا في شرق الأوسط. وهو يريد تجميل صورة الدولة القوموية الشوفينية بالإسلام الأمريكي المعتدل والديمقراطية المزيفة وبعض التغييرات الشكلية. كل زيارات أردوغان ووزير خارجيته داوود أوغلو في المنطقة تنصب في هذا الاتجاه على قاعدة بناء تحالف معادي للشعب الكردي وحركته التحررية.

سيد عفيف :

يجب على كل المجتمعات في المنطقة والذي يعيشون حالة من الانتفاضة والثورة والتغيير أن لا ينخدعوا بهذا النموذج المزيف، بل عليهم أن يختاروا خط الديمقراطية الحقيقية بالإعتماد على إرادتهم وتنظيمهم وعملهم الدؤوب. كما أن الشعب الكردستاني مكلف بتعميق عملية الدمقرطة على خط الحضارة الديمقراطية والحداثة الديمقراطية بدلاً من الحضارة الدولتية والحداثة الرأسمالية، بهذا الشكل يمكن سد الطريق أمام محاولات أردوغان وأمثاله في تعكير أجواء الانتفاضة الديمقراطية في المنطقة.

سيد عفيف :

الشعب الكردي يملك برنامجاً ديمقراطياً جذرياً بصدد عملية التغيير لأنه يملك قيادة ثورية مفعمة بفلسفة الحضارة الديمقراطية التي تدعوا إلى بناء نظام اجتماعي ديمقراطي يستند إلى تنظيم المجتمع وإدارته لنفسه بنفسه بدلاً من بناء مؤسسة الدولة مهما كانت شكلهاً واسمهاً والتي تتحول إلى أداة لسد الطريق أمام الحرية في كل زمان ومكان، كما كان في السابق والحاضر وبدون أي شك سوف يكون في المستقبل أيضاً. لذا يؤكد الشعب الكردي بقيادة حركة التحرر الكردستانية بأن الهدف المناسب والجذري لحل كل القضايا العالقة في المنطقة، تمر عبر بناء المجتمع والإنسان الديمقراطي وليست الدولة. لذا كل الانتفاضات الشعبية الحاصلة عليها أن لا تضع نصب عينيها التمسك بالسلطة، بل عليها أن تهدف إلى بناء المجتمع الديمقراطي والإنسان الديمقراطي والثقافة الديمقراطية قبل كل شيء.

وفي انتظار أن يتحرر الشعب الكردي وكل شعوب المنطقة من نير الظلم والاستعباد

لك سيد عفيف مني تحية و للشعب الكردي المقاوم البطل ألف تحية وتحية .