تخدير الشعب، عن طريق المناسبات الدينية !!


رعد سليم
2011 / 12 / 11 - 22:02     

کنت جالسا مع ابنتي امام شاشة احدى الفضائيات لاتابع الاخبار ، و راينا الالاف من الناس يمشون سير على الاقدام و يضربون نفسهم بالزناجيل ، وراينا الاطفال تحت سن السادسة بين جموع الناس .
غيرت القنوات الواحدة بعد الاخرى ، لکن راينا الصورة تتكرر ، بعدها عرفنا انها بث مباشر لعشورا" اي ذکری قتل الحسين" في کربلاء. استغربت ابنتي الامر وحاولت کثيرا ان اشرح لابنتي الموضوع , و لماذا هٶلاء يضربون انفسهم؟ لکن دون جدوی. لان ابنتي ذات السنوات العشرة انفعلت وصارت عصبية لدرجة کبيرة ، و قالت لي بصوت عالي : هل بهذه الشکل الوحشي يتعامل الاباء مع اطفالهم ؟ بعدها قالت لي انا اکره تلك القنوات التلفيزيونية و ذهبت لغرفة اخری.
انا تابعت هذا البث الحي بعدها ، رايت الدماء تغطي وجوه العشرات من الاطفال ، رايت کيفية تعليم الناس العنف و ايذاء النفس ، وسمعت الاغاني الدينية، الاغاني التي توجه للبکاء والنواح. رايت کيفية تنظيم هذه المسيرة من قبل الاحزاب الاسلامية الحاکمة و المليشيات التابعه لها ، ورايت عشرات الالاف من العسکرين و رجال الشرطة علی جانبي الطرق المٶدية لمدينة کربلاء . توزع الاکل و الشرب المجاني وهذه الظاهرة الاخری في هذه المسيرة .
رايت کيفية احتفال المسؤٶلين وعلی راسهم مسؤٶلي الاحزاب الحاکمة و رئيس الوزراء نوري المالکي بهذه المناسبة ، ، سمعت کلام هؤلاء المسٶولين في هذه المناسبات التي تدعو الى قبول واقع الحال
وتحمل الظروف، اي بمعنی اخر قبول الناس للفقر و البطالة و انعدام الخدمات وعدم استقرار ، انعدام الامن و قتل اليومي.
بعد احتلال العراق من قبل القوات الامريکية، و ظهور الاحزاب الاسلامية و القومية علی الساحة السياسية و فرض سيطرتهم علی حياة العامة و استيلائهم علی السلطة استغلوا المناسبات الدينية لغرض سيتطرتهم علی الافکار العمومية . ان وضع کل المناسبات الدينية عطلة رسمية من قبل الحکومة المالکي و جمع کل الامکانات الحزبية و الحکومية من وسائل الاعلام الي الجلب الالاف من قوات الشرطة و الامن و الجيش ، و جلب طلاب المدارس و الموظفين الحکومين ، و تحديد ميزانية کبيرة لتنظيم تلك التظاهرات المليونية، وفتح الحدود امام الالاف من الحرس الثوري الايراني لدخول العراق هي سياسة مدروسة ليس لها اي علاقة بذکری الحسين او علی ، ان هذه السياسة لها اهداف اخرى و اجندة اخری وراءها.
ان الشعب العراقي يعيش في حالة صعبة من کل النواحي . بعد ٨ سنوات من الاحتلال و استلام السلطة من قبل الاحزاب القومية و الطائفية ، ويعيش العراقيين في حالة خوف و رعب يومي ، الانفجارات و القتل اصبحت جزء من حياة العراقيين ، والفقر والبطالة و قلة الجدمات تواجه الملايين من العراقين . ومسالة الکهرباء و الماء و الصحة اصبحت بعيدة المنال. و من الجانب الاخر يوميا تصعد اعتراضات الجماهير في کل المحافظات و العراقيين يبحثون عن مخرج لكل هذه المصائب التي دمرت حياتهم .
الاحزاب الحاکمة في الحکومة الطائفية و القومية يبلغون و يجمعون کل امکانتهم لکي يشارك عدد اکبر من الناس في هذه المناسبات الدينية حتی يسيطرون علی الوضع و ابعاد الناس من المطالبة بحقوقهم ، و ابعادهم من الاعترضات و التظاهرات ضد سلطتهم و حکومتهم.
اريد القول بالرغم من مشارکة الملايين في تلك المناسبات ، و بالرغم من ادعاءات السلطات و الاحزاب الحاکمة ، لکن ‌هذه المسيرات هي ادعاءات کاذبة، و لا يعبر عن الرای الملاين من العراقين . هذه المناسبة ليس لها اي علاقة بذکری الحسين او علی ،و ان تنظيم هذه المسيرات بمثابة تخدير للشباب و العمال، و لها اجنده سياسية رجعية بحته ولابعاد الخطر عن سلطتهم الطائفية و ومحاولة ادخال التفرقة داخل الطبقة العاملة و المحرومين من الشعب لکي يتم ابعاد تفکيرهم بتنظيم انفسهم بوجه حکومتهم. وهذه الطريقة المفضلة للبرجوازية و احزاب و الحکومةالرجعية للابتعاد العراقين بشکل العام و الطبقة العاملة بشکل الخاص عن نضالهم بوجه حکومتهم.
.